القومي لذوي الإعاقة يطلق أول منصة للفنون الدامجة في الشرق الأوسط    تطبيق نظام الإختبارات الإلكترونية في الامتحانات بجامعة العريش    خلال زيارته بالبحيرة.. رئيس الوزراء يتفقد قافلة خدمية لمواطني زاوية صقر في أبوالمطامير    انفجار في مجمع لصناعة الآلات بمحافظة لرستان غرب إيران    الضربة الإسرائيلية لإيران.. طهران تواجه صدمة استخباراتية عقب اغتيال قاداتها العسكريين.. انهيار شبه كامل لمنظومة الدفاع الجوي    كأس العالم للأندية.. غيابات إنتر ميامي في مواجهة الأهلي    الزمالك يجهز الدفعة الأخيرة من قيمة صفقة الجفالي لإرسالها للاتحاد المنستيري    تعليم البحيرة ترفع حالة الطوارئ إلى الدرجة القصوى استعدادا لامتحانات الثانوية العامة    أيمن بهجت قمر عن إيرادات فيلم ريستارت: 60 مليونًا في 15 يوم عرض    فنانو المسرح يودعون المخرج سعيد عزام: «ربنا يعوضك في آخرتك عن دنياك»    معهد القلب ينجح في إجراء قسطرة عاجلة لإنقاذ رضيع عمره 5 أيام فقط    باستخدام المنظار.. استئصال جذري لكلى مريض مصاب بورم خبيث في مستشفى المبرة بالمحلة    بعد الضربات الإسرائيلية على إيران.. سعر الذهب اليوم في مصر يعود للارتفاع بمنتصف تعاملات اليوم "عالميا تجاوز 3400 دولار"    مواطن لرئيس الوزراء: "بنتي اتعمت".. ومدبولي: "هنعمل اللازم فورًا"    إزالة 654 حالة ضمن الموجة ال26 لإزالة التعديات ببنى سويف    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    القبض على شخص أطلق النيران على زوجتة بسبب رفضها العودة اليه بالمنيا    نقيب المحامين يفتتح مقر اللجنة النقابية لمحامي الحمام والعلمين    تفاصيل احتفالية تخرج طلاب مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها    تأجيل محاكمة " أنوسة كوتة" فى قضية سيرك طنطا إلى جلسة يوم 21 من الشهر الحالي    غدا..بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    إجرام واستعلاء.. حزب النور يستنكر الهجمات الإسرائيلية على إيران    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    تحذير لطلاب الثانوية العامة: تجنبوا مشروبات السهر والتركيز لهذه الأسباب    ضبط 3 عاطلين وسيدة بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    وزير الري يؤكد توفير الاحتياجات المائية بمرونة خلال ذروة الصيف    محافظ الشرقية يقرر عودة سوق اليوم الواحد بمراكز ومدن المحافظة    جوليانو سيميوني: جاهزون لمواجهة باريس سان جيرمان    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: مستشفيات تل أبيب استقبلت عشرات المصابين    إليسا وآدم على موعد مع جمهور لبنان 12 يوليو المقبل    الإثنين.. العربي للطفولة يسلم الفائزين بجوائز "الملك عبد العزيز للبحوث العلمية"    "الحياة اليوم" يناقش آثار وتداعيات الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران    «التخطيط» تعقد غداً مؤتمر «التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص.. النمو الاقتصادي والتشغيل»    وزير التموين: توافر كامل للسلع الأساسية ومدد الكفاية تفوق 6 أشهر    الضربات الإسرائيلية على إيران ترفع أسعار استخدام ناقلات النفط    استعراض خطير على الطريق الدائري بالقاهرة.. والشرطة تتمكن من ضبط السائق    خاص| سلوى محمد علي: سميحة أيوب أيقونة فنية كبيرة    ريال مدريد يحصن مدافعه الشاب راؤول أسينسيو بعقد حتى 2031    السلع الغذائية العالمية تقفز بعد صراع إسرائيل وإيران ومخاوف من أزمة إمدادات    عمليات جراحية دقيقة تنقذ حياة طفلة وشاب بالدقهلية    مدرب إنتر ميامي يراهن على تأثير ميسي أمام الأهلي    «عمال الجيزة»: اتفاقية الحماية من المخاطر البيولوجية مكسب تاريخي    الطبيب الألماني يخطر أحمد حمدي بهذا الأمر    اليوم.. الحكم على متهمة بالانضمام لجماعة إرهابية بالهرم    أهالي يلاحقونه بتهمة خطيرة.. الأمن ينقذ أستاذ جامعة قبل الفتك به في الفيوم    الأهلي بزيه التقليدي أمام إنتر ميامي في افتتاح مونديال الأندية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 14-6-2025 في محافظة قنا    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    شديد الحرارة.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس حتى الخميس 19 يونيو    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    إعلام عبري: سقوط 4 صواريخ فى دان جوش والنقب والشفيلا    إعلام عبرى: ارتفاع عدد المصابين إلى 7 أشخاص جراء الهجوم الإيرانى    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشركات والزبالون والحكومة ضد التدوير
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 09 - 2009

جامعو القمامة التقليديون أصبحوا تاريخا بعد دخول شركات النظافة على الخط، لكنهم انتظروا خارج الملعب حتى تحين فرصة العودة كما حدث مؤخرا، واتهموا الشركات بالعجز عن أداء دورها، لأن المسألة هى «الاستفادة من الزبالة، وليس مجرد نقلها من مكان إلى آخر»، كما يقول المتعهدون.
أما الشركات فتتهم الحكومة والزبالين بسرقتها وإهدار استثماراتها، وانتهى الأمر بإضراب وخلافات، كان نتيجتها المباشرة هذه التلال من القمامة، فى كل شوارع العاصمة.
1 الزبالون: الشركات الأجنبية تنافسنا فى أرزاقنا
الحكومة والشركات تجاهلوا دور الزبال التقليدى، ثم لجأوا إليه مرغمين
«اللى بيخلينا نشيل الزبالة مش الزبالة نفسها، إنما البلاستيك والكانز اللى بنلمه ونبيعه»، يقول متعهد جمع قمامة رفض ذكر اسمه المتعهد يعمل فى جمع القمامة بمحافظة الجيزة منذ أكثر من 25 سنة. قبل عام 2003، كان يقوم بجمع القمامة من شوارع رئيسية بحى المهندسين، من جامعة الدول العربية وشارع شهاب وشارع جزيرة العرب. «المناطق دى أهلها مستريحين، بيشربوا كانز كتير وأزايز مايه معدنية»، يقول المتعهد. الأمر الذى كان يشكل له مصدر رزق كبير بعد فرز البلاستيك والمعادن من القمامة وبيعها لورش التدوير الصغيرة المنتشرة فى أرض اللواء ومنشية ناصر. إضافة إلى ما يحصل عليه من السكان مقابل جمع القمامة، واعتماده على فضلات الطعام فى القمامة لتغذية الخنازير، قبل قرار ذبحها.
«بعد ما جات الشركة الإيطالية فى 2003 اضطريت أسيب الحتة كلها، وبدأت اشتغل مع الفنادق أو ألم زبالة من مناطق فقيرة زى إمبابة وبولاق»، يقول المتعهد، مهاجما الشركة الدولية للخدمات البيئية IES، المعروفة باسم الشركة الإيطالية للنظافة. وهى الشركة المسئولة بموجب عقد مع المحافظة عن جمع القمامة والقيام بجميع أعمال التنظيف فى الدقى والعجوزة والمهندسين، كما أنها تشارك فى إدارة شركة إيطالية أخرى هى «أما العرب» المسئولة عن نظافة شمال وغرب القاهرة.
ولأن الاستفادة من القمامة، وليس جمعها، هو مصدر الرزق الأساسى للزبالين، توقع المتعهد منذ البداية فشل الشركات فى القيام بمهمتها. «زبال الشركة بياخد 300 جنيه مقابل لم الزبالة، أما أنا كنت باكسب مش أقل من 1500 جنيه من فرزها وبيعها». لذلك فالمتعهدون التقليديون أكثر حرصا على تأدية مهمتهم، فى حين أن الزبال الذى لا يستفيد من القمامة ويحصل على راتب قليل، فلا يوجد ما يدفعه لأن يجتهد فى عمله، هذه وجهة نظر أصحاب المهنة. «الزبال منهم مش هايتعب نفسه ويطلع الشقق، ممكن بس يكنس الشوارع علشان يمد إيده ويشحت»، يقول المتعهد.
