رغم غرابة منظرها إلا أنها لم تعد تجذب انتباه أهل المدينة. الوافدون فقط هم من يحدقون فيها بدهشة. علي مدار 40 عاماً اعتادت الخروج من منزلها في التاسعة صباحاً والجلوس في المكان نفسه حتي المغرب، زبائنها الذين بدأوا ينقرضون يعرفون مكانها ويقبلون عليها لشراء بضاعتها. تذكر الحاجة مني عبدالنبي (53 عاما) ذلك الزمن الذي كان «الغاوي فيه ينقط بطاقيته» وتبتسم قائلة إنها بدأت ببيع «طواقي» الصوف منذ طفولتها، ورغم أن بضاعتها التي تصنعها بنفسها بدأت تبور إلا أنها تؤكد تمسكها بها، وعدم التخلي عنها حتي تموت، وتقول: إنه العمل الوحيد الذي أتقنه، ومازلت أقتات منه أنا وأسرتي البسيطة، خاصة أن زوجي مريض بالقلب. تشير إلي أنها ولدت في قرية السنباط التابعة لمركز الفيوم، وتعلمت من والدتها صناعة الطواقي، وعلي مدار السنوات الطويلة الماضية اعتادت أن تحمل «مشنتها» علي رأسها، وبها ما تصنعه وتجلس في ميدان السواقي وتضيف أنها لم تقم بتغيير مكانها أبدا لأن زبائنها يأتون إليها من القري والعزب والنجوع. تذكر أن كثيراً من عمد القري ومشايخ البلد كانوا يقبلون عليها، وكانت تحقق دخلاً يكفي أبناءها الخمسة وزوجها المريض، لكن الإقبال تراجع، ولم يعد المواطنون يقبلون علي بضاعتها، واقتصر الأمر علي كبار السن الذين يأتون علي مراحل متباعدة. وبعد أن كانت تبيع 10 أو 15 طاقية يومياً خلال السبعينيات والثمانينيات لم تعد مبيعاتها تتجاوز 4 طواقي علي الأكثر، لتعود إلي منزلها في النهاية بمبلغ لا يزيد علي العشرين جنيها، تتضمن ثمن المواد التي تستخدمها في الصناعة. وتؤكد أن حرفتها تحتاج لخامات كثيرة مثل البكرة الافرنجي ووبر الجمال وصوف الغنم لتخرج الطاقية بالشكل الذي يجذب المشترين. الفيوم - محمود عمر