«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرى الضوء
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 11 - 2010

النجوم ثروة لكنها مهدرة‏..‏ طفولة النجم أساس استمراره‏..‏ الصاعدون والقادمون حمايتهم حتمية‏!‏ **‏ كيف نحافظ علي النجوم؟
سؤال للوهلة الأولي تبدو سذاجته أو بساطته والحقيقة أنه لا ساذج ولا بسيط إنما هو رصد لمشكلة من عندها تبدأ أو تنتهي المشكلات التي تقضي علي النجم أو تكون قوة دفع وحصانة للنجم‏!‏ ما هي الحكاية؟
‏1‏ النجوم في جميع المجالات لا الرياضة وحدها‏..‏ لم يخرجوا فجأة نجوما إنما ظهر نبوغهم أو تفوقهم أو اختلافهم عن أقرانهم في مرحلة السن الصغيرة ولفتوا الأنظار وبدأت رحلتهم إلي أن أصبحوا نجوما وذاع صيتهم وأصبحوا مشهورين وانتقلوا من حال إلي حال‏..‏ إلا أن‏!.‏
الأغلبية العظمي من هؤلاء النجوم لا يعرفون كيف يتعاملون مع الواقع الجديد ولا يدركون أن مهمتهم زادت صعوبة ولا يفهمون أن الحفاظ علي ما هم عليه صعب بل صعب جدا‏..‏ لا يدركون ولا يعرفون ولا يفهمون وأغلبهم إن لم يكن كلهم غير مسئولين عن كل ذلك لأن أحدا لم يؤهلهم ويعلمهم وهم في سن التعلم وقبول التوجيه كيف يتعاملون مع الشهرة وكيف يتعاملون مع الفلوس وكيف يحافظون علي أنفسهم‏...‏
‏2‏ أحد لم يعلمهم وهم صغار حيث يسهل تعليمهم وتوجيههم وتشكيلهم‏..‏ نتركهم في أهم مرحلة للتعلم ونتصور أنه بالإمكان تعديل سلوكهم بعدما كبروا وأصبحوا نجوما‏!.‏ في السن الصغيرة سهل أن توجه وتغرس ما تريد في طفل صغير متميز بمجال ما وصعب جدا أن تقول كلمة توجيه واحدة لنفس الناشئ بعدما أصبح نجما‏...‏
‏3‏ في عالم الفن مثلا‏..‏ يقيني أن عندنا مواهب فذة في مختلف مجالات الفن‏..‏ والسينما المصرية قدمت عمالقة في التمثيل ولو هناك إنصاف لنال عشرات الممثلين المصريين جائزة الأوسكار في أفلام كثيرة أبيض وأسود ميزانياتها وتقنية الأجهزة والكاميرات والمعامل لا تقارن بما هو موجود في هوليوود لكن موهبتهم وعبقريتهم عوضت كل الفوارق وأثبتوا أنهم عمالقة في فن التمثيل‏...‏
وبعد الأبيض وأسود ظهرت مواهب حقيقية فذة ومازالت المواهب تظهر إلا أن الأغلبية لم يعرفوا كيف يستثمرون مواهبهم والأهم كيف يحافظون عليها ويرتقون بها‏..‏ فوقفوا مكانهم أو تراجعوا‏...‏
‏4‏ الفنان الموهوب الذي أصبح نجما‏..‏ مطلوب منه قمة النظام وقمة الالتزام‏..‏ مطلوب منه الانصياع لبنود كثيرة من القيود والممنوعات والحرمان لأن الحفاظ علي النجومية أي علي المستوي المتميز المرتفع يتطلب سلوكيات غذاء صارمة وسلوكيات معيشة منضبطة وقيودا لا حصر لها‏..‏ فهل يحدث هذا وهل يمكن أن يتقبل النجم هذه التعليمات وتلك القيود وهو يعيش فعلا دور النجومية أم أن هذه السلوكيات وتلك التربية تأخرت كثيرا ومكانها وموعدها السن المبكرة وقت ظهرت ملامح التفوق في السن الصغيرة‏..‏ وقتها لابد من تعليم هذا الصغير كل ما يحميه إن أصبح نجما مشهورا‏...‏
