لا أعرف لماذا ينزعج البعض »ومنهم مسئولون«حين نقول ان ماجري حتي الآن لضبط الاسواق لم يفلح في السيطرة علي الاسعار، وأن علي اجهزة الدولة ان تتحرك اكثر، وحين نتساءل: لماذا لاتعود الدولة لتولي مسئولية استيراد السلع الاساسية التي لاينبغي ان تترك لعبث من يتلاعبون بالمواطنين، خاصة اذا كانت الدولة هي التي تدعم اسعار هذه السلع وتسعي لتوفيرها بالسعر المعقول للغالبية العظمي من محدودي الدخل. افهم ان تنزعج مافيا استيراد هذه السلع، التي تحقق الثروات الفاحشة من قوت الناس، ولكن لماذا ينزعج بعض المسئولين مما نقول وهم يرون كيف افسدت مافيا اللحوم كل المحاولات لاستيراد اللحوم الجيدة بأسعار رخصة من الهند ومن اثيوبيا والسودان، وكيف استغلوا- ومازالوا- كل اسحلتهم ونفوذهم لإطلاق الشائعات حول سلامة هذه اللحوم لكي لاتتهدد امبراطوريتهم التي تتحكم في السوق وتفرض الاسعار وتستورد زبالة اللحوم وتنجح - بالفساد- في إدخالها للبلاد. وبعيدا عن اللحوم والفئة القليلة التي تتعامل معها، نسأل ما هو الضرر من ان تستورد الدولة القمح بواسطة اجهزتها فتحمينا من القمح المخلوط بالحشرات او الذي لايصلح للاستهلاك الآدمي وتحمينا من جشع مافيا القمح التي لم تكتف بذلك بل قامت بلعبة اخري كشف عنها وزير الزراعة امين اباظة حيث تقوم بخلط القمح المستورد بالقمح المنتج محليا ثم تورده للحكومة مستفيدة من فرق السعر 091 جنيها للإردب للمستورد، وبين 072 جنيها تم تحديده للقمح المحلي تشجيعا للفلاح علي انتاجه. ومع ذلك »وغيره من جرائم مافيا الاستيراد« فإن البعض يعتبر اي دعوة لتدخل الدولة لمواجهة هذه المافيا هي- والعياذ بالله- عيب في الذات الرأسمالية!! حتي وهم يرون اعتي الدول الرأسمالية واكبرها تلجأ لإجراءات وصلت للتأميم من اجل مواجهة الازمة المالية العالمية. وبينما البعض عندنا يصرخون، معتبرين اي مساس بحريتهم في رفع الاسعار علي الكيف نوعا من »الجمود الفكري« وعودة إلي ماض لاينبغي تذكير الناس به!! ولسنوات كان حديثنا »وحديث غيرنا« عن الفساد في عملية الخصخصة هو أيضا »جمود فكري« مرفوض، حتي فاحت رائحة الفساد، وتراكم حجم الجرائم سواء في بعض عمليات البيع، او فيما فعله بعض الذين استولوا علي الشركات بتراب الفلوس، واصبح همهم اغلاقها وتشريد عمالها وتحويل مصانعها إلي ارض خراب يبيعونها بإضعاف اضعاف ما دفعوه.. وها هو الدكتور زكريا عزمي عضو مجلس الشعب ورئيس ديوان رئيس الجمهورية يصف هؤلاء بأنهم »حرامية الخصخصة« ويطالب بإحالة ملف برنامج الخصخصة إلي النيابة العامة للتحقيق في كل المخالفات التي وقعت. اذا كان هذا هو »الجمود الفكري« فأهلا به، ولكن الحقيقة ان »الجمود الفكري« الحقيقي يسكن في عقول من اعتبروا »الخصخصة« هدفا في حد ذاته لان »الروشتة« التي تم صرفها لهم تنص علي ذلك، ولهذا باعوا ما تم بناؤه بجهد جهيد بتراب الفلوس، وبشروط هي اقرب لشروط الاذعان واستباحة المال العام، وهكذا بدلا من ان يأتي الاستثمار الاجنبي ليضيف طاقة انتاجية ويخلق فرص عمل ويقوم بتحديث صناعاتنا.. كانت النتيجة إغلاق مدن صناعية بكاملها و القضاء علي صناعات هامة كصناعة الغزل والنسيج، وضم مئات الالوف من العمال لصفوف العاطلين عن طريق المعاش المبكر، وشراء المصانع المصرية باموال البنوك المصرية ثم سداد ثمنها من الارباح التي وصلت في بعض الصناعات مثل