سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحقيق: مزلقانات الموت المنتشرة فى ربوع مصر ما زال ملف حوادث قطارات السكك الحديدية بمصر حافلًا بالمآسي، تنزف منه دماء الأبرياء بشكل أصبح شبه يومي، ويثير العديد من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابات حاسمة، خاصة أن الإحصائيات الأخيرة تشير إلى أن هناك
ما زال ملف حوادث قطارات السكك الحديدية بمصر حافلًا بالمآسي، تنزف منه دماء الأبرياء بشكل أصبح شبه يومي، ويثير العديد من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابات حاسمة، خاصة أن الإحصائيات الأخيرة تشير إلى أن هناك عشر حوادث كل شهر خلال السنوات العشر الأخيرة، وطبقًا لإحصائيات وزارة النقل، فإن ستة آلاف شخص يموتون سنويًّا في مصر، ويصاب ثلاثون ألفًا آخرون في حوادث الطرق. تصريحات المسئولين تؤكد أن خطوط السكك الحديدية ومحطاتها، والقطارات العاملة بعرباتها المختلفة شهدت تطورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة ضمن خطة شاملة للنهوض بخدماتها، حيث تم تجهيز المحطات إلكترونيًّا مع تطوير نحو 30 محطة و250 عربة ما بين مميزة ومطورة ومكيفة بتكلفة 93.5 مليون جنيه، وإقامة كباري وأنفاق للسيارات على شبكة خطوط السكك الحديدية، وإنشاء شركة متخصصة لأعمال صيانة الوحدات المتحركة للسكك الحديدية؛ بهدف رفع كفاءة إنتاجية الوحدات، وزيادة نسبة الإتاحة، إضافة إلى بدء تطوير 345 مزلقانًا للسكة الحديد في 20 محافظة بقيمة 200 مليون جنيه، وتطبيق نظام التتبع الإلكتروني للقطارات GPS، وهو نظام يحقق حلولًا كاملة لتأمين حركة القطارات عن طريق مراقبتها بالأقمار الصناعية. لكن كارثة قطار أسيوط التي راح ضحيتها حوالي 51 طفلًا بعد اصطدام قطار بأتوبيس مدرسة بمدينة منفلوط بمحافظة أسيوط جاءت لتؤكد أن سلسلة حوادث في مصر لم تنته بعد، وأن هذا الملف في حاجة لرعاية واهتمام من نوع خاص. إجمالي طول شبكة سكك حديد مصر، 9570 كيلو مترًا، وإجمالي عدد المحطات 705 محطات رئيسية وفرعية ومتوسطة منها 22 محطة رئيسية، و59 محطة مركزية، و60 محطة متوسطة، و564 محطة صغيرة، ويبلغ عدد عربات الركاب 3500 منها 850 عربة مكيفة لخدمة النقل على شبكة خطوط سكك حديد مصر بنوعيات مختلفة من القطارات، تتراوح سرعتها من90 إلى 120 كيلو مترًا في الساعة. ويعمل بسكك حديد مصر نحو 86000 عامل، من جميع التخصصات ينتظمون في عدة إدارات فنية مركزية، وتنقسم الهيئة العامة للسكك الحديد إداريًّا إلى سبع مناطق جغرافيًّا " تمتد شمالًا وجنوبًا وغربًا بامتداد شبكة الخطوط الحديدية، وتضم عددًا من الورش الإنتاجية الكبيرة مثل ورش الصيانة والتجديد للوحدات المتحركة والمباني والأثاثات وغيرها، ويتبعها سنترال خاص بها بسعة ألف خط يربط بين جميع مراكز النشاط. وقد شهدت مصر حوادث قطارات عديدة في الآونة الأخيرة، ففي عام 1993 قتل 12 شخصًا وأصيب 60 آخرون في تصادم قطارين على بعد 90 كيلو شمالي