«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأرياف تصدر الباعة الجائلين وعمال
»فواعلية «.. مؤهلات عليا!!
نشر في أخبار اليوم يوم 16 - 10 - 2013


شبح البطالة يهدد المصريين
شكلت الهجرة من الريف الي المدن صداعا مزمنا في رأس مصر، بشكل باتت معه القاهرة مشلولة تماما من الزحام وصعوبة حركة المرور، فضلا عن تكدس الباعة الجائلين الذين نزحوا من قراهم وجاءوا ليفترشوا ميادين العاصمة حيث شكلوا في إحدي الإحصائيات 60٪، ممازادت معه العشوائيات شكل ذلك عبئا كبيرا علي المرافق. الأخبار تفتح هذا الملف المهمل منذ عقود وتبحث عن اسباب الهجرة من الريف وماهي رؤية الخبراء لوقف الهروب المستمر من قري مصر الي مدنها خاصة القاهرة التي لم تعد تحتمل المزيد بعد ان وصل عدد سكانها الي 20٪ من إجمالي عدد المصريين ؟
التقينا بالمواطن " عبد الغني عبد الستار " الذي جاءمن الفيوم للعمل في " طائفة المعمار " له من الأولاد ثمانية يفتش في القاهرة عن " لقمة عيش " ليسد احتياجاتهم فيترك بلده كل أسبوعين قاصدا القاهرة يبحث عن رزقه رغم انه أجري - بحسبه- عملية في شرايين يده اليمني - ما جعله طريح الفراش لشهور، الا انه لا يزال يشق الظروف الصعبة لكي يعيش هو وأولاده متحديا مرضه.
يضع عبد الغني معاناته بين يدي القارئ ويقول "انه يعاني الامرين للحصول علي عمل خاصة عندما يعرف الزبون انه مريض ويده ضعيفة، الامر الذي يجعله قد لا يجد عملا طيلة فترة وجوده بالقاهرة مما يعقد الامور داخل أسرته جراء عدم وجود ما يسد احتياجاتهم ". يطالب " عبد الغني " الحكومة بالنظر الي فئة العمال بعين الاعتبار، فليست لديهم مهنة معينة - وعلي حد وصفه - "ارزوقية علي باب الله"، يعملون في اي شيء وبخاصة اعمال البناء والتكسير والهدم وحمل الحديد، كل هذه المهن التي تحتاج لقوة عضليةً، مطالبا بوجود مظلة للرعاية الصحية والتامين عليهم لعلاجهم حال الوقوع في المرض لأنهم يمرضون ولا يجدون من يعالجهم.
" عامل بليسانس "
" الأخبار" قامت بجولة للاستماع الي عمال التراحيل الذين يجلسون في شوارع القاهرة.، وإذ بها تفاجأ بشاب ويدعي " محمد صبحي" - 24 سنة - حاصل علي ليسانس اداب لغة عربية، وقد جاء من الفيوم يبحث عن عمل، واضعا امامه ادوات وعدة التكسير ينتظر الفرج ليقع الاختيار عليه من اصحاب الأعمال الذين يبحثون عن عمال، ولكي يفوز ب " يومية "توفر له مصروفاته.
سألناه لماذا تجلس علي الرصيف وانت حاصل علي مؤهل جامعي؟، فقال لنا بسرعة " انا فاض بي الكيل بعد ان اعياني البحث عن عمل يلائم مؤهلي فلم اجد اي وظيفة مناسبة وانا متزوج ومسئول عن اسرة، وظروف المعيشة الصعبة في القرية جعلتني اقررالهجرة الي القاهرة واسكن فيها في غرفة مشاركة مع عمال اخرين في سبيل ان اجد عملا
ويؤكد ان العمل في " طائفة المعمار " أيضا طاله البطالة مع زيادة عدد الجالسين في الشارع وقلة الطلب عليهم وعدم تقدير عملهم بالأجر المناسب.
محمد عواد- فلاح بسيط من محافظة الفيوم - هاجر الي القاهرة وترك اسرته، وجاء بابنته المريضة معه حتي يعمل وفي نفس الوقت يعالجها، يقول انه طاف بها علي مستشفيات مصرحتي يجد علاجا لابنته علي نفقة الدولة، ولكن دون جدوي فاضطر ان يتركها في بلدته الفيوم، ويبقي هو في القاهرة، واختار ان يعمل في مهنة العتالة فهي مهنة من لا مهنة له، ويقول محمد انه يجلس في الشارع علي الرصيف يوميا ساعات وايام في انتظار الرزق، موضحا انه علي الرغم من زيادة عملية البناء والمعمار، لكن قلة الطلب علي العمالة ادت الي انتشار البطالة بينهم، وطالب محمد وزير الصحة والمسئولين ان يعالجوا ابنته علي نفقة الدولة لانه علي باب الله، يعمل يوما وينتظر شهرا بدون عمل، ويحتاج لاكثر من 12 ألف جنيه لعلاج ابنته، وطالب الدولة الاهتمام بالفقراء.
