تعرف على 11 شرطًا التقديم.. «الداخلية» تُعلن قبول الدفعة العاشرة ب معاهد معاوني الأمن 2024 (تفاصيل)    وزير الأوقاف: نشكر الرئيس على افتتاح مسجد السيدة زينب وما يوليه من عناية لعمارة بيوت الله    شمال سيناء: لا شكاوى في امتحانات صفوف النقل اليوم    بعد انخفاض سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الأحد 12-5-2024 للمستهلك    بنك ناصر يطرح منتج "فاتحة خير" لتمويل المشروعات المتناهية الصغر    مصلحة الضرائب: نستهدف 16 مليار جنيه من المهن غير التجارية في العام المالي الجديد    بني سويف: إزالة 575 حالة تعد على أملاك الدولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة 22 لإزالة التعديات    مياه أسيوط تعقد اجتماع لجنة التنسيقية لرفع جودة مرفقي المياه والصرف    قوات الاحتلال تعتقل 30 من ذوي الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس» خلال مظاهرات في تل أبيب    مجلس الشيوخ ينعى النائب عبدالخالق عياد.. ويعلن خلو مقعده    تين هاج: من يطالب بإقالتي لا يفهم في كرة القدم    الصحف الأوروبية.. ماركا: مانشستر يحدد سعر بيع جرينوود والصن: بايرن ميونخ يرغب في ضم موهبة كريستال بالاس    «ضد المشروع».. ليفاندوفسكي يثير أزمة داخل برشلونة    مجلس الشيوخ يبدأ مناقشة خطط الحكومة للتوسع في مراكز الشباب    تصل للسجن 7 سنوات.. «خبير تربوي» يكشف عقوبة تسريب الامتحانات    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 1445 هجريًا.. ومفاجأة للمواطنين بشأن الإجازة (تفاصيل)    المشدد 5 سنوات لعاملين بتهمة إصابة شخص بطلق ناري بشبرا الخيمة    «شهد افتتاح مسجد السيدة زينب اليوم».. من هو «مفضل الدين» سلطان البهرة؟    إيرادات مفاجئة لأحدث أفلام هنا الزاهد وهشام ماجد في السينما (بالتفاصيل والأرقام)    بالمجان.. متاحف مصر تحتفل باليوم العالمي وتفتح أبوابها للزائرين    لتنمية النشء والتأهيل لسوق العمل.. بروتوكول تعاون بين جامعة بنها والشباب والرياضة (تفاصيل)    ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية ب16 مليون جنيه خلال 24 ساعة    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بمنطقة البدرشين    مواعيد القطارات من القاهرة إلى الإسكندرية واسعار التذاكر اليوم الأحد 12/5/2024    «الصحة»: ملف التمريض يشهد تطورًا كبيرًا في تحسين الجوانب المادية والمعنوية والعلمية    الجزار يوجه بعدم التهاون مع المقاولين في معدلات التنفيذ وجودة تشطيبات وحدات سكن لكل المصريين    وزيرة التخطيط: حصة القطاع الخاص من الاستثمارات ارتفعت إلى 40% هذا العام و71% نسبة مساهمته بالناتج المحلي    السيطرة على حريق شب بسوق السد العالي في البساتين    «حماية المنافسة» يحرك دعوى جنائية ضد 7 من كبار السماسرة في سوق الدواجن    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل سائق «التوكتوك» وسرقته بالفيوم    كاميرون: يجب تنفيذ وقف مؤقت للقتال في غزة    صحيفة بحرينية: نأمل أن تكون المنامة نقطة انطلاق جديدة للعمل العربي المشترك    تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة من بطولة العالم للإسكواش    حكم أخذ قرض لشراء سيارة؟.. أمين الفتوى يوضح    «صناعه الشيوخ» تناقش تطوير المنطقة الصناعية بعرب أبو ساعد بالجيزة    انتحار ربة منزل في غرفة نومها بسوهاج.. وأسرتها تكشف السبب    جوتيريش يجدد دعوته إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة لأسباب إنسانية    فى احتفالية خاصة تحت شعار «صوت الطفل».. المجلس القومى للطفولة والأمومة يطلق «برلمان الطفل المصرى»    فيلم Kingdom of the Planet of the Apes يتجاوز 22 مليون دولار في أول أيام عرضه    وزير التعليم العالي : 7 مستشفيات تابعة للجامعات الخاصة في مرحلة متقدمة من الإنشاء والتجهيز    خريطة دينية للارتقاء بحياة المواطن التربية على حب الغير أول مبادئ إعداد الأسرة اجتماعيا "2"    الدفاعات الأوكرانية تدمر خمس طائرات استطلاع روسية في خيرسون وميكوليف    الرئيس الأمريكي يعزي البرازيل في ضحايا الفيضانات    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية بقرية زاوية العوامة بالضبعة.. غدًا    اليوم.. «تضامن النواب» تناقش موازنة المركز القومي للبحوث الجنائية    «القاهرة الإخبارية»: القيادة المركزية الأمريكية تسقط 3 مسيرات جنوب البحر الأحمر    السادسة والنصف مساء اليوم.. أرسنال يصطدم ب مانشستر يونايتد فى صراع التتويج بالدوري الإنجليزي    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي قبل مباراة مانشستر يونايتد وآرسنال اليوم    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    من مسجد السيدة زينب.. السيسي يشيد بدور طائفة البهرة في ترميم مساجد وأضرحة آل البيت    مش هروحه تاني، باسم سمرة يروي قصة طريفة حدثت له بمهرجان شهير بالسويد (فيديو)    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    ملف رياضة مصراوي.. مذكرة احتجاج الأهلي.. تصريحات مدرب الزمالك.. وفوز الأحمر المثير    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    حظك اليوم برج العذراء الأحد 12-5-2024 مهنيا وعاطفيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار :
الإمام الأكبر لأسباب عديدة منها الموضوعي والشخصي، يجيء تولي فضيلة الإمام الأكبر مشيخة الأزهر في توقيت مناسب تماما لاسترداد هذا الصرح العظيم وعودته إلي مكانته.
نشر في الأخبار يوم 30 - 03 - 2010

ثمة شخصيات مرت أو تمر بأيامي لا يمكنني تأطيرها، بمعني أنني لا يمكن تحديد تاريخ محدد لأول لقاء، أو مكان معين، اصبحوا مثل ايامي وذكرياتي، جزءا مني واصبحت فيما اتصور جزءا منهم، من الذين لهم منزلة سامية الامام الاكبر فضيلة الشيخ الدكتور احمد الطيب، متي سمعت اسمه لاول مرة؟ والله لا أدري. ما من اجابة محددة. منذ زيارتي للاقصر اول مرة في رحلة مدرسية عام ستين واعلم بوجود شخصيات صوفية كبيرة، في قنا الشيخ ابوالوفا الشرقاوي الذي قبل سعد زغلول يده عند رسو الباخرة نوبيا، تلك الرحلة الاسطورية التي قام بها الزعيم الوحيد الذي خرج من بين صفوف المصريين وتوحد بهم في تاريخنا الحديث، تماما كما تخرج الحياة من زهرة اللوتس المصرية القديمة، هذه الرحلة الفريدة سجل تفاصيلها فخري عبدالنور باشا احد قيادات الوفد الثلاثة عشر، يصف صعود الشيخ ابوالوفا الشرقاوي إلي السفينة، وكان شابا في الثلاثينيات له مكانة دينية عميقة، فوجيء الجميع بسعد باشا ينحني مقبلا يده مع إنه كان في سن والده. لكنه يعرف مكانته ومقامه. كنت اعرف ان الاقصر تنعم بشيخين كبيرين، الطيب في الغرب، واحمد الرضوان في الشرق، آل الطيب في الغرب، حيث تضرب أصول الاسرة العريقة في التاريخ متصلة بسيدنا الحسن بن علي بن ابي طالب، كان الشيخ الطيب الحساني الكبير زعيم المنطقة، ليس في الناحية الدينية فقط ولكن السياسية ايضا، اقترن النفوذ الروحي بالمدني في الاسرة ومازال، هنا خصوصية فريدة في المجتمع المصري حيث يقوم شكل من اشكال المجتمع المدني يرتكز علي شخصيات روحية تضرب جذورها في التاريخ والواقع كما وصلوا إلي مكانتهم من خلال عملية انتخاب غير مرئية غير اجرائية، تمت علي مهل وعبر قرون من الزمن، عناصرها السيرة الطيبة والمكانة العلمية والقدوة والقدرة علي تحقيق العدل وهذا ما يتحقق في ساحة الطيب، مساء كل خميس بعد صلاة العشاء، وبعد صلاة الجمعة، مرة أخري اسأل نفسي، متي تعرفت علي الشيخ احمد الطيب؟
عرفته قبل أن اقابله في الاقصر.
