بعد أن تم التنسيق بيني وبين الكاتب الصحفي سمير عيطة والكاتب الصحفي من أصل مصري في صحيفة لوموند ديبلوماتيك ألان جريش من أجل إصدار ملحق الأهرام الأسبوعي لوموند ديبلوماتيك كل يوم سبت عكفت علي تصميم صفحات الملحق وتصميم اللوجو وتحديد شخصية الصفحات مع الصديقين نبيل السجيني وشريف طه..استغرق الأمر منا أياما وليالي من أجل إخراج الملحق في أفضل صورة ممكنة. نص الاتفاق علي أن ننشر بعض المقالات التي تظهر في لوموند ديبلوماتيك مع إمكانية نشر بعض المقالات والدراسات المصرية والعربية..وقد رأيت ضرورة إلقاء الضوء علي حركة الفن التشكيلي المصري المعاصر فخصصت الصفحة الأخيرة للملحق لنشر قصص صحفية حول معارض أهم فنانين تشكيليين مصريين..وبحكم ولعي بالفن التشكيلي وليس من قبيل التخصص كتبت مقالا حول أعمال الفنانة الكبيرة جاذبية سري وتحية حليم وإنجي أفلاطون وكانت المفاجأة أن جاءني اتصال تليفوني من الفنانة جاذبية سري تمتدح ما كتبته عنها وهو اتصال أسعدني كثيرا وتلاه اتصال أخر من ناهدة خوري صاحبة زمالك آرت جاليري تبلغني فيه برسالة جاذبية سري تطلب منها ضرورة حضوري معرضها القادم وهو ما حدث. بعد استقرار صدور الملحق بعدة شهور فاتحني جريش في نشر كتاب في كواليس الشرق الأوسط للكاتب الصحفي الفرنسي المصري المولد إريك رولو. قال لي ألان إن إريك رولو مريض وهو حريص علي صدور الطبعة العربية لكتابه من الأهرام لأن مجده الصحفي صعد بعد أن أرسل الأستاذ محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الأهرام في ذلك الوقتالأستاذ لطفي الخولي إلي باريس لمقابلة رولو الذي تم نفيه من مصر إبان حكم الملك فاروق قبل.1952 وخلال دعوة علي العشاء أبلغ الخولي رولو بأن هيكل يدعوه إلي زيارة مصر وأنه من حقه أن يجري المقابلات الصحفية التي يرغبها بكل حرية. طبعا أبدي رولو دهشته للاستقبال الحافل الذي تم إعداده له وزوجته في المطار ثم اصطحابه إلي جناح فاخر بفندق النيل هيلتون..ودعاه هيكل علي العشاء حيث أبلغه بأنه سيقابل الرئيس عبدالناصر. مقابلة رولو مع الرئيس عبدالناصر فتحت له أبواب المجد..سعي الزعماء العرب إلي مقابلته..قابل القذافي وعرفات والزعيم الكردي بارزاني..وبعد أن بدا له أنه لن يعود مرة أخري إلي مسقط رأسه مصر باعتباره يهوديا وشيوعيا أيضا فتح له القدر أبواب المجد والنجاح بعد أن رغب لوهلة أن يتخصص في أي منطقة أخري من العالم بخلاف المنطقة التي انتمي إليها بحكم المولد. في مذكراته يحكي رولو قصة لقائه مع عبدالناصر والحوار الذي دار بينهما وهو الحوار الذي حضره هيكل وظل خلاله صامتا كما تقتضي أصول اللياقة مع الرئيس كما قال رولو..وكيف استخدم عبدالناصر منهجا يتسم بالألفة بسؤاله عن عائلته..أين كانت تعيش في مصر وما هي انطباعاته عن القاهرة بعد طول غياب..بل وحتي سؤاله عن كيف اشتري شقته التي يعيش فيها في باريس! وهو لا يدري إلي ماذا يرمي الرئيس. بعد سنوات عديدة اكتشف رولو أن السر وراء دعوته تتلخص في رغبة عبدالناصر في استغلال أهم كاتب فرنسي للتقرب من ديجول لإقامة علاقات جيدة مع فرنسا ولتغيير الصورة النمطية التي شاعت عنه وقتها في الغرب كديكتاتور..وفيما بعد طلب منه دعوة ناحوم جولدمان رئيس المؤتمر اليهودي العالمي لزيارة مصر. وقتها طلب مني جريش عرض الكتاب علي حلقات في الأهرام..وجري إفراد صفحات طويلة لعرض الكتاب لأهميته إلا أن صعوبات اعترت نشر الكتاب من خلال الأهرام إلي أن فوجئت بالصديق مصطفي الطناني يتصل بي ويقدم لي الكتاب منشورا في غلاف أنيق وهو كتاب ضم بين صفحاته جانبا مهما من تاريخ مصر من وجهة نظر صحفي مصري المولد فرنسي الجنسية يهودي الديانة.