" محمود يوسف " حاصل علي دبلوم صنايع جاءمن اسيوط للعمل بالبناء، هجر الفلاحة وترك الارض وجاء الي القاهرة للبحث عن عمل بعد ان ارتفعت اسعار الأسمدة وندرت المياه مما زاد ملوحة الارض التي بارت فهجرها وجاء الي القاهرة ليسكن في منطقة عشوائية يدفع إيجار 2000جنيه شهريابالمشاركة مع زملائه.
يطالب " محمد يوسف " بضرورة ان تنظر اليهم الحكومة وتخصص لهم علاجا علي نفقة الدولة لانه يعاني من قساوة المرض وآلام الظهر جراء المهنة الشاقة التي يعمل بها.
" سبع صنايع "
الشيخ رجب رجل المهام الشاقة كنا يلقبه أهالي منطقة النزهة التي اتخذها مقرا لإقامته وعمله هو وأسرته، فقد جاءوا معه من الفيوم لمشاركته في العيش بالقاهرة وليه نوا عليه قلة العمل ومتاعب الدنيا، فهو حقاً رجل ذو مواصفات خاصة لانه يقوم بجميع الاعمال،- كما يقول - سبع صنايع- فتجده في تكسير بلاط الشقق، رفع مخلفات المباني، غسيل السيارات والسجاد، جميع اعمال السباكة، الترميمات، وتوريد رمل وزلط للمباني المجاورة،
اشتهر بالعمل الجاد، فهو ا كثر من 10 ساعات يوميا وينام قليلا، معروف بانه اخرشخص ينام في المنطقة واول من يستيقظ.
يقول الشيخ رجب ان ظروف الحياة في الفيوم صعبة لدرجة ان الناس هجروها نتيجة للبطالة، فهو لايذهب الي بلدته الا في الاعياد والمناسبات ليزور اقاربه ثم يعود الي القاهرة مرة أخري حيث عمله.
" بطالة مزمنة "
" محمد عبد الحميد " عامل من الفيوم يقول انه بعد ان اسودت الدنيا في وجهه قرر الهجرة الي القاهرة وترك اطفاله الثلاثة وراء ظهره واتخذ حجرة مشتركة مع زملائه في نفس المهنة يعمل طيلة اربعين يوما ثم يذهب الي بلدته.
يوكد لنا " محمد " ان الالات الحديثة وخلاطات المونة والادوات الرافعة تسببت في زيادة معدلات البطالة ووفرت 15 عاملا علي الأقل في كل موقع وهذا مازاد من معدل بطالتهم.
يشرح لنا " حسين خلف " مأساته ويقول انه عامل البناء ترك المنيا وقرر الهجرة الي القاهرة ليطرق ابواب الرزق بعد ان بارت الاراضي الزراعية وارتفعت قيمة الايجارات الاراضي للفلاح.
في ظل ظروف مرضية طالته من العمل أدت الي وجود مرض في قدمه يعوقه عن العمل
" مرض وفقر"
يروي عم حسين معاناته مع المرض والفقر واولاده الاربعة الذين لا يقدر علي سد احتياجاتهم، بالاضافة الي مصروفاته هو وحده في القاهرة، مؤكدا انه يذهب لهم كل 3 اسابيع حتي يطمئن عليهم ويعود لمواصلة رحلة البحث عن لقمة العيش التي كلفته
ساقه، فقد أكلتها الرطوبة ولم يعد يستطيع المشي عليها وهو منذ سنوات علي هذا الحال، ويأمل ان تمتد اليه اياد رحيمة تفتح لهم" طاقة " رزق في قريته.
ويقول فتحي عوض عامل بناء من الفيوم- انه قرر الهجرة الي القاهرة للبحث عن مصدر رزق للانفاق علي ظروفه الصعبة المتمثلة في مرض ابنته بينما هو ينفق علي ثلاثة اطفال آخرين.
ويقول عطية فكري- عامل انه جاء للقاهرة للبحث عن عمل وحتي يتمكن من العلاج، علي نفقة الدولة، مضيفا انه ترك وراءه اربعة اطفال دون عائل.
و في موقف عبود التقينا " محمد حمدي " من كفر الشيخ طالب بكلية طب جامعة القاهرة - يبحث عن وسيلة مواصلات تحمله الي جامعة القاهرة، يقول انه جاء ليدرس الطب في جامعة القاهرة، ويقيم في المدينة الجامعية، شارحا معاناته عند حضوره للقاهرة اسبوعيا حتي يتمكن من مواصلة دراسته الجامعية، مطالبا الدولة ان توفر للطلبة وسيلة مواصلات امنة وتسهل لهم العملية التعليمية، وخاصة بعد الثورة مع زيادة المظاهرات والاضرابات الفئوية.
