الموهبة نعمة كبيرة يهبها الله لبعض عبادة ويخص بها بعض خلقه فيرفعهم درجات عالية وينزلهم منازل سامية.. والموهوبون ثروة للوطن وقيمة للأمة وشريحة لابد وأن تلقي الرعاية وتحظي بالعناية وتستحوذ علي الأهمية ليس للمحافظة علي تواجدهم وعطائهم فحسب.. وانما أيضا لزيادة انتاجيتهم.. والارتقاء بمستوي آدائهم.. والحيلولة دون وقوعهم في الزلات أو تعرضهم للسقطات.. وتأثرهم بالمشكلات.. ولقد تناولت وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة بعض النجوم الموهوبة والمشهورة في الساحة الرياضية وعلي الأبسطة الخضراء بالنقد والقدح واللوم.. افردت لهم مساحات كبيرة واختصتهم بعناوين عريضة.. وكان لشيكابالا موهوب الزمالك ومصر الأفضل وعصام الحضري حارس مرمي الزمالك والاتحاد والإسماعيلي نصيب وافر من هذا الاهتمام الإعلامي.. بل لعل بعض الشباب الموهوب أمثال شهاب الدين أحمد وأحمد شكري وعفرتو وحسام عرفات ومعاذ الحناوي وحسام حسن من منتخب الشباب تعرضوا لاخطار ومضادات النجومية وتحصلوا علي جرعات وقائية ونفسية حافظت لهم علي البريق وجنبتهم أهوال الحريق.. وفي هذه السطور نتعرف علي ضرورة الرعاية والتهيئة النفسية لحماية المهارات والمواهب الفنية. القدرة علي التكيف يقول د.كمال درويش رئيس مجلس إدارة الزمالك وعميد كلية التربية الرياضية السابق.. الموهوبون يتعرون لحراك اجتماعي بفعل النقلات المكانية والاجتماعية مفاجيء.. هذا الحراك يتطلب تهيئة ورعاية نفسية ومعنوية وجرعات تثقيفية ووجبات توعية وتعليم تتوافق وتتواءم مع النقلة المجتمعية والمكانة والمنزلة المنفردة.. وربما انتقل الموهوب بسرعة من الشريحة المتوسطة التي بدأوا معها وبينها إلي شريحة أخري مختلفة في سماتها وصفاتها وتحتاج لقدرات ومعطيات جديدة في كل شيء.. هذا الانتقال يتم بأسرع وقت ودون تمهيدا وتدرج.. ولا ابريء الإعلام من الاسهام بقدر وفير في هذه النقلة ومن ثم يتحمل جانبا من المسئولين في الأخطار والاضرار النفسية التي يتعرض لها الموهوبة.. كما أن المجتمع الجديد علي الموهوب يغفر له الكثير من التصرفات في البداية لكنه يطالبه بالتحلي بمواصفات ومعطيات مجتمعة في أقرب فرصة وقد ينقلب عليه أو حتي يلفظه أو يمجه اذا تجاوز الاعراف والحدود.. ولا شك في تحمل الجهاز الفني وقيادات الاندية والاتحاد بعضا من المسئولية لاهتمامهم واقبالهم علي الموهوب واضعين في روعهم انه طريق البطولة وصانع الانتصارات ولذلك فإنهم يتجاوزون كثيرا في تقبل زلاته وحتي سقطلاته.. في النهاية تحتاج شريق الموهوبين ويمثلون ثروة قومية عزيزة وثمينة قسطا افرا من الرعاية والعناية والتهيئة النفسية المتخصصة.. ولابد من توافر الجهود بين البيت والمدرسة والجامعة والمجتمع والنادي وحتي الاتحاد لاكساب هذه العناصر المتوازن المطلوب والسويد المنشودة. الطب لا ينفع ويقول د. طه إسماعيل الخبير بالاتحاد الدولي والافريقي.. لا اعتقد في الطب النفسي كوسيلة ناجعة للمحافظة علي الموهوبين وحمايتهم من اخطار عدم التوازن وافتقار السويد.. بل لعلي احمد المدير الفني المسئولية الكاملة عن هذه الشريحة الثمنية.. فاللاعب الموهوب عندما يري نفسه مرغوبا ومطلوبا من الجميع يشعر بعمق الذاتية.. ويحس بالخصوصية.. وتتنامي