‏5‏ بالطبع الكلام ليس علي الإطلاق‏..‏ لأنه عندنا فعلا نجوم لكنها تحصي علي أصابع اليد الواحدة عرفت كيف تحافظ علي موهبتها وكيف تجلس علي القمة سنين طويلة وكيف تنجح وكيف تصنع النجاح‏...‏
وعندنا نجوم كثيرة أعطاها الله موهبة هائلة لكنها لم تعرف قيمة ما عندها وطبيعي لم تعرف كيف تحافظ علي موهبتها وهي لم تعرف لأن أحدا لم يؤهلها والخاسر الأول هنا وطن‏...‏
‏6‏ ضربت مثالا في الفن وأنتقل إلي الرياضة التي فيها العجب وهذا طبيعي لأن المنظومة تسير بالتساهيل في غياب تام للعلم والمعرفة وعدم احترام للعقل وتراكم الخبرات‏...‏
نجم مثل كرم جابر‏..‏ أنا علي يقين أنه مولود وداخله موهبة أن يكون بطلا عالميا في المصارعة ولا أكون مبالغا عندما أؤكد أنه واحد من عظماء المصارعة عبر تاريخها في العالم كله وأن حصوله علي ذهبية دورة أثينا أمر تأخر كثيرا وأن استمراره علي عرش العالم شيء طبيعي ومنطقي‏..‏ فماذا حدث؟‏.‏
البطل هبط من علي القمة وهبوطه لا يتناسب مطلقا وموهبته وقوته‏..‏ لكنه منطقي جدا إذا ما عرفنا أنه ضحية مثل كل ضحايا الرياضة المصرية في مرحلة الناشئين‏..‏ ضحية إهمالنا التام لتلك المرحلة السنية وكأن الأبطال لا يخرجون منها إنما يقعون علي رءوسنا من السماء‏..‏ فماذا كنا ننتظر؟‏.‏
‏7‏ من في مصر يهتم بالنشء الصغير المتميز الذي ظهرت موهبته وأشارت لنا أنه مشروع بطل في المستقبل‏...‏
والاهتمام الذي أقصده ليس فقط محصورا في النواحي الفنية والبدنية والصحية والنفسية إنما وبنفس القدر لابد من الاهتمام بصقل الشخصية وتعليمها النظام والالتزام والسلوكيات الصحيحة التي هي جزء من مكونات البطل‏..‏ سلوكيات الغذاء‏..‏ يعرف أن الغذاء جزء لا غني عنه‏..‏ يعرف ما الذي يفيد وما الذي يعطل من الغذاء‏..‏ يعرف متي يتناول أغذية معينة ومتي يبتعد عنها‏..‏ باختصار التغذية سلوك لابد أن يتعوده الناشئ صغيرا حتي يصبح واحدة من عاداته التي يصعب الإقلاع عنها‏...‏
الاهتمام لابد أن يكون في تعليم النشء الصغير المتميز المتوقع له أن يكون بطلا‏..‏ تعليمه كيف يتعامل مع الشهرة المتوقعة وهي هائلة في مجال مثل كرة القدم‏..‏ يتعلم كيف يتعايش مع هذه الشهرة‏..‏ كيف تكون هذه الشهرة قوة دفع له للإجادة لا طوفان غرور يقتله‏..‏ قوة دفع لمزيد من التواضع ومزيد من الالتزام ومزيد من الجهد والعرق‏...‏
الاهتمام لابد أن يمتد لتعليم هذا الناشئ كيف يتعامل مع الفلوس التي لم يحلم يوما أن يراها رؤي العين أمامه وفجأة أصبحت بين يديه‏!.‏ يتعلم أن المال نعمة إن عرفنا كيف ننفقه وفي أي شيء نصرفه ويعرف أن نفس هذا المال نقمة وهلاك إن تركناه يحكم تصرفاتنا وقراراتنا‏...‏