باريس 0891
التقيت الاستاذ ميشيل شود كيفتن مدير عام دار النشر الكبري »لوسوي« بمناسبة توقيع العقد الخاص بترجمة روايتي الزيني بركات، كنت بصحبة المرحوم الدكتور جمال بن شيخ الجزائري الاصل، الاستاذ بالكوليج دو فرانس، علمت منه ان الاستاذ ميشيل اعتنق الاسلام منذ اربعين سنة، وانه يترجم علي نطاق واسع اشهر المؤلفات الصوفية، خاصة ميراث الشيخ الاكبر محيي الدين بن عربي، في هذا اللقاء جري حوار حول التصوف، وسألني الاستاذ شودكيفتن عما اذا كنت اعرف الدكتور احمد الطيب، ولما اجبت بنعم ولا، ابتسم ونصحني بضرورة لقائه، اما نعم فلانني اعرف الاسرة، ولا لأنني لم اكن حتي ذلك الوقت قد تعرفت بالدكتور احمد الطيب. وفي القرنة عندما يقول احد الناس »الدكتور« فهذا يعني فضيلة الشيخ احمد لاغيره، عدت إلي القاهرة والنية معقودة علي السعي إليه، إلي ان جري الترتيب الذي لا يد لنا فيه، بعد سنوات من لقاء الاستاذ شودكيفتن جري مؤتمر كبير في مدينة مراكش حيث منازلي واحبابي، اسس صاحبي جعفر الكنسوسي جمعية موسميات التي نظمت مؤتمرا كبيرا عن الشيخ الاكبر. هكذا وجدت نفسي مع الدكتور احمد الطيب في الطائرة قاصدين المغرب وبالرفقة صاحب العمر ورفيق السفر ومؤنس الطريق يوسف القعيد، في مراكش امضينا اياما غاية في الثراء، نعمت فيها بصحبة فضيلة الدكتور وكذلك الشيخ مصطفي سليطين وهو من أكابر القوم رحمه الله كان مقيما في جبل اغمات معتزلا الناس، لم يفارق معزله إلا مرات معدودات في حياته، وقد جاء إلي مراكش خصيصا ليلتقي الشيخ الطيب فالرجل معروف هناك وسمعته تسبقه، في مراكش اقمت بالقرب من فضيلته، وقفت علي علمه الغزير، واحاطته بالشريعة والحقيقة، وأسرتني بساطته ورحابة افقه وجوهر انسانيته، بسيط إلي حد الزهد الحقيقي، زاهد نادر، طعامه بسيط ليفي الحاجة وليس للتزود الزائد، رقة إلي حد لم اعرفه في أي إنسان آخر، رقة لا تتواري إلا عند الذود عن العقيدة وتواضع جم لا يختفي إلا عند جهره بالاعتزاز بدينه وصراحة لا تعرف المواربة. في مؤتمر حوار الاديان بالدوحة الذي كتبت عنه مفصلا في هذه اليوميات ارتفع صوته مدافعا عن الإسلام في حضور ممثلي الاديان كافة، ولم يكتف بالمنصة والوقت المتاح له، انما كان في حوار دائم علي امتداد اليوم، لا يعبأ بصاحب جاه ولا شاغل منصب ايا كان، يبدو الرجل بزهوه حالة فريدة بين علماء المسلمين الآن ومنهم من حاز الصيت والمكانة والثروة ايضا، ومؤخرا تابعت الاهانة التي تعرض لها شيخ كبير في بلد عربي صغير وقبوله الاستمرار في موقعه رغم الإهانة، وفي بلد آخر رأيت بعضهم يسعي ذليلا وراء من يمتلك السلطة والثروة، انني اتحدث عن علماء المسلمين وليس عن النصابين الذين صنعتهم برامج التوك شو والفضائيات وبعضهم يسبق اسمه لقب شيخ وليس له من سمات الشيوخ اي شيء. لذلك يبدو الشيخ الدكتور الطيب حالة فريدة، خاصة لم يسع الرجل إلي منصب، ولم يبذل جهدا إنما أهله علمه وسمعته وسيرته ولعل قرار اختياره إماما اكبر للازهر من المرات النادرة التي اصاب فيها القرار مرماه في اختيار الرجل المناسب للمكان المناسب خاصة هذا الموقع الجليل، لذلك تألمت كثيرا لتفاهة مقدمي البرامج التي بادرت باجراء حوارات