الناس غلابة
ويقول الحاج محمد صاحب " فرشة فول " في موقف عبود ان الزبائن التي تحضر للقاهرة من الاقاليم تتعدد مطالبهم، لان الناس غلابة وتعبانة فمنهم من جاء للعلاج واخرين للبحث عن عمل او زيارة بعض الاقارب، وبعضهم لانهاء بعض الاوراق الرسمية من الهيئات والوزارات.
في ميدان رمسيس جلس ياسر وجيه عامل بشركة كريازي 24 سنة من المنيا - يقول انه اعتاد الحضور للقاهرة منذ 7 سنوات كل 20 يوما للعمل، لانه خاطب ويريد ان يتزوج، مضيفا انه اضطر الي النزوح للقاهرة لان الناس في الصعيد لم تستطع شراء اراض زراعية لارتفاع سعرها، لذلك اتجه الشباب للقاهرة، موضحا ان اشقاءه الثلاثة ايضا يحضرون للقاهرة للعمل فيها.
اما هشام احمد - سباك من سوهاج- جلس علي الرصيف في ميدان رمسيس شبه نائم من شدة التعب يحمل حقيبته ينتظر اي سيارة تحمله لبلده، يقول انه يحضر للقاهرة منذ 8 سنوات مرتين في السنة، مشيرا لمعاناته لفراق اهله وقريته ولكنه مضطر لعدم وجود فرصة عمل في سوهاج.
خالد محمود سباك من المنوفية جلس بجوار هشام زميله في المهنة شارحا اسباب نزوحهم من بلدهم الي القاهرة حيث انه اعتاد منذ سنوات الاقامة في القاهرة لفترة شهر ثم العودة الي بلدته لمساعدة اسرته في العيش، لارتفاع مستوي المعيشة والغلاء، وعدم وجود بنزين او سولار لتشغيل الماكينات الزراعية، بالاضافة الي ارتفاع قيمة ايجار الاراضي الزراعية للفلاح التي يقوم الفلاح بزراعتها مقابل ايجار شهري، وقلة الموارد في الارياف.
الباعة الجائلون
يقول محمد حسين - بائع الفاكهة المتجول- انه جاء من الفيوم منذ سنوات وترك اسرته المكونة من اربعة اطفال وزوجة وراءه، وجاء الي القاهرة بحثا عن رزق، بعد ان جفت الارض واصبحت تكلفة زراعتها لا يقدر عليها، واتخذ حجرة في منطقة فيصل، والغريب انه يقوم ببيع بضاعته في منطقة مصر الجديدة، مضيفا ا نه يرجع لبلدته في الفيوم ليري اولاده كل شهر، بهذه الطريقة وجد محمد حلا لمشكلته، متحملا مشقة السفر وفراق اولاده طلبا للرزق، فهو رقم من ضمن الاف الباعة الجائلين الذين افترشوا الارصفة في كل ميادين مصر واصبحوا قنبلة موقوتة تهدد الشارع المصري، حيث ان اكثرمن نصفهم جاءوا من الاقاليم يزاحمون باعة القاهرة، لدرجة اغلاقهم طرقا بالكامل في اشهر ميادين القاهرة مثل ميدان رمسيس والتحرير وطلعت حرب والاسعاف والجيزة فلم تسلم منطقة منهم ومناطق العشوائيات مثل فيصل وامبابة ومنطقة وكالة البلح التي خرج منها الباعة الي وسط البلد دون رقيب.
تطبيق اللامركزية
تقول د. لبني عبد اللطيف- استاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة ان من اهم اسباب النزوح من الاقاليم للحضر هو البحث عن وجود حياة افضل ودخل افضل، موضحة ان سبب الهجرة راجع لعدم وجود خدمات صحية في الأرياف، وعدم وجود استثمارات، موضحة ان المجتمع القوي يقوم علي اقتصاد قوي.
وحول رؤيتها للقطاع الزراعي تقول " الدكتورة " لبني " ان التصنيع الزراعي في اوروبا موجود في الريف، فهو عنصر رئيسي في اقتصاد اوروبا، موضحة ان الزراعة في مصر اصبحت زراعة حضرية اي علي اطراف المدن والريف بعد بوار الارض وتصحرها وتجريفها وتحويلها لمباني، وقلة الارض الزراعية،مشيرة الي انتشار العشوائيات في القاهرة والاسكندرية لتوافر الخدمات فيهما، مؤكدة ان الحل في تطبيق اللامركزية.
