أين الحقيقة في سكك حديد مصر .. فعلي الرغم من اعتماد 4 مليارات جنيه في عهد وزير النقل الأسبق محمد منصور لشراء جرارات جديدة وتجديد العربات في صفقة مقدارها 8 مليارات جنيه.. واستبشر المصريون خيراً بأن السكك الحديدية سوف تعود إلي سابق عهدها؛ نظيفة وآمنة ومنضبطة غير أن الواقع يؤكد عكس ذلك.. فها هو المهندس سمير نوار رئيس هيئة السكك الحديدية يصرح بأن أكثر من 50% من أسطول السكة الحديد خارج الخدمة بل يتبني ثقافة التبرير واتهام المواطنين والسائقين بأنهم السبب الرئيسي في حوادث القطارات.. حيث قال: إن أكثر من 95% من حوادث القطارات تقع بسبب العنصر البشري.. ثم ناقض نفسه وعاد قائلاً: هيئة السكك الحديدية لديها 3300 عربة سكة حديد انتهي العمر الافتراضي ل85% منها.. ليبقي السؤال: من المسئول عن تدريب وإعداد هذا العنصر البشري.. ومن المسئول عن تهيئة المزلقانات بصورة علمية حديثة لا تؤدي إلي اختراقها أو تجاوزها بما يسهل عملية وقوع الحوادث؟! ويمنع توقفها عن العمل مرة أخري بعد أن توقفت أكثر من مرة آخرها قبل الذكري الثالثة ل 25 يناير. والواقع إن كلام رئيس هيئة السكك الحديدية هو نفس كلام من سبقوه.. كالعادة يبحثون عن كبش فداء إما عامل المزلقان أو سائق القطار أو حتي المواطن الغلبان.. وتناسوا آلاف القتلي والمصابين التي سالت دماؤهم وانتشرت أشلاؤهم علي قضبان السكة الحديد بدون ذنب.. وإنما راحوا ضحايا إهمال المسئولين الذين أثبتوا فشلهم.. ورغم ذلك لم يعرض لنا رئيس الهيئة الحالي عدد الجرارات التي توجد خارج الخدمة وما هي احتياجاته وقيمة التمويل المتاحة له والعجز الذي أصاب هذا القطاع ومسئولية الدولة في توفير وعلاج هذا العجز.. ونأمل في أن تتناول المشكلات الجماهيرية بأسلوب من المصارحة والمكاشفة وان تعرض كل القضايا علي الرأي العام لكي يشاركوا الدولة في تحمل المسئولية والعمل علي تهيئة الظروف المناسبة لعلاج هذه المشكلات. فالحقيقة أن السكك الحديد تعاني أمراضا عديدة ومشكلات لا حصر لها وكل مسئول يأتينا بتبريرات مختلفة.. وكم من وزير ذهب ورئيس هيئة جاء.. ومازالت مشكلات السكك الحديدية قائمة ومستمرة؛ بل تتفاقم يوماً بعد يوم.. فالأمنيات كثيرة.. والجماهير تشكو.. والمواطن أصبح في حيرة بين وسيلة مواصلات آمنة كانت محببة إلي نفسه؛ بعد ان أصبح يخشاها نتيجة كثرة أعطالها وحوادثها وبين استغلال لا حد له من قبل وسائل النقل الأخري .. فكيف يتعامل المواطن المصري مع هذه المشكلة؟! وأبرز حوادث القطارات البشعة التي حدثت خلال الأعوام الماضية الشاهدة علي إهمال واستهتار المسئولين فى هيئة سكك حديد مصر. في يوليو 2013؛ وقعت حادثة قطار البدرشين التي أدت إلى مصرع 19 مجنداً من قوات الأمن المركزي وإصابة 120 آخرين؛ كانوا في طريقهم من أسيوط إلى القاهرة. وفي 18 نوفمبر 2013؛ وقعت حادثة «قطار دهشور» بالفيوم؛ حيث اصطدم