مفاجأة مثيرة! الاعتماد علي الاجسام الهشة يقود الي تنبؤات أكثر دقة بشأن المناخ، عن تلك الناتجة استنادا الي أرقي التقنيات التي يتم تزويد برامج الكمبيوتر بها، أو حتي الأقمار الاصطناعية المتخصصة في رصد التغيرات المناخية! الاضطرابات المناخية التي حيرت واربكت العلماء والخبراء، وتلاعبت بقدرتهم علي التنبؤ الدقيق، رغم توافر آليات تقنية شديدة التطور، أصبح بالإمكان التعامل معها، والتوصل الي نتائج دقيقة بشأن تطوراتها عبر فحص ومتابعة جزيئات الغبار! البداية كانت بملاحظة أن آلية تهشم الزجاج يمكن أن تفيد في التوصل الي تنبؤات مناخية دقيقة، وان الامر ينسحب علي المواد الهشة الأخري، ومن ثم فان جزيئات الغبار الصغيرة العالقة في الهواء تتصرف بذات الطريقة التي يتفتت بها الزجاج. كانت تلك الملاحظة طرف الخيط الذي قاد فريقا من العلماء الي الوسيلة الاكثر دقة للتنبؤ بالمناخ! ولان الغبار يؤثر علي كمية الطاقة الشمسية التي يمتصها الغلاف الجوي، ولانه ايضا يساعد في تشكيل السحب، وغيرها من العلاقات التفاعلية مع العناصر المؤثرة في حالة المناخ، فان تحديد كمية الغبار الموجودة في طبقات الغلاف الجوي، يساهم في عملية التنبؤ، وتتناسب درجة الدقة في التقدير طرديا مع التوصل الي تنبؤات ادق. الابحاث تشير الي ان كمية جزيئات الغبار الموجودة في الغلاف الجوي، اكبر بعدة امثال من التقديرات السابقة، ويعود ذلك الي ان التراب المفتت ينتج عنه عدد اكبر من جزيئات الغبار، لكن المثير هنا ان هذا الاكتشاف يشكك في فرضيات مازالت برامج الكمبيوتر تعتمد عليها في التنبؤ بأحوال المناخ! ولعل أهمية الاكتشاف الجديد ترتبط الي حد بعيد بتوقيته، فثمة مؤشرات تؤكد تواصل الاضطرابات المناخية، كارتفاع درجات الحرارة، أو نقص كميات الامطار وفترات هطولها، والانتقال السريع من الدفء الي البرودة و.. و.. وغيرها الأمر الذي يكون له العديد من النتائج السلبية علي حركة البشر وعوامل الانتاج، وربما يكون لمتابعة الآثار الناجمة عن تقلبات الطبيعة علي الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، ما يؤكد الأهمية المضاعفة، للتوصل الي آليات اسرع واكثر دقة في التنبؤ المستقبلي بحالة المناخ، تقود لتجنب الفوضي في حركة النقل الجوي والبري، وما يترتب عليها من ارتباكات هائلة تؤثر علي الحياة بصفة عامة. وإذا كان من الصعب التكهن بالمدي الزمني الذي يواصل فيه المناخ اضطرابه المربك، فان البديل المناسب يتمثل في آلية استباقية تعالج بطريقة جديدة مفاجآت المناخ التي تكون في الغالب غير سارة! ورغم ان المعادلات الرياضية كانت تتيح دائما اظهار الكيفية التي تتشقق وتنكسر بها الاجسام الهشة، وفق طريقة يمكن توقعها، إلا ان الجديد هنا يتعلق باللجوء لهذه المعادلات في تقدير حجم جزيئات الغبار العالقة في طبقات الجو، فيما يذكر بالواقعة الشهيرة لنيوتن حين انطلق مرددا: وجدتها، وجدتها، عندما شاهد سقوط التفاحة، فكان ان اكتشف قانون الجاذبية، وما ترتب علي ذلك من تطورات هائلة في علوم الفيزياء. بالطبع، فان الاكتشاف المبكر لاحوال المناخ، لن يعطي البشر قدرات استثنائية علي مواصلة المناخ لرحلته - بردا أو حرا أو مطرا.. الخ، لكنه يمنحهم مساحة من الزمن يستطيعون خلالها اتخاذ اجراءات احترازية، تقلل من حجم الخسائر التي تنجم حين يأتي المناخ بمفاجآت من العيار الثقيل، تصيب المجتمعات بالشلل، وتؤثر سلبا علي مختلف الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية ويكون للمباغتة اثرها الذي يحد من القدرة علي مواجهة الطقس العاتي!