القاهرة، أما في عام 1995 اصطدام قطار بمؤخرة آخر وسط ضباب كثيف، وأدى ذلك إلى مصرع 75 شخصًا، وفي عام 1997 قتل 11 شخصًا؛ بسبب اصطدام قطارين شمالي أسوان؛ بسبب خلل في أجهزة الإشارات، وفي 1998 قتل 50 وأصيب 80 آخرون؛ بسبب خروج القطار عن القضبان بالقرب من الإسكندرية، بعد أن أخفق القطار في التوقف عند مصدات نهاية الخط الحديدي واخترق المحطة، وفي 1999 اصطدم قطار بين القاهرةوالإسكندرية بشاحنة وخرج عن القضبان مما أسفر عن مقتل 10 وإصابة 7 آخرين. وشهد عام 2002 أكبر كارثة في تاريخ السكك الحديد بمصر، وهى احتراق قطار الصعيد، ومقتل المئات في مأساة إنسانية اهتزت لها مشاعر كل الدنيا، وفي عام 2006 اصطدم قطار شحن بآخر بمحافظة الشرقية؛ مما أدى إلى إصابة 45 شخصًا، وفي نفس العام اصطدم قطاران أحدهما قادم من المنصورة متجهًا إلى القاهرة والآخر قادم من بنها على نفس الاتجاه؛ مما أدى إلى وقوع تصادم عنيف بين القطارين عند قليوب، وبلغ عدد القتلى 80 قتيلًا و أكثر من 163 مصابًا، وفي 2008 قتل 44 شخصًا عندما اصطدم قطار بحافلة ركاب بالقرب من مدينة مرسى مطروح، وفي 2010 اصطدم قطار ركاب كان متوجهًا من الإسكندرية إلى المنصورة مع قطار حربي بمدينة دمنهور؛ مما أدى إلى وقوع الكثير من القتلى والإصابات، وفى 2012 شهدت محافظة الجيزة حادث تصادم قطارين بعد خروج أحد القطارات عن مساره ليصطدم بآخر، ولم يسفر عن وجود قتلى، وأصيب أربعة ركاب فقط. وهذا السيل من الحوادث يؤكد أن هيئة السكة الحديد تعاني من إهمال وتدهور شديد، وتحتاج إلى عملية تطهير، وإعادة بناء من جديد. يقول عيد عبد الودود - سائق قطار بمحطة مصر -: "المأساة التي تقابلني يوميًّا أثناء قيامي بمهام عملي سوء حالة الجرار والعربات التي لا تصلح لنقل الركاب، والإشارات التي تكون دائمة التعطل؛ لعدم جودة منظومة الإشارات، حيث إنها تتوقف فجأة أثناء سير القطار، ويستمر القطار في السير دون إشارات، وتقع الكارثة كما أن أكثر من نصف الجرارات معطلة، ولا تصلح للاستخدام، وقطع الغيار متهالكة وداخل الجرار يوجد "إيه تي سي"، وهو ما يطلق عليه "الصندوق الأسود للقطار"، وهو مسئول عن "تحديد السرعة والمسافة ووقت دخول القطار للمحطة ومعظم السائقين لا يعرفون عنة شيئًا؛ لأنهم غير مؤهلين وأبواب القطارات نفسها معظمها متهالكة، ومن ثم صعوبة إغلاقها أثناء سير القطار ومن المحتمل وقوع الحوادث. أما "المزلقانات"، فبمجرد تحرك القطار يقوم المراقب بالمحطة بالاتصال بعامل المزلقان؛ ليخبره بتحرك القطار ليقوم بفتح المزلقان أو إغلاقه، ولكن هذا لا يحدث، وكثيرًا ما يجد السائق نفسه أمام سيارة أو مواطنين والمزلقان مفتوح، ويتسبب هذا أيضًا في موت الكثير من الأشخاص، وأحيانًا يقوم بعض الركاب بالضغط على بلف الطوارئ، الأمر الذي يتسبب بدورة في وقوع العديد من حوادث، كما أن العلامات الفسفورية التي تنبه السائق عند دخوله المحطة في حالة وجود شبورة غير موجودة الأمر، فيضطر السائق