قطار بضائع بسيارتين علي طريق «الفيوم - القاهرة» فأطاح بالأتوبيس وسيارة نقل؛ وأودي بحياة 30 شخصاً؛ فضلاً عن إصابة 32 آخرين. ناهيك عن وفاة شخصين وإصابة 5 آخرين فى حادث قطار المناشى بالمنوفية في يوليو 2013. وكذلك اصطدم قطار رقم 1650 «أسيوط - القاهرة» بأتوبيس معهد أزهري خاص بأسيوط أثناء ذهابه بالتلاميذ إلى المعهد ووقتها عبر مزلقاناً عشوائياً بقرية المندرة بمركز منفلوط وذلك في 17 نوفمبر 2012؛ راح ضحيتها 50 طفلاً يتراوح أعمارهم بين 5 و6 سنوات وسائق الأتوبيس ومدرسة تحولت أجسادهم جميعهم لأشلاء بلا رحمة؛ وإصابة 17 طفلاً آخرين. وأيضا حادث قطار الفيوم في 10 نوفمبر 2012؛ حيث وقع حادث اصطدام بين قطارين «الفيوم – الواسطي القاهرة»؛ وكانت وقتها جميع السيمافورات الخاصة بتنظيم حركة القطارات والاسطوانات البديلة لها بخط الفيوم معطلة تماماً؛ مما أدي إلي وفاة 3 أشخاص من بينهم سائق قطار؛ وإصابة 46 آخرين. وفي أغسطس 2011؛ اصطدم قطار رحلة «القاهرةأسوان» أمام محطة «ببا» بسيارة نصف نقل؛ ما أدي إلي انشطارها نصفين وخروج القطار عن القضبان ومصرع قائد سيارة النقل. وفي أكتوبر 2010؛ وقع حادث قطار المنصورة حيث اصطدم قطار متجه من المنصورة إلي الزقازيق بسيارة أجرة الدقهلية أثناء عبورها مزلقان سندوب مما أسفر عن مصرع شخص وإصابة 6 آخرين. وفي عام 2009؛ وقع حادث قطار قنا؛ عندما اصطدم قطار النوم بسيارة نقل في «ابنود» بمركز قنا؛ أثناء سير القطار في طريقه من أسوان إلي الإسكندرية؛ ما نتج عنه مقتل شخص وإصابة 6 آخرين. وفي عام 2008؛ اصطدم قطار قادم من بورسعيد إلي سوهاج بسيارة أجرة. وفي يوليو 2007؛ اصطدم قطاران شمال مدينة القاهرة وراح ضحيتهما 58 قتيلاً و140 مصاباً. وفي أغسطس 2006؛ اصطدم قطاران احدهما قادم من المنصورة إلي القاهرة؛ والآخر قادم من بنها علي نفس الاتجاه؛ مما أدي إلي مقتل 80 شخصاً وإصابة 163 آخرين. وفي 8 مارس 2002؛ وقع حادث قطار المناشي؛ عندما تعطل جهاز التحكم الاوتوماتيك في سرعة القطار بمجرد تحركه من محطة إيتاي البارود بالبحير؛ وتبليغ السائق للمسئولين بمحطة صفط اللبن عن العطل؛ لكنه اضطر للاستمرار في السير؛ لعدم وجود أجهزة صيانة للقطارات بهذه المحطات وسقط في الرياح التوفيقي بنهر النيل؛ ما أسفر عن إصابة 31 راكباً. وفي 20 فبراير 2002 ؛ وقعت حادثة قطار العياط البشعة؛ عندما اندلعت النيران بإحدي عربات القطار رقم «832» المتوجه من القاهرة إلي أسوان عقب مغادرته مدينة العياط عند قرية ميت القائد؛ ونتج عنها وفاة ما يزيد علي 370 شخصاً تفحمت أجسادهم بعد ان أكلتها النيران وخرجت في صورة أدخنة؛ بينما أصيب مئات من الركاب. في 18 أكتوبر 1998؛ مقتل 43 شخصا وأصيب 90 آخرون عندما تعطلت فرامل قطار عند بلدة كفر الدوارجنوب شرقي الإسكندرية ليقتحم سوقا مزدحمة. نحاول في التحقيق التالي التعرف علي