يبدو أن قرار زيادة أسعار الأدوية الذي اتخذته الحكومة مؤخراً لحل أزمة نقص الأدوية نتيجة ارتفاع التكلفة بعد قرار »التعويم» لم يفلح في وضع حل حاسم لمعاناة المرضي، الذين يواجهون النقص الشديد في العديد من الادوية، وبخاصة أدوية الأمراض المزمنة، سواء الخاصة بالسكر والضغط وأمراض الكبد، وهو ما يضطر العديد من المرضي إلي أن يدخلوا في رحلة »كعب داير» بحثاً عن العلاج. ظواهر غريبة أيضا افرزتها الأزمة في القاهرةوالمحافظات، سواء للحصول علي الدواء، أو لمواجهة ارتفاع الأسعار التي باتت تفوق قدرات الكثير من المرضي، »الأخبار» رصدت خلال جولة علي الصيدليات في القاهرة وعدد من المحافظات العديد من تلك الظواهر الخطيرة. أولي تلك الظواهر الغربية كان البيع »قطاعي» في الصيدليات، وبخاصة في المحافظات والأحياء الفقيرة، فقد لجأ المرضي إلي صرف بعض اصناف العلاج المقررة فقط، وعادة ما تكون هي الأدوية الارخص،دون النظر إلي دور تلك الأدوية في علاج المريض، وهو ما يهدد بمشكلة صحية للكثير من المرضي وبخاصة الذين يعانون أمراضا مزمنة. الظاهرة الثانية كانت بيع الأدوية بالجرعة أو ب »البرشامة» في بعض الاحيان، خاصة في الأدوية مرتفعة السعر، وأكد عدد من الصيادلة أنهم يضطرون إلي الموافقة علي البيع بهذه الطريقة تقديرا للحالة المادية للكثير من المرضي الذين لا يستطيعون حتي شراء شريط من الدواء! في المقابل ظهر العديد من المتاجرين بالأزمة ومستغليها، وكان اخطرهم أصحاب المخازن غير المرخصة الذين يقومون ببيع ادوية مجهولة المصدر، ويقول د. تامر بدران »صيدلي» ان نقص الأدوية لا يزال مستمرا بالسوق، وأن هناك من يسعي إلي »تعطيش» السوق وحجب العديد من الأدوية وبخاصة أدوية الأمراض المزمنة، ويشير علي سبيل المثال إلي انتشار بعض الادوية المجهولة الخاصة بغسيل الكلي، لتعويض النقص الشديد في الأدوية التي لا يستغني عنها المرضي في كل جلسة للغسيل. وتشير د. سهيلة إسماعيل »صيدلانية» إلي أنها تواجه العديد من المواقف الانسانية الصعبة مع المرضي الذين لا يجدون الدواء، أو لا يستطيعون شراءه، مؤكدة أن هذه الأزمة خلفت ظاهرة غريبة وهي ظهور »تجار الشنطة» الذين يشترون الأدوية من الخارج وبيعها بأسعار باهظة لتوفيرها للمرضي الذين لايجدونها في السوق المحلي، وأن هذه المشكلة لاتقتصر فقط علي المرضي كأشخاص، بل وحتي علي المستشفيات، وهناك مستشفيات كبري تعاني من نقص الأدوية بصورة خطيرة. ويقول د. صابر الطويلة رئيس لجنة صناعة الدواء بنقابة الصيادلة ان السبب في تفاقم أزمة الدواء هو القرارات غير المدروسة مشيرا إلي أن الحكومة قامت في مايو من العام الماضي بزيادة الاسعار ومع تحرير سعر الصرف اضطرت إلي إقرار زيادة جديدة في الاسعار ادت لوجود سعرين للدواء ولجوء كثير من اصحاب النفوس الضعيفة إلي طمس الاسعار علي الأدوية القديمة ووضع الأسعار الجديدة عليها. ويضيف ان ضعف الرقابة ومواجهة مستغلي الأزمة أدت إلي استفحالها والمريض هو من يدفع الثمن دائماً.