«العصا الغليظة» فى معركة التنمية والعدالة الاجتماعية    "الصحفيين" تكرم أعضاءها من حملة الماجستير والدكتوراه    بالعروض الفنية، مدارس القليوبية تحتفل بالمتحف المصري الكبير (صور)    الأكاديمية «الصحفية» لمكافحة الفساد    البورصة المصرية تستهل تعاملات الخميس بارتفاع جماعي    سؤال برلماني حول تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية    سعر كرتونه البيض الأبيض والأحمر اليوم الخميس 30اكتوبر فى بورصة الدواجن في المنيا    الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بضوابط لسرعة حسم شكاوى العملاء    مع بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. موعد صلاة الجمعة غدًا    محافظ الفيوم يتابع معدلات الآداء بمشروعات «حياة كريمة»    الصين تُعلّق القيود على المعادن النادرة لمدة عام    جيش الاحتلال يزعم: حزب الله استخدم مبنى بليدا لتنفيذ أنشطته    وزير الخارجية يتلقي اتصالين هاتفيين من كبير مستشاري الرئيس الأمريكي ووكيل السكرتير العام للأمم المتحدة حول تطورات الأوضاع في السودان    غارات إسرائيلية عنيفة على منطقتي الجرمق والمحمودية جنوب لبنان    قرعة كأس الرابطة الإنجليزية.. مواجهات قوية لآرسنال ومانشستر سيتي    التشكيل المتوقع للزمالك في لقاء البنك الأهلي    شوبير: جمهور الزمالك ومنتخب الشباب ظلموا محمد السيد    توروب يوافق على رحيل أشرف داري في يناير المقبل    الحبس عامين لتشكيل عصابي بتهمة سرقة الشقق السكنية بالنزهة    بالأسماء.. إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة ملاكي بأسوان    بالتزامن مع أولى جلسات محاكمة البلوجر "أم مكة".. اعترافات المتهمة أمام النيابة: قبل الفسيخ كنت شغالة في البيوت.. أرباحي من الفيسبوك تصل ل مليون جنيه شهريا في المواسم    مقتل عنصر خطير فى أسيوط وضبط مخدرات بقيمة 102 مليون جنيه    «معلومات الوزراء»: المتحف المصري الكبير بوابة مصر إلى حضارة المستقبل    بالملابس الفرعونية وكلمات الفخر.. نجوم الفن يحتفلون ب«المتحف المصري الكبير»    نعاه نجوم الفن.. من هو المصور ماجد هلال؟    سنوات الحرب على «القطط السمان»!    طريقة عمل الفراخ المحشية بالأرز والخلطة فى خطوات بسيطة    الصحة تكشف الخطة الطبية لتأمين احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    السيسى يوافق على اتفاق تمويل دراسة جدوى امتداد الخط الأول لمترو القاهرة    الصحة النفسية والجسدية: علاقة لا يمكن فصلها    أسعار الحديد اليوم الخميس 30-10-2025 في أسواق محافظة قنا    3 من أسرة واحدة.. تشييع ضحايا حادث سقوط سيارة بترعة في القليوبية    مفتي الجمهورية: المتحف الكبير يجسد عراقة وريادة الحضارة المصرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة قنا    السجن المشدد 10 سنوات لعاطلين لسرقة شاب بالإكراه وحيازة سلاح أبيض بالنزهة    ارتفاع ضحايا إعصار ميليسا إلى 50 قتيلًا.. الكاريبى يغرق فى الدمار والعزلة.. فيديو    محمود أبو الدهب يفتح النار على خط دفاع الأهلي: الأسوأ في تاريخ النادي    السجن المشدد وغرامة 10 ملايين جنيه عقوبة بيع الآثار خارج مصر    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    طوربيد نووى يهدد السواحل العالمية.. ماذا تعرف عن السلاح الروسى بوسيدون    إلزام صاحب العمل بإنشاء حضانة أو تحمل تكاليفها.. أهم مكتسبات المرأة العاملة بالقانون الجديد    "تعاطي المخدرات والاضطرابات النفسية".. التفاصيل الكاملة لإشعال كهربائي شقته بالفيوم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 30اكتوبر 2025فى محافظة المنيا...