هيئة ضمان الجودة تعتمد 14 مؤسسة تعليمية فى المنيا    عصام خليل: الحوار الوطني يناقش غدا آليات تحويل الدعم العيني لنقدي    وزير التعليم العالي: استراتيجية جديدة لربط البرامج الجامعية باحتياجات سوق العمل    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    آليات تحويل الدعم العينى لنقدى على طاولة مناقشات "الحوار الوطنى".. غدًا    المصرى للشؤون الخارجية: زيارة الرئيس السيسى لبكين تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون    وزير الإسكان يُصدر قراراً بإزالة مخالفات بناء بالساحل الشمالي    بايدن: ترامب «يهدد الديمقراطية».. والآن يمكنكم القبض عليه    نصر الله: نفذنا عملية على بعد أمتار قليلة من موقع إسرائيلي    مرصد الأزهر يدين حادث طعن في مدينة مانهايم الألمانية    فرنسا تلغي مشاركة شركات إسرائيلية في معرض دولي للأسلحة الدفاعية    بقيادة رونالدو.. تشكيل النصر الرسمي أمام الهلال في نهائي كأس الملك    مودريتش: الجميع يعتبرنا الفريق المفضل للتتويج بدوري أبطال أوروبا ولكن    السيطرة على مشاجرة بالأسلحة النارية فى القناطر الخيرية    معجزة من المعجزات.. كيف وصف هشام عاشور زواجه من نيللي كريم؟    سماع دوي انفجارات بمناطق شمال إسرائيل بعد إطلاق 40 صاروخا من جنوب لبنان    جنا عمرو دياب تدعو لمقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل | صورة    علماء الأوقاف: حقوق الفقراء والمساكين في المال لا تقتصر على الزكاة المفروضة    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    إنجاز عالمي جديد.. "الرقابة الصحية" تحصل على الاعتماد الدولي من الجمعية الدولية للرعاية    هل المشمش يرفع الضغط؟    صحة دمياط: ضبط 60 كيلو من سمكة الأرنب السامة قبل وصولها للمواطنين    محمد صبحى يوافق على تجديد تعاقده مع الزمالك    ماذا قال كاكا عن مواجهة ريال مدريد ودورتموند في نهائي أوروبا؟    حصاد وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في أسبوع    تحية لكل من رحل تاركًا صوته خيالاً ومن لا يزال يصافحنا بصوته.. الإذاعة المصرية 90 عامًا من الخيال والمعرفة وصندوق الدنيا وبساط الريح    أحمد آدم: تاني تاني مناسب للأسرة.. وأعتمد فيه على كوميديا الموقف    موعد بدء التقديم لرياض الأطفال وأولى ابتدائي على موقع "التعليم"    بعد علمه بمرضه... انتحار مسن شنقًا بالمرج    نمو الاقتصاد التركي بمعدل 5.7% خلال الربع الأول    21 الف طن قمح رصيد صوامع الغلال بميناء دمياط اليوم    زيزو ليس بينهم.. كاف يعلن عن هدافي الكونفدرالية 2024    وصول جثمان والدة المطرب محمود الليثي إلى مسجد الحصري بأكتوبر "صور"    عمرو الفقي يعلق على برومو "أم الدنيا": مصر مهد الحضارة والأديان    ضمن مبادرة كلنا واحد.. الداخلية توجه قوافل طبية وإنسانية إلى قرى سوهاج    مرة واحدة في العمر.. ما حكم من استطاع الحج ولم يفعل؟ إمام وخطيب المسجد الحرام يُجيب    المفتي: عدم توثيق الأرملة زواجها الجديد لأخذ معاش زوجها المتوفي حرام شرعا    أزهري يوضح الشروط الواجب توافرها في الأضحية (فيديو)    "العاصمة الإدارية" الجديدة تستقبل وفدا من جامعة قرطاج التونسية    بالشماسي والكراسي.. تفعيل خدمة الحجز الإلكتروني لشواطئ الإسكندرية- صور    فرنسا تشهد أسبوع حافلا بالمظاهرات احتجاجا على القصف الإسرائيلى    في اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين.. احذر التبغ يقتل 8 ملايين شخص سنويا    رئيس جامعة قناة السويس يُتابع أعمال تطوير المسجد وملاعب كرة القدم    تفاصيل حكم حبس حسين الشحات "سنة".. قانون الرياضة "السر"    محافظ أسوان يتابع تسليم 30 منزلا بقرية الفؤادية بكوم أمبو بعد إعادة تأهيلهم    وجبة غداء تهدد حياة 8 أشخاص في كرداسة    مصرع وإصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم وحريق سيارة ميكروباص على طريق الدولي الساحلي    «حق الله في المال».. موضوع خطبة الجمعة اليوم في مساجد مصر    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    ميرور البريطانية تكشف عن بديل نونيز في ليفربول حال رحيله    تفاقم أزمة القوى العاملة في جيش الاحتلال الإسرائيلي    كيفية الحفاظ على صحة العين أثناء موجة الحر    تعرف على موعد إجازة عيد الأضحى المُبارك    الأعمال المكروهة والمستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة    البابا تواضروس يستقبل وفدًا رهبانيًّا روسيًّا    الطيران الحربي الإسرائيلي يقصف محيط مسجد في مخيم البريج وسط قطاع غزة    تامر عبد المنعم ينعى والدة وزيرة الثقافة: «كل نفس ذائقة الموت»    منتخب مصر يخوض ثاني تدريباته استعدادًا لمواجهة بوركينا فاسو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
نوادر شيخ الملحنين في ليالي رمضان
نشر في الأخبار يوم 24 - 07 - 2014


عاطف النمر
" من النوادر التي لم تخرج من ذاكرة الشيخ زكريا أحمد طوال حياته، تلك الليلة الملعونة التي قضاها في المقابر وانتهت بمبيته في التخشيبة علي يد عفاريت نجيب الريحاني ! "
السبت:
عشقته مثلما عشقت زمنه الجميل، عايشته علي الورق وكأني أعيش معه في الواقع، ابهرتني الحانه، واسرتني حكاياته ونوادره التي حرضتني علي البدء في كتابة مسلسل تليفزيوني يرصد حياته اخترت له اسم " اهل الهوي "، ظللت اجمع عنه كل ما تطاله يدي من معلومات وحكايات، ثم اخذتني مشاغل اخري، لكنه لم ينصرف من داخلي، لم يغادر اهتماماتي ومازلت مشغولا به، انه عمي وعم عشاق الطرب الاصيل والزمن الجميل شيخ الملحنين زكريا الذي كانت له صولات وجولات قبل ان يخلع الجبة والقفطان في الليالي التي كان يحييها كل رمضان بدعوي من كبار القوم والاثرياء والاعيان بكافة ربوع مصر، احترف الشيخ زكريا تلاوة القرآن الكريم والتواشيح والادعية علي يد أساطين الشيوخ في سن مبكرة جدا، والغريب انه تفوق عليهم جميعا، كان والده الشيخ أحمد ضد ان يكون ابنه منشدا في مهنة لا تؤكل عيش، رغم صداقته لمشاهيرها، فعل المستحيل لإبعاده عنها عندما سرقته من الدراسة بالأزهر الشريف وتسبب في طرده منه، كل مدرسة حكومية وأهلية الحقه بها والده طرد منها ايضا، عناده جعل أبيه يقسو عليه ويضربه بلا هوادة، ترك البيت وهو لا يعرف أين يبيت، كلما زاد الأب في قسوته زاد إصراره علي أن يكون من أهم شيوخ التلاوة والإنشاد والتلحين، رفع والده في نهاية الأمر الراية بعد أن استنفذ معه كل طرق المودة والشدة، سلمه للشيخ درويش الحريري لكي يرعاه فتفوق علي كل مشايخ عصره لما كان يتمتع به من ذكاء وقدرة علي حفظ الأنغام بمجرد سماعها لمرة واحدة، مع الوقت خلع العمة والجبة وارتدي الملابس الافرنجية ليصبح نجما لامعا من نجوم شارع عماد الدين، تتخاطف الفرق ألحانه، وتولد علي يديه حناجر المطربين والمطربات، ومع ذلك ظل في داخله الشيخ المنشد المرتل المقرئ، المحب للمرح، الخبير في صياغة الفكاهة التي جعلته من أظرف ظرفاء عصره، من نوادره الرمضانية التي تنم عما كان يتمتع به من بساطة وعفوية، أنه كان يجلس في محل جروبي الشهير بوسط القاهرة بعد الإفطار مع أصدقائه، طلب فنجانا من القهوة، قبل أن يرتشف منه بسمل قائلا "بسم الله الرحمن الرحيم "، نظر إليه أحد أصدقائه وكان من الذين اغتنوا بعد فقر وأصبح من ركاب السيارات المجنحة بعد السير بلا حذاء قائلا "أنت لسه فقي يا شيخ زكريا؟ "، غضب الشيخ ورد عليه محتدا " يعني عشان ما ربنا سهلك كتير.. ها تنسي اللي خلقك؟ "، ثم تربع علي الكرسي وبدأ في تلاوة القرآن الكريم بصوت مرتفع في "جروبي " الذي كان في هذا الوقت ملتقي الأجانب والخواجات، ليثبت لصاحبه وكل الحضور أنه " لسه فقي بحق وحقيق ! ".