آراء المتخصصين والمواطنين في مأساة السكة الحديد؛ للوقوف علي المشاكل والمعوقات التي تواجههم ودور العنصر البشري في علاجها. محمد عطا؛ سائق قطار الصعيد رقم (168)؛ يقول: نواجه مخالفات ومصاعب كثيرة ونتعامل معها بحكمة وحنكة السائقين قبل وقوع الكارثة؛ وأهمها التعامل مع وحدات تشغيل قديمة من فرامل ومعدات تحكم في القطار جميعها في حاجة دائمة لعمليات الصيانة اليومية؛ وأيضاً يحدث سرقات خطوط السكك الحديدية في طريقنا؛ وأيضاً أعمال البلطجية والمجرمين الحاملين الأسلحة البيضاء والبنادق النارية؛ لإسكات الراكبين وسرقتهم بالقوة ولا نجد أمامنا غير السكوت؛ كما يواجه سائقو هيئة السكك الحديدية فى الوقت الحالى؛ مشكلة مهاجمة الرجال والأطفال للقطارات أثناء السير بإلقاء الحجارة والزلط ؛ لتكسر الزجاج وتسبب في عاهات؛ وذلك فى جميع الخطوط سواء الوجه القبلي أو البحري وهي مشكلة كبيرة؛ وبالتالى لا يمكننا السيطرة عليها بأنفسنا؛ بينما لابد من تعاون الجميع من الأهالى وهيئة السكك الحديدية معنا فى هذا المجال الحيوي والهام للجميع. محمد مجدي؛ سائق قطار الإسكندرية المكيف رقم (917)؛ يقول: جهاز السيموفوار الخاص بإشارات دخول وخروج القطارات خط (القاهرة – سيدي جابر الإسكندرية) مسروق؛ والإشارات ببرج المراقبة معطلة؛ وبالتالي مع غياب الإشارات يجعل سائقي قطارات السكة الحديد يواجهون صعوبات وأعباء كبيرة أثناء القيادة في الذهاب والعودة؛ حيث ينتج عنه حدوث خلل في عوامل السلامة والأمان في مسير القطار؛ وأيضاً تأخر القطارات عن المواعيد المخصصة لها ذهاباً وإياباً؛ ومن ثم يتعطل المواطنون عن أعمالهم. محمود أحمد؛ مهندس صيانة بورشة أبو غاطس التابعة لهيئة السكة الحديد؛ يقول: دورنا هو زوال المشكلات فيما يتعلق بصيانة الجرارات والأعمال الميكانيكية التي تتطلبها عمليات التركيب والفك والفحص لعجلات القطارات.. وخلافة؛ للتقليل من الحوادث؛ فهناك 3 مراحل لصيانة عربات قطارات السكك الحديدية تجري بعد انتهاء رحلتها اليومية ووجود أعطال بها.. المرحلة الأولي: وهي الصيانة اليومية التي تستغرق أوقاتا من 30- 45 دقيقة فقط ؛ والمرحلة الثانية: الصيانة تستغرق ثلاثة أشهر؛ أما المرحلة الثالثة: فيتم عمل عمرة كاملة للقطار وتأخد مدة عام ونصف العام.. وهي بالفعل فترة كبيرة.. ولكن معدات التشغيل قديمة.. والجرارات متهالكة.. ومعظم العربات انتهي عمرها الافتراضي وتأتي بدون أبواب أو شبابيك؛ مما جعلها تؤثر علي حركة القطارات وتسبب التأخير. واستطرد حامد علي – عامل بورش الميكانيكة؛ قائلاً: هناك نقص شديد في قطع الغيار معدات القطارات ومنها سلندرات الرباط؛ كما أننا نسعي لإصلاح الفرامل دائمة الأعطال؛ خاصة وأن نسبة العجز بلقم الفرامل 60%؛ وعجلات القطار نسبة 40% عجزاً ؛ بخلاف أن معظم وحدات التشغيل انتهي عمرها الافتراضي ونحتاج لشراء بدائل عنها؛ وما نقوم بعمله هو إصلاحها بشكل مؤقت وذلك بصعوبة شديدة لحين توافر الإمكانيات والتمويل اللازم لشراء المعدات الضرورية. «فوضي ولامبالاة». هكذا وصف شعبان خلف من ركاب قطار الصعيد؛ حال وسائل النقل غير الآدمية بسبب إهمال واستهتار المسئولين عليها بأرواح الركاب الغلابة؛ لذا يجب النظر إلي حال المواطنين ودعم القطارات لخدمة الفقراء؛ خاصة حال قطارات الدرجة الثالثة المخصصة للغلابة التي تناستها وزارة النقل والعمل علي تحسينها؛ فالخدمة المقدمة سيئة للغاية.. حيث نقعد علي كراسي وحمامات سيئة وشبابيك مكسرة وزحام شديد وسرقات عديدة وعدم وجود مراوح للتهوية؛ فنحن نركب القطار يومياً من مغاغة إلي جامعة بني سويف وندفع تذكرة بقيمة 4.50 جنيه ونظل ننتظر واقفين لحين تأتي المحطة.. كما أنه يأتى من غير مواعيد ثابتة؛ واعتراضنا هنا علي أنه مازال هناك قطارات متهالكة لا تصلح كوسيلة مواصلات آدمية أقل ما توصف به أنها «خردة »؛ إما عن سعر تذكرة الرحلة الكاملة لقطار الغلابة فلا يزيد علي 15 جنيهاً وهي أسعار مناسبة جداً للدخول الضعيفة.. وما نطلبه الآن هو تحسين الخدمة المقدمة للركاب البسطاء. «الإهمال الحكومي هيقضي علينا».. بهذه العبارة بدأ عطية محمود حديثه من ركاب قطار الوجه البحري.. قائلاً: رغم تهالك قطار البسطاء؛ إلا أن هناك زحاماً شديداً داخله بصفة مستمرة.. فيداس علي كبار السن والأطفال والنساء ويتسبب في الإغماءات.. ويضطر الشباب والرجال للتسطيح أعلاه.. وهذه مشكلة كبيرة سببها إهمال وزارة النقل ممثلة في هيئة السكة الحديد ورئيسها الذين عجزوا عن علاج تلك المشكلة علي الفور؛ خاصة وأن جميع قيادات السكك الحديدية الحالية تتعامل بالفكر القديم ولا تصلح لإدارة هيئة كبيرة وحيوية كالسكك الحديدية؛ ورغم تهالكها وقدمها؛ إلا أننا نعتمد عليها كوسيلة مواصلات سريعة؛ ومن ثم نأمل في توفير قطارات جديدة جيدة وبشكل كافٍ والاهتمام بدورات المياه بالقطار وإصلاح النوافد.. وخلافه؛ وذلك لتتحمل أعداد الركاب الضخمة وحتي يسير القطار بأمان ونتجنب حدوث حوادث.. لأن عربات القطار متهالكة؛ وعندما يسير القطار تتزايد التحرشات والاحتكاكات والخناقات؛ مع أهمية وجود قوة أمنية لحماية المواطنين ومنع أي احتكاكات أو سرقات؛ مما يعطي الأمل في سكة حديد تليق بمصر بعد الثورة. وقال المهندس عيد عبد القادر؛ مستشار وزير النقل لشئون السكك الحديدية - ل«الوفد»؛ ان مشكلة القطارات والسكك الحديدية «كبيرة»؛ وبحاجة ضرورية إلي تطوير.. ومن ثم لابد أن يصارح المسئولون أنفسهم بضخامة هذه الكارثة المتفاقمة يوماً بعد الآخر.. لأن الموضوع في الأساس متعلق بالصيانة وجزء منه متعلق بقطع الغيار وضعف الإمكانيات؛ بينما أخطاء العنصر البشري لا تزيد علي نسبة 30% سواء من السائقين أو عمال المزلقانات أو المواطنين؛ رافضاً تماماً إلقاء المسئولية الرئيسية علي العنصر