بعد احتلال دام 38 سنة لقطاع غزة بدأ في 1967 قررت اسرائيل الانسحاب من القطاع. جاء هذا القرار قبل عشر سنوات بشكل أحادي الجانب، أو ما سُمي حينها «خطة فك الارتباط». القرار كان نتيجة خطة وضعها حصريا رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أريئيل شارون. وما بين أغسطس وسبتمبر 2005 تم إخلاء 21 مستوطنة تقع علي المنطقة الساحلية وكانت في الأصل موطناً ل 1،3 مليون فلسطيني وقت فك الارتباط، وقد تم إعادة تسكين الآلاف منهم داخل الخط الأخضر. كما ترافق ذلك مع إخلاء أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية. خطة فك الارتباط استهدف بها شارون تدعيم الإحساس بالأمن لدي الإسرائيليين وتخفيض حدة التوتر الحاصل بينهم وبين الفلسطينيين لكن تأمل الأحداث بعد عشر سنوات يبين ان الخطة تنفذت لكن الأهداف المرجوة منها لم تتحقق فتكرست الطرفة المعروفة «أن العملية نجحت لكن المريض مات». في المقابل تكشف التحليلات الإسرائيلية عن فشل كل التنبؤات السلبية التي ظهرت حول استغلال عمليتي فك الارتباط والإخلاء في استخدام العنف ومقاومة السلطات، فعلي غير المتوقع لم يحدث أي استخدام للسلاح الحي ضد قوات أمن الاحتلال، علي العكس كان المستوطنون يقفون في انتظار قوات الإخلاء، لكن هؤلاء المستوطنين أنفسهم وجهوا سلاحهم في حادثتين شهيرتين نحو العرب حيث قاموا بالاعتداء علي فلسطينيين وعرب اسرائيل. وحتي الاحتجاجات علي إخلاء المستوطنات - التي اتخذت اللون البرتقالي رمزاً لها - كانت ضئيلة نسبياً بفضل مكر صاحب الفكرة أريئيل شارون الذي نجح في عزل المستوطنين وحشد الرأي العام لصالح فكرة فك الارتباط فلم يجد المستوطنون الظهير الشعبي الذي يستندون اليه وبدأوا في الإخلاء الطوعي فيما عدا اعتصام بعض المستوطنين من رافضي الإخلاء بالمعابد والكٍنس. علي الجانب الآخر تحققت تنبؤات قطاع من الجمهور الإسرائيلي بحذافيرها وبكامل عنفها فيما يتعلق بالمخاطر الأمنية المرتبطة بالوضع الجديد خلال سنوات مابعد فك الارتباط فقد هيمنت حماس علي القطاع وتعاظمت بالتدريج قوتها الإرهابية وزاد مدي تهديد قذائفها لإسرائيل بشكل كبير. هذه النتائج تعكس اختلاف نظرة القوي السياسية المختلفة للانسحاب من قطاع غزة واقتناع قطاع كبير من السياسيين بانه أوقع قطاع غزة في قبضة جماعة متشددة وحرم اسرائيل من سيطرتها علي كامل الحدود. مع ذلك يلتقط هؤلاء نقطة ايجابية وهي ان نجاح قوات الجيش والشرطة في إخلاء مستوطنات القطاع من سكانهم البالغين نحو 8000 مستوطن يبشر بقدرة تلك القوات مستقبلاً في إخلاء حوالي 100 اسرائيلي علي الأقل هم سكان النقاط الاستيطانية المتناثرة خارج الكتل الاستيطانية الكبري بالضفة الغربية. لكن حقيقة الأمر ان الضفة لها قصة أخري. فمستوطنات الضفة الأربعة التي أخليت ضمن فك الارتباط مازالت تخضع للسيطرة الإسرائيلية وكل ما تبدل هو انها تحولت من مستوطنات صغيرة إلي مناطق عسكرية مغلقة يحظر علي الفلسطينيين العودة اليها، أما باقي الكتل الاستيطانية الكبري فقد اكتسبت مراكز قانونية وكثافة سكانية لا تسمح لأحد أياً كان بالمساس بها.