تجديد الأقصي
الأحد:
في عام 1928 جاء متعهد من بلاد الشام ليتعاقد مع الشيخ زكريا لإحياء ليالي رمضان في جولة تشمل يافا والقدس وطرابلس وحيفا وعكا وصيدا ومدن أخري في سورية، ويروي الشيخ أنه تلقي اثناء هذه الرحلة الشاقة دعوة للاحتفال بتجديد المسجد الأقصي، يقول " طلبوا من واحد منا أن يقرأ القرآن وكان في حالة غير طبيعية، وغير متوضئ، بدأ يقرأ قراءة لم تعجبني، لم تكن الآيات التي قرأها مناسبة للمقام والمناسبة، فذهبت حيث يجلس وهمست في أذنه طالبا منه أن يترك المكان فورا ويذهب إلي دورة المياه بحجة أن عنده إسهال، وبدأت أقرأ بعض الآيات المناسبة الكريمة كقوله تعالي "إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر"، وقرأت سورة الكهف كلها، وأذنت لصلاة الجمعة وكنت فعلا في حالة تجل، لم أكن أحس أن في المسجد أناسا، بل كنت كمن يخاطب الله ورسوله "صلي الله عليه وسلم " وكان هذا أعظم وألذ نجاح أحرزته في حياتي ".
كرم الطائي
الإثنين:
نوادر الشيخ زكريا أحمد لا تعد ولا تحصي فعندما رقي صديقه اللواء حسن خالد مديرا لأمن محافظة أسوان في شهر يوليو، بعث له ببرقية تهنئة بالمنصب يقول فيها "تستاهل أكتر من كده"، الأمر الذي جعل اللواء في حيرة من نص البرقية التي لم يعرف منها إن كان الشيخ يهنئه بالترقية أم يتشفي لنقله إلي أسوان في عز الحر!!، ومن اللزمات التي كان يرددها دائما أنه كان يقول " كل من أقابلهم يقولون، علي الطلاق، نفسي حد منهم يقول مرة، علي الجواز!!، وقد رصد لنا الكاتب الصحفي الراحل صبري أبو المجد الكثير من المواقف الفكاهية العفوية في سيرة حياته التي دونها في كتاب عنه، لم يتعمد الشيخ صياغة حياته أو التخطيط لها بالقلم والمسطرة، كان أشبه بالريشة التي تتجاذبها رياح المواقف القدرية،والمواقف الكوميدية التي تفجر الضحك رغم مرارة ما تعرض له في طفولته و شبابه وكهولته، إلا انه كان يتسم بالطيبة ونقاء السريرة والكرم الحاتمي الذي كان البعض يعتبره نوعاً من السذاجة، ففي الكثير من المرات التي كان يعود فيها في وقت متأخر من الليل إلي بيته، كان يشاهد في احد الأزقة سيدة تجلس أمامها "مشنة "فجل وكرات وجرجير، رأسها تميل إلي الأمام والخلف من شدة النعاس، كان في كل مرة يترك ما يجود به في حجرها وينصرف دون أن يزعجها، لكنه في المرة الأخير أوقظها من النوم وسألها عن السبب الذي يجعلها جالسة في الوقت الذي نام فيه كل الناس ولا يوجد من يشتري بضاعتها، فروت له قصة غريبة اضطرته لسؤالها عن ثمن كل ما بالمشنة، دفع لها المبلغ بالكامل وأمرها بأن تنصرف لكي تنام في حضن أولادها اليتامي،وحمل المشنة علي كتفه عائدا إلي بيته،ما إن فتحت له زوجته الباب حتي صرخت في وجهه عما فعلته المياه المتساقطة من المشنة ببذلته "الرندجوت" الفاخرة، فأخبرها بالقصة كاملة، فتعجبت من تصرفه قائلة "أعطيتها ثمن البضاعة، أكثر الله من خيراتك، لماذا أحضرت المشنة ولم تتركها لها؟ ! "، قال الشيخ في عجب " لو تركت لها المشنة لن تتحرك من مكانها ولن تذهب لأولادها اليتامي ! ! "، فقالت زوجته "وماذا سنفعل بكل هذا الجرجير والكرات والفجل؟ "، قال وهو يخلع ملابسه " وزعيه هدية علي الجيران"، في مساء اليوم التالي قابله احد جيرانه يشكره علي هدية الجرجير والفجل وهو يقول له "هو ده من عزبة حضرتك؟ "، ضحك الشيخ وهو يقول "أيوه يا سيدي من العزبة اللي أنا زارعها فوق السطوح ! ! ".
الشاعر والكلب
الثلاثاء:
من نوادره التي رواها " الحاتي " الذي كان يتردد عليه كل ليلة بالسيدة زينب، مؤكدا أن الشيخ كان يتمتع بكرم شديد يفوق الوصف، لدرجة أن ما كان في جيبه لم يكن له بل للناس الغلابة الذين يلتقي بهم في الطريق، والشحاذن الذين كانوا يطوفون حول المحل طلبا للمعونة، فكان يغدق عليهم بما يخرج من جيبه، ولكن أشد ما أدهش الحاتي أن هناك شاعرا شعبيا يأتي في صحبته كلما جاء الشيخ للعشاء، طلب الشاعر أن يصدر الشيخ أوامره للحاتي بأن يقدم له ما يطلب في حال عدم وجود الشيخ في الليالي التي يكون مشغولا فيها ولا يتناول عشاءه بالمطعم،لكن الشيخ رفض الطلب خشية أن يأتي الشاعرفي غيابه بكل من هب ودب ليطلب لهم ما يشاء ويتظاهر بأنه "الفنجري" الذي ينفق عليهم فيتراكم الحساب عليه، في مرة تالية كان الشيخ يتعشي بصحبته نفس الشاعر، فجأة ظهر كلب من تلك التي تعودت علي المكان، كان الشيخ في كل مرة يقدم ربع ما هو موجود في طبقه لهذا الكلب، حتي أن الكلب حفظ الشيخ الذي ما أن يحط في المحل حتي يظهر الكلب، قال الحاتي للشيخ" تصدق يا أستاذ، هذا الكلب لا يقترب من المحل ولا يدخله بكل هذه الجرأة إلا عندما تكون موجودا به، وكأنه يشتم رائحتك فيأتي عليها "، ضحك الشيخ قائلا " كلب وفي.. عليك أن تقدم له ربع كفتة علي حسابي كل يوم حتي ولو لم أكن موجودا ! ! "، بهت الشاعر وهو يقول " معقول يا شيخ.. تفضل علي الكلب.. لقد طلبت منك نفس الطلب ورفضت"، بكل جدية قال الشيخ زكريا " أنت إنسان لك لسان تعبر به عن جوعك، أما هو فكلب لا ينطق إلا بالهوهوة التي لا يستطيع أحد ترجمتها لمعرفة إن كان شبعاناً أو جوعاناً.. ثم ده كلب كبر وعجز وزمان كلاب المنطقة الصغيرين في السن مش سايبين له حاجة ولا مخليينه يتهني علي لقمة.. أفهم بقي ! ! ".
ليلة عفاريتي ! !
