في جلسته ال90: مجلس جامعة مطروح يؤكد استمرار البناء والتطوير    بعد 23 يوليو.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر والإجازات الرسمية المتبقية هذا العام    ناجى الشهابي: ثورة 23يوليو ما زالت ملهمة للسياسة الوطنية رغم محاولات التشويه    «كرسن حياتهن للخدمة الروحية».. البابا تواضروس يلتقي أرامل الكهنة المتنيحين في الإسكندرية    «مدبولي»: الرئيس وجّه بأن تكون الأولوية القصوى لإنهاء المتأخرات للشركاء الأجانب بقطاع البترول في أسرع وقت    «تنظيم الاتصالات» يقر تعويضات لعملاء شركة فودافون مصر المتأثرين من العطل أمس    مدبولي يبحث مع وكلاء ماركات عالمية ضخ استثمارات في مصر ودعم سياحة التسوق    بدء طرح الوطنية للطباعة بالبورصة 27 يوليو بسعر 21.25 جنيه للسهم    من «غيبوبة» شارون إلى «تسمم» نتنياهو.. حكاية مستشفى هداسا عين كارم في إسرائيل    مروحية إيرانية تعترض مدمّرة أمريكية في بحر عمان    «سلاح البر مفتاح الحسم».. رئيس الأركان الإسرائيلي: نعمل في طهران وبيروت ودمشق وغزة    الأردن: إدخال قافلة مساعدات من 36 شاحنة مواد غذائية إلى شمال غزة    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة يطالب بتحرك دولي لوقف الإبادة في غزة    «بعد طلب وزير خارجية الاحتلال».. هل ستصنف أوكرانيا الحرس الثوري الإيراني «منظمة إرهابية»؟    نجم الزمالك يغادر معسكر الفريق بسبب حالة وفاة.. تفاصيل    «صفقة الأحلام».. الهلال يقدم عرضًا فلكيًا لخطف إيزاك من نيوكاسل يونايتد    بيراميدز يعلن خوضه مواجهة ودية جديدة في معسكر تركيا    السد القطري يضم فيرمينو    رسميًا.. أتلتيكو مدريد يعلن حسم صفقة هانكو    تحذير شديد بشأن حالة الطقس غدًا: موجة حارة «لاهبة» تضرب البلاد    الفرحة بتطل من عنيهم.. لحظة خروج 1056 نزيلًا بعفو رئاسي في ذكرى 23 يوليو    أحمد سعد يطلق «حبيبي ياه ياه» بمشاركة عفروتو ومروان موسى (فيديو)    في عيد ميلاده.. أحمد عز يتصدر قائمة الأعلى إيرادًا بتاريخ السينما المصرية    المركز القومي للبحوث يحصد 5 من جوائز الدولة لعام 2024    راغب علامة بعد أزمة الساحل: "بيحصل على طول معايا بحفلاتي"    أول تعليق من أسماء أبو اليزيد بعد الحلقة الأخيرة لمسلسل "فات الميعاد"    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    تحدث في معدتك- 5 أعراض لمرض الكبد الدهني احذرها    الكنيست يصوت لصالح فرض السيادة على الضفة وغور الأردن    سلطان عُمان يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 23 يوليو    رئيس الجامعة البريطانية في مصر يكرّم السفير جاريث بايلي تقديرًا لدعمه للتعاون المشترك    بالفيديو.. حمزة نمرة يطرح 3 أغنيات من ألبومه الجديد "قرار شخصي"    الحبُ للحبيبِ الأوَّلِ    رئيس "إسكان النواب": تصريحات الرئيس السيسي بشأن الإيجار القديم تؤكد أنه سيصدق على القانون    اليونسكو متطرفة !    أوريول روميو يقترب من الرحيل عن برشلونة    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    أفضل الوسائل الطبيعية، للتخلص من دهون البطن في أسرع وقت    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    ضبط 30 متهما في قضايا سرقات بالقاهرة    تمكين المرأة الريفية    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حالة حوار
وثالثة يحيي الجمل!