سبب رفض المتعهد ذكر اسمه، يرجع لأنه الآن من المتعاونين مع الشركة الإيطالية رغم أنه يتمنى توقف نشاطها ورحيلها عن مصر. «لما الشركة فشلت إنها تنضف، اضطرت إنها ترجع لنا تانى وتطلب مساعدتنا، ولولانا كانت الشركة وقعت من زمان». عمليا، تتفق الشركة مع متعهدى القمامة الأصليين من الباطن على جمع القمامة وتوصيلها إلى مدفن شبرمنت مقابل مبلغ مالى.
«الإدارة المركزية لنظافة القاهرة توسطت بينا وبين الشركات الأجنبية عشان نشتغل معاهم»، يقول شحاتة المقدس نقيب الزبالين، مؤكدا أن سبب ذلك هو فشل الشركات الأجنبية فى جمع القمامة من البيوت. الشركة اضطرت لدفع 8 جنيهات للزبالين التقليديين عن كل شقة يقومون بجمع قمامتها.
يشرح المقدس بداية الأزمة، قائلا إن تنظيف الشوارع كان مسئولية عمال وكناسى البلدية، «والعمال دول بدأوا ينقرضوا، لأن رواتبهم ضعيفة جدا». هذا كان سببا رئيسيا، من وجهة نظره، فى لجوء الحكومة للشركات الأجنبية. «الحكومة قالتلك اضرب عصفورين بحجر واحد»، يقول المقدس، «الشركة الأجنبية تجيب زبالة البيوت والشوارع والمبالغ اللى تتحصل من البيوت أصرفها على الشركة الأجنبية وأبقى أنا كدا نضفت الشارع ببلاش». فى البداية، قررت الشركات أن تقوم بجميع أعمال النظافة اعتمادا على عمالتها الخاصة، دون اللجوء للزبال أو كناس الشارع.
ومن هنا جاء الفشل وفقا لتحليل المقدس. الشركات والحكومة تجاهلوا دور الزبال التقليدى، فكان مصير خططهم الفشل. «الشركات دى غير قادرة على القيام بدورها لأن عندها معدات، لكن لا تمتلك الأيدى العاملة»، يقول المقدس، شارحا أن المعدات الحديثة للشركات كانت من المستحيل أن تستبدل خبرة الزبالين الذين توارثوا مهنتهم عبر الأجيال. «إحنا اللى عندنا المناعة، وجسمنا سد منيع زى خط بارليف، فنقدر نتعامل مع القمامة».
وطبقا لنقيب الزبالين، وجدت الشركات نفسها فى مأزق. فمن ناحية هى لا تستطيع أن تجد الأيدى العاملة لجمع القمامة بإخلاص. «الشباب مش حيقبل على المهنة دى حتى لو اديته 1000 جنيه»، يقول المقدس، مفسرا أن مهنة الزبال ينظر إليها كمهنة لا تقل عن أهمية عن مهنة الطب والهندسة فى الدول الأوروبية، فى حين يأنف غالبية المصريين من العمل فيها.
ومن ناحية أخرى، لم يكن الزبالون التقليدون مقبلين على العمل مع الشركات الأجنبية. «إحنا رجال أعمال ومبنتأجرش»، يقول المقدس، «إيه اللى يخلينى أسيب شغل ملكى واشتغل عند غيرى؟».
وصل الأمر فى النهاية لطريق مسدود، فالحكومة مرتبطة بشروط جزائية تمنعها من فسخ عقودها مع الشركات، فى حين أن هذه الأخيرة قد استثمرت الملايين فى شراء المعدات وتريد تعويض خسائرها وتحقيق أرباح. والزبال يعمل بشكل مستقل غير عابئ بالاثنين. « مسئولين النظافة مفكروش فينا ومفكروش إنهم ميقدروش ينجحوا من غيرنا»، يقول المقدس، «ولو حاولت الشركات دى إنها تاخد الزبالة ليها بس، الزبالين حيقاتلوا عليها لأن ده أكل عيشهم».
