تؤكد الشواهد والتوقعات أن هناك حالة كساد وانحصار سيشهدها الموسم الدرامي العام القادم.. بعد حالة التوهج واللمعان التي ألقت بظلالها علي الشاشات والفضائيات من حيث عدد الأعمال التي خرجت للنور العام الماضي والتي تجاوز عددها 56 مسلسلا واقتربت ميزانيات إنتاجها من حاجز المليار جنيه.. وإذا كانت الآراء قد اتفقت علي أن هناك بالفعل حالة كساد سيشهدها الموسم الدرامي القادم.. إلا أنها اختلفت حول الأسباب.. بعضها أرجع ذلك إلي القرار الذي أصدره أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون بوقف المشاركة في الإنتاج الدرامي باستثناء عمل واحد هو »فرقة ناجي عطا الله« لعادل إمام.. والبعض الآخر أجمع علي أن الارتفاع الجنوني في أجور النجوم أصاب الدراما في مقتل ولا عزاء للمشاهدين!! ليظل السؤال مطروحاً: من الجاني وراء اغتيال الدراما؟! المنتج صفوت غطاس الذي يشارك هذا العام بمسلسل »فرقة ناجي عطا الله« لعادل إمام، يؤكد أن الرواج الذي شهده العام الماضي يرجع إلي قيام المهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون بشراء معظم الأعمال المنتجة مما أنقذ المنتجين من خسائر فادحة.. وهو ما لم يفعله هذا العام وبالتالي تراجع الإنتاج لن يكون له مكان في التليفزيون المصري أو الخليجي بصفة عامة، وأوضح أن تقلص عدد الأعمال هو أمر طبيعي ومنطقي من المنتجين خوفاً من الخسارة، وهذه ظاهرة إيجابية حتي تتخلص الدراما من الأعمال التافهة وتكون الساحة للأعمال الجيدة فقط. المنتج محمد شعبان الذي يشارك هذا العام بثلاثة أعمال هي: »سمارة« لغادة عبدالرازق ولوسي، و»قضية وزيرة« لإلهام شاهين ومصطفي فهمي، و»بين الشوطين« لنور الشريف. فقد أكد أن ما حدث من تخبط العام الماضي جعل معظم المنتجين في حالة انتظار وترقب، كما أن قرارات أسامة الشيخ أثرت علي العملية الإنتاجية بشكل كبير لأن كثيرا من المنتجين الجدد والصغار كانوا يعتمدون علي أموال الاتحاد بشكل كبير في إظهار أعمالهم للنور، أما الآن فالأمر اختلف حيث أصبح للاتحاد سياسة واضحة وصارمة للتعامل مع الأعمال المباشرة أو التي يتم إنتاجها بالمشاركة مع القطاع الخاص. أما المنتج أحمد الجابري الذي قدم العام الماضي مسلسل »شيخ العرب همام« و»بيت الباشا« فلم يحسم أمره بشأن الأعمال التي يقوم بإنتاجها فقد أوضح أن الأعمال التي ستري النور هي التي ستطلبها القنوات، أما الأعمال التي لا تجد سوقاً لتسويقها فلن يتم تنفيذها. وأشار إلي أن عدد الأعمال في الأعوام السابقة كان كبيراً جداً، ومعظمها لم يسوق وهذا الدرس استوعبه جيداً المنتجون هذا العام. ويقول المخرج محمد فاضل الذي قدم مسلسل »السائرون نياماً«: إن سبب قلة الأعمال هذا العام، يرجع إلي ارتباط العملية التسويقية بالمحطات المصرية والعربية فقط دون التفكير في فتح أسواق جديدة في الدول الإسلامية أو الافريقية مثلما فعلت الدراما التركية. وطالب بضرورة إيجاد حلول تسويقية أخري تغطي إنتاجنا الكثيف من أجل الحفاظ علي صناعتنا الدرامية. أما عمر عبدالعزيز مخرج مسلسل »امرأة في ورطة« والذي يعد حالياً لمسلسل »بين الشوطين« لنور الشريف فقد أوضح أن ما حدث في السينما يشهده التليفزيون حالياً حيث إنه لا يوجد هذا العام مكان لأعمال الصغار، خاصة بعد اتجاه نجوم السينما للتليفزيون، فمن الطبيعي أن تتهافت علي أعمالهم كل المحطات وكل شركات الإعلانات مما يفوت الفرصة علي الأعمال الصغيرة التي لن تلتفت إليها المحطات، كما أن حالة التخبط التي حدثت العام الماضي، وقرارات أسامة الشيخ الأخيرة الخاصة بشراء الأعمال التليفزيونية أجبر الكثير من شركات الإنتاج علي عدم خوض العملية الإنتاجية هذا العام. ويقول الكاتب محمد صفاء عامر الذي يستعد للماراثون الرمضاني بمسلسل »ميراث الدم« لحسن يوسف وطلعت زكريا إخراج محمد حلمي: هناك عوامل مجتمعة أدت إلي تقلص عدد الأعمال منها ارتفاع أسعار النجوم ومشكلات التسويق وقرارات المهندس أسامة الشيخ، لذلك تقلص الإنتاج بشكل كبير والأعمال الجادة والجيدة هي التي ستري النور علي عكس الأعوام الماضية، وهذه ظاهرة إيجابية للقضاء علي حالة التخمة وتخلص الدراما من العمل الزائد عليها من أعمال تافهة. ومن جانبه أوضح الكاتب يسري الجندي الذي قدم العام الماضي مسلسل »سقوط الخلافة« وله في الطريق مسلسلا »همس الجذور« و»شجر الدر« أن هناك عدة ملابسات وعوامل لن أخوض فيها، ولكن المهم النتيجة التي نستخلصها من هذه الظاهرة، فمازلنا في بداية الموسم وبإمكاننا أن تكون الأعمال الجيدة والمتميزة هي التي تعرف طريقها للنور وألا نهدر أموالاً في أعمال لا قيمة لها، حتي تستوي المعادلة التي تؤكد أن أعمالاً قليلة مع جودة يساوي تسويقا جيدا. أما إذا كان الاتجاه مجرد تقليص الأعمال مع عدم انتقائها فالنتيجة لن تكون في صالح الدراما. أما الفنان عزت العلايلي الذي شارك في بطولة مسلسل »الجماعة« و»موعد مع الوحوش« واعتذر هذا العام عن مسلسل »سمارة« يقول: هناك بالفعل تقلص كبير في عدد الأعمال الدرامية هذا العام وهذا يهدد بشدة صناعة الدراما والقائمين عليها، ولا يمكن أن ننظر إلي المشكلة من زاوية الممثلين فقط ولكن العاملين وراء الكاميرا فمعني أن يقل الإنتاج بمقدار 03 مسلسلاً فهذا يعني أن هناك 06 ألفاً من العاملين لن يجدوا عملاً، ولذلك لابد أن نفكر في صناعة الدراما ككل، كما أن كثرة الأعمال تتيح للمشاهد فرصة اختيار ما يناسبه دون أن يحصر نفسه في دائرة أعمال مرغم علي مشاهدتها!!