العالم مندهش لفوز الملف القطري بتنظيم بطولة كأس العالم عام 2022 أي بعد 12 عاماً.. خاصة أن قطر انتزعت هذا التشريف من قوي كبري في العالم. علي رأسها الولاياتالمتحدة. وليس أقوي من تعبير لهذا الاندهاش. الذي وصل إلي درجة الغضب من تعبير الرئيس الأمريكي نفسه باراك أوباما. الذي وصف قرار الفيفا بإسناد مونديال 2022 إلي قطر بأنه قرار سيئ. واستكمل رئيس الاتحاد الأمريكي لكرة القدم سونيل جولاتي تعبيرات الغضب. بقوله بعد قرار الفيفا أن قطر فازت بتنظيم 2022 بسبب الصداقات والعلاقات والتحالفات. وأن المخاوف من كل ذلك كانت موجودة من البداية لدي الوفد الأمريكي. وقد أثبتتها النتيجة النهائية وأرقامها. وغير الأمريكان.. قال تسفانتسيجر رئيس الاتحاد الألماني إنه "اندهش بعض الشئ" بعد التصويت لصالح قطر ولكنه قال إنه علي يقين من أن أعضاء اللجنة التنفيذية بالفيفا وضعوا في اعتبارهم كل المخاوف التي قد تنتج عن هذ الاختيار. أضاف: "أثق في أن إقامة مهرجان كروي آمن يمكنه المساهمة في سيادة الاستقرار السياسي بهذه المنطقة". هذه الدهشة.. نابعة من حجم دولة قطر الصغير "مليون نسمة" بالقياس إلي الدول الأربع الأخري التي نافست الملف القطري.. ومن بينها قاراتان استراليا وأمريكا الشمالية كما أن قطر وإن كانت دولة خليجية بترولية. إلا أنها ليست بالقوة الاقتصادية التي تفوق أمريكا واليابان وكوريا واستراليا. وأتصور أن الدهشة الكبري بل والصدمة قد جاءت من إسرائيل التي تحركت علي كل الجبهات لإجهاض الملف القطري في مهده بدعوي أن قطر "الدولة العربية" لن ترحب بالإسرائيليين بأي حال. ولكن القطريين فطنوا لخطورة هذه الدعوة. ورفعوا شعار السلام علي هذا المونديال الذي سيكون بعد 12 عاماً. سوف تشهد حتماً تغيرات سياسية عديدة في المنطقة الساخنة. السؤال الذي يحير الكثيرين.. هو كيف نجح الملف القطري في التفوق علي الملفات الأخري بهذا الفارق؟ الواقع أن دولة قطر بكاملها كانت مجندة لدعم هذا الملف. وبجدية كاملة وبرعاية أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.. وهذا ما لمسته شخصياً عندما حضرت في جوهانسبرج جانباً من بطولة كأس العالم في جنوب أفريقيا. وكان الوفد القطري المروج لهذا الملف كبيراً جداً ويتحرك بوعي وخططية عالية للترويج للملف. كما لعب محمد بن همام عضو اللجنة التنفيذية للفيفا ورئيس الاتحاد الآسيوي دوراً محورياً وهاماً جداً. استطاع به أن يستحوذ سراً علي مساندة رئيس الفيفا جوزيف بلاتر بخطة محكمة.. لأن همام روج بقوة وشراسة لحملة ترشيحه رئيساً للفيفا. استحوذ خلالها علي مساندة كل الدول الخليجية. وكان الهدف من هذه الحملة مساومة بلاتر حتي يقف إلي جانب الملف القطري. ونجحت الخطة بالفعل وأعلن بن همام في جوهانسبرج عدوله عن فكرة منافسة بلاتر علي مقعد رئيس الفيفا.. وطبعاً كانت هناك مساندة علنية من مصر وهاني أبوريدة لقطر. ومساندة أفريقية شبه كاملة من الكاف بدعم من أبوريدة وحياتو.. وباختصار يمكن القول إن قطر أعدت "خلطة سرية" خاصة بها. استخدمتها بذكاء وبحرفية عالية جداً. وما يهمني هنا أن أشير وأوضح للقارئ في مصر. وكل من يهمهم الأمر في الدولة والمجلس القومي للرياضة والاتحادات الرياضية. إلي أن قطر لم تصل إلي هذا الإنجاز. لو لم تكن قد بدأت منذ سنوات نهضة رياضية حقيقية. وانطلاقها في عالم التسويق والترويج الحر والاستثمار. وتحريرها من القيود الحكومية التي لم تعد تناسب التقدم الرياضي. بل تعيقه وتقيده. وهذا درس ليس عيباً أن نستفيد منه جداً