2 الشركة الإيطالية: الحكومة لم تحمِ استثماراتنا
مشروعات التدوير معلقة حتى نحصل على مستحقاتنا
«كان عندنا مشروع لعمل مصنع حديث لفرز القمامة وتدوير البلاستيك»، يقول إسلام حجازى، المدير التنفيذى للشركة الدولية للخدمات البيئية. العقد المبرم بين محافظة الجيزة والشركة الدولية ينص على أن الشركة تمتلك القمامة التى تقوم بجمعها، ما يعنى أن للشركة الحق فى فرز القمامة وتدويرها كجزء أساسى من مكسبها. «لكن أنا كنت باتسرق رسمى من الحكومة، وباتسرق بعد كده من الزبالين»، يقول إسلام.
مسئول الشركة ينفى أن يكون قرار التعاون مع الزبالين كان اختيارا للشركات. «المحافظة هى اللى قالتلنا نأجر زبالين من الباطن لأسباب اجتماعية عشان ده رزقهم، وأسباب أمنية علشان ميحصلش فتنة طائفية»، يقول إسلام.. كان هذا أحد أسباب الخسائر المادية للشركة، كما يقول. فإذا امتنع الزبالون عن جمع القمامة أو جمعوها فى وقت متأخر وأدى ذلك لتراكم القمامة، فمن حق المحافظة فرض غرامة على الشركة جزاء تقصيرها.
«أنا كنت بحاسب المتعهدين من الباطن زى زبالين الشركة بالظبط، لكن لما يقصروا فى عملهم، مش من حقى أحاسبهم وباضطر أدفع الغرامات لأن المحافظة ملهاش دعوة».
رغم ذلك، فإن الزبالين، طبقا لإسلام، مارسوا أنشطتهم القديمة فى الفرز لحسابهم الخاص بعيدا عن الشركة. «الزبالين كانوا بيسرقونى، الزبالة كانت بتيجى المقلب مفروزة»، وهذه واحدة من أساليب عديدة مارسها الزبالون لمحاربة الشركة، طبقا لإسلام.
«ده غير أن الأغطية الحديد بتاعة سلل الزبالة كانت بتتسرق وتتسيح». وفى الأماكن التى قررت الشركة جمع القمامة منها دون الاستعانة بمتعهدين من الباطن، «كان الزبالين بيلفوا على أماكن تجمع الزبالة ويلموا البلاستيك وكل حاجة غالية قبل مواعيد عربيات الشركة»، يقول إسلام مؤكدا أن المحافظة لم تبذل أى جهد فى حماية استثمارات الشركة من الزبالين العشوائيين المنافسين للشركة.
«كنا عارفين إن الزبالين والفريزة حيلموا البلاستيك والصفيح من الزبالة لحسابهم»، يقول إسلام «وكنا متوقعين فى دراسة الجدوى سرقة 20% من المخلفات». لكن النسبة تجاوزت ما توقعته الشركة بكثير. النتيجة أن الكميات المفروزة من البلاستيك والصفيح كانت «كميات صغيرة جدا ماتحققش أى ربح».، فاكتفت الشركة ببيعها لشركات البلاستيك أو ورش إعادة التدوير، دون أمل فى تنفيذ مشروع للتدوير.
« مصانع تدوير المخلفات العضوية
كانت متهالكة ومتنفعش»
ينص البند الخامس من العقد على أن يتم تسليم الشركة مصنعين فى منطقة أبورواش لتحويل المخلفات العضوية إلى سماد طبيعى. وتوضح الجداول البيانية فى العقد أن تكلفة صيانة وتشغيل مراكز المعالجة وأجور عمالها تبلغ مليونى و393 ألف جنيه سنويا.