البشري وتحميله لهذه النسبة الكبيرة؛ دون الأستناد علي دراسة علمية. وأضاف المهندس «عبدالقادر»: إن السكة الحديد كيان مؤسسي كبير يحتاج لإعادة هيكلة بشكل جاد وفعال حتي تتوافر بيئة عمل منضبطة ومعايير للسلامة والأمان علي قضبان السكك الحديدية والمزلقانات؛ وهذا يتطلب وجود مخطط استراتيجي طموح لإحداث التطوير ورئيس هيئة لديه دراية بالمشكلات التي تواجهها الهيئة ويكون مسئولاً عنها؛ مستعيناً في ذلك بالدراسات التي تكشف مواضع الخلل وأوجه القصور لعلاجها بأسلوب علمي مناسب؛ خاصة ويعمل بتلك المؤسسة نحو ما يقرب من 80 ألف عامل؛ وتطوير مهارات العنصر البشري عن طريق التدريب المستمر وعمل اختبارات دورية لهم ومراقبتهم للتعرف علي مدى جاهزية الأشخاص للتصرف فيها؛ مع إنشاء توافر الأماكن المخصصة لتدريبهم يقوم على إدارتها متخصصون لديهم من الخبرة الفنية والأكاديمية ما يفيدهم ولا ينتقل الشخص من وظيفة أخرى إلا بعد تجاوز اختبارات الوظيفة المنقول إليها؛ وصلاحيات مستقلة عن المحليات؛ وتطوير التشغيل التجاري الذي يقوم على محورين هما نقل الركاب والبضائع؛ والأخير يواجه مشاكل كبيرة . وأكد المهندس «عبد القادر» : أن هناك العديد من الصعوبات والتحديات فيما يتعلق بمنظومة السلامة والأمان تؤثر تأثيراً مباشراً في وقوع حوادث القطارات تتمثل في تهالك وحدات تشغيل قطارات الدرجة الثانية وأيضاً الجرارات بنسبة 50% وعدد 1700 عربة سكة حديد يمكن ان يطلق عليها «خردة» أي انتهي عمرها الافتراضي؛ ونقص في الايدي العاملة المدربة؛ وخطوط السكك الحديدية متهالكة؛ وميزانية هزيلة ؛ والمزلقانات تعمل بطريقة بدائية؛ وعدم وجود اعتمادات مالية خاصة لتطوير القطارات؛ وعدم قيام المحليات بتطبيق القوانين والقواعد المنظمة لإنشاء المزلقانات طبقاً لقواعد السكة الحديد والسماح بوجود عدد حوالي 4500 مزلقان أو معبر غير قانوني يتوجب إغلاقهم فوراً؛ بخلاف التعديات والعشوائيات الموجودة بالفعل علي المزلقانات وإزالة التعديات الموجودة عليها؛ في حين أن المزلقانات تبلغ 1332 مزلقاناً فقط منهم 871 تحت التطوير؛ وهذه المؤشرات من أهم الأسباب التي تؤدي إلي المخالفات بأنواعها؛ بالإضافة إلي وجود معظم خطوط السكك الحديد تمر بجانب مجار مائية وتقوم وزارة الري بعمل كباري عبور فوق المجاري المائية؛ مما يفرض علي هيئة السكك الحديدية أماكن عبور لم تكن موجودة من قبل مما يشكل خطر علي سلامة المواطنين وسلامة مسير القطارات؛ ناهيك عن السرقات المتعددة لمهمات خطوط السكك الحديدية خط (سفاجا – أبو طرطور)؛ وخط (القنطرة – بئر العبد وشرق التفريعة). كما وأن السلوكيات السلبية لبعض المواطنين في التعامل مع البنية الأساسية من اختراق الأسوار والمحطات وسرقة أجهزة الإشارات وقضبان ومسامير رباط خطوط السكك الحديدية.. وخلافة؛ مما يؤدي إلي وقوع الحوادث ويحمل الهيئة أعباء مالية زائدة