حالة التردي في مرفق السكة الحديد تتفاقم بشكل عام وخاصة في قطارات الغلابة. ويبرز الحديث عنها الوتيرة مع وقوع حوادث القطارات خاصة بسبب المزلقانات.. لكن احدا لم يتطرق بالاهتمام الكافي لسوء الأحوال داخل وخارج قطارات الاقاليم او »القشاش» من حيث مدي صلاحية العربات للاستخدام الآدمي ومدي جاهزية القضبان لسير القطارات ناهيك عن المزلقانات البدائية والتعديات علي حرم السكة الحديد. »الأخبار» في هذا التحقيق عاشت يوما من المعاناة في رحلة قاسية بقطار المناشي لرصد معاناة الركاب والاهالي مع عربات القطار المتهالكة والمزلقانات سواء الشرعية أو غير الشرعية علي اعتاب محطة قديمة »المناشي ونكلا» الاهمال سيد الموقف.. يقف اناس نسيتهم الحياه كما يفقد انسان ذاكرته.. تدخل عجلات القطار إلي المحطة.. العربات متهالكة، ابوابها محطمة، نوافذها مهشمه، ومقاعدها تصيب ركابها بالالم بالظهر، اما الارفف فقد تحولت من اماكن للحقائب إلي مواضع لجلوس ونوم الاشخاص، بداخل كل عربة يوجد حمام لا يعمل بل يستخدم للجلوس او الخلود في نوم عميق، النظافة مفقودة والروائح كريهة، الباعة الجائلون احتلوا جنباته.. انه قطار الغلابة » قشاش البسطاء بخط المناشي » يجلس لانتظاره يوميا اناس جري الزمن عليهم منهم من شاب في ريعان شبابه واخرون رسم الفقر علي وجوههم تجاعيده.. وكأن الزمن قال كلمته ووضع الانسان والطير في سجن واحد فمنذ الصباح الباكر يصعد هؤلاء سلالم عربة القطار المتهالكة بصعوبة ويحملون اقفصة الطيور وباليد الاخري يتكئون علي باب العربة المتآكل لكي يحشروا انفسهم بين الصفوف التي اكتظت بشكل غير آدمي داخل العربه، وبمجرد دخولهم عربات القطارات يعانون من معاملة غير آدمية تبدأ بعدم وجود اماكن للوقوف او الجلوس بداخلها، الاتربة تصيبهم باختناق والبرد يصعق ابدانهم الهزيلة،وكذلك سوء المعاملة من البلطجية. أقدام المارة الركاب البسطاء تجدهم شاردي الذهن منهم من يجلس ارضا بين طرقات القطارات تدهسهم اقدام المارة ومنهم من يقف علي الابواب واخرون يغامرون بحياتهم ويتسطحون القطار، اقتربنا منهم وتحدثوا معنا بكلمات بسيطة نابعة من القلب، وكان مطلبهم الرئيسي هو الكرامة والانسانية لهم، البداية من فلاحة بسيطة تبدو عليها ملامح السيدة المصرية الاصلية تجلس علي كرسي تحاول ان تحمي نفسها من الاتربة والغبار وتتحدث مع جليستها المسنة عن سوء الخدمات بقطارات الغلابة، اما الرجل الخمسيني كان يقف بجوار احدي الابواب يحمل ابنه المريض وبنبرة مليئة بالحزن وصوت مجهد قال الحاج عبد الفتاح دعبس ان معاناتنا يومية داخل قطار الغلابة فأحمل ابني من محافظة القليوبية إلي المستشفيات بالقاهرة في رحله تستغرق أكثر من 3 ساعات ترهقنا وتزيدنا تعبا ومشقة. تكدس شديد بجانب احد الابواب الحديدية افترش عدد من الشباب الاوراق الكارتونية للجلوس ارضا للهروب من التكدس الشديد بقلب العربات، فقال محمد حسين »عامل يومية» نركب القطار كل يوم من محطة مصر لمحافظة بنها نستغرق اكثر من ساعتين رغم قصر