من الطبيعي أن نتذكر »صفر المونديال«، ونحن نعيش حالة من الاندهاش أمام معجزة فوز قطر بتنظيم مونديال 2202 العالم كله يقف مفتوح الافواه جاحظ العيون غير قادر علي النطق من هول المفاجأة، يقلب المعجزة علي كل الأوجه ليستوعب حجم الحدث الذي اخرج زعماء ورؤساء دول كبري من وقارهم الدبلوماسي حتي قال أوباما رئيس الولاياتالمتحدة علنا انه خطأ كبير من الفيفا.. لا يوجد تفسير واضح لما حدث ولا توجد حتي صورة تخيلية للسيناريو الذي ادي إلي هذه المفاجأة الضخمة.. رغم الاعتراف الجماعي بأن الملف القطري كان قويا وابداعيا وغير مألوف ولا مسبوق.. لكنها في النهاية نظرة العالم الأول للعالم الثالث.. دائما نظرة شك وافتراض التخلف واليقين بأن الدول النامية الصغيرة منها والكبيرة لا تملك حق الحلم لكي تستطيع أن تملك حق التفوق علي أرض الواقع.. وقد آن الأوان إلي أن نتحدث مع انفسنا وننادي عليها لكي تستيقظ بعد النوم العميق الاقرب إلي الاغماء.. فمنذ أن صدمنا صفر المونديال ونحن ننظر إلي تنظيم هذه البطولة وكأننا نفكر في اليوم الذي نستطيع فيه او نهبط علي سطح القمر أو نرسل مركبات فضائيات إلي المريخ.. الشعور العام بعد هذا الصفر الملعون ان من العيب الشديد والخجل الأشد أن يعرف أحد اننا نفكر مرة أخري في طلب تنظيم هذا الحدث الرياضي السياسي العالم.. اصبحنا ننظر إليه كما لو كان حكرا علي نوعية أخري من البشر بمواصفات غير عادية ليست متوافرة فينا. يحدث هذا منا نحن المصريين.. رغم أن مصر العريقة هي التي فتحت باب التحضر أمام العالم منذ آلاف السنين وانجبت خمس شخصيات عالمية حاصلة علي جائزة نوبل ووزعت علي أوروبا وأمريكا آلاف العلماء في كل المجالات العلم والسياسية.. وشخصيتها المتميزة من المفترض ان تمنحها إرادة احياء ما مات بداخلها من طموح وما علق بها من انكسار.. وهذا ليس كلاما مأخوذا من كتب التاريخ بل هو واقع يعيش معها.. بدليل ما تملكه من تجربة حديثة وعظيمة علي مستوي أوسع وأعلي وأكثر تعقيدا من مجرد طلب تنظيم بطولة عندما انتصرت في حرب اكتوبر بعقلية مصرية خالصة تفوقت علي فارق التسليح واستخدمت المتاح لها من التكنولوجيا التي اخفقها لعقلية مبتكرة توظفها الخدمة الواقع في شكل من أشكال الابداع والابتكار.. وحققت بهذا ما عب علي كل النظريات العسكريات توقعه وتخيله.. وكان ذلك ببساطة شديدة مجرد استجابة لنداد الإرادة.. تلك الإادة الخالصة والمجردة من الحسابات والتوازنات المدعمة بالثقة في أنفسنا والثقة في تاريخنا وحاضرنا والقناعة فعلا بأننا خير جنود الأرض.. فلم تنكر الإرادة أمام اجواء الرعب المحيطة بنا عالميا واقليميا التي حاولت اقناعنا بأن استعادة الأرض ما هي الا خيالات شعراء وادباء وان اي محاولة للتحرير ما هي الا محاولة للانتحار. لما اذن تأخرنا في استعادنا الإرادة والتخلص من رعب ملفات المونديال.. لماذا لا نستعيد الارض المفقودة في صفر المونديال.. فالدنيا لا تنتهي بهزيمة ولو هي كذلك لانتهت المانياواليابان ولانتهينا بعد عزيمة يونيو. لماذا لا نفترض ان صفر المونديال كان نكسة وعابرة حوكم صانعوها في حينها مثلما حوكم صانعو نكسة 76 لماذا لا نبدأ من جديد ونهرب من سجن الصفر ونتجرأ ونكرر المحاولة ونطلب بشجاعة تنظيم المونديال بعد ان يتغير عقلنا وفكرنا ونبحث عن رجال آخرين لا يهابون الهبوط علي سطح قمر المونديال.. لقد قلنا ان نكسة 76 لن تتكرر فلماذا لا نقول إن نكسة الصفر لن تتكرر.. ويكفي مبدئيا ان نضع الرجال المناسبون في الخطوط الأساسية فلا يكون من بينهم الفهلوي أو صاحب النعرة الكدابة أو الجاهل مدعي المعرفة. لابد أن يعود لنا الحلم مرة أخري بعد ان اصبح في نظرنا عجيبة من عجائد الدنيا.. علينا الا نخاف من الاخفاق حتي لو كان واردا، فالخائف لن يفكر ابدا ولن يتجرأ ولن يبدع.. وعلينا الا نسد كل المنافذ تحت ضغط شجاعة الأزمة الاقتصادية، لان المغامرة المحسوبة هي أصل التميز ولان تنظيم المونديال يصرف الكثير لكن ايضا يكسب الكثير ويضيف علي المكسب المالي اخري عميقة في المكانة والثقة