الأحد: من حق وزير الإعلام أنس الفقي ان يفخر بالتغطية الاعلامية الممتازة التي قام بها قطاع النيل للأخبار بتليفزيون مصر والتي غطت وقائع انتخابات مجلس الشعب في الجولة الأولي. هذه التغطية التي كانت أكثر شفافية وصدقا ودقة من المحطات الاخبارية الأخري ومن بينها محطات عريقة مثل »بي.بي.سي B.B.C«. فمنذ الصباح الباكر انتشر مراسلو النيل للأخبار في عدد كبير من اللجان الانتخابية الموجودة بكل أنحاء مصر.. وقدموا للمشاهد صورة صادقة لما يدور في مختلف اللجان والمحافظات ولم يحاولوا اخفاء سلبيات المعركة الانتخابية أو خروج بعض المرشحين أيا كان انتماؤهم الحزبي عن القواعد الاخلاقية أو القانونية بحيث استطاع المشاهد في آخر اليوم ان يكون فكرة صحيحة عما جري في الانتخابات في كل أنحاء مصر وكان مراسلو الأخبار سواء الذين يتوجهون إلي المشاهدين باللغة العربية أو الذين يتحدثون بالانجليزية أو الفرنسية في تليفزيون النيل »NILE T.V« علي مستوي عال من المهنية والكفاءة والوعي.. وكانوا خير دليل علي ان المراسل المصري هو من أفضل المراسلين عندما يعطي له سقف عال من الحرية. وبالفعل كان واضحا ان المراسلين المصريين قد أعطيت لهم تعليمات بالعمل بشفافية وعدم اخفاء شيء عن المشاهدين. انها خطوة نتمني ان تعقبها خطوات تزيد من مصداقية التليفزيون المصري وموقعه الريادي. وكل التهنئة للعاملين في قطاع الأخبار.. ولرئيس القطاع الاعلامي الكبير عبداللطيف المناوي. البلطجة.. متي تنتهي؟! الاثنين انتهت الجولة الأولي من الانتخابات.. ومازلنا في انتظار جولة الاعادة.. وهذه الجولة الثانية يصفها بعض المحللين السياسيين بأنها سوف تكون أكثر هدوءاً وسلاسة في حين يصفها البعض الآخر بأنها سوف تكون أكثر سخونة لانها سوف تدور في كل دائرة بين مرشحين اثنين من كل فئة.. فهي معركة حياة أو موت.. أو هكذا يتصور بعض المرشحين.. فإما الوصول إلي مقعد البرلمان والحصانة وإما ضياع هذا الحلم إلي الأبد. وفي أحسن الأحوال إلي سنوات قادمة مع ضياع الجهد الذي بذل والأموال التي أنفقت. وفي جميع الأحوال فبعد بضعة أيام سوف يتضح الشكل الجديد للبرلمان القادم. ولعل أهم ما يلفت النظر في انتخابات هذه الدورة هو قلة إقبال المواطنين علي أداء دورهم الانتخابي.. فقد كان منظر الصناديق شبه الخاوية إلا الي الربع أو الخمس واضحا.. ورغم ضعف التصويت داخل لجان الانتخابات الا ان الملاحظ كان هو الضجة الكبيرة التي كان يحدثها انصار المرشحين خارج اللجان ومن اشكال هذه الضجة ما يثير الخوف مثل العصي التي حملها البعض ان لم يكن للاعتداء علي الناخبين.. فعلي الاقل لتهويشهم واثارة ذعرهم.. ولا توجد دولة في العالم المتحضر يذهب فيها انصار المرشحين حاملين العصي والهراوات والاسلحة البيضاء إلي لجان الانتخاب كما يحدث في مصر.. ولا اعتقد ان الاقبال علي الانتخابات سوف يرتفع إلي معدلات معقولة إلا إذا اختفت هذه العادات الهمجية المخيفة.. لان غالبية المواطنين يخشون علي أنفسهم التواجد في مقار اللجان خوفا من ان تصيبهم ضربة عصا أو هراوة.. ولعل هذا الخوف هو سر تخلف اعداد كبيرة من الذين يحق لهم التصويت اتقاء لشر ما قد يحدث لهم أثناء اداء الواجب الانتخابي خاصة