على بٌعد 3 كيلو من شمال غرب إيران والوصول 30 دقيقة.. ماذا اكتشفت الطائرة التركية؟    وزير الرياضة: أهنئ الزمالك بالتتويج بالكونفدرالية.. وهناك مشروعات ضخمة في استاد القاهرة    تصل منتصف ال40 درجة.. الأرصاد تحذر المواطنين: لا تخرجوا إلا للضرورة    بالاسم والرقم القومي.. رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2024 الترم الثاني (استعلم الآن)    الطوارئ الروسية تعلن إرسال 47 متخصصا للبحث عن مروحية الرئيس الإيراني    بعد حادث طائرة الرئيس.. لماذا التقى الرئيس الروسي بالسفير الإيراني؟    سوريا تعرب عن تضامنها مع إيران في حادث اختفاء طائرة «رئيسي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: الضغط الأمريكي لا تأثير له على إسرائيل    غارة إسرائيلية عنيفة تستهدف مخيم البريج وسط قطاع غزة    اتحاد الصناعات: وثيقة سياسة الملكية ستحول الدولة من مشغل ومنافس إلى منظم ومراقب للاقتصاد    أول تعليق من أحمد زيزو بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية.. ماذا قال؟    دونجا يوجه رسالة للاعب نهضة بركان بعد لقطته الرائعة في نهائي الكونفدرالية    تراجع جديد في سعر كيلو اللحم البقري قائم اليوم 2024    مصدر أمنى ينفى الشائعة الإخوانية بوجود سرقات بالمطارات.. ويؤكد: كذبة مختلقة    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    عمر الشناوي: «والدي لا يتابع أعمالي ولا يشعر بنجاحي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    دعاء الحر الشديد كما ورد عن النبي.. اللهم أجرنا من النار    كيكة موس الشيكولاتة بالقهوة بأسرار المحلات.. «هتطلع أحلى من الجاهزة»    عبدالملك: المثلوثي وزيزو من نجوم الكونفدرالية.. وهدف الجزيري في الذهاب وراء التتويج    حسين لبيب: اليوم سنحتفل بالكونفدرالية وغدا نستعد لاستكمال الدوري    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    الهلال الأحمر الإيراني: حددنا موقعا آخر للبحث وفرق الإنقاذ بشأن مروحية رئيسي    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق داخل مدرسة في البدرشين    جريمة بشعة تهز المنيا.. العثور على جثة فتاة محروقة في مقابر الشيخ عطا ببني مزار    نشرة منتصف الليل| تحذير من الأرصاد بشأن الموجة الحارة.. وتحرك برلماني جديد بسبب قانون الإيجار القديم    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير.. سعر الذهب بالمصنعية اليوم الإثنين 20 مايو بالصاغة    اليوم.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة بقيمة 9 مليار    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    د.حماد عبدالله يكتب: العودة إلى الماضى والنظر إلى المستقبل    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    ملف يلا كورة.. الكونفدرالية زملكاوية    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    تعرف على أهمية تناول الكالسيوم وفوائدة للصحة العامة    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    الصحة: طبيب الأسرة ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    بعد الموافقة عليه.. ما أهداف قانون المنشآت الصحية الذي أقره مجلس النواب؟    تقرير رسمى يرصد 8 إيجابيات لتحرير سعر الصرف    ارتفاع كبير في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 20 مايو 2024    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    خبيرة ل قصواء الخلالى: نأمل فى أن يكون الاقتصاد المصرى منتجا يقوم على نفسه    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 20-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان يكشف حقيقة هجوم أكثر من 700 شخص على المصريين    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    مسؤول بمبادرة ابدأ: تهيئة مناخ الاستثمار من أهم الأدوار وتسهيل الحصول على التراخيص    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    اليوم.. محاكمة طبيب وآخرين متهمين بإجراء عمليات إجهاض للسيدات في الجيزة    اليوم.. محاكمة 13 متهما بقتل شقيقين بمنطقة بولاق الدكرور    عواد بعد التتويج بالكونفدرالية: سأرحل بطلًا إذا لم أجدد مع الزمالك    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأرياف تصدر الباعة الجائلين وعمال
»فواعلية «.. مؤهلات عليا!!