نشر في الأخبار يوم 13 - 04 - 2011

لم استغرب - كثيرا- أن يكون عزل الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء هو أحد المطالب الأكثر إلحاحاً عند ثوار التحرير يوم الجمعة الفائت.. إذ أن الرجل تحمل مالا يطيق، وحملنا مالا نطيق حين قبل القيام بمهمته الحكومية الحالية التي جاءت في ظرف شديد الحرج والحساسية.
وعلي الرغم من أننا نعرف قدر الدكتور الجمل العلمي والمهني، فإننا لا نستطيع أن نجامله أو نأخذ بخاطره، ونقول أنه كان أهلا للوظيفة التي أقبل عليها بنحو لا يقدر أعباءها حق التقدير، أو يدرك ثقل تبعاتها كل الإدراك.
وأشعر بكثير أسي وأنا اسطر هذا النص الآن، مضطرا إلي الإقرار بكامل اخفاق الدكتور يحيي الجمل في وظيفته، وعجزه عن الوفاء بمقتضياتها، فالدكتور يحيي شرفني باقتراب فيه محبة وصداقة علي امتداد ربع القرن الماضي، وتكررت الصيغ المهنية الحوارية التي جمعتني وإياه »صحافة وتليفزيون« في وثائق لا تنسي، وكان الرجل مرجعيتي القانونية والدستورية الأقرب حتي أسابيع مضت حين أعدت طرح صيغته الشهيرة لمعالجة المادة 67، وذلك قبيل تعديلات المستشار طارق البشري التي تم استفتاء الشعب عليها.. ولكن الصداقة والمحبة شئ، والمحاسبة السياسية ومصالح الوطن العليا شئ آخر تماماً.
إذ راقبت - بكثير دهشة وإنزعاج- تكليف الدكتور يحيي الجمل بمهمة تلو أخري في إطار التشكيلة الوزارية الحالية، ثم فشله المدوي في تحقيق أهداف التكليف، وبلوغ غاياته.. وترتب علي تلك الحقيقة مالاحظناه من آليه اسناد الملفات إلي الرجل ثم سحبها منه - بغتة- وتكليف آخرين بها.
وبدأ المشهد المحزن والخطير بمنحه ملف الصحافة والإعلام، وإجراء التغييرات الواجبة في قيادات مؤسسات الدولة الاعلامية لتوائم ملابسات وظروف ما بعد ثورة 52 يناير، فإذا بالرجل يستعرض أمام الرأي العام عدم معرفته المطلق بمفردات الحالة الصحفية والاعلامية المصرية، أو بالمزاج السائد في المؤسسات، ويتحول الأمر علي يديه إلي مهزلة حقيقية يطرح فيها اسماء، ويشيع تسريبات أدت إلي الإخلال بأمن واستقرار المؤسسات الصحفية، ثم يضع من المعايير والطرق في الاختيار ما يبدو مضحكا وعجيبا، ويرافق ذلك كله بتصريحات متواصلة علي شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد، يبدو فيها - أحيانا- متظاهرا بالضجر والتأفف من الصحفيين الذين يطاردونه للحصول علي منصب، كما بدا- أحيانا أيضا- فضائحيا يفشي ما لا يجب إفشاءه من اتصالات بالمرشحين، أو مبتكرا مخترعالاشكال من الاختيار قامت بها سكرتيرته- أحيانا- في بعض المؤسسات، فضلا عن تطوعها بالتصريح إلي المتنافسين عن اتجاهات القرار عند رئيسها، وأن الكفة تأكد ميلها لصالح أحدهم، فيما شارفت التطفيف لصالح آخر.