الاسمنت إلي 07٪ سنويا. لقد قال وزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين ان ما تبقي من شركات القطاع العام ستتخلص من كل ديونها وتتحول للربح في نهاية هذه السنة المالية اي بعد شهرين او ثلاثة وانه وقد تم ضخ 02 مليار جنيه لإصلاح اوضاع هذه الشركات. وهذا امر طيب، بعد حرمان القطاع العام من التمويل لمدة عشرين سنة، تحولت فيها بعض المصانع إلي خرائب وتحولت الماكينات إلي خردة، توقف العمال عن الانتاج ، لان »الروشتة« كانت تطلب تصفية القطاع العام، بدلا من دعمه ليؤدي دوره بجانب القطاع الخاص. ويبقي ان وزير الاستثمار يطلب عدم الهجوم علي برنامج الخصخصة »عمال علي بطال« لأن ذلك كما يقول يهدد السلام الاقتصادي للدولة والمجتمع. والصحيح ان التهديد الحقيقي يأتي من الفساد الذي شاب عمليات الخصخصة ومن عمليات النهب التي شهدتها بعض الشركات ومن حقوق من العمال التي لم تؤخذ في الحسبان، ومن اتهام كل من يهاجم الفساد الذي شاب هذا البرنامج بأنه يقوم بتطفيش المستثمرين.. مع ان الفساد- وليس اعمال القانون- هو الذي يضر بالاستثمار والمستثمرين الحقيقيين. إننا ننتظر إحالة الملف كاملا للنائب العام، لمحاسبة كل »حرامية الخصخصة« وحماية حقوق العاملين وتشغيل المصانع التي تجري تصفيتها بهدف »تسقيع الاراضي« وبيعها، وننتظر ايضا ما طالبنا به مرارا وتكرارا من صدور قانون للخصخصة لا يترك الامر للصدفة ولا لمزاج هذا الوزير او ذاك. وقانون يحدد ما يجوز ومالا يجوز بالنسبة للخصخصة، ويحدد القطاعات التي تحتفظ بها الدولة، والاخري التي تشارك فيها، ويقرر القطاعات التي يدخلها الاستثمار الاجنبي وبأي نسبة، والقطاعات الاستراتيجية التي ينبغي ان تظل ملكيتها وطنية، ويضع الشروط التي تضمن حقوق العاملين وتمنع النصابين من الاقتراب، ويضرب بيد القانون علي كل من يتواطأ للاستيلاء علي المال العام.. وصدور هذا القانون لايطمئننا نحن فقط علي المال العام ولكنه ايضا يطمئن المستثمر الجاد، ويمنع الفساد الذي باع بأرخص الاسعار، وترك الثغرات في العقود لكي يسرح من خلالها حرامية الخصخصة ويمرحوا، ويحولوا المصانع إلي خرابات، ويحولوا افضل العاملين إلي واقفين في طابور المعاش المبكر او معتصمين للمطالبة بأبسط الحقوق!! آخر كلام لم اشاهد حلقة »مصر النهاردة« التي استضافت شوبير ومرتضي منصور، ولا اعرف لماذا اوقع التليفزيون المصري نفسه في هذه الورطة، ولكني اعرف ان محمود سعد سيظل هو الافضل والاكثر مصداقية ونزاهة بين كل مذيعي البرامج في كل قنواتنا التليفزيونية. رغم الاحتياطي الضخم من البترول، حسمت دولة الامارات العربية المتحدة امرها منذ شهور، ووقعت الاتفاق علي انشاء اربع محطات لانتاج الطاقة النووية مع احدي الشركات الكورية.. ونحن مازلنا ننتظر ان يتعطف علينا السادة رجال الاعمال ويرفعوا أيديهم عن »الضبعة«.. وعن الحكومة!! السيدة فاطمة عبدالمحمود الوزيرة السابقة تخوض انتخابات رئاسة الجمهورية في السودان الشقيق.. ونحن مازلنا نتجادل حول صلاحية المرأة في مصر للعمل قاضية!! استأنفت وزارة الصحة عملها الهام بنشر قوائم المطاعم ومحلات الاغذية المطابقة للمواصفات الصحية والمخالفة لها. أدعو الزملاء في وسائل الإعلام للاهتمام بها، وأدعو القراء لمتابعتها ليتعرفوا علي مطاعم ومحلات كبيرة وشهيرة عليهم مقاطعتها حتي تستوفي الشروط الصحية.