تعرف عليها بدقه.    صبري فواز يدعو لاستخدام مصطلح «المصريين القدماء» بدلًا من «الفراعنة»    متحدث رئاسة الوزراء: أكثر من 40 رئيسًا يحضرون افتتاح المتحف المصري الكبير    طريقة استخراج جواز سفر مصري 2025.. التفاصيل كاملة    إعلام فلسطيني: تجدد غارات إسرائيل على خان يونس جنوبي غزة    بالشراكة مع عدة جامعات.. صيدلة المنيا ضمن مشروع بحثى ممول من الاتحاد الأوروبي    «الهيئة العامة للرقابة الصحية» تختتم برنامج تأهيل المنيا للانضمام للتأمين الصحي الشامل    بايرن ميونخ يسحق كولن برباعية ويتأهل بثقة إلى ثمن نهائي كأس ألمانيا    نبيل فهمي: سعيد بخطة وقف إطلاق النار في غزة.. وغير متفائل بتنفيذها    موناكو يقلب الطاولة على نانت في مهرجان أهداف في الدوري الفرنسي    فاهمة الحياة كويس.. أهم 3 أبراج حكيمة وعاقلة ترى ما بعد الحدث    التحفظ على جثة المصور كيرلس صلاح بمستشفى القنطرة شرق العام ب الإسماعيلية    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد عيادات التأمين الصحي بالعريش    إنتر ميلان يستفيق من كبوة نابولي بفوز كبير على فيورنتينا    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خير بإذن الله
نشر في نهضة مصر يوم 01 - 06 - 2006

في زمن قديم قبل أن يظهر التاريخ إلي الوجود،كان هناك مستشار لأحد الملوك يتسم بالحكمة ويؤمن إيمانا عميقا بقوة وعظمة طاقة الخير الأسمي في الدنيا وداخل قلوب البشر. هذا الإيمان القوي بطاقة الخير أعطاه القدرة علي مواجهة الكوارث والأخطار بقلب ثابت وأعصاب هادئة فكانت الجملة الوحيدة التي يرددها تعليقا علي كارثة ما هي: خير.. خير بإذن الله.
هذه النظرة الفلسفية العميقة غير المفهومة كانت تضايق الملك وتشعره بالغضب في أحيان كثيرة من هذا الوزير المستشار الذي لا يري في المصائب سوي الخير. وذات مرة حدث أن أصيب الملك في إحدي المبارزات بجرح في إصبعه وأهمل علاج الجرح فتلوث ودبت فيه الغرغرينا فقرر الأطباء قطع إصبعه إنقاذا لحياته. شعر الملك بالفجيعة غير أن مستشاره قال له في لطف: خير يا مولاي.. خير بإذن الله.
لم تكن اللحظة مناسبة لهذه الجملة فصرخ فيه الملك: أي خير علي وجه الأرض يأتي من قطع إصبعي أيها المستشار المخرف.. ألن تكف عن هذا العبط.. إبعدوا عني هذا العجوز المخرف.. ضعوه في السجن.
هجم عليه رجال الحرس واقتادوه إلي السجن بينما هو يغمغم: خير.. خير بإذن الله.
فصرخ فيه الملك وقد أوشك علي الجنون: ها توه.. تعال يا راجل انت.. هل أنت واع لما تقول.. أنت ذاهب إلي السجن الآن لتقضي فيه ما بقي من عمرك.. أي خير تراه في ذلك؟
أجاب المستشار: لا أعرف يا مولاي.. لا أحد يعرف الخير إلا بعد أن يتجسد أمامه واضحا علي الأرض.. وحتي في هذه الحالة هناك من يعجز عن رؤيته.. ما أعرفه فقط هو إني علي يقين من أن الخير قادم لا محالة.. هو بداخلي يا مولاي.. ولابد أنه يحيط بي أيضا.
إجابته أشعرت الملك بنوبة أخري من الجنون فصرخ في حراسه: خدوه.. وما يخرجش من السجن لأي سبب.
