أكبر دليل على الخيبة.. أن الحكومة مازالت تدرس مسألة فسخ عقود شركات النظافة الأجنبية.. الحكومة تخشى فسخ العقود من الباب للطاق.. حتى لا تلجأ الشركات الأجنبية للتحكيم الدولى فتخسر الدولة مبالغ طائلة والعقود التى وقعتها الحكومة فيها شروط جزائية متعسفة لا تعرف كيف وقعتها الحكومة. ومن سقاها حاجة أصفرا حتى تتعاقد مع هذه الشركات أصلا! والحكاية بصراحة فيها رائحة زفارة.. ومن هو المسئول بالضبط عن توقيع العقود أصلا مع شركات مشبوهة.. ونقول مشبوهة لأن هذه الشركات لم تقم بعملها من الأصل.. بدليل ما تراه بالصوت والصورة فى جميع شوارع مصر.. وتلال القمامة تنافس الأبراج السكنية فى الارتفاع.. والروائح النفاذة تنافس عطور الشبراويشى شخصيا.. ونسأل فيقولون ذلك أن الشركات الأجنبية هى التى تتولى النظافة.. ومن الذى سمح لها.. ولماذا استغنينا عن الكناس بالمقشة والبدلة الصفرا.. والملاحظ أبوعجلة ميرى فى يده دفتر المخالفات يحرر مخالفة للكناس الكسلان!
استغنينا عن الكناس اليدوى الذى يدور على الشقق السكنية يجمع الزبالة ويحولها إلى المقالب العمومية خارج المدينة.. واعتمدنا على الخواجة.. فإذا بالزبالة تتحول إلى أحد معالم مصر الجديدة!
وإذا كانت الشركات الأجنبية تهددنا بالتحكيم الدولى.. فلماذا لا نمارس شغلنا ونفتش عليها.. ونسألها عن حجم الاستثمارات التي ضختها وحجم السيارات الأتوماتيكية لجمع الزبالة وشفط الأتربة.. وعدد ماكينات الكنس الكهربائية فى الشوارع.. والقاهرة لا تقل عن باريس ولندن، ومن حقها أن تنعم بالتكنولوجيا الحديثة فى نظافة شوارعها.. وأقطع ذراعى أن العقود الموقعة مع الشركات الأجنبية تتضمن هذه البنود.. لكنها تمارس الطناش فى ظل غياب الرقابة التى لو مارسناها لوقعنا غرامات موجعة على تلك الشركات التى التزمت باستيراد مصانع لتدوير الزبالة، لكنها لم تفعل اعتمادا على أن معظم أصحاب هذه الشركات الخواجاية هى شركات مملوكة لعدد من اللواءات السابقين الذين يتمتعون بالحماية من أصحاب النفوذ.. أصحاب نظرية فتح عينك تاكل ملبن..!
المصريون الآن يا سادة.. يعيشون جنبا إلى جنب مع أكوام القمامة التى تصيب الإنسان بنحو 42 مرضا.. وأكياس الزبالة تتكوم بمداخل العاصمة.. شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.. والخيبة أنك لا تعرف من المسئول بالضبط عن حالة التخلف البيئى التى نعيشها.. فهل هو مثلا البيه المحافظ.. أم الباشا الوزير.. ولا تعرف المسئول عن تراكم أكوام الزبالة فى كل مكان.. وحتى فى الأماكن المميزة والمتميزة.. والمعادى ليس أحسن من المواردى.. وطريق القطامية حيث جميع الخواجات والبهوات يستخدمونه للوصول للعين السخنة أو الغردقة.. تحول لمقلب زبالة.. ويقولون إن محافظة القاهرة سمحت باستخدام مقلب زبالة عمومى بالمنطقة بعد إزالة المقالب القديمة بالدويقة والفسطاط.. وأن الزبالين سعداء فرحانين لأنهم قد اختصروا الطريق.. فيفرغون زبالتهم فى الطريق السياحى سابقا!
إن البيئة ليست شعارا.. وكام تصريح فى الجورنال لزوم التصوير والدعاية.. لكنها سلوك وعلم وتكنولوجيا.. ومقياس تطور وتحضر الأمم يقاس بأسلوب تعاملها مع الزبالة والمخلفات.. وفى بلاد برة يتم تدوير الزبالة أكثر من مرة.. بغرض إعادة استخدامها.. ويفخرون هناك بإعادة التدوير.. حيث يعاد استخدام الورق والبلاستيك والأخشاب والمعادن.. ويكتبون على المنتج بوضوح أنه مصنوع من الزبالة.
ووالله العظيم.. إن محلات أوروبا تقيم التماثيل الجميلة من مخلفات الزبالة.. وهى المخلفات التى تستخدم مرة واثنتين وثلاثة وعشرة قبل إعدامها.. لأن الإعدام المبكر للزبالة هو إهدار لثروة ضخمة تدر ذهبا لمن يملك تكنولوجيا التعامل معها.. عندنا الحال يختلف ولاتزال الحكومة تدرس مسألة فسخ عقود شركات النظافة الأجنبية التى لم تقم بعملها أصلا.. لا فى جمع الزبالة.. أو إعادة تدويرها.