«مصنع منهم موديل 86 والتانى موديل 90»، هذا ما يقوله إسلام عن حالة المصانع التى تسلمتها الشركة من الحكومة، «وبنعملهم اصلاح من وقت ماستلمناهم لحد دلوقتى». إضافة لتهالك حالة المصانع، فإن الزبالين العشوائيين كانوا منافسين للشركة فى الحصول على المخلفات العضوية. «الزبالين كانوا بيراضوا أصحاب محلات الأكل 100 أو 200 جنيه، مقابل إنهم يلموا الزبالة قبل مواعيد وصول عربيات الشركة»، يقول إسلام. ذلك وقت كان الزبالون يستخدمون فضلات المطاعم فى تسمين الخنازير قبل قرار ذبحها.
يفرض العقد على الشركة أن تقوم بتدوير 80 طنا يوميا، «ورغم أن المصانع قديمة ومستحيل تعمل الكمية دى، كانت المحافظة بتفرض علينا غرامات لأننا لم ندور الكمية المطلوبة».
الشركات تقول إنها تكبدت خسائر مهولة وإن مشاكلها مع الحكومة لا تنتهى». «مشاكلنا مع المحافظة بدأت من أول تطبيق العقد فى 2003. من أول مابدأنا، مخدناش أرض للدفن الصحى»، يقول إسلام عن ما يصفه بأولى مخالفات المحافظة للعقد. ينص البند الخامس بالعقد على تخصيص 100 فدان داخل المدفن الصحى بشبرامنت بالجيزة لكى تستخدمه الشركة فى فرز القمامة ودفنها وإنشاء محرقة للمخلفات الصحية.
«لما جينا نبنى المحرقة، ليقينا إن فيه نزاع على قطعة الأرض دى بين المحافظة وهيئة الآثار»، يقول إسلام. اضطرت الشركة أن تستمر فى دفن المخلفات بمقلب شبرامنت دون تجهيزه، «وده مدفن غير صحى وغير آمن» طبقا لإسلام، فما هو إلا قطعة أرض أعلى جبل يتم رمى القمامة فيها ودفنها بالعربات الكاسحة وغير مجهز بخلايا خرسانية وفخارية تمنع اختلاط إفرازات القمامة بالمياه الجوفية، ويشهد العديد من الحرائق المتكررة.
إضافة إلى ذلك تقوم محافظة الجيزة بتأجير مساحات من مقلب شبرمنت إلى متعهد قمامة مقابل 90 ألف جنيه شهريا، طبقا لمستأجر سابق رفض ذكر اسمه.
يقوم المستأجر بفرز القمامة وبيعها. هذا النظام قلل من قدرة الشركة على القيام بعملية الفرز بشكل يحقق لها أى ربح معقول من القمامة التى تجمعها. «لكن وعود أحمد نصار، رئيس هيئة النظافة والتجميل بالجيزة، بحل المشكلة، خلتنا نكمل شغل بالطريقة دى مؤقتا». ولم يتم إصلاح الوضع حتى الآن. «رغم كده، المحافظة كانت بتغرمنا مقابل عدم حرق المخلفات الصحية، ومقابل عدم الدفن الصحى، طب أدفن صحى إزاى وأنا معنديش أرض؟»، يتساءل إسلام بعصبية شديد.
«تعسف الحكومة فى الغرامات كان غير عادى
والخسائر أجلت مشروعات التدوير لأجل غير مسمى»
يقول عمرو عبدالمجيد، مدير الحسابات بالشركة الدولية للخدمات البيئية. غرامات تفرضها المحافظة على الشركة عقابا لها على عدم القيام بتدوير المخلفات العضوية، وعدم دفن المخلفات بمدفن صحى، وعدم حرق المخلفات الصحية فى محرقة خاصة بالشركة. «وصل الأمر لدرجة إن أحيانا كانت قيمة الغرامات أكبر من قيمة الفاتورة». ففى 2004، كانت الشركة تحصل مليون جنيه شهريا من المحافظة، وفى خلال 3 أشهر كانت الشركة تدفع غرامة قدرها 4 ملايين ونصف المليون جنيه، أى أن الشركة تخسر كل مكسبها وتدفع فوق ذلك مليونا ونصف المليون.
ويؤكد عمرو أن الشركة تمر بضائقة مالية كبيرة نتيجة لخسارتها أكثر من 25 مليون جنيه منذ عام 2007 بسبب ما وصفه بالغرامات التعسفية والتقديرات المبالغ فيها من الضرائب والتأمينات.