لإعادة الشيء لأصله؛ وأيضاً عدم التزام بعض المشاة وبعض قائدي المركبات بقواعد المرور عند عبور المزلقانات والأماكن غير المعدة للعبور؛ الأمر الذي يستدعي تدخل الجهات المحلية والاستعانة بأفراد الشرطة في دعم حراسة المزلقانات؛ فضلاً عن التعديات الدائمة علي أراضي وحرم السكة الحديد بالمحافظات لإقامة أسواق ومحلات داخل أملاك الهيئة. وأوضح المهندس «عبدالقادر»: أن هناك ثلاثة محاور رئيسية للتطوير السكة الحديد يجب الاستفادة من التجارب الناجحة فى الدول التى عزمت فعلاً علي تنفيذ مشروعات التطوير لسككها الحديدية؛ وبالتالي علينا العمل علي إنجاز ثلاثة محاور أساسية؛ وتشمل: ضرورة توفير بيئة تخطيطية سليمة ومنضبطة؛ والمحور الثانى يتعلق بضرورة وضع أسس ومعايير للسلامة ومنها تحديد مواصفات للسكة الحديد وصيانة دورية للجرارات ومعدات التشغيل؛ إجراء اختبارات بقياسات معينة؛ مما يساهم إلى حد كبير فى منع الحوادث قبل وقوعها؛ والمحور الثالث التوجه التجاري؛ كما أنه لابد من تغيير ثقافة المواطن في التعامل اليومي مع القطارات عند مروره امام القطارات واستخدامه لمعدات الحماية داخل القطارات ان وجدت وعدم استخدامها في غير الغرض المخصص لها وأيضاً عدم إلقاء القمامة داخلها أو محاولة تخريب القطارات من الداخل مثل الكتابة علي الكراسي أو عربات القطارات . أضاف المهندس «عبدالقادر»: قطاع النقل يحتاج إلي 170 مليون جنيه لتوفير قطع الغيار للصيانة سنوياً؛ ونحتاج لمبلغ 300 مليون جنيه لصيانة الجرارات وشراء 300 جرار جديد؛ ونحتاج إلي عمليات صيانة وإحلال وتجديد لعدد 750 مزلقاناً في كافة المحافظات؛ كما أن الهيئة تعمل على رفع كفاءة 100 جرار؛ من خلال المناقصة التى تم طرحها هذا العام؛ فضلاً عن شراء 16 وحدة «قطارات سريعة كاملة بالجرار» شبيهة بالتوربيني؛ رحلة «القاهرة - الإسكندرية»؛ ويسع كل قطار عدد 600 راكب؛ إضافة إلي شراء 700 عربة درجة ثالثة و212 عربة درجة أولي وثانية مكيفة في مجال النقل. الدكتور عماد نبيل؛ استشاري الطرق والكباري؛ يذكر أنه عندما يتواجد قيادات واعية نضمن بذلك تنفيذ خطط التطوير والتحديث لقطاع السكة الحديد؛ وهو ما يحقق الاستقرار بلا عودة لنقطة الصفر. وأضاف الدكتور «نبيل»: إن هيئة السكك الحديدية تعاني الكثير من الإهمال منذ عشرات السنين؛ خاصة قطارات الغلابة منسية تماماً؛ ومنها عدم صيانة قطارات السكك الحديدية؛ التي معظمها قديم ومتهالك؛ ونقص قطع الغيار؛ بالإضافة إلي عدم تدريب العاملين بشكل كفء علي التعامل مع مزلقانات السكك الحديدية وتأمين القطارات؛ وانتهاء صلاحية وحدات التشغيل بها؛ وعدم توافر التمويل اللازم لتحديث عربات وجرارات الهيئة؛ ناهيك عن المشاكل التي تتعلق بخطوط الكهرباء داخل السكة الحديد؛ وبالتالي يجب علي مسئولي قطاع النقل بالسكك الحديدية الاعتراف بالسلبيات وتحديد المشاكل التي