عبدالحمىد عىسى خطف الشنط ليس ظاهرة جديدة ولكنها انتشرت وزادت في ظل حالة الانفلات الامني الذي اعقب ثورة يناير وأدي الي سقوط الشرطة، فعملية الخطف ليست هي الوسيلة الوحيدة التي انتشرت، لكنها ضمن عدة اساليب اتخذها البلطجية لاشباع غريزتهم لكن في النهاية يبقي حق المواطن في العيش بأمان وكرامة حتي لا تتطور ويصل الي مالا يحمد عقباه. مازال المواطن رغم قيام ثورة التصحيح في 03 يونيو يطالب شرطة الكنبة بالخروج الي الشارع بدلا من الجلوس في المكاتب، ولكن لا حياة لمن تنادي، اما اذا كان هذا الجزء من الشرطة يحتاج الي شرح دقيق لما يحدث فربما لم يصلها طريقة الخطف فهي للعلم تتم من خلال شابين يستقلان الموتوسيكل احدهما السائق والثاني يركب خلف السائق لتنفيذ العملية، يظل الاثنان يراقبان الضحية من بعيد وما ان يجدا انه قد حان وقت تنفيذ العملية، ينطلق الموتوسيكل تجاه الضحية ناشبا الراكب الخلفي اظافره في حزام الشنطة فإما ان تنجح نصف العملية ويفوز بالحزام واما ان تنجح بامتياز ويفوز بالشنطة واما ان تفشل ويتشبث صاحب الشنطة بالحزام وينال الجرجرة وتكسير العظام، اظن هذا شرح واف للعملية، وممكن اضيف ان الموتوسيكل بدون لوحات والعيال لابسين تي شيرتات. اما اذا كنتم تريدون تفاصيل اكثر اسألوا العشرات الذين تعرضوا لهذا الحادث في شارع ربيع الجيزي الرئيسي والمنطقة المحصورة بين محكمة الجيزة وساقية مكي، فلم يكتفوا بخطف الشنط من السيدات والرجال ولكن الامر تطور فوصل الي الاطفال واسألوا »عمر« الذي رأيته بنفسي وهو يحمل شنطة والده ووقف في هذا الشارع وبينما والده منهمك في اصلاح سيارته مع الميكانيكي وفي لحظات صرخ »عمر« وهو يتهاوي علي الارض ولم نر سوي خيال للموتوسيكل النفاثة، وكل ما وقع عليه بصرنا تشبث عمر بشنطة والده التي لا تحوي سوي بعض الاوراق وسط تصفيق الحاضرين لينهض »عمر« في خيلاء والحمد لله وكأنه تصدي لضربة جزاء.. شكا عمر من بعض آلام في الظهر فاحتضنه الواقفون وهم يرددون »الحمد لله.. قدر.. ولطف«. حضن الأفعي لابد أن نفخر أننا شعب عريق صاحب حضارة وقيم، ومن حق كل من ينتسب إلي مصر أو يزورها مجرد زيارة أن يشعر بالفخر ويتمني لو احتضنه ترابها، فهذا هو قدر مصر الرائدة علي مر العصور وتوالي الأزمان، فكانت دائما مقبرة للغزاة وحضنا للأصدقاء، وبيتا للشقيق الذي يقف معها في الشدة، فليس كثيرا عليها أن تنجب شعبا رائدا تشبثت مصر في عروقه وأصبح التخلص منها ضربا من المستحيل إلا من أصابه مرض العقوق اللعين الذي يلوث الدماء ويجعل حامله يأتي بأفعال هستيرية ضد من أنجبته ليطاوعه جسده ويرتمي في حضن مريض لا يسع إلا أمثاله. حضن تلوث بالحقد والكراهية فأعطي لأمثاله الشرعية حين استدعي كل عاق علي أرضه ويتمني لو كبر حجمه الصغير لينفث بقية سمومه التي مازالت راكدة تحت مياه مالحة تكاد تحيطه من جميع الجهات. مصر الحضارة، النيل، الأهرامات، مصر الأزهر ستظل واقفة صامدة بأبنائها المخلصين مهما تربص المتربصون وخانها الكاذبون ونهش في جسدها المسعورون. خانة الزبالة مازالت خانة الزبالة تتشبث بايصال الكهرباء وتأبي الانفصال عنه إلا عن طريق المأذون الذي مازلنا نبحث عنه في محافظة الجيزة من جنوبها إلي شمالها وسط ذهول دافعي ايصالات »كهروزبالا« الذين هم أنفسهم من يحملون أكياس القمامة في سياراتهم وعلي أكتافهم لالقائها بجوار أول كيس أسود وقع حظه المهبب في هذا المكان، بعد أن اختفت الصناديق وأصبح كوم الزبالة ملاذا لكل مخنوق وسط دعوات بأن لهم حق التظاهر السلمي حاملين الأكياس السوداء تعبيرا عن امتلاء »قاعدة« القمامة ووصولها إلي القمة واسترداد قيمة كل ما دفعوه ويدفعوه إلي هذه اللحظة بأثر رجعي من بداية أول كيس تم حمله ووضعه علي اخواته في الطريق العام.