ويقول «معنديش فلوس أصلح بيها المعدات وأعمل صيانة، أجيب فلوسى الأول وبعد كدة أفكر فى موضوع التدوير».
«ليس من مصلحتنا ولا من مصلحة
الحكومة فسخ العقد»
يعلنها مسئول الشركة الذى يؤكد أن الشركة رأسمالها 50 مليون جنيه، أنفقتها فى شراء المعدات اللازمة لإدارة المشروع.
كانت محافظة الجيزة أعلنت أنها عازمة على فسخ عقدها مع الشركة الدولية المسئولة عن نظافة شمال المحافظة، تحديدا أحياء الدقى والعجوزة وإمبابة، والتى تعاقدت معها فى مناقصة أوائل 2003. النسبة المصرية من الشركة تصل إلى 35% . وجاء اتجاه المحافظة لفسخ العقد مع الشركة كرد فعل على «الإهمال الجسيم» للشركة وعدم قيامها بأعمالها مما أدى لتراكم القمامة بشوارع الجيزة، على حد قول د.مصطفى الخطيب، رئيس المجلس الشعبى المحلى لمحافظة الجيزة فى تصريح سابق ل«الشروق».
وينبه عمرو إلى أن من ضمن المساهمين فى رأسمال الشركة الدولية للخدمات البيئية شركات حكومية إيطالية، مثل شركة جيزينو GESENU. ويرى عمرو أن التفكير فى فسخ العقد معناه إفشال استثمارات حكومية إيطالية فى مصر، وهو ما قد يؤثر على صورة مصر ليس فى إيطاليا فقط، بل فى الاتحاد الأوروبى كله.
«طب ليه تخسر بلد زى إيطاليا عندها إمكانيات تستثمر فى مصر؟» يتساءل عمرو.
ويختتم عمرو كلامه قائلا إن القرض الذى حصلت عليه الشركة من المحافظة مؤخرا، وقيمته مليونا جنيه، هو حل مؤقت جاء تحت ضغط أزمة انتشار القمامة فى شوارع الجيزة، وأن الشركة تستخدم هذه الأموال فى صيانة المعدات وتأجير أوناش ومعدات لرفع أطنان القمامة التى تراكمت على مر الأسابيع الأخيرة.
لكن المشاكل الأصلية مع المحافظة مازالت قائمة. «سمعنا كلام عن أن المحافظة هاتحل المشاكل بإنها هتخصص مدفن صحى للشركة فى الواحات، لكن لحد دلوقتى الكلام ده متأكدش». وأكد عمرو أنه يثق فى قدرة الشركة على الحصول على حقوقها المادية من خلال 9 دعاوى قضائية رفعتها الشركة ضد المحافظة ومنظورة الآن أمام القضاء. وهى دعاوى تطالب المحافظة بأكثر من 50 مليون جنيه قيمة ما وصفته الشركة بغرامات تعسفية وضرائب وقيم تأمينات مبالغ فيها.
3 الحكومة: التعاقد مع الشركات الأجنبية كان خطأ
الشركات لا يهمها سوى الربح فقط
لو رجع الزمن 6 سنوات إلى الوراء ما كانت الهيئة لتُقدم على خطوة التعاقد مع شركات النظافة الأجنبية لتولى مهام جمع القمامة ونظافة الشوارع فى القاهرة هذا ما يعلنه اليوم المهندس نبيل إسماعيل على، رئيس الإدارة المركزية للنظافة بالهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة. وهو يعتقد أن هيئة النظافة بإمكانيتها المحدودة كان يمكن أن تحقق نتائج أفضل.
يقول المسئول بالهيئة إن من أسباب فشل شركات النظافة سعيها فى المقام الأول إلى الربح قبل تأدية الخدمة، وعدم قيامها بدراسات كافية وحديثة عن الواقع المصرى والمناطق التى يقومون بالعمل بها لمعرفة احتياجات هذه المناطق، فضلا عن عدم وجود فرق إشراف مُدربة للعمل بعد رفض كثير من العاملين بالهيئة الحصول على إجازات للعمل مع هذه الشركات.
