تنطلق في العاصمة الليبية طرابلس اليوم قمة إفريقيا - الاتحاد الأوروبي الثالثة تحت عنوان (الاستثمار والنمو الاقتصادي وخلق وظائف عمل) ، بمشاركة القادة الأفارقة وأكثر من 14 رئيس أوروبي وتبحث القمة عددا من القضايا المحورية تركز في الأساس علي موضوعات السلم والأمن والحوكمة والديمقراطية وحقوق الإنسان والتجارة والتكامل الإقليمي والهجرة والنقل والعمل علي تحقيق أهداف الألفية وقضية تغير المناخ والطاقة والبحث العلمي والفضاء والعلوم والتكنولوجيات. ومن المتوقع أن تخرج القمة بخطة عمل للفترة من عام 2011 إلي عام 2013 تتضمن خطوات محددة نحو تعزيز التعاون الأفريقي-الأوروبي في ثمانية مجالات للشراكة بهدف مواجهة التحديات التي طرأت منذ قمة أفريقيا-أوروبا الثانية التي عقدت في لشبونة في شهر ديسمبر 2007 ودعم التعاون بين الشركاء الأفارقة والأوروبيين. فرصة فريدة وتمثل القمة الافريقية الاوروبية الثالثة فرصة فريدة لقادة القارتين لإظهار قدرتهم علي حشد الجهود والتأكيد علي تعهداتهم التي التزموا بها في قمة لشبونة، كما أنها فرصة لتقييم التقدم الذي أحرز في مجالات الشراكة الثمانية بعد ثلاث سنوات من إطلاق الاستراتيجية المشتركة ، خاصة ان هناك الكثير من مجالات التعاون البناء بين الجانبين ، وفرص واعدة لإقامة مشروعات مشتركة يمكن ان تحقق صالح الطرفين، فأفريقيا تمتلك مقومات طبيعية وبشرية واعدة ، في حين تمتلك اوروبا التقنيات والخبرة التي تساعد علي انجاح شراكة متميزة تضمن العودة بالفائدة علي شعوب القارتين الافريقية والاوروبية .. كما تعد هذه القمة فرصة سياسية مهمة لرؤساء حكومات الدول الأوروبية والأفريقية في هذا التوقيت المهم لدعم التواصل فيما بينهم بعد اجتماع رفيع المستوي حول الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة الذي عقد في نيويورك منذ شهرين وقبل أيام قليلة من انعقاد مؤتمر الأممالمتحدة حول تغير المناخ في المكسيك. ومن المنتظر ان تشهد القمة الافريقية الاوروبية الثالثة عملية تقييم من قبل قادة القارتين لمقررات الشراكة بين الجانبين ، بهدف دعم الشراكة بينهما نحو آفاق أرحب خاصة في ظل التحديات التي تواجه المنطقتين ، وهي تحديات تنموية بالنسبة لإفريقيا وأمنية لأوروبا الطامحة في تعاون أفريقي لوقف ما تسميه أوروبا الهجرات غير الشرعية التي تتسلل من القارة السمراء عبر البحر المتوسط إلي داخل أوروبا ، والتي باتت في السنوات الأخيرة تشكل تهديدا حقيقياً للأمن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لأوروبا وفقا لوجهة النظر الأوروبية ، إضافة إلي الاتفاق علي أولويات التعاون المستقبلي بينهما. كما تتناول القمة في السياق ذاته الإسهام الأوروبي المنشود في التحديات التي تواجه إفريقيا ومنها التحدي الإنمائي ، حيث تصاعدت التحذيرات في الفترة الاخيرة من عدم قدرة معظم الدول في القارة علي الوفاء بالأهداف الإنمائية للألفية للأمم المتحدة قبل عام 2015 فضلا عن زيادة الاستثمارات الأوروبية في السوق الإفريقية حيث كشف التقرير السنوي العشرين عن الاستثمار العالمي الذي أطلقته منظمة الأممالمتحدة للتجارة والتنمية "الاونتكاد" عن انخفاض تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إفريقيا بنسبة "19٪" في 2009 لتصل إلي "59" مليار دولار لأول مرة بعد نمو متواصل طيلة العشر سنوات الماضية. وتأتي هذه القمة استكمالاً لما كان قد دار في القمة الأولي التي انعقدت في القاهرة عام 2000 وأعرب خلالها الزعماء الأوروبيون والأفارقة عن التزامهم بالتعاون ومنح بعد جديد لشراكتهم ، وأيضا القمة الثانية في العاصمة البرتغالية لشبونة عام 2007 حيث اتفق الجانبان علي الانتقال من علاقة المنح إلي الشراكة والتصدي معاً للتحديات والفرص الجديدة علي المستوي العالمي . الحوار السياسي وتهدف المناقشات بشأن الشراكة حول الأمن والسلم لتعزيز الحوار السياسي بين الجانبين الافريقي والاوربي ، ومنع النزاعات وإدارة الأزمات ، وإعادة التعمير بعد النزاعات وتفعيل منظومة السلم والأمن في إفريقيا ، وتوفير مصادر لتمويل المشروعات والمبادرات المطروحة في إطار الشراكة ، فيما تهدف الشراكة حول الحوكمة والديمقراطية وحقوق الانسان الي إثراء الحوار السياسي بين الجانبين علي المستوي العالمي وفي المنتديات الدولية ، والتعاون في مجال الحوكمة ودعم التعاون في مجال المقتنيات الثقافية والمجالات الثقافية الأخري. وتستهدف الشراكة حول التكامل الاقتصادي الاقليمي والتجارة والبنية التحتية تفعيل التكامل الاقليمي في إفريقيا، وتسهيل التجارة والإجراءات الجمركية وتعزيز القدرات الإفريقية في مجال القواعد والمعايير ، ورقابية الجودة وتطوير البنية التحتية في إفريقيا.. بينما تهدف الشراكة حول الأهداف الإنمائية للألفية لتقوية التزام الدول الأعضاء في الاتحادين الافريقي والاوربي بالعمل علي تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، مع التركيز علي الأهداف المتعلقة بكل من الأمن الغذائي والصحة والتعليم ، والعمل علي تأمين الموارد اللازمة لتنفيذ تلك الأهداف . وفيما يتعلق بالشراكة حول الطاقة تستهدف المناقشات تيسير وصول خدظمات الطاقة لمواطني الدول الإفريقية، وضمان أمن الطاقة ورفع كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة ، فيما تشمل الشراكة حول الهجرة والعمالة والتنقل تفعيل مشروع إفريقيا - الاتحاد الاوربي للحوار حول الهجرة والعمالة والتنقل ، ودعم مبادرة مكافحة الاتجار بالبشر وإشراك الجاليات الإفريقية في الخارج في عمليات التنمية ، ونقل الخبرات والتكنولوجيا لإفريقيا ، مثلما جاء في بند الشراكة حول العلوم ومجتمع المعلومات والقضاء الذي يهدف لتنفيذ خطة العمل الإفريقية في مجال العلوم والتكنولوجيا ، وتطوير مجتمع المعلومات في إفريقيا، والتعاون في مجال تطبيقات الفضاء.. وتهدف الشراكة حول تغير المناخ لدعم قدرات أفريقيا علي التكيف مع تخفيف الآثار السلبية لتغير المناخ الرؤية المصرية ومن المنتظر أن تطرح مصر علي القمة مجموعة من الرؤي التي تراها مهمة لتفعيل آليات التعاون الإفريقي - الأوربي ، ومنها تفعيل الجوهر الحقيقي للشراكة والمتمثل في علاقة تقوم علي شراكة حقيقية تحقق تكافؤ المصالح المشتركة ودعم جهود التنمية المستدامة بدلا من اقتصارها علي تلقي المنح والمعونات ، وما يرتبط بذلك من قيود ومشروطيات، مع التأكبد علي أهمية وفاء شركاء أفريقيا في التنمية بتعهداتهم وإزالة كافة العوائق التي تحد من تنافسية الصادرات الإفريقية ، وتعزيز العمل علي نمو زيادة نصيب أفريقيا من صادرات التجارة ، بالإضافة الي تقديم المساعدات الفنية وبناء القدرات . وتري مصر أن خطة العمل الاولي التي تم اعتمادها في قمة لشبونة 2008-0102 تأثرت بتداعيات الأزمة المالية العالمية ، مما أثر بشكل مباشر علي حجم المعونات المقدمة من الشركاء للدول الإفريقية كما أن التأثير وضح من خلال مشروعات العمل التي تقدمت بها الدول ، ومنها مصر الذي تقدمت في قمة برشلونة ب75 مشروعا للتعاون الثنائي بين دول القارتين ، لكنها لم تجد دعما بسبب الازمة المالية والتطوير الهيكلي الذي طرأ علي الاتحاد الاوربي بضم أعضاء جدد ، وتؤكد مصر علي ضرورة التزام الشركاء وتمويل المشروعات . وتركز الرؤية المصرية كذلك علي ضرورة أن تتعامل القمة مع تحديات السلم والأمن في إفريقيا من منظور تنموي شامل ، يهدف للقضاء علي الجذور الرئيسية للنزاعات في إفريقيا ولا يتعامل مع القشور، وإعلاء مبادئ الاحترام والتفاهم المتبادل واحترام الهويات والأولويات الوطنية ، بالإضافة للأخذ في الاعتبار ما تمليه السياقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية المختلفة التي تحيط بالقارتين ، مع الإشارة الي تطلع مصر لتمسك دول الاتحاد الاوربي بمبدأ حقوق الإنسان للجميع دون تمييز ، ولعب دور بناء في المحافل الدولية فيما يتعلق بالجهود العالمية لمحاربة العنصرية والتمييز العنصري ، وتعزيز التنوع ، مع النص علي أهمية تسهيل الحركة القانونية للافراد باعتباره عاملا هاما في مكافحة الهجرة غير الشرعية والتركيز علي البعد التنموي للهجرة .