تواجه الهيئة حتي يمكن زوالها للأبد؛ وهذا ما يتطلب إعادة ترتيب وتطوير هذا القطاع الهام خلال الفترة القادمة؛ إما بإقامة الكباري أو الإنفاق علي معظم المزلقانات الهامة التي كثرت بها الحوادث.. وأعتقد أن هذه الفكرة بدأت في الدخول لحيز التنفيذ فضلاً عن إغلاق المعابر الغير قانونية وعمل ماكينات للتقاطعات المرورية؛ وهو ما سيقلل بالتأكيد من تدخل العنصر البشري أو الأخطاء الناجمة عنه؛ وتطوير المزلقانات التي لا تزال تعمل بطريقة يدوية.. ورحمة بالمواطن المصري الذي مازال يحصل علي خدمة رديئة جداً.. ولأنه ليس من غير المعقول إلقاء مسئولية التسبب في حوادث القطارات بشكل كامل علي العنصر البشري .. كما أنه ليس بهذه النسبة الكبيرة. وتابع الدكتور «نبيل»: هناك دراسة تحليلية تبين حقيقة مسببات حوادث القطارات التى وقعت في مصر خلال الفترة من عام (1998 2002)؛ أشارت إلى أن 85% من الحوادث تقع بسبب المزلقانات؛ و41% منها تقع بسبب الأماكن غير المعدة للعبور؛ ومن ثم تظل وزارة النقل الفاعل الرئيسي بالشراكة مع المحليات؛ خصوصاً مع تزايد عدد المزلقانات حتي وصلت إلي 1332 مزلقاناً تدهور حال معظمها؛ بخلاف قيام الأهالي منذ وقت ثورة يناير حتي الآن بفتح مخارج علي طريق السكك الحديد والمرور من علي القضبان والمزلقانات وهي مغلقة؛ إضافة إلي انتشار الأسواق العشوائية والباعة الجائلين علي السكك وداخل حرم المحطات دون إذن السكة الحديد أو المحطة وهي الكارثة الكبري. مضيفاً أنه مما لا شك فيه أن خسائر حوادث القطارات بمصر ترتفع بنسب معدلات أعلي من المعدلات الدولية؛ فالقطارات تحترق.. وأخري تصطدم بآخر أثناء عبورها من المزلقانات وتطيح بالصغار والكبار.. وقطار يخرج علي القضبان.. وإشارات لازالت تعمل يدوياً في القرن ال21؛ وبالمقارنة بالنسب الدولية المتاحة لحوادث القطارت نجدها تتراوح بين 2/1% - 1% من إجمالي الرحلات علي مستوي العالم التي تدخل في نطاق السكك الحديدية الآمنة؛ بينما مصر تفوق النسب العالمية بأضعاف مضاعفة وهو ما يعجل توفير العلاج اللازم لتلك الكوارث القومية. موضحاً أنه لابد من وجود مشروع تطويري متكامل لعلاج الوضع القائم في السكة الحديد بالتعاون والتنسيق بين وزارة النقل ممثلة في هيئة السكة الحديد مع جميع المحافظين وإدارات المحليات وأجهزة وزارة الداخلية لتأمين القطارات وإزالة التعديات على خطوط السكك الحديدية وإنارة المزلقانات وإقامة مطبات صناعية قبلها؛ واتخاذ كافة إجراءات الحماية والأمان للمزلقانات القانونية. الدكتور مجدي صلاح الدين؛ أستاذ هندسة الطرق بجامعة القاهرة؛ أشار إلي أن منظومة السكة الحديد بأكملها تحتاج إلي إعادة نظر بشكل شامل؛ لأن هذه المنظومة أصبحت غير قادرة علي توفير الأمن والأمان للمسافرين عبر السكك الحديدية. وأضاف الدكتور «صلاح»: إن المشكلة تكمن في المزلقانات مسئولة عن 85% من حوادث