‏8‏ في ناد كبير ظهر ناشئ موهوب وأعتقد أن موهبته وإمكاناته بالنسبة لعمره كانت تنبئ بمستقبل لا حدود لسقفه أمام هذا الناشئ‏..‏ إلا أن واقعة صغيرة حدثت ولم ينتبه أحد إليها لأن الأندية كبيرها مثل صغيرها تعتقد أن كرة القدم مهارات ولياقة ولعب وانتهينا ولا تعرف أن سلوكيات اللاعب وثقافته المطلوب إكسابها له وغرسها في عقله ووجدانه أهم مليون مرة‏..‏ لأنه يملك الموهبة وبالإمكان صقلها لكنه إن لم يتعلم السلوكيات الصحيحة في مرحلة الناشئين صعب جدا وغالبا مستحيل إكسابها أو حتي تعديلها إذا عرفت الشهرة طريقها لنفس هذا الناشئ وهذا ما حدث لبطل الواقعة التي أرويها‏...‏
هذا الناشئ الذي ظهرت موهبته وأشارت إلي أنه مشروع لاعب كرة مهم‏..‏ عندما تأكدت موهبته قام النادي بعمل عقد له مقابل مبلغ أظنه‏150‏ ألف جنيه أو أكثر‏..‏ المهم أن هناك عقدا وهناك فلوس لكنه لم يكن هناك عقل‏!.‏
الناشئ الصغير رفض أن يأخذ شيكا علي بنك إنما أصر علي أن يقبض فلوسه نقدا‏..‏ وكان له ما أراد ووقع علي العقد وقبض فلوسه نقدا‏...‏
هذه الواقعة لم تلفت نظر المعنيين بالأمر في النادي الكبير وكان يجب أن يتوقفوا أمامها لأنها مؤشر ينبئ بأمور ويوضح أشياء لكنهم لم يلحظوا لأنهم أصلا لا يملكون قدرات الملاحظة‏!.‏ لم يتنبهوا أنهم أمام ناشئ موهوب يعتبر مشروع نجم كروي كبير بإمكانه أن يلعب في أي ناد بالعالم‏...‏ ولم يدركوا أن هذه الموهبة الصغيرة معيوبة في تركيبتها الشخصية وتتطلب رعاية فائقة وجهدا بالغا لأجل أن تكون شخصية سوبر‏.‏
لم يلفت نظرهم أن تصرف الناشئ يشير إلي أنه في حاجة فورية لمن يعلمه كيفية التعامل مع النقلة النفسية والاجتماعية المقبل عليها حتي لا يضيع والأمثلة كثيرة لكننا لا ننعم بتراكم الخبرات التي ميز بها الله الإنسان‏!.‏
تركوه وحده يواجه الشهرة والفلوس التي جرت في يديه‏..‏ فكان هذا المبلغ الذي قبضه نقدا أول خطوة علي الطريق الذي لا يستمر أحد فيه أو يعود منه‏...‏
‏9‏ وقد كان‏..‏ هذه الموهبة الفذة لعبت لأكثر من عشرة أندية في أقل من عشر سنوات ولم تفعل شيئا إلا المشكلات ومستحيل أن تكون كل هذه الأندية مخطئة وهذا اللاعب الذي كان نجما هو الصواب‏!.‏
هل هذا اللاعب‏..‏ متهم أم مجني عليه وهل هو استثناء في قاعدة سوية أم أن الأغلبية مثله في أشكال مختلفة؟‏.‏
أجزم بأن هذا اللاعب مجني عليه وضحية ولا ذنب له فيما وصل إليه‏..‏ أؤكد هذا رغم أن كل قرار خاطئ هو الذي اتخذه وكل تصرف معيب هو الذي قام به‏..‏ ومع هذا أؤكد أنه ضحية لأننا لم نحافظ عليه وهو صغير ولم نعلمه شيئا في مرحلة الناشئين‏..‏ لم نعلمه السلوكيات ولم نعلمه كيف يحمي نفسه من نفسه عندما يكبر ويواجه الشهرة والفلوس‏...‏
وأيضا أؤكد أن هذا اللاعب يمثل الأغلبية بينما الاستثناء في عالم الكرة تحديدا بمصر أن تجد لاعبا ملتزما‏..‏ والالتزام ليس فقط أخلاقا إنما هو تدريب وتركيز وتفرغ وأكل وعدم سهر وأشياء كثيرة تبدو بسيطة وهي غاية في الأهمية‏!.‏
