اختتمت مساء الأربعاء فعاليات مؤتمر أمن الطاقة والذي نظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ومركز الخليج للأبحاث، والذي رعاه نائب رئيس مجلس الوزراء البحريني الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة. وقال الدكتور محمد عبدالغفار رئيس مركز أمناء مركز البحرين للدرسات الاستراتيجية والدولية والطاقة في الجلسة الختامية أن هذا المؤتمر قد طرح عدداً من السيناريوهات المختلفة من جانب كل من مشروع سكيور SECURE والتوقعات العالمية 2010 لوكالة الطاقة الدولية، مما يكشف عن تنوع وجهات النظر المتعلقة بأمن الطاقة العالمي. وأكد أن الجانب الذي تتفق عليه جميع السيناريوهات، هو الدور حاسم للوقود الأحفوري في العقود المقبلة، لاسيما في الاقتصاديات الناشئة. ومن المتوقع أن تلعب منطقة الشرق الأوسط هاماً في كيفية استخدام هذه المصادر لتحسين أمن الطاقة العالمي ، وعلي وجه الخصوص دول مجلس التعاون الخليجي، نظراً للاحتياطي الكبير الذي تتمتع به هذه المنطقة من النفط والغاز. وحول سيناريوهات امن الطاقة فقد خلص المؤتمر إلي انه لم تكن هناك أي سيناريوهات أو إجابات سهلة علي التعقيدات التي ينطوي عليها الحفاظ علي أمن الطاقة العالمي. وأكد الدكتور محمد عبدالغفار أن مستقبل طاقتنا يرتبط ارتباطا مباشرا بعالم تسوده العولمة وأسواق طاقة ذات طابع عالمي، وفي هذا الصدد فإن سياسات الطاقة الشفافة داخل وبين المناطق يمكنها بناء الثقة في موثوقية الإمدادات، كما يمكن أن تسهم في الحفاظ علي الاستقرار، مشيرا إلي أن إحدي النقاط الأساسية التي خرج بها المؤتمر خلال اليومين الماضيين كانت الدعوة إلي والرغبة في الحوار الدولي. و قد أقترح المؤتمر شكلا جديدا من أشكال الحوار بين المنتجين والدول المستهلكة، حيث يمكن من خلال التعاون أن يعلب دورا حيويا في تطوير القدرات نحو مستقبل طاقة عادل ومستقر للجميع. كما أقر المؤتمر أن أمن الطاقة هو نتاج مجموعة معقدة من العوامل الاقتصادية والسياسية المترابطة والمتصلة بالبيئة، وأن هناك حاجة إلي الرصد الدائم، والبحث والحوار من أجل اتخاذ قرارات وسياسات صائبة وذكية..وكان المؤتمر قد عقد خلال الفترة 9 إلي 10 نوفمبر 2010، وشارك فيه 150 مسئولا وخبيرا عالمي في مجال الطاقة. وقد نوقشت فيه نتائج مشروع سكيور الذي يشرف عليه ويموله الاتحاد الأوروبي، وهو يبحث موضوع امن الطاقة ويشارك فيه 15 مركزاً ومعهدا للأبحاث داخل وخارج أوروبا. كما تم إطلاق النسخة 2010 من التقرير العالمي للطاقة من قبل وكالة الطاقة الدولية بالتزامن مع لندن، وهذا التقرير يعد أحد المراجع الرئيسة في مواضيع الطاقة، وهو يتناول سيناريوهات مستقبل الطاقة حتي العام 2035. وكانت الجلسة الثالثة قد ركزت علي موضوع العلاقة التفاعلية بين أمن الإمدادات وتقلب الأسعار وتم تقديم عرض حول أمن الطاقة الأوروبي والحصول علي ملاحظات وتقييم من قبل الشركاء في المناطق الأخري، كما ناقش المؤتمر مساهمة الغاز الطبيعي المسال في أمن الطاقة الأوروبية خلال السنوات المقبلة. وترأس الجلسة موراليدا دي بيدرو المدير العام لمرصد البحر المتوسط للطاقة، بمشاركة كل من ناج ابي آد من شركة قطر للبترول، والسيد مهدي شينوفي من شركة شل للتجارة في الإمارات العربية المتحدة، وكبير محللي المعلومات في مركز أبحاث الطاقة والاستشارية بدبي رنا سماحة..