ما الفرق بين الانتخابات التي تشهدها الاندية الرياضية هذه الايام.. وبين الانتخابات التي تدعو اليها الاحزاب السياسية.. لاختيار السيدات والسادة اعضاء مجالسنا النيابية الموقرة؟ الفرق بين الاثنين.. اننا اعتدنا طوال عقود مضت ان يدعونا حكامنا.. ويستخدمون كل وسيلة لمناشدتنا للذهاب لصناديق التصويت.. ولايذهب أحد! الناس تغض الطرف عن هذه الدعوة.. وتعتبر يوم الانتخابات.. هو يوم اجازة.. اضافية.. اليوم الذي يقضيه المواطن بين اهله وعياله.. ولايفكر في النزول من سريره إلي الشارع.. لانتخاب اناس.. لم يخالطهم من قبل.. ولن يخالطهم من بعد.. انه ينام ويرتاح.. وهو يدرك من التجارب الطويلة السابقة ان صوته.. لاقيمة له..وسواء ادلي بصوته.. أو ظل في سريره.. فإن رجال الحكومة.. ناجحون. ناجحون!.. والذين تتصدر صورهم الصفحات الاولي من الصحف السيارة.. قبل الانتخابات..هم انفسهم.. بدمهم.. ولحمهم.. الذين ستتصدر صورهم الصفحات الاولي بكرة.. وبعد بكرة.. وبعد بعده ورموز الفساد.. في عقود طويلة سابقة.. لايتغيرون.. لا.. الانتخابات ستغير الحال.. ولا الادلاء بالاصوات وحكامنا.. لايهمهم اصوات الاحياء.. إذ كانت تكفيهم اصوات الأموات.. الاموات يخرجون من دفاتر الاحياء والمحليات والمحافظات.. ويدلون بأصواتهم.. التي توضع في صناديق خشبية مغلقة.. لاتعرف عفاريت سيدنا سليمان.. ما بداخلها في انتخابات الاندية الرياضية يحدث العكس الأغلبية الساحقة من اعضاء الاندية الرياضية يشاركون في انتخابات الاندية.. ولايشارك فيها الاموات.. والقضايا المطروحة قضايا حقيقية.. والنقاش نقاش حقيقي.. وأنت تعطي صوتك لوجوه تعرفها.. وتقدم لك نفسها. بأدب جم.. ومعها برامجها.. وافكارها للاصلاح.. وانت تحتسي القهوة الساخنة جالسا في اجواء تحوطها الالفة.. ورفع الكلفة.. والذين يتقدمون لانتخابات الاندية الرياضية يقومون بهذا الجهد.. من باب التطوع.. والخدمة العامة.. من اجل راحة الاعضاء واسعادهم.. وليس من اجل تحقيق المكاسب.. والمغانم.. والمرشح الناجح هو الذي تشعر في الحديث معه بالسعادة.. والمواطن السعيد هو المواطن المنتج.. المبدع.. هو المواطن الذي يبني ولايهدم.. هو المواطن الذي يضحي من اجل اشاعة السعادة من حوله الاندية الرياضية تنجح في إثارة اهتمام الناس.. بالانتخابات.. والاحزاب السياسية.. لسنوات طويلة.. فشلت في إثارة اهتمام الناس بالانتخابات.. وبالتالي فإن شعبية الاندية الرياضية تفوق شعبية الاحزاب.. بمراحل النادي الاهلي له شعبية.. ونادي الزمالك له شعبية.. ونادي هليوبوليس له شعبية.. وكذلك نادي الشمس.. والمقاولون العرب.. الخ.. لسبب واحد بسيط.. هو ان الانتخابات التي تشهدها انتخابات حقيقية.. يدلي فيها الاحياء بأصواتهم.. ولامكان فيها لاصوات الاموات.. علاوة علي ان عملية الادلاء بالاصوات تسعدهم.. وهم يمارسون الديمقراطية الحقيقية.. وتشارك فيها الاغلبية الساحقة من الاعضاء في هذه الأيام تجري المعركة الانتخابية بنادي هليوبوليس الرياضي.. لانتخاب الرئيس واعضاء مجلس الادارة.. البعض منهم فوق ال35 سنة والبعض الاخر تحت ال35 سنة.. بينهم عضوتان هما بريهان منصف نور الدين.. وهايدي عارف.. ويبلغ عدد اعضاء النادي 142 الف عضو.. وتصل نسبة المشاركة لنحو 20٪ وهي نسبة لاتبلغها الانتخابات السياسية معركة الرئاسة تجري بين الرئيس الحالي هارون التوني وينافسه محمد المنشاوي رئيس الاسكواش السابق.. علاوة علي المنافسة بين اعضاء مجلس الادارة الذين يتنافسون من اجل الخدمة العامة والعمل التطوعي.. وهو ما نفتقده في الانتخابات التي تجري خارج اسوار الاندية الرياضية. وتسودها المشاهد العبثية علي حد تعبيرالدكتور مأمون فندي في انتخابات نادي هليوبوليس.. لم يعقد احد المرشحين مؤتمرا صحفيا.. يعلن فيه انسحابه من المنافسة.. في الوقت الذي لم يدخل فيه المعركة الانتخابية.. اصلا.. وبالتالي فإنه خرج.. دون ان يدخل.. في مشهد عبثي اشبه بمسرحية توفيق الحكيم «ياطالع الشجرة» المأخوذة من الاغنية العبثية التراثية «ياطالع الشجرة.. هاتلي معاك بقرة تحلبة وتستقيني بالمعلقة الصيني»..ويقول الدكتور فندي.. ان البقر ليس علي الشجر.. وانما يمشي علي الارض.. وان من معجزات الزمان ان يطلع البقر علي الشجر.. ولايسقي صاحبه بالملاعق المستوردة من الصين في الانتخابات التي ستجري في نادي هليوبوليس يوم السبت القادم.. لم تطل علينا مثل هذه المشاهد العبثية.. ولم يخرج علينا سامي عنان علي خشبة المسرح الانتخابي يعلن انسحابه من السباق.. قبل ان يدخل ولذلك نقول ان انتخابات الاندية الرياضية.. هي النموذج.. الذي يقدم لنا العديد من الدروس المستفادة التي يتعين ان نتأملها.. ونحن نخوص الانتخابات العامة.. في نادي هليوبوليس يقف هارون التوني.. الذي قدم سلسلة طويلة من الخدمات منذ ان كان نائبا لرئيس مجلس الادارة السابق.. وحتي انتخابه بأغلبية كبيرة في انتخابات الرئاسة السابقة.. معلنا ترشحه.. وخلفه انجازات يلمسها الاعضاء.. علي الارض.. في المجالات الرياضية والانشطة الثقافية والاجتماعية.. وتحقيق الانضباط الذي ساهم في توفير الامن والامان لكل اسرة.. داخل النادي.. وفي محيطه ومع ذلك فقد تضمن برنامجه الانتخابي العديد من المشروعات التي يعد بانجازها خلال المرحلة القادمة.. بالتعاون مع اعضاء مجلس الادارة الجديد اختصار الكلام.. نحن امام العديد من التجارب التي تقدمها انتخابات الاندية الرياضية.. باعتبارها الحاضنة للثقافة السياسية في بلدنا.. التي قد تساعدنا في الخروج من مسرح العبث الذي نعيشه منذ عقود طويلة انتخابات الاندية الرياضية.. هي مدرسة الديمقراطية