محيى عبدالرحمن كان الحجاج بن يوسف الثقفي قائدا عسكريا للامويين شديد البطش بخصومهم، دخل عليه ذات يوم غلام لم يتجاوز العاشرة من عمره وهو في قبته الخضراء وحوله وجهاء القوم وراح الغلام يقلب بصره في القبة ويقول "اتبنون بكل ريع آية تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. وإذا بطشتم بطشتم جبارين". وكان الحجاج متكئا فاستوي جالسا وقال يا غلام اري لك عقلا فهل حفظت القرآن؟فقال الغلام وهل خفت عليه من الضياع حتي احفظه؟ وقد قال الله تعالي"إنا نحن نزلنا الذكروإنا له لحافظون"فقال الحجاج أجمعت القرآن؟ قال او كان متفرقا حتي اجمعه؟ وقد قال تعالي "إن علينا جمعه وقرآنه" فدهش الحجاج وقال أأحكمت القرآن؟ فقال او ليس الذي انزله حكيما وقد قال تعالي "كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير" فقال الحجاج ويلك ماذا اقول؟ فقال الغلام، قل أوعيت القرآن في صدرك؟ فتنهد الحجاج وقال اقرأ علي شيئا من القرآن، فاستفتح الغلام وقرأ سورة النصر حتي وصل الآية"ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا" فقرأها - يخرجون من دين الله - فصرخ الحجاج ويلك انهم يدخلون. فقال الغلام كانوا يدخلون في زمن النبي صلي الله عليه وسلم، اما الآن فهم يخرجون لسوء فعلك بهم، فسأله الحجاج: من انت ؟ فقال الغلام عبدالله، فقال الحجاج من ابوك؟ قال الذي زرعني، قال فمن ارسلك الي؟ قال عقلي، فقال افمجنون انت؟ ناولني هذه الدواة، قال لا، فسأله الحجاج لم ؟ قال أخاف ان تكتب بها معصية فأكون شريكك فيها، فسأله الحجاج، وما رأيك في امير المؤمنين عبدالملك بن مروان؟ قال فاسق فاجر، جعلك في موضع تستبيح به دماء الناس واموالهم بغير حق. فقال القوم اقتله يا امير، وقال احدهم بل هبه لي، ضحك الغلام حتي احمر وجهه وقال والله ما أدري أيكما أحمق من الآخر..الواهب ام المستوهب وكلاكما لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا. قال الحجاج للغلام، عفونا عنك لصغر سنك فاخرج، ولئن رأيتك في مجلسي هذا ثانية فسأدق عنقك.