نشر في الأخبار يوم 16 - 10 - 2013


شبح البطالة يهدد المصريين
شكلت الهجرة من الريف الي المدن صداعا مزمنا في رأس مصر، بشكل باتت معه القاهرة مشلولة تماما من الزحام وصعوبة حركة المرور، فضلا عن تكدس الباعة الجائلين الذين نزحوا من قراهم وجاءوا ليفترشوا ميادين العاصمة حيث شكلوا في إحدي الإحصائيات 60٪، ممازادت معه العشوائيات شكل ذلك عبئا كبيرا علي المرافق. الأخبار تفتح هذا الملف المهمل منذ عقود وتبحث عن اسباب الهجرة من الريف وماهي رؤية الخبراء لوقف الهروب المستمر من قري مصر الي مدنها خاصة القاهرة التي لم تعد تحتمل المزيد بعد ان وصل عدد سكانها الي 20٪ من إجمالي عدد المصريين ؟
التقينا بالمواطن " عبد الغني عبد الستار " الذي جاءمن الفيوم للعمل في " طائفة المعمار " له من الأولاد ثمانية يفتش في القاهرة عن " لقمة عيش " ليسد احتياجاتهم فيترك بلده كل أسبوعين قاصدا القاهرة يبحث عن رزقه رغم انه أجري - بحسبه- عملية في شرايين يده اليمني - ما جعله طريح الفراش لشهور، الا انه لا يزال يشق الظروف الصعبة لكي يعيش هو وأولاده متحديا مرضه.
يضع عبد الغني معاناته بين يدي القارئ ويقول "انه يعاني الامرين للحصول علي عمل خاصة عندما يعرف الزبون انه مريض ويده ضعيفة، الامر الذي يجعله قد لا يجد عملا طيلة فترة وجوده بالقاهرة مما يعقد الامور داخل أسرته جراء عدم وجود ما يسد احتياجاتهم ". يطالب " عبد الغني " الحكومة بالنظر الي فئة العمال بعين الاعتبار، فليست لديهم مهنة معينة - وعلي حد وصفه - "ارزوقية علي باب الله"، يعملون في اي شيء وبخاصة اعمال البناء والتكسير والهدم وحمل الحديد، كل هذه المهن التي تحتاج لقوة عضليةً، مطالبا بوجود مظلة للرعاية الصحية والتامين عليهم لعلاجهم حال الوقوع في المرض لأنهم يمرضون ولا يجدون من يعالجهم.
" عامل بليسانس "
" الأخبار" قامت بجولة للاستماع الي عمال التراحيل الذين يجلسون في شوارع القاهرة.، وإذ بها تفاجأ بشاب ويدعي " محمد صبحي" - 24 سنة - حاصل علي ليسانس اداب لغة عربية، وقد جاء من الفيوم يبحث عن عمل، واضعا امامه ادوات وعدة التكسير ينتظر الفرج ليقع الاختيار عليه من اصحاب الأعمال الذين يبحثون عن عمال، ولكي يفوز ب " يومية "توفر له مصروفاته.
سألناه لماذا تجلس علي الرصيف وانت حاصل علي مؤهل جامعي؟، فقال لنا بسرعة " انا فاض بي الكيل بعد ان اعياني البحث عن عمل يلائم مؤهلي فلم اجد اي وظيفة مناسبة وانا متزوج ومسئول عن اسرة، وظروف المعيشة الصعبة في القرية جعلتني اقررالهجرة الي القاهرة واسكن فيها في غرفة مشاركة مع عمال اخرين في سبيل ان اجد عملا
ويؤكد ان العمل في " طائفة المعمار " أيضا طاله البطالة مع زيادة عدد الجالسين في الشارع وقلة الطلب عليهم وعدم تقدير عملهم بالأجر المناسب.
محمد عواد- فلاح بسيط من محافظة الفيوم - هاجر الي القاهرة وترك اسرته، وجاء بابنته المريضة معه حتي يعمل وفي نفس الوقت يعالجها، يقول انه طاف بها علي مستشفيات مصرحتي يجد علاجا لابنته علي نفقة الدولة، ولكن دون جدوي فاضطر ان يتركها في بلدته الفيوم، ويبقي هو في القاهرة، واختار ان يعمل في مهنة العتالة فهي مهنة من لا مهنة له، ويقول محمد انه يجلس في الشارع علي الرصيف يوميا ساعات وايام في انتظار الرزق، موضحا انه علي الرغم من زيادة عملية البناء والمعمار، لكن قلة الطلب علي العمالة ادت الي انتشار البطالة بينهم، وطالب محمد وزير الصحة والمسئولين ان يعالجوا ابنته علي نفقة الدولة لانه علي باب الله، يعمل يوما وينتظر شهرا بدون عمل، ويحتاج لاكثر من 12 ألف جنيه لعلاج ابنته، وطالب الدولة الاهتمام بالفقراء.