‏10‏ أعتقد أن حضراتكم تلاحظون أن عندنا لاعبين صغار السن يظهرون ومستواهم يلفت الأنظار وبدون أن نعرف الأسباب لا نسمع خبرا عن واحد منهم‏...‏
أعتقد أن حضراتكم في دهشة من أن المواهب التي انتقلت من الأقاليم لأضواء وشهرة ونجومية أندية القاهرة‏..‏ هذه المواهب أغلبها انطفأ بريقها مبكرا وما أعطته أو تعطيه في الملاعب أقل بكثير من موهبتها‏..‏ أتعرفون السبب؟‏.‏
السبب أننا نأخذ هذه المواهب من الدار للنار‏..‏ من أندية صغيرة برزت فيها هذه الموهبة في السن المبكرة وسط إمكانات تدريبية محدودة فنيا والناشئ الموهوب يبدأ التعامل الخاطئ معه من أول يوم تظهر فيه موهبته نتيجة الجهل التدريبي المتفشي في قطاعات الناشئين بمعظم أندية مصر‏..‏ جهل موجود في الأندية الكبيرة وطبيعي أن يكون في الصغيرة‏..‏ وما إن يعرفوا بموهبة ناشئ حتي يشركوه في كل مسابقات المراحل السنية المختلفة‏..‏ والناشئ لا وقت عنده للتدريب إنما يحضر علي المباراة لأنه يلعب مباراتين أو ثلاثا في الأسبوع مع مرحلته السنية ومرحلتين أكبر‏...‏
‏11‏ الذي يحدث جريمة في حق الناشئ الموهوب لأنه تقريبا لا يتدرب لأنهم حولوه إلي لاعب لا يأتي إلي النادي إلا علي المباريات‏..‏ لا تدريب ولا صقل للموهبة ولا عناصر لياقة اكتسبها ولا أساسيات لابد من أن ينفذها لأجل إكساب عضلاته القوة والمرونة‏..‏ باختصار افتقد كل ما يجب أن يخوضه ويكتسبه في مرحلة الناشئين وتلك كارثة ستظهر آثارها فيما بعد عندما يصل إلي الفريق الأول‏..‏ والمصيبة أن تلك المصيبة ليست الجريمة الوحيدة التي تتم إنما هناك جريمة أكبر وهي تحويل ناشئ إلي صاحب فرقة لأنه يلعب بدون تدريبات واشتراكه مؤكد في كل المباريات وترسيخ قناعة في عقله بأنه يستحيل الاستغناء عنه وتدمير فكرة الاجتهاد داخله لأجل أن يكون له مكان في تشكيل الفريق‏..‏ باختصار حولوا هذا الصغير إلي كيان لا تنطبق عليه قواعد كرة القدم‏..‏ فأجهزوا عليه قبل أن يبدأ‏!.‏
‏12‏ هذا الناشئ يكبر في ناديه الصغير ويذيع صيته وتتهافت عليه الأندية وينتقل إلي ناد كبير حيث التدريب مختلف والنظام مختلف وحيث الشهرة والمال ومن أول يوم تبدأ النهاية لأن النادي الكبير أغفل أن هذه الموهبة القادمة‏..‏ ما هي إلا موهبة فطرية عبثوا فيها وأفسدوها‏..‏ لا حصلت علي لياقة ولا علي صقل ولا علي أي شيء وكل ما حدث منهم في النادي الصغير أنهم أفسدوا دماغها التي لا يوجد فيها أي تعلم من أي نوع لأي شيء‏!.‏
‏13‏ الموهوب الذي كان يذهب لناديه في الأقاليم علي المباريات فقط ليلعب وسط إعجاب واستحسان الجميع‏..‏ فوجئ في النادي الكبير بأنه مطلوب منه أن يتدرب في فترة الإعداد صباحا ومساء وفوجئ بأن هناك تدريبا يوميا ساعتين علي الأقل وفوجئ بأنه عاجز وهو إحساس مرعب لم يشعر به وقت كان يلعب بدون تدريب معتمدا علي موهبته فقط‏...‏