المسافة نشاهد خلالها اعمال النصب والسرقة ونسمع ابشع الالفاظ الخارجة فلا يوجد فرد شرطة يردع هؤلاء البلطجية ويحمي النساء من التحرش، واضافت ناديه زعزوع وهي تحمل طفليها بين أحضانها، اطفالنا اصيبوا بحساسية بالصدر من الاتربة نتيجة عدم وجود نوافذ وزجاج ناهيك عن رائحة الدخان فالكل هنا يدخن السجائر واستطردت قائله ان الزحام الشديد داخل العربات يعرضنا للتحرش من عديمي الادب والاحترام وخاصة الباعه الجائلين. مزلقانات الموت حالة المزلقانات مزرية حيث وجدنا اغلبها عبارة عن مقالب زبالة فعند مزلقان قرية »برطس» والذي يعد اخطر المزلقانات الموجودة علي خطوط السكة الحديد تجد سوقا للباعة الجائلين وموقفا للعربات الكارو والاشارات به تعمل بطريقة يدوية فبمجرد تحرك القطار يقوم المراقب بالمحطة بالاتصال بعامل المزلقان ليخبره بتحرك القطار ليقوم بفتح المزلقان أو إغلاقه، وكثيرًا ما يجد السائق نفسه أمام سيارة أو مواطنين والمزلقان مفتوح،، كما أن العلامات الفسفورية التي تنبه السائق عند دخوله المحطة في حالة وجود شبورة غير موجودة. إهمال مقصود واستكملنا الجولة علي باقي المحطات والمزلقانات وعلي رأسها محطة »نكلا» التي حاصرتها الاسواق العشوائية من كل اتجاه. الفوضي هي التي تفرض سيطرتها ومن ثم صعوبة تحكم العامل في حركة المارة والسيارات معًا، بالإضافة إلي قرب المزلقان من مواقف الميكروباصات مما يؤدي إلي وقوع العشرات من الحوادث، خاصة أن أغلب المارة لا يلتزم بالوقوف عند سماع أجراس السيمافور، التي تسبق قدوم القطار بدقائق معدودة.. وشاهدنا العديد من المزلقانات العشوائية علي الخط ولا يوجد بها حتي اشارة والتي تتسبب في حوادث يومية وخاصة مزلقان قرية »مناشي البلد». الاشارات والسيمافورات التقت »الاخبار» مع عدد من نظار المحطات المختلفة بخطوط السكة الحديد التابعة لمحافظة الجيزة حيث يقول »عيد. م» احد عمال المزلقانات :المأساة التي تقابلني يوميًّا أثناء قيامي بمهام عملي سوء حالة الجرار والعربات التي لا تصلح لنقل الركاب، والإشارات التي تكون دائمة التعطل؛ لعدم جودة منظومة الإشارات، حيث إنها تتوقف فجأة أثناء سير القطار، ويستمر القطار في السير دون إشارات، وتقع الكارثة بسبب أخطاء بشرية؛ واكد ان وعود تطوير القطارات وتغيير منظومة المزلقانات ونظم التحكم لم تنفذ ويثير ذلك العديد من التساؤلات التي تحتاج إلي إجابات حاسمة، خاصة أن الإحصائيات الأخيرة تشير إلي أن هناك عشر حوادث كل شهر خلال السنوات العشر الأخيرة... وأثناء فتحه لمزلقان محطة » نكلا» والذي يعمل يدويا قال »محمود. ي» ناظر تلك المحطة انه بلغ من العمر 58 عاما وهو يعمل ناظر لمحطة »نكلا» ومنذ ان بدأ عمل بها من 30 عاما وهي تعاني من شتي انواع الاهمال التي تبدأ بالسوق العشوائي الكبير للأدوات المستعملة الذي انتشر حول المحطة علي الرغم من تطويرها البسيط الذي شهدته في الايام الماضية.. وأضاف ان العشش انتشرت منذ أكثر من 10 أعوام ملاصقة لخطوط السكة الحديد والتي يواجه سكانها الخطر.