" محمود يوسف " حاصل علي دبلوم صنايع جاءمن اسيوط للعمل بالبناء، هجر الفلاحة وترك الارض وجاء الي القاهرة للبحث عن عمل بعد ان ارتفعت اسعار الأسمدة وندرت المياه مما زاد ملوحة الارض التي بارت فهجرها وجاء الي القاهرة ليسكن في منطقة عشوائية يدفع إيجار 2000جنيه شهريابالمشاركة مع زملائه.
يطالب " محمد يوسف " بضرورة ان تنظر اليهم الحكومة وتخصص لهم علاجا علي نفقة الدولة لانه يعاني من قساوة المرض وآلام الظهر جراء المهنة الشاقة التي يعمل بها.
" سبع صنايع "
الشيخ رجب رجل المهام الشاقة كنا يلقبه أهالي منطقة النزهة التي اتخذها مقرا لإقامته وعمله هو وأسرته، فقد جاءوا معه من الفيوم لمشاركته في العيش بالقاهرة وليه نوا عليه قلة العمل ومتاعب الدنيا، فهو حقاً رجل ذو مواصفات خاصة لانه يقوم بجميع الاعمال،- كما يقول - سبع صنايع- فتجده في تكسير بلاط الشقق، رفع مخلفات المباني، غسيل السيارات والسجاد، جميع اعمال السباكة، الترميمات، وتوريد رمل وزلط للمباني المجاورة،
اشتهر بالعمل الجاد، فهو ا كثر من 10 ساعات يوميا وينام قليلا، معروف بانه اخرشخص ينام في المنطقة واول من يستيقظ.
يقول الشيخ رجب ان ظروف الحياة في الفيوم صعبة لدرجة ان الناس هجروها نتيجة للبطالة، فهو لايذهب الي بلدته الا في الاعياد والمناسبات ليزور اقاربه ثم يعود الي القاهرة مرة أخري حيث عمله.
" بطالة مزمنة "
" محمد عبد الحميد " عامل من الفيوم يقول انه بعد ان اسودت الدنيا في وجهه قرر الهجرة الي القاهرة وترك اطفاله الثلاثة وراء ظهره واتخذ حجرة مشتركة مع زملائه في نفس المهنة يعمل طيلة اربعين يوما ثم يذهب الي بلدته.
يوكد لنا " محمد " ان الالات الحديثة وخلاطات المونة والادوات الرافعة تسببت في زيادة معدلات البطالة ووفرت 15 عاملا علي الأقل في كل موقع وهذا مازاد من معدل بطالتهم.
يشرح لنا " حسين خلف " مأساته ويقول انه عامل البناء ترك المنيا وقرر الهجرة الي القاهرة ليطرق ابواب الرزق بعد ان بارت الاراضي الزراعية وارتفعت قيمة الايجارات الاراضي للفلاح.
في ظل ظروف مرضية طالته من العمل أدت الي وجود مرض في قدمه يعوقه عن العمل
" مرض وفقر"
يروي عم حسين معاناته مع المرض والفقر واولاده الاربعة الذين لا يقدر علي سد احتياجاتهم، بالاضافة الي مصروفاته هو وحده في القاهرة، مؤكدا انه يذهب لهم كل 3 اسابيع حتي يطمئن عليهم ويعود لمواصلة رحلة البحث عن لقمة العيش التي كلفته
ساقه، فقد أكلتها الرطوبة ولم يعد يستطيع المشي عليها وهو منذ سنوات علي هذا الحال، ويأمل ان تمتد اليه اياد رحيمة تفتح لهم" طاقة " رزق في قريته.
ويقول فتحي عوض عامل بناء من الفيوم- انه قرر الهجرة الي القاهرة للبحث عن مصدر رزق للانفاق علي ظروفه الصعبة المتمثلة في مرض ابنته بينما هو ينفق علي ثلاثة اطفال آخرين.
ويقول عطية فكري- عامل انه جاء للقاهرة للبحث عن عمل وحتي يتمكن من العلاج، علي نفقة الدولة، مضيفا انه ترك وراءه اربعة اطفال دون عائل.
و في موقف عبود التقينا " محمد حمدي " من كفر الشيخ طالب بكلية طب جامعة القاهرة - يبحث عن وسيلة مواصلات تحمله الي جامعة القاهرة، يقول انه جاء ليدرس الطب في جامعة القاهرة، ويقيم في المدينة الجامعية، شارحا معاناته عند حضوره للقاهرة اسبوعيا حتي يتمكن من مواصلة دراسته الجامعية، مطالبا الدولة ان توفر للطلبة وسيلة مواصلات امنة وتسهل لهم العملية التعليمية، وخاصة بعد الثورة مع زيادة المظاهرات والاضرابات الفئوية.