مع الرجل، لو ان مقدمي هذه البرامج بذلوا قليلا من الجهد وحاطوا بسيرته، لو ان بعضهم سعي إلي مشاهدة حلقات من البرنامج الممتاز الذي يقدم علي قناة النيل للاخبار ليتعرف علي فكر الامام لما كانت هذه الاسئلة التافهة التي سعت إلي الاثارة وتحملها الرجل بصبر وأدب وبدون انفعال، ركز هؤلاء الساعون إلي الاثارة علي عضوية الامام للحزب الوطني، واقول ان الرجل راعي الظروف التي جاء فيها، لم يشأ ان يعلن استقالته في وقت يغيب فيه الرئيس للعلاج، لم اسأله في ذلك، ولم احاوره في الامر، لم التق به حتي هذه اللحظة واكتب هذه السطور من نيويورك لكن معرفتي بفضيلته تؤكد لي ان الامر مسألة وقت، وان علي كبار الحزب الوطني تفهم ضرورة عدم الانتماء الحزبي للامام الاكبر، اذا كانت مصر تريد أزهرا قويا، مستقلا، أزهر يسترد مصداقيته التي كانت فلابد من استقلالية الامام الاكبر، هذا مفروغ منه، وأكاد أري الآتي رؤية العين، لذلك كنت اتمني ألا تسود الرغبة في الاثارة والاستخفاف من جانب بعض المذيعين والصحفيين.
مسيرة علمية حافلة
في مراكش سعيت علي الاقدام وراء فضيلته، حرص علي زيارة اضرحة السبعة رجال من اكابر الصوفية، وبينهم الامام الجزولي شيخ المتصوف الكبير ابوالحسن الشاذلي دفين الصحراء الشرقية في مصر والذي يقصده الناس بعد رحلة شاقة للتبرك والزيارة، في هذا المؤتمر تعرفت إليه عن قرب، ابرز ما رأيته غزارة علمه وقوة حجته عند المحاورة وسعة افقه، واتقانه الفرنسية كأحد ابنائها وعندما علمت انه سعي بنفسه ليتعلمها في المركز الثقافي الفرنسي بالمنيرة، وسافر إلي فرنسا ليدرس الدكتوراه اكبرته اكثر، وتذكرت احد اسلافه العظام الدكتور مصطفي عبدالرازق استاذ الفلسفة الاسلامية، معلم نجيب محفوظ، ووزير الاوقاف ثم شيخ الازهر، تتشابه سيرته بسيرة الشيخ الطيب، يمكن القول ان رحلة الامام الاكبر جهاد متصل من اجل العلم، منذ ان كان طفلا يقطع عدة كيلومترات ليصل إلي المعهد الازهري في الاقصر حاملا لوحه، ممسكا بأوراقه، حتي دخوله المعهد في اسنا وعيشة الشظف، كان يمضي اليوم كله علي ثمرة طماطم وقطعة جبن، في المرحلة الجامعية التحق بكلية اصول الدين وهي الركن الركين للازهر، اذ انها المعهد العلمي المختص بالعقيدة وهي الكلية التي كانت هدفا رئيسيا من جانب المذاهب المتشددة التي حاولت ان تخترق الازهر منذ السبعينيات، وسلكت في ذلك طرقا شتي كان المال فيها والاغراءات بالاعارة إلي ديار التشدد والفهم السطحي للاسلام، ويمكن القول ان بعضا من اساتذة هذه الكلية استطاعوا حماية الركن الركين للازهر والحفاظ عليه، في مقدمتهم الامام الاكبر وفضيلة الشيخ الدكتور محمد عبدالفضيل القوصي وغيرهما من العلماء الاجلاء الذين استوعبوا رسالة الازهر. وخلال السنوات الماضية تم عمل صامت في ظروف صعبة جدا للارتقاء بالازهر والحفاظ علي وسطيته ورسالته. وجري ذلك بالتحديد منذ تولي الامام الاكبر رئاسة الجامعة ومن ابرز ما قام به عودة التدريس بشكله الازهري التقليدي، حيث تم تنظيم برنامج في صحن الازهر الشريف، يقوم فيه العلماء بالقاء الدروس تماما كما كان التقليد السائد في مراكز العلم بالحواضر الاسلامية الكبري، بدأ ذلك من الازهر، حيث يجلس