في المحيط الدولي، بل هو يرشح مصر لمزيد من الاستثمارات ولمزيد من التطوير في البنية الرياضية والبنية التحتية الأساسية. لماذا لا تعرف الأجيال الحالية ان مصر عاشت علي مدار آلاف السنين في سلسلة من التحديات وهي تدافع عن عبقرية موقعها الجغرافي الذي يري العالم من كل الاتجاهات.. آسيا شرقا والمغرب العربي غربا وأوروبا شمالا وافريقيا جنوبا.. لماذا لا يعرف المصريون أن اجواء المونديال في مصر ستكون الاجمل للعالم كله عندما يريد ان يستمتع بكرة القدم وبالتراث التاريخي الذي تفرق فيه من الشمال إلي الجنوب.. اذن مصر مؤهلة تلقائيا لان تصبح مكانا متميزا للمونديال.. وعلاوة علي ذلك فإنها موهلة رياضيا لانها صاحب تاريخ في الرياضة، وهي التي أسست كل شيء في كرة القدم علي الأقل في افريقيا وهي أول من احكم الربط بين الرياضة والسياسة.. مصر مؤهلة من قبل كل ذلك ان تنسي صفر المونديال وتتلخص من عقدته.. فهي التي تحتضن نفس العقول إلي هزت الإرهاب بالفكر فلماذا لا نستخدم نفس العقول في هزيمة الصفر.. بل لماذا لا نستخدمها في هزيمة كل مشاكلنا في الاقتصاد والتعليم والصحة والفن.. لماذا لا ينتابنا شعور مفاجيء بكراهية الفهلوة والنصب والادعاء والسطحية.. لماذا لا نهزم فكرة سيطرت علينا وهي اكسب كل شيء بأقل جهد.. لماذا لا ننشط دورتنا الدموية حتي تصل إلي المخ فيستيقظ ويبدأ في التفكير. وطبعا.. يسعدنا ان نري باعيننا نموذجا قطريا خلابا ومدهشا.. كيف حققت معجزة رأيناها مستحيلة.. ويجب أن نكون واقعيين وموضوعيين ولا تقول إن الأموال تصنع كل شيء. هي تستطيع ان تصنع اشياء لكن ليس كل شيء. فقيمة المال تقاس بقيمة وقدرة من يملكه.. وببساطة لا يوجد في العالم من هو اغني واقوي من الولاياتالمتحدة فيكف نري قطر تسير كتفا بكتف مع اليابان وكوريا واستراليا ثم تهزمها بلمس الاكتاف من الجولة الأولي.. اعتقد أن الفارق كان في سخونة الإرادة.. لقد كانت إرادة القطريين ملتهبة ولا مجال في كسرها رغم مشاكل رئيسية في الملف تخص الطقس والكثافة السكانية وصغر المساحة. واذا كان الكثيرون يهمسون الآن بالحاجة إلي قدرات خاصة في تسويق الملف وابرزها شراء بعض أعضاء اللجنة التنفيذية وما يتطلبه ذلك من وجود رجال من نوعية استثنائية لهم خبرة في عالم الدهاليز والغرف المغلقة وابراق الصفقات والمقايضات فإن هذا شائع في كل الدول التي تطلب تنظيم كأس العالم، وإذا لم تفعل ذلك بجانب ملفها القوي لن تنجح.. هي »آفة« لا علاج لها ولا يوجد اصلا من يكتب لها العلاج لان »الفيفا« دولة بقانون ودستور خاص لا تحكمها مؤسسات دولية فيما يخص نزاهتها.. ويكفي أن اعضاء اللجنة التنفيذية انفسهم يتحدثون علنا عن ان انجلترا دفعت ثمن هجوم اعلامها علي الفيفا بخلفية ملفات الفساد.. كيف يختلط هذا بذاك.. وكيف يخسر ملف قوي لاسباب غير موضوعية.. ثم ان السير في طريق الدهاليز ليست عملا سهلا لانه يحتاج ايضا لقدرات خاصة وربما ترغب دول كبيرة في السير فيه ولا تستطيع. والآن نحن في مصر نحن نملك ما لم نكن نملكه في السابق علي الأقل نملك عضوا في اللجنة التنفيذية هو هاني أبوريدة.. هذه العضوية هي اكبر ضامن أولا الا نحصل علي صفر بل يمكن ان نضمن مبدئيا 5 أصوات قبل ان نبدأ الترويج والمنافسة مع الآخرين لاننا لن نكون وحدنا.. فيكفي مثلا ان يكون معنا محمد بن هام اللاعب الرئيسي في نجاح الملف القطري وهو رجل قوي له علاقات مشتعبة في كرة القدم العالمية وتجمعه صداقة حميمة مع معظم اعضاء اللجنة التنفيذية. هيا نفيق ونطرد الكابوس.. ونسأل انفسنا لماذا لا نحاول مرة اخري الهبوط علي سطح القمر.. لانيأس ولا ننتظر أن يأتينا المجد مسرعا اليوم أو غدا أو بعد 01 سنوات هيا نبدأ في بناء هذا المجد من أول طوبة ونتخلي عن الانانية فربما لا يعيش البناة حتي يرون الحلم علي الأرض لكن المؤكد ان مصر ستعيش لتراه وعليهم ان يطمئنوا ان التاريخ لا ينسي احدا ولن ينساهم ولو التاريخ ينسي ما عرفنا الآن عن حضارة اجدادنا شيئا.. هيا نجعل من تنظيم كأس العالم هبوطا متوقعا لنا علي سطح القمر.