ومرت أعوام وذات مرة خرج الملك في رحلة صيد وقنص مع مجموعة صغيرة من حاشيته فابتعد عنهم وفقد طريقه إليهم وتاه في الغابة المظلمة، وفجأة طلعت عليه جماعة من قبيلة مازالت تمارس عادة التضحية بالبشر إرضاء لآلهتهم، فقرروا أن يكون هو القربان المنتظر. وقبل أن يذبحوه علي الهيكل أمام الآلهة كان لابد لهم أن يعرضوه علي كهنتهم ليقروا بصلاحيته قربانا. خلع عنه الكهنة ثيابه لمعاينته جزءا جزءا وعضوا عضوا فاكتشفوا للوهلة الأولي غياب أحد أصابعه، هو إذن جسم بشري ناقص والتضحية به تمثل عملية غش للآلهة لا شك أنه سيغضبها أشد الغضب فأفرجوا عنه وأعطوه حصانا وطعاما وقربة ماء فغادر أرض القبيلة غير مصدق بنجاته.
بمجرد دخوله من بوابة القصر أحاط به رجاله وقد استولت عليهم فرحة عظمي فصاح فيهم: ها تولي الراجل المستشار بتاعي من السجن.
فأفرجوا عن الرجل وجاءوا به إلي القصر فرحب به الملك وهش في وجهه وبش وحكي له ما حدث له ثم قال له: الآن فقط أدركت ما في قطع إصبعي من خير وهو ما كان من المستحيل علي أن أتصوره قبل ذلك.. ولكن اسمح لي أن أستفسر منك عن أمر لا أفهمه.. عند دخولك السجن قلت، خير.. خير.. ما هو الخير الذي تحقق لك من وضعك في السجن؟
فأجاب المستشار في هدوء ورقة: الا تراه يا مولاي.. لقد حماني من الموت، فوظيفتي هي أن أكون إلي جوارك كل الوقت، أن ألازمك كظلك.. بالتأكيد كانت هذه القبيلة المتوحشة ستقبض علينا معا.. وبعد أن يكتشفوا أن جسمك ينقصه شئ من المؤكد أنهم كانوا سيتخذون مني قربانا بدلا منك.
هذه الحكاية التي لا أعتقد أن أحدا دونها من قبل، قصها علي صديقي عبد الرحمن وهو مثقف غير محترف يعمل في تجارة الأسماك في سوق التوفيقية وهأنذا أقوم بتسجيلها علي الورق بعد أن تعلمت منها الكثير. ومن هذا الكثير الذي تعلمته، أن طاقة الإيمان بالخير الأسمي داخل البشر، تمكنهم من مقاومة الشر وتحفظ عليهم صحتهم الجسدية والنفسية وتبعد عنهم الإحساس بالتعاسة. يا لعبقرية اللاوعي الجمعي الذي أبدع هذه الحكاية ويا لقدرته الفنية العالية علي رسم الشخصية وخلق الموقف وصنع الفعل ثم تحويله في تكثيف وتركيز شديدين إلي مشاهد كل منها يؤدي إلي الآخر في نعومة وحتمية ليصل بالحكاية إلي تأكيد مقولة يهدف إليها وهي حتمية إيمان الإنسان بالخير الأسمي، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك كما يقول المتصوفة.
وإذا كان الهدف من الفلسفة هو الوصول إلي الحكمة فلابد أن أعلي مراتبها هو البحث عن أفضل السبل لإطلاق طاقة الخير الكامنة داخل البشر لتشع في الدنيا جاعلة منها مكانا أفضل لسكني البشر.
هؤلاء الذين يتصورون أن الحياة ليست سوي سوبر ماركت كبير امتلأت رفوفه بالشرور هم أكثر الناس تعاسة علي الأرض، والتعاسة شرط لازم لتحقق الشر غير أنه من حسن حظنا جميعا أن هناك قوانين في هذا الكون أقوي بكثير من تلك التي نقوم نحن بصنعها، ومن هذه القوانين أن المكر السيئ خلاصة الشر لا يحيق إلا بأهله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.