العالم فوق كرسي مستندا إلي عمود »من هنا جاء لقب استاذ كرسي والذي اخذته جامعات العالم عن الأزهر« ويلتف الطلبة حول الاستاذ الذي يختارونه، ومن حق كل انسان ان يجلس ليتلقي العلم، وفي مستهل العمر حضرت دروسا عديدة بعد العصر للشيخ صالح الجعفري رحمه الله رحمة واسعة. الان يمكن متابعة الدروس لكبار علماء الازهر في صحن المسجد، فمن حق البشر العلم، اختار الامام الاكبر الفيلسوف ابو البركات البغدادي ليكون موضوعا لرسالته العلمية. وتعيد الوحيدة في المكتبة العربية عنه. وقد طبعت في دارالشروق منذ سنوات، تدرج الامام الاكبر في المراتب العلمية، ارتقاها بعلمه وخلقه، وشغل منصب المفتي خلال فترة حساسة، واعتزله بناء علي طلبه ليصبح رئيسا للجامعة، والغريب ان الصحف وبرامج الاثارة لا تذكر له من هذه الفترة إلا تصديه لبعض الطلبة الذين اجروا تدريبات عسكرية في ساحة الجامعة، وجري التعتيم علي الاصلاحات التي اجراها وكان هدفها الارتقاء بالمستوي العلمي للجامعة، ولي رأي في هذه الجامعة التي انشئت بموجب قانون تطوير الازهر في الستينيات وسوف اعود إلي بسطه وشرحه، ذلك انني اري ضرورة عودة الازهر إلي الجامعة التي تضم الكليات الشرعية فقط اما الهندسة والصيدلة فيمكن ان تستقل كجامعة لا تمثل عبئا علي الازهر، منذ لقائنا في المغرب جرت بيننا محاورات عديدة، ورافقته في الخارج خلال مؤتمرات دولية. ورأيت صلابته في مواقفه دفاعا عن الاسلام الذي اصبح متهما في نظر الكثيرين بعد احداث سبتمبر، صلابة مستندة إلي غزارة علم وسعة رؤية وفهم سمح للاسلام نحن في امس الحاجة اليه الان وخصال انسانية عذبة جعلت الكل حتي الذين يختلفون معه يكنون له التقدير والاحترام، يعي الامام الاكبر رسالة الازهر في اشاعة مفهوم الوسطية المضاد للتعصب وضيق الافق، ويعي تماما عالمية الازهر لقد اكبرته عندما صرح انه سيفتح ابواب الازهر للطلبة الايرانيين، هذا موقف سليم، عظيم. يجب ان نؤازره فيه، الازهر علي امتداد ألف سنة كان جامعة شاملة لا يستبعد منها مسلم ايا كان مذهبه. والحق انني دهشت.. لم اكن اعرف بمنع الطلبة الايرانيين من الدراسة في الازهر، هذا قرار ضيق الافق، يتناقض مع رسالة الازهر الذي انطلقت منه دعوة التقريب بين المذاهب، ان مواجهة المشروع السياسي الايراني الضار بالاسلام والمسلمين لا يكون باغلاق الازهر في وجوه الايرانيين ولكن له اساليب مواجهة اخري سياسية وامنية وفكرية، اما الازهر فيجب ان يكون جامعة علمية عالمية للمسلمين كافة ولمن يريد دراسة الاسلام، لقد دهشت من بيان جبهة علماء الازهر المعارضة لتصريح الامام الاكبر، ومصدر الدهشة انني لم اسمع لهم صوتا يحتج علي محاولات الاختراق الوهابية طوال الاعوام الثلاثين الماضية.
عالمية الأزهر، وأيضا وسطيته، عنصران اساسيان في فكر الامام الاكبر ونظرته المتسقة مع اسلافه العظام، لكن لا يمكن الاحاطة برؤيته وفكره إلا اذا عرفنا ما يجري في القرنة، في البر الغربي، ولكن لهذا حديث آخر.
من ديوان النثر العربي
تساؤل:
قال ابوحيان التوحيدي:
لم كان الانسان محتاجا إلي ان يتعلم العلم، ولا يحتاج إلي ان يتعلم الجهل؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.