أما الجلسة الأخيرة فتناولت موضوع الطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة وآفاق التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي وقدم العرض (كريستيان بانزر) من مجموعة اقتصاديات الطاقة بجامعة فيينا للتكنولوجيا..كما تم عرض مفهوم DESERTEC وهو أمر ذو أهمية مفصلية في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي في المستقبل، وسيقدمه جيرهارد كنيز، وكرستين بانزر من جامعة فيينا للتكنولوجيا، وسيتم توضيح أفضل الممارسات الأوروبية والدوافع والتحديات المتعلقة بمصادر الطاقة المتجددة. وقد أعلنت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها بارتفاع الطلب علي النفط والغاز خلال ربع قرن قادم رغم توجه الدول المتقدمة والصاعدة نحو الطاقات المتجددة. ووفقا لتوقعات وكالة الطاقة من المرجح أن يرتفع الطلب علي الذهب الأسود بنسبة 18٪ بحلول العام 2035. وسيأتي الطلب الإضافي أساسا من الدول المصنفة نامية، علي أن يقارب نصيب الصين النصف من الكميات الإضافية التي ستستهلكها تلك الدول، حسب ما ورد في تقرير للوكالة. كما أن ما يزيد عن ثلث الطلب الإجمالي العالمي خلال السنوات ال25 القادمة سيأتي من الصين التي تجاوزت الولاياتالمتحدة لتصبح أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وفق ما قالته الوكالة الشهر الماضي. وتوقعت في تقديراتها الجديدة أن يقفز متوسط سعر النفط الخام بحلول العام 2035 بنسبة 88٪ إلي 113 دولارا للبرميل, بينما سيقفز الطلب الإجمالي إلي 99 مليون برميل يوميا بزيادة 15 مليون برميل مقارنة بما كان عليه الطلب عام 2009. وتشير توقعات وكالة الطاقة إلي أن الوقود الأحفوري -بما فيه النفط والغاز- سيشكل نحو نصف الطلب الإضافي في السنوات ال25 المقبلة رغم الوعود التي أطلقت العام الماضي في قمة المناخ بكوبنهاغن بخفض أكبر للانبعاثات الصناعية الناتجة عن استهلاك الطاقات التقليدية والمتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري. وحسب تقديرات الوكالة, فإن الفشل الذي منيت به تلك القمة سيكلف العالم تريليون دولار هي قيمة استثمارات إضافية حتي العام 2030 لتفادي أضرار بيئية ومناخية يستحيل بعد ذلك تداركها. وفي التقرير الجديد الذي تضمن توقعاتها لحجم استهلاك الطاقة في العقدين المقبلين رجحت الوكالة أن يقفز الطلب علي الغاز الطبيعي بنسبة 44٪ إلي 4.5 تريليونات متر مكعب سنويا. وكما هو الحال بالنسبة إلي النفط, فإن مجمل الطلب الإضافي علي الغاز سيأتي من الصين التي يتطلب توسع اقتصادها مزيدا من مصادر الطاقة، بما في ذلك الطاقات المتجددة التي تستثمر فيها مئات المليارات من الدولارات. وبشأن الغاز أيضا رجح كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة فاتح بيرول أن التخمة العالمية الحالية منه ستظل قائمة حتي العام 2020. وقال بيرول في مقابلة مع رويترز إن استمرار تلك التخمة سيقلص الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة، مضيفا أن أسعارا منخفضة جدا للغاز ستشكل ضغطا إضافيا علي مصادر الطاقة المتجددة، خاصة في الولاياتالمتحدة وأوروبا.