الناس غلابة
ويقول الحاج محمد صاحب " فرشة فول " في موقف عبود ان الزبائن التي تحضر للقاهرة من الاقاليم تتعدد مطالبهم، لان الناس غلابة وتعبانة فمنهم من جاء للعلاج واخرين للبحث عن عمل او زيارة بعض الاقارب، وبعضهم لانهاء بعض الاوراق الرسمية من الهيئات والوزارات.
في ميدان رمسيس جلس ياسر وجيه عامل بشركة كريازي 24 سنة من المنيا - يقول انه اعتاد الحضور للقاهرة منذ 7 سنوات كل 20 يوما للعمل، لانه خاطب ويريد ان يتزوج، مضيفا انه اضطر الي النزوح للقاهرة لان الناس في الصعيد لم تستطع شراء اراض زراعية لارتفاع سعرها، لذلك اتجه الشباب للقاهرة، موضحا ان اشقاءه الثلاثة ايضا يحضرون للقاهرة للعمل فيها.
اما هشام احمد - سباك من سوهاج- جلس علي الرصيف في ميدان رمسيس شبه نائم من شدة التعب يحمل حقيبته ينتظر اي سيارة تحمله لبلده، يقول انه يحضر للقاهرة منذ 8 سنوات مرتين في السنة، مشيرا لمعاناته لفراق اهله وقريته ولكنه مضطر لعدم وجود فرصة عمل في سوهاج.
خالد محمود سباك من المنوفية جلس بجوار هشام زميله في المهنة شارحا اسباب نزوحهم من بلدهم الي القاهرة حيث انه اعتاد منذ سنوات الاقامة في القاهرة لفترة شهر ثم العودة الي بلدته لمساعدة اسرته في العيش، لارتفاع مستوي المعيشة والغلاء، وعدم وجود بنزين او سولار لتشغيل الماكينات الزراعية، بالاضافة الي ارتفاع قيمة ايجار الاراضي الزراعية للفلاح التي يقوم الفلاح بزراعتها مقابل ايجار شهري، وقلة الموارد في الارياف.
الباعة الجائلون
يقول محمد حسين - بائع الفاكهة المتجول- انه جاء من الفيوم منذ سنوات وترك اسرته المكونة من اربعة اطفال وزوجة وراءه، وجاء الي القاهرة بحثا عن رزق، بعد ان جفت الارض واصبحت تكلفة زراعتها لا يقدر عليها، واتخذ حجرة في منطقة فيصل، والغريب انه يقوم ببيع بضاعته في منطقة مصر الجديدة، مضيفا ا نه يرجع لبلدته في الفيوم ليري اولاده كل شهر، بهذه الطريقة وجد محمد حلا لمشكلته، متحملا مشقة السفر وفراق اولاده طلبا للرزق، فهو رقم من ضمن الاف الباعة الجائلين الذين افترشوا الارصفة في كل ميادين مصر واصبحوا قنبلة موقوتة تهدد الشارع المصري، حيث ان اكثرمن نصفهم جاءوا من الاقاليم يزاحمون باعة القاهرة، لدرجة اغلاقهم طرقا بالكامل في اشهر ميادين القاهرة مثل ميدان رمسيس والتحرير وطلعت حرب والاسعاف والجيزة فلم تسلم منطقة منهم ومناطق العشوائيات مثل فيصل وامبابة ومنطقة وكالة البلح التي خرج منها الباعة الي وسط البلد دون رقيب.
تطبيق اللامركزية
تقول د. لبني عبد اللطيف- استاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة ان من اهم اسباب النزوح من الاقاليم للحضر هو البحث عن وجود حياة افضل ودخل افضل، موضحة ان سبب الهجرة راجع لعدم وجود خدمات صحية في الأرياف، وعدم وجود استثمارات، موضحة ان المجتمع القوي يقوم علي اقتصاد قوي.
وحول رؤيتها للقطاع الزراعي تقول " الدكتورة " لبني " ان التصنيع الزراعي في اوروبا موجود في الريف، فهو عنصر رئيسي في اقتصاد اوروبا، موضحة ان الزراعة في مصر اصبحت زراعة حضرية اي علي اطراف المدن والريف بعد بوار الارض وتصحرها وتجريفها وتحويلها لمباني، وقلة الارض الزراعية،مشيرة الي انتشار العشوائيات في القاهرة والاسكندرية لتوافر الخدمات فيهما، مؤكدة ان الحل في تطبيق اللامركزية.