واستمرت فصول الملهاة تتري علي مسرح السياسة والاعلام في مصر، مصاحبة استشارة الناس الغلط في الموضوع الغلط، واللت والعجن المتواصلين في في الأمر حتي كاد الأداء التنفيذي في ذلك الموضوع بالذات أن يصبح عنصرا حاكما في تقييم الناس السلبي لعمل الحكومة كلها.. ومن هنا فقد تداركت الإدارة العسكرية، أو الادارة المدنية أو كلاهما الأمر وسارعتا باستنقاذ الملف من بين براثن الدكتور يحيي الجمل، وإسناده لآخرين بينهم الدكتور عمرو عزت سلامة وزير التعليم العالي.
ولكي لا يزعل الدكتور يحيي الجمل، ولا أعرف - حقيقة- شيئا عن أهمية زعله في هذا السياق بالتحديد، فقد تم اسناد ملف: »الحوار الوطني« إليه ليدير ما يمكن وصفه بالنقاش العام حول مستقبل البلاد في هذه المرحلة التاريخية التي نمر بها، فإذا بذلك الحوار يستحيل مسخرة عظمي سواء من حيث طريقة اختيار فرقاء الرأي المشاركين فيه، أو من حيث تحديده لأجندة الحوار وأهدافه، أو من حيث انهاء جلساته باعلان الدكتور يحيي عن ذهابه إلي بيت الأدب!!!
ولقد أفاضت أقلام محترمة كثيرة في الاشارة إلي الطريقة المصطباوية التي أدار بها الدكتور يحيي عملية الحوار، حتي فشلت- هي الأخري- علي نحو مدو، وفي زمن قياسي، وتم تكليف الأستاذ الدكتور عبدالعزيز حجازي بالقيام بها.. ورأينا كيف حشد الدكتور يحيي أصدقاءه، ومعارفه، وأحباءه ليكونوا جسم ذلك الحوار، بصرف النظر عن تمثيلهم الأطياف السياسية والفكرية الحاضرة في المشهد الراهن، ولدهشتي - كذلك- باستبعاده شباب الثورة، أو الشباب عموما من الاشتراك وعلي نحو انتقائي عجيب، فيما نحن نعيش الآن زمنا اخترعه أولئك الشباب، ودفعوا فواتيره من دمائهم وتضحياتهم.
وقد تجلي إخلاص الدكتور يحيي لاصدقائه ومعارفه غير مرة، منذ قبضه علي مقعد نائب رئيس الوزراء.. إذ لم يعد يخفي علي أي نصف متابع ذلك النسيج غير المتجانس أو المفهوم لمن دعاهم الرجل أو رشحهم إلي اجتماعات ولقاءات مع المجلس العسكري أو مجلس الوزراء، وبدا الأمر وكأنه صيغ يقررها - انتقائيا- وفاء لمعاني الصداقة والمحبة، لا بل وأحيانا انحناء أمام إعزاز لمن يقومون بتشغيله أو استكتابه في صحيفة سيارة، أو دعوي قانونية مثارة.
لقد كنا نعيب علي اقطاب النظام البائد الحكوميين »تعارض المصالح« بين عملهم الحكومي، وبيزنس أعمالهم الخاصة، فإذا بالدكتور يحيي الجمل يكرر نفس الصيغة وعلي نحو أكثر فجاجة، لابل ويجاهر به حين نادي أحد من يشغلونه- في اجتماع عام- بأنه: »رئيسه«!!
ولم يكتف الشيخ - الذي جاوز الثمانين- بذلك، وإنما عمد إلي نثر وتوزيع أقوال مرسلة تستبعد خصومه أو من لم يثيروا اعجابه أو يحظوا باعترافه تحت عنوان أنهم من »المرتبطين بالنظام السابق« فيما الدكتور يحيي الجمل نفسه واحدا من أبرز نجوم ورموز النظام السابق، ولعلي لا أمل الاشارة إلي حوار صحفي جمعني وإياه في مجلة »الأهرام الاقتصادي« منذ أعوام وضمنته كتابي: »اليمين واليسار« وفيه أفاض الدكتور يحيي الجمل وأبدع في الحديث عن الرئيس السابق ومدحه مديحا لا اظن انه حظي به علي طرف لسان أو سن قلم!