السبب الثانى للفشل فى رأى نبيل هو السلوكيات الخاطئة للمواطنين لأن معظم الصناديق التى وضعتها هذه الشركات فى الشوارع تعرضت للسرقة أو الكسر، فمن أصل 3600 صندوق وضعتها هذه الشركات فى بداية عملها لما يتبق بعد ستة شهور سوى 108 صناديق فقط.
وفى تفسيره لعدم قيام هيئة النظافة ومحافظة القاهرة بفسخ عقودها مع هذه الشركات رغم فشلها، قال إن العقد المبرم بين الهيئة وبين هذه الشركات ينطوى على شرط جزائى ينص على أن من يقم بفسخ العقد قبل انتهاء مدته وهى 15 سنة، سيتكبد خسائر مالية فادحة قد تصل إلى إجمالى ما ستتقاضاه هذه الشركات طوال المدة المتبقية للعقد وهى 9 سنوات.
وقال نبيل إن الهيئة تضطر لعمل ما سماه «حملات مكثفة» عن طريق «الإنقاذ المركزى» التابع للهيئة أو عن طريق ما أصبح يعرف باسم «مقاولى التراكمات» الذين تعاقدت معهم الهيئة لرفع القمامة ومخلفات الهدم والبناء التى تتراكم فى الشوارع، بما فى ذلك حتى فى المناطق التى يفترض أنها تدخل فى نطاق عمل شركات النظافة الأجنبية.
ومن ناحية أخرى كشف مسئول كبير آخر بالهيئة طلب عدم ذكر اسمه أن شركات النظافة الأجنبية تتقاضى 258 مليون جنيه سنويا يفترض أن تأتى من وعاء «صندوق النظافة» بالهيئة، وفى حين أن إجمالى دخل الصندوق 200 مليون جنيه سنويا والعجز فيما يجب دفعه لهذه الشركات يتم تغطيته من خلال وزارة المالية التى تقوم بتسديد هذا العجز على دفعات ربع سنوية.
وأرجع هذا المسئول إبرام هذه التعاقدات، التى وصفها بالمجحفة، مع هذه الشركات إلى موضة الخصخصة التى انتشرت فى عهد رئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد حيث كان الاتجاه العام خصخصة كل شى وبأى شروط آنذاك، وهو ما جعل الأمر يبدو وكأن كل من محافظ القاهرة ورئيس الهيئة العامة للنظافة وقتها مجبرين على التعاقد مع هذه الشركات بسرعة وبأية شروط.
ومن جانبه، رفض أحمد نصار، رئيس هيئة النظافة والتجميل بمحافظة الجيزة، التعليق تفصيليا على اتهامات الشركة الدولية للخدمات البيئية، التى قالت إن الهيئة قد خالفت العقد بتخصيص أرض لإقامة مدفن صحى. اكتفى نصار بالقول إن المحافظة قد خصصت بالفعل أرضا للشركة لإقامة مدفن صحى، وأن «مشكلة الشركة الآن مع هيئة الآثار ولا علاقة للمحافظة بها». نصار أغفل حقيقة أن المحافظة هى من قامت بتحديد هذا الموقع وتخصيصه للشركة.
وأضاف أن مصر كلها ليس بها مدفنا صحيا واحدا، لأن إقامته تتطلب تقنيات عالية تتكلف الملايين فى إنشاء وحدات خرسانية مجهزة بأنابيب لتسريب الغازات المنبعثة من الغازات، وغيرها من المتطلبات المكلفة لإنشاء مدافن مطابقة للمواصفات العالمية.
كما نفى نصار تعسف الشركة فى تطبيق الغرامات ضد الشركة، مدللا على كلامه بالقرض الذى منحته المحافظة للشركة بقيمة مليونى جنيه من أجل تيسير عمليات الصيانة. وختم نصار حواره المقتضب مع الشروق قائلا «الوقت دلوقتى مش مناسب للحروب الكلامية مع الشركات. المهم دلوقتى هو صحة الناس فى مصر اللى فيها مرض قاتل زى إنفلونزا الخنازير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.