ويطالب د. عبد القوي خليفة - وزير المرافق والمياه السابق - بوقف نزيف الهجرة من الريف الي محافظة القاهرة، لعدم تحمل كل هذا العبء علي مرافقها من مياه وكهرباء ومواصلات وتعليم وصرف وزيادة العشوائيات بشكل مخيف، موضحا انه ان الاوان لتطوير وتنمية الريف وتوفير الخدمات الاساسية وفرص العمل، حتي يخف العبء علي محافظة القاهرة.
انتكاس الزراعة
ويلخص محمد برغش وكيل حزب مصر الخضراء تحت التأسيس- اسباب هجرة الفلاح ويقول " انه منذ عام 2005 حدث تحول خطير في الزراعة المصرية، حيث تم استيراد اعلاف سيلولوزية من الصين مصنعة من ريش الطيور الملوث بانفلونزا الطيور، و برغم انه تم حظر استيراد اية اعلاف من الصين منذ عام 2000، وتم استيراد سلالات من رؤوس ماشية تحمل امراضا جديدة من دول افريقية ومعروفة لدي البيطريين، ثم جاءت بعد ذلك انفلونزا الخنازير، موضحا ان كل هذه العوامل اثرت علي الفلاح المصري لان 90٪ من الثروة الحيوانية تعتمد علي صغار المربيين، وبالتالي دمرت مقومات الفلاح البسيطة من الثروات الحيوانية التي تدر له عائدا يعيش منه، وباعها وحلت محلها حديد واسمنت، بعد ان تخلت الدولة عن دورها تجاه الفلاح، وارتفاع سعر شيكارة السماد ووصلت في السوق السوداء في عام 2007 الي 240 جنيها، وفي الجمعيات التعاونية 75 جنيها، وتعثرت حياة الفلاح، وكانت الدولة تدير الزراعة بدون عقل.
يؤكد برغش ان الزراعة اهم ركائز الامن القومي المصري، واذا ازدهرت تحقق الامن الاجتماعي والاقتصادي، مشيرا الي ان كل هذه الاسباب ادت الي ارتفاع مستلزمات الانتاج، وترك الفلاح بدون مساعدة او ارشاد زراعي حتي تطعيم الحيوانات كان مجانيا والان فرضت عليه رسوما، ويشير برغش الي ان الفلاح عند بلوغه سن الستين لايجد مظلة تامين صحي او معاش يعينه علي الحياة، ولا تقوم الدولة بتعويضه عن مخاطر الزراعة، ولا حتي التأمين علي المحاصيل الزراعية او الحيوانية، مؤكدا علي ان اوضاع الفلاحين اصبحت اسوأ بعد ثورة 25 يناير لانعدام الامن وارتفاع مستلزمات الانتاج، ولم تقدم الدولة المساعدات للفلاح لتمكينه من تصدير محاصيله من الموالح والارز والبطاطس، وتساءل لماذا كل هذا الاهمال، فالفلاح دافع للضرائب، وعليه فقد هانت عليه الارض التي كانت عرضة وباعها لتصبح مباني وحلت الخراسانات محل سنبلة القمح، اصبحت والدولة عاجزة عن اتخاذ اي اجراء،مشيرا الي ان كل فدان يتم تحويله الي مباني يحرم 5 مصريين من فرص العمل و11 مصريا من الطعام، وهوكله ثقة ان الخبراء لا يعرفون لغة الارقام هذه.
وتؤكد الدكتورة مني يوسف - رئيس قسم البحوث واستطلاع الرأي بالمركز القومي للبحوث ان العامل الاقتصادي وقلة فرص العمل من اهم عوامل الهجرة من الريف للقاهرة، بالاضافة الي قلة الانتاجية الزراعية، وارتفاع معدلات الذكور عن الاناث في محافظات الجذب وزيادة عدد الاناث في محافظات الطرد، ومع ازدياد النمو السكاني في محافظات الجنوب، كل هذا ادي الي النزوح للمدن، مشيرة الي بعض الدراسات التي اثبتت ان غالبية المهاجرين من الشباب ونصفهم غير متعلم، موضحة ان عودة المصريين من دول الخليج جراء الحروب وثورات دول الربيع العربي، وتشديد اجراءات الهجرة في الدول الاوروبية، ومنافسة العمالة الاسيوية الرخيصة للعمالة المصرية، والطفرة المعمارية التي تشهدها مدن الحضر، كل هذه اسباب ادت لهذا الهروب
وتظل هناك مهن لاتجد لها مكانا وافرا في المحافظات مثل الصحافة والاعلام، لتمركز وسائل الاعلام المقروءة والمرئية من جرائد او قنوات فضائية في محافظة القاهرة، مما دعا الاغلبية العظمي من الطلبة حديثي التخرج الي الاقامة في القاهرة لايجاد فرص عمل واشباع رغبتهم في العمل الصحفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.