هو كتاب مهم، ومذكرات مهمة لصحفي اللوموند (إريك رولو) حول الشرق الأوسط، ومصر علي الأخص، طوال 50 عاما ارتبط فيها بعبد الناصر، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وكل قضايا التحرر في العالم الثالث، مستعيدا كلمات صديقه اليهودي المصري شحاته هارون (أسود عندما يضطهد السود، يهودي عندما يضطهد اليهود، وفلسطيني عندما يضطهد الفلسطينيون).. لا أحد في مصر يعرف جيدا إريك رولو الصحفي بجريدة اللوموند الفرنسية، رغم أنه يهودي مصري، درس الحقوق في جامعة (فؤاد الأول) وأضطر للانتقال إلي فرنسا (1951) لاتهامة بالشيوعية، ليكون أحد أشهر الصحفيين في فرنسا، وأبرز العارفين بشئون الشرق الأوسط، وأحد أبرز الداعمين لقضايا التحررالوطني.. وتستحق دارالطناني كل الشكر، ليس فقط لقيامها بترجمة المذكرات إلي العربية (د.داليا مسعود) ونشرها للمذكرات في مصر.. لكن أيضا لحرصها علي تقديم إريك رولو، وإلقاء الضوء علي جهوده ودوره الداعم إعلاميا وسياسيا لمصر والقضية الفلسطينية.. الأخضر الإبراهيمي الدبلوماسي الجزائري (وأحد أصدقاء رولو) كتب مقدمة الترجمة العربية للمذكرات، وجاء خصيصا من فرنسا للمشاركة في ندوة تكريم رولو (توفي فبراير2015) التي أقامتها الجامعة الأمريكية، والناشر الطناني، والسفارة الفرنسية أول أمس.. يحكي الآن جريش المدير المساعد لصحيفة (اللوموند ديبلوماتيك) وهو أيضا ولد في مصر لأسرة يهودية، وأيضا متخصص في الشرق الأوسط، والابن الروحي لإريك رولو.. يحكي أن إريك رولو حين عاد إلي مصر للمرة الأولي بعد خروجه منها، لإجراء مقابلة مع عبد الناصر (1963) حرص علي الذهاب إلي البيت الذي ولد فيه بمصرالجديدة.. طرق الباب، فاستقبله أهل البيت بلطف، روي لهم قصته، فإذا بهم يقهقهون.. تبين له أن من باتوا يحتلون بيته القديم فلسطينيون (ربما هي المرة الأولي بالتاريخ التي يقول فيها اليهودي أن فلسطينيين يحتلون بيتي)!