العالم الآن علي مفترق طرق بشأن قضية الاحتباس الحراري وظاهرة التغيرات المناخية الناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الارض, ولهذا اصبحت قضية تغير المناخ لها طابع عالمي لما تمثله من تهديد لكل الدول, وبما يستوجب أن تتضافر جميعها لبحثها, وتحديد المسئوليات والادوار لتوزيعها علي الجميع بدون استثناء. وبداية نشير إلي أن الاحتباس الحراري ينجم عن زيادة نسبة بعض الغازات ومنها( ثاني أكسيد الكربون, واكاسيد نيتروجينية وغيرهما) كنتيجة للنشاط والصناعي ولاستهلاك الوقود الحفري فتنتشر تلك الغازات بالغلاف الجوي, ورغم ان نسبتها ليست فائقة ولكنها قادرة علي حبس الحرارة الصادرة من ارضنا للهواء الجوي, فتؤدي الي العديد من التقلبات من مناطق ضغط الهواء, والرياح, وكذا مياه البحار والمحيطات, وبصورة تؤدي لتغير المناخ عالميا وما يستتبع ذلك من مخاطر لها تأثيرات داهمة وقادرة علي ان تغير خريطة الارض فقد تختفي مدن وتغرق جزر. المشكلة الحقيقية تكمن في تضارب التوقعات الناجمة عن تغير المناخ فالبعض يشير إلي أن ازدياد معدلات درجات الحرارة سيؤدي لارتفاع منسوب سطح البحر وبصورة تهدد الشواطئ والمدن الساحلية, وبعض العلماء لديهم تصور مخالف لذلك تماما, ويشككون في دور الغازات الدفيئة, ولديهم قناعة بأن استيعاب طريقة ارتفاع درجة حرارة الارض لايزال لغزا يحير العلماء, واننا لا نزال نحتاج لنشر اجهزة لرصد الاماكن التي تختزن الطاقة الحرارية والتي لاتكتشفها اعين علماء المناخ وكما اشار حديثا كيفين ترينبرتا من المركز الوطني للابحاث المناخية بأمريكا. علينا أن نضع ذلك في حسابات الاولويات من كافة المسئولين عن التخطيط للمشروعات المستقبلية الواعدة وأيضا المزمع البدء بها بالساحل الشمالي أو بسيناء, وايضا المشروعات القومية القائمة حول نهر النيل ب( توشكي) فالعلماء اشارو إلي ان تلك التغيرات المناخية قد تؤدي ليس فقط لارتفاع منسوب مياه البحار, بل ايضا ستؤثر علي الفيضان لنهر النيل.. فعلماء أوروبا والعالم لديهم نماذج حسابية تشير لسيناريوهات مأساوية وللأسف متضاربة بصورة جلية. فبعضهم اشار لاحتمال زيادة منسوب المياه بنسبة ثلاثين بالمائة(30%) والبعض الآخر منهم يرجح لفكرة انخفاض المياه بنسبة تصل لنحو سبعين بالمائة(70%) اما الخطير من تقريرهم العلمي فهو تنبؤهم من خلال مالديهم من معلومات, بأمكانية ان تزيد كمية الامطار بمرتفعات اثيوبيا الافريقية بنسبة30%, وأنها قد تقل بنسبة تزيد عن ضعف النسبة السابقة. فكما نلاحظ فهناك توقعات متضاربة عن مصيرنا ونحن الآن لانملك الدراسات والبحوث العلمية الكافية التي تجعلنا نختار الطريق العلمي السديد لمواجهة تلك التغيرات. فالمطلوب الآن هو إنشاء المركز الافريقي للتغيرات المناخية واقترح ان يكون بمحافظة دمياط بالدلتا, لتفرد موقعها علي البحر المتوسط وكذا النيل, وأهداف المركز هي: 1 تقديم قاعدة بيانات كاملة ومتكاملة عن كافة الدراسات السابقة بمصر حول التغيرات المناخية, والكوارث الطبيعية, وانشاء نظام معلوماتي باستخدام نظم المعلومات الجغرافية لتحليلها, واستخدام تكنولوجيا الرصد والتنبؤ المبكر للتغيرات المناخية والارضية, والاستفادة من صور الاقمار الصناعية والاستشعار عن بعد. 2 اجراء دراسات علي غازات الاحتباس بالبيئة المصرية, وقياس معدلاتها, وكذا قياس معدلات ارتفاع مستوي سطح البحر المتوسط, وكذا مستوي ومعدلات مياه نهر النيل بصورة دورية, مع إجراءات دراسات جيولوجية وجيوفيزيقية متقدمة. وتصميم برامج ونماذج حاسوبية للتنبؤ بمعدلات البحر وفيضان النيل. 3 إقامة محطات رصد بدول حوض النيل وتكون تابعة لهذا المركز. هناك ضرورة ملحة للتعاون مع دول حوض النيل( المعتمدة علي الامطار) في أن نجهزها بكافة الكوادر المدربة والمعلومات القادرة علي رصد معدلات الامطار( من المنبع) وتتبع مسار مياه النيل ومستواه, وان تنشئ هذه المحطات التكنولوجية للبيئة لديهم, لتصب كافة المعلومات في نقطة الاتصال بالدلتا بالمركز الرئيسي. 4 التآخي مع المراكز العالمية العلمية المهتمة بتلك المجالات, للاستفادة من خبراتهم, وتشكيل مجلس ادارة لهذا المركز الاقليمي يضم علماء مصر النابغين للعمل كمستشارين به. البحث العلمي التكنولوجي هو طوق النجاة لنا, ولذا هناك ضرورة لوضع قضايا التغيرات المناخية في قمة اولويات المجلس الاعلي للعلوم والتكنولوجيا لمصلحة مصر ام الحضارات.