اذا لم يكن لهم علاقة أو مصلحة بواحد من المرشحين. وإذا كانت البلطجة في هذه الانتخابات كانت في مجموعها أقل منها في دورات سابقة. فإننا ننتظر مع زيادة وعي المواطنين ان تنتهي نهائيا فكرة البلطجة والاعتداء علي المرشحين والناخبين.. حتي يمكن اقامة حياة نيابية سليمة. كلام مفيد.. فوزي الثلاثاء الكاتب الكبير والمحاور الذي لا يجاري مفيد فوزي واحد من أحب الكتاب والناس إلي قلبي.. فأنا أحب فيه انسانيته واخلاصه لاصدقائه.. وأحب فيه أسلوبه الذي نحته لنفسه.. واحب فيه حيويته التي لا تهدأ مهما مضت السنين.. وانا اعرفه منذ أكثر من أربعين عاما.. فقد بدأنا العمل في الصحافة في جيل واحد تقريبا.. فأنا وهو من الصحفيين المخضرمين.. وكان الصحفيون علي ايامنا يعرفون بعضهم البعض ولو كانوا في دور صحفية مختلفة.. فلم يكن الزحام في الوسط الصحفي شديدا.. ولم تكن المنافسة بقسوة هذه الأيام.. وكنا نقرأ لبعضنا البعض ونتناقش في احسن ما كتب خلال الاسبوع.. وكنت أعمل في مجلة الجيل ثم في آخر ساعة بأخبار اليوم.. وانتظر صدور صباح الخير.. لاقرأ لمجموعة من شباب الصحفيين الموهوبين من أبرزهم مفيد فوزي.. وقد مضت صداقتي بمفيد عبر السنين.. ولا أنسي انه كان أول صحفي جاء إلي مكتبي لكي يهنئني برئاسة تحرير الكواكب.. ولا أنسي وقوفه بجانبي في أكثر من مناسبة خاصة.. بل انني لا أكاد أشعر باكتمال فرحتي في المناسبات السعيدة الا إذا كان مفيد فوزي حاضرا. وقد امتدت صداقتي من مفيد إلي زوجته الاعلامية الرائعة التي تركت وراءها بصمة وفراغا في برامج الإذاعة المصرية حيث كانت تقدم لسنوات وبمستوي فني وحرفي عال برنامجها الجميل »صحبة وأنا معهم«.. وقد شهدت فترة صراعها القاسي مع المرض.. وبكيتها كما يبكي الإنسان احب الناس إليه.. ويعجبني في مفيد انه يحفظ ذكراها.. ولا ينسي. وقد أهداني مفيد فوزي مؤخرا آخر انتاجه الادبي.. كتاب جميل يحمل عنوانا مختصرا يدل علي ذكاء الكاتب وقدرته علي اختيار العناوين القصيرة المعبرة والكتاب بعنوان »كلام مفيد«.. وانت بالفعل أمام كلام لمفيد فوزي.. وانت أيضا أمام كلام مفيد جدا.. حيث يقدم مفيد رؤيته لعالمه الخاص.. وللعالم أجمع. وكل مقال أو رؤية في الكتاب تستحق التوقف عندها.. والرؤي جميعها تنفصل وتتصل لكي تقدم لقارئها متعة صافية. ألف سلامة للدكتور يحيي الجمل الاربعاء: شعرت بالقلق بعد قراءتي مقالاً للدكتور يحيي الجمل ذكر فيه انه كان مريضا واجري جراحة نتج عنها آثار جانبية أدخلته حجرة العناية المركزة ولكنه والحمد لله تماثل للشفاء. ومع انني نادرا ما التقي بالدكتور يحيي إلا من خلال قراءتي لمقالاته في الصحف إلا ان خبر مرضه قد ازعجني كثيرا.. خاصة انه ذكر ان الكثيرين قد سألوا عنه في حين انني لم اسأل لانني لم أكن اعرف. فالذي يربطني بالدكتور الجمل قديم وهو اننا كنا زملاء في اتحاد كلية حقوق القاهرة في الخمسينيات من القرن الماضي.. وانني كنت منتخبة عن طلبة السنة الثانية بالكلية في حين كان هو يمثل طلبة الدراسات العليا وقد ظل الدكتور الجمل منذ شبابه حتي اليوم يحمل صفات الجدية والتفوق والذكاء والتواضع والتعامل باحترام شديد مع الآخرين. ولانني أحمل أحسن الذكريات لسنوات الدراسة في