الاعتماد على عامل الشبورة الذي يقوم بوضع كبسولة تنفجر بمجرد دخول القطار للمحطة، فينتبه السائق بأنه داخل المحطة إذا كان لا يرى من خلال الشبورة، ويمنع هذا وقوع حوادث. ويؤكد صبري نهنوش - عامل مزلقان - أن العشوائية هي التي تفرض سيطرتها على مزلقانات مصر، ومن ثم صعوبة تحكم العامل في حركة المارة والسيارات معًا، بالإضافة إلى قرب المزلقان من مواقف الميكروباصات؛ مما يؤدي إلى وقوع العشرات من الحوادث، خاصة أن أغلب المارة لا يلتزم بالوقوف عند سماع أجراس السيمافور، التي تسبق قدوم القطار بدقائق معدودة. ويطالب نهنوش بتطوير مزلقانات السكة الحديد من خلال تزويدها بالإشارات الإلكترونية والاستغناء عن السلسلة الحديدية؛ مؤكدًا أن تعطل معظم الإشارات الضوئية والكهربائية والسيمافورات التي تشير إلى اقتراب القطار من شريط المزلقان وتعطل الأبراج ، هو ما يساعد على وقوع العديد من الحوادث. ويكشف محمود سليمان وكيل وزارة سابق بالسكة الحديد أن الهيئة العامة لسكك حديد مصر تصرف الملايين تحت بند تطوير 1725 مزلقانًا في المناطق المركزية، والصعيد وغرب الدلتا إلا أننا نكتشف أنها ما زالت تعمل بالسلاسل الحديدية، ولم تزود بالإشارات الإلكترونية، كما أعلن المسئولون، والدكتور كمال الجنزوري - رئيس مجلس الوزراء السابق - توقيع عقد تصنيع وتوريد 212 عربة ركاب سكك حديدية مكيفة بين الهيئة العربية للتصنيع وبين الهيئة القومية لسكك حديد مصر رئيس الهيئة، بحضور الدكتور مصطفى جلال سعيد - وزير النقل السابق - فهل يبدأ تشغيل هذه بعد إزهاق أرواح الآلاف من المواطنين؛ نتيجة العربات المتهالكة؟. ويشير المهندس محمود سامي - رئيس هيئة السكك الحديدية السابق - إلى أن الحوادث التي تقع يومًا بعد آخر؛ بسبب أخطاء بشرية؛ مؤكدًا أن مزلقانات السكك الحديد قبل وصول أي قطار يتم دق الأجراس، ومعظم الحوادث التي تقع نتيجة تأخر غلق المزلقان، والذي يكون إما بسبب عدم الالتزام أو لسوء تقدير الوقت من قبل العامل المسئول عن غلق المزلقان؛ مما يتسبب في حوادث كثيرة وكل القطارات بها أجهزة تحكم إداري، والتعليمات دائمًا تصدر بعدم تحرك أي سائق، إلا بعد التأكد من عمل هذا الجهاز وعلى السائقين الالتزام بذلك. ويطالب المهندس عبد الحميد الأشوح - نائب رئيس هيئة السكك الحديدية للإشارات السابق - بإلغاء جميع المزلقانات؛ حتى تزيد سرعة القطارات، إضافة إلى إنشاء مزلقانات إلكترونية أو كباري فوق المزلقانات، حيث إن هناك خطة لتطوير المزلقانات يتم تنفيذها منذ عام 2010 لتطوير 180 مزلقانًا في مناطق عالية الكثافة السكانية، ولم يتم الانتهاء منها حتى الآن؛ مؤكدًا أن المزلقانات الموجودة في مصر معظمها تم إنشاؤها بشكل غير قانوني، ولابد من توافر شروط معينة بها، أهمها خدمة الأماكن ذات الكثافة العالية، وأن تكون الطرق حولها مرصوفة، وحوادث المزلقانات، إما بسبب سائقي السيارات الذين لا يلتزمون بإشارة إغلاق المزلقان، أو بسبب إهمال عامل المزلقان.