ويطالب د. عبد القوي خليفة - وزير المرافق والمياه السابق - بوقف نزيف الهجرة من الريف الي محافظة القاهرة، لعدم تحمل كل هذا العبء علي مرافقها من مياه وكهرباء ومواصلات وتعليم وصرف وزيادة العشوائيات بشكل مخيف، موضحا انه ان الاوان لتطوير وتنمية الريف وتوفير الخدمات الاساسية وفرص العمل، حتي يخف العبء علي محافظة القاهرة.
انتكاس الزراعة
ويلخص محمد برغش وكيل حزب مصر الخضراء تحت التأسيس- اسباب هجرة الفلاح ويقول " انه منذ عام 2005 حدث تحول خطير في الزراعة المصرية، حيث تم استيراد اعلاف سيلولوزية من الصين مصنعة من ريش الطيور الملوث بانفلونزا الطيور، و برغم انه تم حظر استيراد اية اعلاف من الصين منذ عام 2000، وتم استيراد سلالات من رؤوس ماشية تحمل امراضا جديدة من دول افريقية ومعروفة لدي البيطريين، ثم جاءت بعد ذلك انفلونزا الخنازير، موضحا ان كل هذه العوامل اثرت علي الفلاح المصري لان 90٪ من الثروة الحيوانية تعتمد علي صغار المربيين، وبالتالي دمرت مقومات الفلاح البسيطة من الثروات الحيوانية التي تدر له عائدا يعيش منه، وباعها وحلت محلها حديد واسمنت، بعد ان تخلت الدولة عن دورها تجاه الفلاح، وارتفاع سعر شيكارة السماد ووصلت في السوق السوداء في عام 2007 الي 240 جنيها، وفي الجمعيات التعاونية 75 جنيها، وتعثرت حياة الفلاح، وكانت الدولة تدير الزراعة بدون عقل.
يؤكد برغش ان الزراعة اهم ركائز الامن القومي المصري، واذا ازدهرت تحقق الامن الاجتماعي والاقتصادي، مشيرا الي ان كل هذه الاسباب ادت الي ارتفاع مستلزمات الانتاج، وترك الفلاح بدون مساعدة او ارشاد زراعي حتي تطعيم الحيوانات كان مجانيا والان فرضت عليه رسوما، ويشير برغش الي ان الفلاح عند بلوغه سن الستين لايجد مظلة تامين صحي او معاش يعينه علي الحياة، ولا تقوم الدولة بتعويضه عن مخاطر الزراعة، ولا حتي التأمين علي المحاصيل الزراعية او الحيوانية، مؤكدا علي ان اوضاع الفلاحين اصبحت اسوأ بعد ثورة 25 يناير لانعدام الامن وارتفاع مستلزمات الانتاج، ولم تقدم الدولة المساعدات للفلاح لتمكينه من تصدير محاصيله من الموالح والارز والبطاطس، وتساءل لماذا كل هذا الاهمال، فالفلاح دافع للضرائب، وعليه فقد هانت عليه الارض التي كانت عرضة وباعها لتصبح مباني وحلت الخراسانات محل سنبلة القمح، اصبحت والدولة عاجزة عن اتخاذ اي اجراء،مشيرا الي ان كل فدان يتم تحويله الي مباني يحرم 5 مصريين من فرص العمل و11 مصريا من الطعام، وهوكله ثقة ان الخبراء لا يعرفون لغة الارقام هذه.
وتؤكد الدكتورة مني يوسف - رئيس قسم البحوث واستطلاع الرأي بالمركز القومي للبحوث ان العامل الاقتصادي وقلة فرص العمل من اهم عوامل الهجرة من الريف للقاهرة، بالاضافة الي قلة الانتاجية الزراعية، وارتفاع معدلات الذكور عن الاناث في محافظات الجذب وزيادة عدد الاناث في محافظات الطرد، ومع ازدياد النمو السكاني في محافظات الجنوب، كل هذا ادي الي النزوح للمدن، مشيرة الي بعض الدراسات التي اثبتت ان غالبية المهاجرين من الشباب ونصفهم غير متعلم، موضحة ان عودة المصريين من دول الخليج جراء الحروب وثورات دول الربيع العربي، وتشديد اجراءات الهجرة في الدول الاوروبية، ومنافسة العمالة الاسيوية الرخيصة للعمالة المصرية، والطفرة المعمارية التي تشهدها مدن الحضر، كل هذه اسباب ادت لهذا الهروب
وتظل هناك مهن لاتجد لها مكانا وافرا في المحافظات مثل الصحافة والاعلام، لتمركز وسائل الاعلام المقروءة والمرئية من جرائد او قنوات فضائية في محافظة القاهرة، مما دعا الاغلبية العظمي من الطلبة حديثي التخرج الي الاقامة في القاهرة لايجاد فرص عمل واشباع رغبتهم في العمل الصحفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.