الجامعة سواء في جامعة القاهرة أو جامعة الإسكندرية اللتين تنقلت بينهما طوال أربع سنوات. فإنني أحمل كل الاعزاز لزملائي في هاتين الجامعتين ومنهم من صار نجما في الحياة العامة مثل الدكتور يحيي الجمل أو مثل كاتبنا الساخر العبقري أحمد رجب.. ومثل رئيس لجنة حوار الاديان الدكتور علي السمان.. ولا استطيع ان انسي زميل دفعتي في كلية حقوق القاهرة الذي يعتبر الآن شيخ الدفعة وشيخ اعضاء مجلس الشعب وهو الدكتور فتحي سرور. وبمناسبة الحديث عن زمالتي للدكتور يحيي الجمل في اتحاد حقوق القاهرة فقد قفز إلي ذهني ما حدث هذه الأيام من بلطجة في جامعة عين شمس من معارك بين طلبة الاتحاد والطلبة الآخرين والاساتذة وتذكرت الانتخابات الطلابية علي ايامنا التي كانت تتسم بالنزاهة والاحترام الشديد رغم عنف المنافسة لان الطلبة الذين كانوا يخوضون انتخابات اتحاد الكليات لم يكونوا طلبة عاديين وإنما كانوا أعضاء في الاحزاب السياسية التي كانت في الساحة في ذلك الوقت مثل احزاب الوفد والسعديين والاحرار والدستوريين والكتلة والشيوعيين والاخوان المسلمين. وكان كل حزب يدعم مرشحه في انتخابات الجامعة لانه كان يعتبر ان نجاح مرشحيه يعد مؤشرا علي مدي شعبية الحزب في الشارع وكان الدعم يتمثل في طبع منشورات وتعليق يافطات للدعاية والاعلان عن برنامج واضح لخدمة الطلبة الناخبين. وكانت المعركة الانتخابية الطلابية خالية تماما من العنف الجسدي أو المادي. وكان للجامعة وقتها وقارها واحترامها.. وكان اساتذة ذلك الزمن من العمالقة علما وخلقا ولم يكونوا يتدخلون اطلاقا في سير الانتخابات.. ولم يكن هناك علي زماننا حرس للجامعة.. لكن ايضا لم يكن هناك طلبة يدخلون الجامعة حاملين السنج والمطاوي للاعتداء علي زملائهم والتطاول علي اساتذهم. كان هناك احترام شديد للتقاليد الجامعية.. واحترام لحرم الجامعة بل وللروح الجامعية. وهذا الذي اقوله ليس من باب المبالغات.. فقد سبق لي ان خضت معركة انتخابات اتحاد الطلبة في كل من جامعتي الإسكندريةوالقاهرة. ولم انجح في المرة الأولي ونجحت بتفوق ساحق في المرة الثانية في جامعة القاهرة رغم ان المعركة لم تكن سهلة ابدا لانني كنت أول طالبة في كلية الحقوق تكسر العرف السائد في ذلك الزمن وتتقدم لانتخابات اتحاد الطلاب. وأيامها اعترض البعض علي ان تكون ممثلتهم في الاتحاد طالبة لا طالبا.. لكن اعدادا أكبر تحمسوا للطالبة التي تريد حياة جامعية يتساوي فيها الطالبات مع الطلبة في حق الترشح للاتحاد ولم تكن المرأة أيامها قد حصلت بعد علي حقها في الترشح لانتخابات البرلمان. ودارت معركة قوية كانت نتيجتها دليلا علي ان المجتمع المصري في تلك الايام كان يتجه إلي الاستنارة وإلي تشجيع المرأة علي ان تتقدم وتشارك في جميع المجالات. وكانت نتيجة المعركة ان حصلت علي أكبر عدد من اصوات زملائي طلبة السنة الثانية بحقوق القاهرة.. وكان الفارق في الاصوات بيني وبين الزميل الذي حصل علي المركز الثاني كبيرا. هكذا اعادتني سيرة الدكتور يحيي الجمل إلي ذكريات بعيدة جميلة.. ذكريات زمالتي له في اتحاد كلية الحقوق في أوائل الخمسينيات. وألف حمد لله علي السلامة يا زميل العمر.. واستاذ الاجيال.. والفقيه القانوني الكبير.