لديه درجة الاعتداء وتصاعد احيانا لديه الأنا.. وكل هذا وارد في عالم الرياضة وكرة القدم بالذات.. فإذا قوبل الموهوب من مدربه المباشر بدرجة من الحزم وبصورة اكبر من الحسم وبمحاولة صادقة لضبط الايقاع وتحسين الأداء استعاد الموهوب توازنه واسترد تكيفه واستطاع ان يري نفسه علي حقيقتها خاصة اذا ما وجد أن التغيرات التي طرأت عليه قد اوصلته إلي الاحتجاب أو عدم المشاركة بصفة أساسية في المسابقات والمنافسة الرسمية.. ولا شك أن قلة التوعية وقصور التربية وعدم تلقي الموهوبين للارشادات والتوجيهات الصحيحة من المسئولين عنهم والقائمين عليهم بدفعهم إلي طرق ومنحنيات غير مستقيمة أو ضيقه.. وأنا أعظم دور المدرب المباشر في تصحيح مسار وعلاج الشطط الذي قد يواجه الموهوبين من لاعبيه.. ولابد للمدير أو المدرب من استخدام الروحانيات والمباديء والأسس الدينية لتقويم وتهذيب النفوس.. فلو أن كل المدربين خصوا لاعبيهم علي التحلي بالمقومات الدينية والتمسك بالمعطيات الأخلاقية والالتزام بالقواعد السلوكية لقلت وندرت ظواهر وصور الانفلات والشطط.. ولو آمن الجميع موهوب ومجتهد الله حق الإيمان وبالقدر خيره وشره لوقانا الله شر الأخطار والآفات النفسية. هناك فرق ويقول د.عبدالحفيظ إسماعيل استاذ الطب النفسي والمسئول عن منتخب الشباب.. هناك فروق كبيرة بين الرعاية والتهيئة النفسية.. الأولي تحتاج لوقت طويل وجهود غزيرة ولا ترتبط بسن أو مهمة أو موعد.. فهي تبدأ مبكرا في المراحل العمرية الأولي وتستمر حتي مرحلة النصج النفسي وهي المرحلة التي تقي الموهوب من الخضوع لآثار آية متغيرات.. أما التهيئة النفسية أو الاعداد فهو مرتبطة بموعد ومهمة وهدف وطالما تتحقق الهدف انتهت المهمة وانتقلنا إلي أخري.. وما نحتاجه في مهمة قد يختلف عما نحتاجه لاحري.. وما نستخدمه من أساليب لتحقيق هدف معين قد لا نلجأ إليه في أهداف أخري. وهرم الاعداد النفسي قاعدته الاهتمام بالدوافع والخضوع للبرامج والمخططات لتطوير الدافعين وبلوغ الغاية وهي اخراج اقصي طاقة في أقل وقت وبأقل قدر من التوتر العصبي.. ثم الضلع الثاني وهو الاهتمام بالتدريب العقلي ومواجهة المواقف والقدرة علي التحلي بالقدرة علي التصرف ومواجهة المعطيات المفاجئة.. والمرحلة العالية وهو بلوغ الموهوب إلي نمط الحياة النائب والالتزام والتقيد بما يفيده وبعينه علي ترسيخ وتعميق نتائج الموهبة إلي نمط الحياة الثابت والالتزام والتقيد بما يفيده وبعينه علي ترسيخ وتعميق نتائج الموهبة والتقيد بمواعيد وشروط ثابتة في النداء والنوم والترويج والتسرية وحتي الاسترخاء.. ولعلنا نركز كثيرا علي النسبة الأخيرة من الرعاية النفسية وهي مرحلة النضج النفسي وهي أن تطال الموهوب والناضج نفسيا لتحويل كل أنواع الضغوط إلي دافعين منتجة.. وما يهمنا هنا إلي نرشد الموهوبين إلي أن الأداء قد لا يرتبط بالنتيجة.. فالمهم هو اخراج كل ما لديه من عطاء والتركز في الأداء.. ولا يجب أن يحبط أو يتأثر بالنتائج.. ولابد أن نعلمه كيفية التخفف من الشحنات الانفعالية واللجوء احيانا للاسترخاء حتي يستطيع إعادة شحن قدراته.. والرعاية والتهيئة والاعداد أمور تحتاج لتضافر جهود جهات عديدة للمحافظة علي الموهوب في أفضل حالات العطاء والأداء.