ومع ذلك فقد تغاضينا عن ذلك باعتبار أن المحك الذي نعترف به هو الموقف من الثورة حين قامت، وليس العلاقة بالنظام السابق طالما خلت من الفساد أو المشروع الكارثي للتوريث.
إذن أشاع الدكتور يحيي الجمل قدرا من الجلبة والفوضي والمسخرة في الساحة، عبر اضطلاعه بملف الحوار الوطني- كما فعل في ملف الصحافة والاعلام- وحتي تم سحب التكليف منه بصنعة لطافة، و إسناد المهمة للرجل الفاضل د. عبدالعزيز حجازي.
وكنا نتصور أن الأمر سيقتصر علي التكليفين والإخفاقين والإقالتين، ولكن يبدو أن هناك من يعتبر د. يحيي الجمل »فرض عين« وليس »فرض كفاية« وانه ينبغي ان يظل قابعا في وظيفة نائب رئيس الوزراء كمأثرة - في ذاتها- تجاوز كل المآثر.. ومن ثم طلع الدكتور يحيي الجمل علينا معلنا عن التكليف الجديد الذي أمسك بتلابيبه وبتلابيبنا معه، وأعني إدارة ما يسمي: »الوفاق الوطني«، للاعداد لوضع دستور جديد للبلاد.. وهنا- في الحقيقة- ينبغي لنا أن نتوقف متسائلين - بكل أدب- عن أسباب ذلك الإصرار الكاسح علي تكليف الدكتور يحيي الجمل بتلك المهام المتعاقبة رغم فشله المتعاقب فيها.
الوزراء تغيروا أكثر من مرة، ورئيس الوزراء تغير فلماذا صار عصيا علينا تغيير د. يحيي الجمل، الذي صار أيقونة استمرار تصدق عليها مقولة الشاعر نزار قباني: »باقون علي صدوركم كالنقش في الرخام«... والمذهل أنه قبل إقرار الترشيح الصائب والعادل لاسم الدكتور مصطفي الفقي لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن تم تسويق وإشاعة اسم الدكتور يحيي الجمل كمرشح محتمل للمنصب.
يا سلام.. ألم تنجب مصر سوي الدكتور يحيي الجمل ليصبح مرشحها الأوحد والمزمن لكل هاتيك الوظائف وتلك المواقع؟.. الموضوع فيه سر، ونحن نري أن حجم الأسرار زاد في حياتنا عما يمكن تصوره أو احتماله.. ومن المدهش ان ترفع الادارة المدنية شعارات الشفافية والانكشاف والانفتاح علي الشارع ثم تخفي عنا سر الدكتور يحيي الجمل وإسناد المهام إليه متتابعة في زمن وجيز جدا وفشله فيهم بجدارة سواء في ملفي الصحافة والحوار الوطني، ثم اسناد المهمة الثالثة »الوفاق الوطني لوضع الدستور«، لا بل وكاد الرجل ان يترشح للرابعة »أمانة جامعة الدول العربية« لولا ستر من الله عظيم.
الشعب يريد معرفة السر.. لماذا الأستاذ الجمل بالذات؟.. ولماذا يستمر حين يفشل؟.. ولماذا يبقي حين يطالب ثوار التحرير باطاحته، ولماذا يتم تجاهل تاريخه الحافل مع النظام السابق الذي تقلب فيه علي أرض براح من الارتباطات ومصالح متعددة كادت أن تصل به إلي مقعد رئيس مجلس الشعب؟
لكل شئ حدود وتلك الإشكالية التي اصبحت علامة في آداء الادارة المدنية يجب وضع نهاية لها، فالثورة لم تقم ولم نؤيدها لكي نصل إلي هذا الوضع التعيس الذي تتم فيه الاختيارات وفقا للتفضيلات الشخصية وليس الاعتبارات الموضوعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.