القطارات؛ فهناك 4500 مزلقان غير قانونية وهي النسبة الأكبر من المزلقانات؛ وبالتالي لابد وأن تبدأ الهيئة بتشخيص الوضع الراهن ووضع خطة تطوير استراتيجية تنظيمية شاملة وطموحة مرتبطة بإمكانات التمويل المتاحة؛ وبحيث يمكن تنفيذها بشكل منظم بدون أية عقبات مالية؛ ولتفادي حدوث أخطاء يدفع ثمنها الأبرياء؛ وذلك بأزالة المزلقانات العشوائية نهائياً لصعوبة تطويرها؛ وأيضاً يمكننا الاستفادة من الأقمار الصناعية واستخدامهم في مراقبة القطارات عن طريق الكباري والعمل بنظام التحكم الكهربائي أو الميكانيكي مستغلين في ذلك الوسائل التكنولوجية الحديثة؛ ومن ثم تنتهي الطرق البدائية وحوادث القطارات للأبد. وتابع الدكتور «صلاح»: لا أري مانعاً من زيادة سعر التذكرة التي لا تغطي التكاليف مادام ذلك سيعود علي الركاب بخدمة جيدة وعربات آمنة جديدة؛ لأن تركها بهذه الصورة لا يعود بفائدة؛ خصوصاً وأن مواردها في الوقت الحالي تعتمد علي حصيلة تذاكر القطارات وهذه موارد بسيطة للغاية؛ فالطالب يقوم بدفع2٪ فقط من قيمة التذكرة و98٪ مدعم له؛ والموظف يدفع11٪ فقط من قيمة التذكرة و89٪ مدعم والقطاع الخاص يدفع22٪ فقط و78٪ يدعم له؛ كما أنه يجب علي جميع الركاب تحمل سعر التذكرة كاملة مهما كانت وظيفتهم أو ان تتكفل جهات عملهم بدفعها سواء كانوا من أفراد الشرطة أو الجيش. ويري الدكتور «صلاح»: إن الهيئة تدار بشكل عشوائي دون وجود خطة واضحة ؛ والنتيجة وجود عجز في توفير وسيلة الموصلات لجميع المواطنين؛ خاصة الفقراء الذين لا يقدرون على توفير أجرة السفر بالسيارات والأتوبيسات الخاصة؛ حيث تعاني السكة الحديد من مشاكل كبري تتمثل في انهيار أسطولها.. فالعربات غير آدمية بدون أبواب أو زجاج؛ وعدم استقرار الهيكل التنظيمي لذا تتأثر سلباً بتغيير مسئول أو رحيله؛ وفقدان سياسة الثواب والجزاء؛ وهناك نقص حاد في الكوادر البشرية المؤهلة؛ وعدم وجود اشتراطات السلامة والأمان علي قضبان السكك الحديدية والمزلقانات؛ وغياب الصيانة المنتظمة؛ وغياب العنصر الأمني؛ وانتشار البلطجية؛ وسوء الخدمة المقدمة للركاب القطارات؛ ومشكلة التمويل؛ وهو ما يبرهن علي تخبط السياسات وعشوائية الادارة في بعض قطاعات السكك الحديدية والعجز عن التعامل مع الأزمات . مشيراً إلي أن إصلاح قطاع السكك الحديدية يعتمد على العمل على تحسين الكفاءة؛ وتذليل العقبات وإضافة أموال جديدة لإنجاز تلك المشروعات لتقليل الحوادث. واستطرد حديثه الدكتور «صلاح».. قائلاً : هناك دول كثيرة منها إنجلترا بدأت فى الثمانينيات فى إعادة هيكلة السكة الحديد؛ واستغرق ذلك نحو ثماني سنوات؛ وأيضاً نصف دخل السكة الحديد فى ألمانيا يأتى من نقل الركاب؛ والبضائع؛ والنصف الآخر من النشاط التجارى الملحق بالمحطات؛ ومن ثم لا مانع من الاستفادة من هذه التجارب؛ وذلك بوضع حلول تتلاءم مع طبيعة المشاكل التى نواجهها.