هذا الموهوب في النظام الجديد باتت عنده مشكلة أغلب الحالات الموهوبة مثله تنتهي عندها‏!..‏ جرعات التدريب العالية في النادي الكبير‏..‏ لم يتعودها أو يحصل عليها في النادي الصغير والطبيعي والمتوقع أن يتعرض إلي إصابات مستمرة متلاحقة بسببها يلعب مباراة أو جزءا منها ويغيب مباريات والكرة المصرية هي الخاسر لأنها فقدت إنتاج موهبة حقيقية تم القضاء عليها مبكرا وحتي إن فلتت من إشكالية التدريب الذي لم تتعوده ستقع في مستنقع الشهرة والمال وفي هذا المجال حدث ولا حرج والفنان الكبير نور الشريف جسد هذه الكارثة بواقعية شديدة في فيلم غريب في بيتي اللاعب الريفي الموهوب الذي لم يعلمه أحد كيف يواجه الشهرة وكيف يتعامل مع المال‏!.‏
‏14‏ في اعتقادي أن مواهبنا الكروية كثيرة جدا لكننا لا نري إلا القليل منها لأن عدد الأطفال الذين يمارسون الكرة قليل جدا وأقصد ملايين الأطفال لا يلعبون الكرة ولا غير الكرة لأنه لا توجد أمامهم أرض فضاء يلعبون عليها‏..‏ وهذا معناه أننا من الأصل لم نر المواهب الموجودة في ملايين الأطفال التي لم تلعب من الأصل كرة القدم‏...‏
وفي يقيني أن المواهب القليلة التي ظهرت من بين الأعداد القليلة التي وجدت الأرض ولعبت الكرة‏..‏ هذه المواهب القليلة لم نشاهد منها يوما كل موهبتها لأنها لم تحظ بأي رعاية في أهم وقت‏..‏ وقت الناشئين والتعلم والصقل وغرس القيم ومعرفة النظام والالتزام والتركيز‏...‏
صحيح أن هذه المواهب استمرت واشتهرت وأصبحت نجوما لكن الأصح أنها قدمت لنا جزءا من موهبتها لأن بقية الأجزاء قتلها الإهمال في مرحلة الناشئين‏.‏
‏15‏ أعلم أن إصلاح قطاع الناشئين صعب جدا حدوثه في ظل المنظومة الكروية الحالية لكن أعرف أن ما لا يدرك كله لا يترك كله‏...‏
أعرف أنه بإمكان الأندية الكبيرة والأهلي والزمالك في مقدمتها‏..‏ بإمكانها أن تعيد النظر في تشكيل جهاز الكرة الأول المعني تماما بالأمور الفنية والغافل تماما للنواحي النفسية التربوية والتي إن غابت غاب المستوي‏!.‏
اقتراحي أن يضم الجهاز الفني فريق عمل اجتماعيا نفسيا تربويا من عضوين أو ثلاثة وهؤلاء مهمتهم المواهب الصاعدة للفريق الأول من قطاع الناشئين والمواهب التي تعاقد عليها النادي من الأقاليم‏...‏
الصاعدون والمنتقلون‏..‏ يتم تأهيلهم للتعامل مع الشهرة ومع الفلوس خاصة إذا ما كانوا في أندية صاحبة شعبية‏..‏ يتم التأهيل للشهرة وللمال في الفريق الأول طالما أننا لا نفعل ذلك في قطاع الناشئين‏...‏
هذه مسألة بالغة الأهمية وأيضا الخطورة لأن النجم الصغير الموهوب الصاعد أو القادم من الأقاليم ما لم تكن هناك صدور تربوية تحميه وتحتضنه وتوجهه يضيع في لحظة‏...‏
هل بلغت‏..‏ اللهم فاشهد‏.‏
وللحديث بقية مادام في العمر بقية
[email protected]

المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.