الأربعاء:
من النوادر التي لم تخرج من ذاكرة الشيخ زكريا طوال حياته، تلك الليلة الملعونة التي قضاها في المقابر وانتهت بمبيته في تخشيبة قسم الشرطة بسبب عفاريت نجيب الريحاني، يقول الشيخ أنه وضع أجمل الحانه لسيدة الغناء أم كلثوم في فصل الصيف بالاسكندرية التي كان يرافقه بها صديقه بيرم التونسي، لكنه في صيف 1937 اضطر إلي قضاء الصيف بالقاهرة عندما كلفه الريحاني بتلحين استعراضات مسرحية جديدة له، انتهي الشيخ من تلحين كل الاستعراضات التي كتبها بديع خيري باستثناء استعراض واحد استعصي عليه، رفض الريحاني أن يغادر الشيخ القاهرة إلي الإسكندرية إلا اذا انتهي من وضع اللحن، كان الاستعراض يتحدث عن "الجن والعفاريت " والشيخ لم يري في حياته عفاريت أو جنا حتي يأتيه الإلهام لتصوير الاستعراض لحنيا، عندما ضاقت به سبل الفرار من الرقابة الشديدة التي يفرضها عليه بديع خيري والريحاني، اقترح عليه أحد أصدقائه أن يأخذ العود ويذهب إلي "مقابر الغفير" بعد منتصف الليل، هناك سوف يوحي له الجو الموحش بالصورة اللحنية التي يريدها، عمل الشيخ بالنصيحة، كلما اشتد الظلام بالمقابر تملك منه الخوف، من هذا الرعب استلهم المقدمة اللحنية للاستعراض، لكنه فوجئ بشرطي يلقي القبض عليه بتهمة سرقة أكفان الموتي والأسنان الذهبية التي كان يدفن بها الباشوات،كانت الشرطة في هذا التوقيت تشدد المراقبة علي المدافن بعد تعدد البلاغات التي تلقتها بهذه السرقات، حاول الشيخ أن يفهم الشرطي أنه زكريا أحمد الملحن المعروف، وأنه جاء إلي المقابر من أجل أن يركبه الفزع والرعب ليستلهم اللحن الذي يبحث عنه، لم يكن الشرطي يعرف الشيخ ويبدو أنه لم يسمع به ولم يستمع لأغانيه،وأصر الشرطي علي اصطحابه إلي القسم، في فجر نفس الليلة تعرف الضابط علي الشيخ زكريا ودهش من الملابس الغريبة التي كان يرتديها، شرح له الشيخ القصة كاملة وهو يلعن تلك الليلة، ويلعن الشرطي الذي قطع عليه الإلهام، أمر الضابط بتوصيله إلي منزله بسيارة الشرطة التي ركبها وهو يواصل اللعنات علي مسرحية الريحاني والعفاريت والجن التي جعلته يري ليلة صيفية سوداء لم يري مثلها في حياته ! !
كذبة أبريل
الخميس:
من المفارقات الكوميدية في حياته، ذلك "المقلب " الذي دبر له بعد انتهائه من تلحين أوبريت "دولة الحظ "لفرقة علي الكسار، في يوم الافتتاح حضر إليه شخص من إدارة المسرح يخبره أن هناك سيدة تنتظره بالخارج تود رؤيته لأمر هام، نترك الشيخ يروي بقية القصة فيقول "ذهبت إلي حيث تنتظر السيدة فوجدت عند باب المسرح عربة مطعمة يجرها جوادان وقبل أن أدنو منها، أصلحت دون وعي من" عمامتي وقفطاني " ثم انحنيت نصف انحناءة ومددت يدي إلي السيدة فراعني أن أري يدا بضة تمتد إلي وتسلم علي وهي ترسم علي وجهها ابتسامة خلابة تحولت إلي ضحكة عندما لاحظت ارتباكي قائلة" أهلا بالأستاذ العظيم.. أنا سعيدة جدا لرؤيتك "،أجبتها وأنا أجتهد في مداراة ما أحس به من خجل قائلا " هل من خدمة يا سيدتي؟ ! "، قهقهت قهقهة سلبت البقية الباقية من عقلي وهي تقول " يا أستاذ أتفضل معايا وأنا أقص عليك ما أريد ! "، حاول الشيخ معرفة السيدة التي تشبه في صوتها صوت سيدة يعرفها، لم يفق إلا علي يدها التي تجذبه ليركب إلي جوارها وهي تقول له " مالك خايف كده ليه، ما تخافش، أركب "، لم يدر الشيخ بنفسه إلا وهو داخل العربة إلي جوار السيدة الغريبة التي أمرت الحوذي بالانطلاق بأقصي سرعة وظلت طوال الطريق تروي حكايات مسلية،لم ينبث الشيخ ببنت شفة، كان ذهنه مشغولا بمن تكون هذه السيدة؟ وماذا تريد منه؟ وإلي أين هي ذاهبة به؟ ولما اختطفته من أمام المسرح بهذه الطريقة التي أفقدته إرادته علي الرفض أو الاعتذار؟، لم يفق إلا عندما توقف "الحنطور" أمام منزل تبدو عليه الفخامة بحي حدائق القبة، نترك للشيخ سرد بقية الحكاية فيقول " بدأت أشعر بحرج كبير، كيف أدخل منزلا لم تطأه قدماي من قبل،لكن السيدة تأبطت ذراعي فتعقبتها وأنا صامت، وما أن احتوتنا غرفة الاستقبال حتي طلبت مني أن أنتظر ريثما تبدل ملابسها، عادت وهي ترتدي فستانا زادها جمالا، جلست بجواري وراحت تتفكه في الحديث، كلما زادت من مداعبتها لي شعرت بالخوف، خاصة عندما اقتربت مني حتي كادت تلتصق بي، وبينما نحن كذلك، إذ بثلاثة رجال أشداء يدخلون علينا، فتملكني رعب شديد وارتجفت لهول المفاجأة، فأخذت أحملق في وجوههم عندما قال لها أحدهم " ضبطتك يا خائنة أنت وذلك الوغد، وسأريكما عقوبة انتهاك حرمة بيتي وشرفي " ثم ألتفت إلي زميله وهو يقول "يا عثمان بك، أرجوك أن تبلغ البوليس حالا، لقد جاءت الساعة التي كنت أنتظرها لأظهر للملأ ما عليه زوجتي من خسة ونذالة "، ثم ألتفت إلي قائلا "أما أنت أيها الرجل فجزاؤك عندي شديد وستري بعينيك الآن ما سوف أفعله بك، لن تخرج من هذا البيت حيا "، أحس الشيخ بالدموع تجري في عينيه، ظل ينظر للمرأة التي جاءت به إلي حتفه، أخذ يفكر ماذا سيفعل لو علمت أسرته بالقصة؟، كيف ستكون الفضيحة لو وصل الأمر إلي البوليس؟، أخيرا تشجع وهو يقول للرجل " أنا لم أفهم السبب الذي من أجله توجه لي مثل هذا الكلام، تلك السيدة حضرت للمسرح طالبة مني أن أرافقها لأنها تنوي إقامة سهرة غنائية وبما أني رجل موسيقي فقد أجبتها إلي طلبها وجئت معها"، قهقه الرجل ساخرا " ما شاء الله تريد أن تدفع التهمة عن نفسك، خير لك أن توجه هذا الكلام للبوليس"، وهنا دخل الرجل الذي كان قد خرج لإبلاغ الشرطة وبصحبته ضباط قبض علي كتف الشيخ قائلا " أستاذ معمم وتنتهك حرمة المنزل في هذا الوقت المتأخر من الليل، ليلتك سوداء يا سيدنا الشيخ، بيبنا يا خفيف علي القسم "، الضحك مما زاد من ارتباك الشيخ، فقال "كيف لهذه السيدة أن تضحك وهي شريكتي في الجريمة؟ "، خلع الضابط ملابسه فتبين أنه صديقه الفنان حسن لاشين، وبدأ الشيخ يفهم الملعوب الذي دخل عليه، فقد كان هذا اليوم هو أول شهر إبريل، ويقول الشيخ " ضحكت من فرط غباوتي والمقلب السخيف الذي شربته ونشف دمي عندما كنت أفكر في أنني سوف أقضي ليلتي في التخشيبة بقسم الشرطة ! ".

خماسيات:
لو فتحت قلب مصري اي مصري
راح تلاقي جوه دمه النيل بيجري
جوه شريان جرجس وابن محيي
بس الغريبة لسه فينا مين يقول:
انت شيعي وانت سني وانت قبطي
عجبي!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.