محمد عبدالحافظ يحكي أن ملكا اختص وزيرا ليكون ذراعه اليمني ومستشاره وصاحبه، لانه دائما كان ذا بصيرة، وحكمة، واخلاص في العمل والنصيحة، وحرص الملك علي أن يكون وزيره الاول معه في كل مكان.. وفي كل وقت. وكان الملك يأخذ علي وزيره كلمة لعله خير، التي يذيل بها كل جملة يقولها، ويعلق بها علي كل فعل يقع سواء لقي هذا الفعل استحسان الاخرين او انتقادهم. وحاول الملك ان يثني وزيره عن ترديد هذه المقولة، الا انه ابي، قائلا: هذه قناعتي في التعامل مع الدنيا وما فيها وما عليها وما يجري بها. فرضي الملك بالامر الواقع الي ان جاء يوم كان الملك ووزيره يحضران حفلة سمر، وتناول الملك تفاحة وهم أن يقطعها بالسكين،، فقطع اصبعه، وسالت الدماء من كف الملك وسط ذهول الحاضرين، الذين تكالبوا عليه وهم يرددون «سلامة جلالتك». ويزيدون «اليوم باين من أوله»، «ده نذير شؤم».. واخذ الوزير الاول يقول ويكرر «لعله خير.. لعله خير».. فقال له الملك: تقول ان قطع اصبعي خير.. فامر الحراس ان يأخذوه ويحبسوه في زنزانة القلعة.. فما كان من الوزير الا ان قال «لعله خير». ومرت الايام والاسابيع الي ان اتم الوزير في السجن عامين كاملين وكلما سأل الملك عنه، يقول الحراس أنه يردد دائما مقولته «لعله خير». وذات يوم خرج الملك في رحلة صيد، فأسرته قبيلة تعبد النار، وذهبوا به إلي كبيرهم الذي أمر ان يجعله قربانا للنار، وقبل أن يرموه في النار.. قال لهم كاهنهم انه «معيوب» وبه اصبح ناقص، ولا يمكن أن نقدم قربانا به عيب حتي ولو كان ملكا.. فاطلقوا سراحه، فعاد الي بلده وقبل ان يدخل قصره امر باطلاق سراح «الوزير».. واعتذر له قائلا: فهمت لعله خير التي قلتها وقت بتر اصبعي، فماذا عن لعله خير اثناء وجودك في السجن.. قال له: ربما لو كنت معك، لاصبحت انا قربان النار.