د. جمال شيحة فى حديثة مع « الاخبار» يصلح لمعظم المرضي.. وتناول «الانترفيرون» معه محل دراسة مصر أصبحت في موقف تفاوضي رائع للأدوية الجديدة
في البداية قلت للدكتور شيحة: مجرد الإعلان عن دواء سالفدين الجديد لعلاج فيروس« سي» تضاربت الآراء حول فعاليته فهل يمثل بالفعل أملا حقيقيا للمرضي ؟ الأفضل أن نقول الأدوية الجديدة وليس الدواء الجديد.. فسالفدين يمثل البداية لسلسلة من الأدوية..أو هو باكورة عائلة كاملة من الأدوية تعطي بالفم ونسبة نجاحها مرتفعة للغاية تزيد علي 85 % وأعراضها الجانبية تكاد لا تذكر.. فنحن بالفعل في عصر أدوية جديدة لعلاج فيروس« سي» ستكون فعالة للغاية وآمنة للغاية وسهلة الاستعمال. معني ذلك أن هناك أدوية أخري جديدة لعلاج الفيروس ستظهر قريبا؟ في نهاية عام 2015 سيكون هناك نوعان جديدان من هذه الأدوية علي الأقل.. وفي نهاية 2016 ستصل إلي 7 أدوية.. وفي 2018 ستتراوح بين 20 و30 دواء علي الأقل.. فالموضوع ليس مجرد دواء وانتهي الأمر بل هو باكورة إنتاج تلك السلسلة من الأدوية. تجارب حاسمة ولكن هل أجريت التجارب الكافية علي سالفدين لضمان أن يكون تأثيره علي النوع الرابع من الفيروس المنتشر بمصر فعالا كبقية الأنواع المنتشرة بأوربا وأمريكا؟ أبحاث الدواء استمرت من 6 إلي 7 سنوات.. وكان معروفاً في المجتمع العلمي في العالم في آخر 2012أن هناك دواء جديدا علي وشك الإجازة «باسم حركي» حيث كان قد استكمل كل الشروط ليكون دواء فعالا وآمنا.. من هنا طلبنا عمل تجارب علي تأثير هذا الدواء علي النوع الرابع من الفيروس المنتشر في مصر وبالفعل أجريت التجارب في 3 أماكن هامة في مصر وهي : معهد الكبد في شربين وفي القصر العيني وفي معهد الكبد القومي. تمت التجارب علي 100 مريض بإشراف وزارة الصحة ووفق كل المعايير العلمية وبدأت التجارب بالفعل في أوائل 2013 واستمرت حتي نهاية العام.. تم توفير الدواء للمرضي مجانا من قبل الشركة وإجراء التحاليل مجانا وبالفعل كأننا كنا نعالج أمريكان فالتجارب التي أجريت في مصر خضعت لأدق المعايير العلمية حتي تم الاطمئنان الكامل لفعالية الدواء وخضعت جميع التجارب الإكلينيكية للدقة والأمانة العلمية. نجاح باهر وهل سعر الدواء يتناسب مع ظروف المرضي المصريين البسطاء وعددهم بالملايين؟ الشركة التي تنتج الدواء هي ذات الشركة التي تنتج أدوية الإيدز في العالم وأجرينا معها مفاوضات مطولة وشاقة لكي تتعامل مع مصر في سعر الدواء كما تم التعامل مع جنوب إفريقيا في دواء الإيدز حيث تم بيعه لجنوب إفريقيا ب1% من ثمنه. وتلك المفاوضات مع الشركة شارك فيها نخبة من أساتذة الكبد في مصر من أعضاء اللجنة القومية للكبد وأساتذة من خارج اللجنة من بينهم الدكاترة وحيد دوس وجمال عصمت وإمام واكد وأيمن يسري ومنال حمدي السيد.. كما كان للوزيرة السابقة الدكتورة مها الرباط مجهود كبير في هذا المجال واستكمل الوزير الحالي الدكتور عادل العدوي هذا المجهود بنجاح كبير.. وتلك الجهود التي شارك فيها الجميع علي هذا القدر من المسئولية أثمرت في النزول بالسعر من 90 ألف دولار إلي 900 دولار فقط لجرعة ال3 أشهر. وهذا السعر لم تتمكن أي دولة في العالم من الحصول عليه.. وجانب من تلك المفاوضات التي تم التركيز فيها علي أن المرض ينتشر في مصر كوباء وطلبنا من الشركة أن يتم دعم الدواء في مصر من البرنامج الاجتماعي للشركة. ولا ننسي أن دولة مثل إيطاليا حتي الآن عاجزة عن وضعه ضمن أدوية التأمين الصحي لمرضاها نظرا لارتفاع سعره من هنا تأتي أهمية نجاح الدولة في مصر في النزول بسعره لهذا الحد حتي تتمكن الدولة من صرفه للمرضي.. والنجاح في النزول بالسعر جعل مصر في موقف تفاوضي رائع حيث ستتمكن مصر في المستقبل من التفاوض مع أي شركة تنتج دواء جديدا في إطار هذا السقف حتي لو لم تكن تلك الشركات تمتلك برنامجا اجتماعيا. معظم المرضي لكن هل يصلح الدواء لجميع مرضي الكبد؟ الدواء يصلح لمعظم حالات الكبد.. كما يصلح لحالات لم يكن من الممكن إعطاؤها الإنترفيرون. وهل من الممكن أن يحصل المريض علي الدواء الجديد فقط دون الحاجة للإنترفيرون معه؟ هذا الموضوع لازال محل نقاش وجدل علمي واسع.كما أن هناك رأيا عاما لدي مرضي الكبد بالتهرب من الانترفيرون فهناك رفض نفسي من جانبهم للحقن. وهناك لجنة تضم 12 من كبار أساتذة الطب بالجامعات المصرية والهيئات الطبية المختلفة ستجتمع بوزارة الصحة لحسم هذا الأمر. والاتجاه السائد بالتأكيد سيكون استبعاد أعداد كبيرة من المرضي الذين لا يتحملون الحقن.. وينصح بمن تتحمل حالته الحقن بجانب الدواء وبناء علي نصيحة المرضي بضرورة أخذها ومن عنده موانع بالتأكيد سيحصل علي الدواء منفردا. لكن أليس هناك حل آخر لتجنيب المريض أخذ الإنترفيرون بجانب الدواء ؟ الجيل الثاني من الدواء الذي بدأت عليه التجارب وستتم في مصر أيضا سيجمع دواءين في قرص واحد وسيعطي نتائج قد تصل إلي 100 % من غير حقن.. ومن المتوقع الإعلان عن هذا الدواء ودواء آخر بنهاية عام 2015.. ومدينة المنصورة تكون أحد الأماكن الهامة لتجربة هذا الدواء.. وهذا الدواء يستطيع كل مرضي الكبد الحصول عليه حتي من سيزرع الكبد ومن زرع الكبد وعنده فيروس بالفعل. وهل يحتاج المريض الذي سيحصل علي السوفالدين لمتابعة كما هو الحال في الانترفيرون؟ الدواء آمن تماما.. لكن لابد من متابعة المريض مرة كل أسبوع في الشهر الأول ومرة كل أسبوعين بعد ذلك علي أن يتم الانتظار لمدة 3 أشهر بعد العلاج ليطمئن المريض للشفاء الكامل. تحديد الجرعات وهل سيحصل كل المرضي علي نفس الجرعة ؟ أم أن كل مريض ستكون له جرعة وفق حالته؟ بالتأكيد سيكون هناك تفاوت في الجرعة من مريض لآخر وإن كانت الجرعات ستتراوح بين 3 و6 أشهر وهذا يتوقف علي عدد سنوات الإصابة ومدي نشاط الفيروس ودرجة تأثيره علي الكبد. لكن هل ستتمكن الدولة من علاج المرضي المقدر عددهم بالملايين؟ من المعروف أن هناك كارثة اسمها 150 ألف مريض سنويا يضافون للمرضي ومن المتوقع أن تتمكن الوزارة من علاج حوالي 300 ألف مريض سنويا وسيتم وضع قواعد محددة وصارمة لأولوية المرضي الذين سيتم البدء بعلاجهم. وماذا عن باقي المرضي؟ بالتأكيد سيتم طرح العلاج في الصيدليات.. كما أن ظهور أدوية جديدة قريبا سيساعد في توفير الأدوية علي نطاق واسع بعد ذلك. ولماذا فشلت كل جهود الوقاية من المرض رغم هذا الانتشار السرطاني له في معظم ربوع مصر؟ كل حملات التوعية لم تتم بطريقة منظمة وممنهجة بل تمت جميعها في إطار جهود ومحاولات فردية والأمر يجب أن يتم من خلال منظومة كاملة تشارك فيها كل مؤسسات المجتمع بجانب جهود الأطباء خاصة الإعلام والتعليم. حملات منظمة ولماذا لا يتبني مستشفي الكبد وجمعية أمراض الكبد التي ترأسها مثل تلك المنظومة لمواجهة هذا الوباء؟ بالفعل بدأنا في حملات منظمة وعملية لا تقتصر علي التوعية فقط للوقاية من المرض بل لحماية المرضي أنفسهم من مضاعفات المرض.. وتم وضع خطة تبدأ بالقري ولمسنا تحمس شباب الأطباء للمشاركة فيها ونسعي لتعميمها علي أكبر نطاق ممكن.