د. فخرى الفقى متحدثا إلى »الأخبار« لا يخفي مدي تأثير المشهد السياسي الحالي علي درجة نمو الاقتصاد المصري، مما لا يجعل أمامه متسعاً من الوقت لحدوث انهيارات مفاجئة، ورغم حاجتنا الملحة الي قرض صندوق النقد الدولي لسد الفجو التمويلية فإن الحكومة كانت مضطرة لطلب التأجيل لمدة شهر حتي يحدث بعض الاستقرار وبالتالي تضمن موافقة الصندوق علي القرض.. ولأهمية الواقع الاقتصادي المصري كان هذا الحوار مع خبير يعرف جيداً دهاليز صندوق النقد وكيف يفكر مندوبو الدول المشتركة كان مساعداً لمدير صندوق النقد الدولي فيما سبق.. الذي أوضح للاخبار أن قرض صندوق النقد هو الوصفة السحرية التي تعجل بنمو الاقتصاد المصري وتعافيه، ما تأثير المشهد السياسي الحالي علي الاقتصاد المصري؟ بالطبع المشهد الحالي يؤدي إلي زيادة معاناة الاقتصاد وبالتالي من الممكن أن يؤدي ذلك الي انهيارات مفاجئة في أداء الاقتصاد المصري، وهذه الانهيارات ستكون غير متوقعة وعنيفة بالفعل، بحيث تجعل المشهد الاقتصادي أسوأ بكثير مما كنا نتوقعه. ما الضغوط التي تؤدي إلي مثل هذه الانهيارات الاقتصادية؟ أي ثورة لابد أن تكون لها تكلفة، والتكلفة لدينا كانت في أن معدلات النمو الاقتصادي تباطأت منذ قيام الثورة من 05.5٪ إلي أقل من 2٪، وهذا معناه أن الاقتصاد في هذه الحالة ينمو بمعدل اقل من معدل نمو السكان، ومن ثمّ يؤثر ذلك علي مستوي معيشتنا، فالاقتصاد حين ينمو بنسبة أقل من 2٪ تكون معدلات توفير فرص عمل بطيئة وأقل بكثير من عدد الداخلين إلي سوق العمل الذين يصل عددهم من 004 إلي 054 ألفاً في السنة الواحدة، فالاقتصاد بعد الثورة ونتيجة لانخفاض معدل النمو كان يوفر ما يقرب من 052 ألف فرصة عمل، وبالتالي زادت أعداد العاطلين في مصر نتيجة عدم قدرة الاقتصاد علي النمو وخلق فرص عمل جديدة. وكيف نربط ذلك بتوافر السلع وارتباطها بالاحتياطي النقدي؟ لو ربطنا كل ذلك بقلة المعروض من السلع والخدمات نتيجة لتباطؤ الاقتصاد لوجدنا أن الاسعار بدأت تتزايد بمعدلات كبيرة، وكذلك تكلفة المعيشة التي زادت علي كل شرائح المجتمع خاصة محدودي الدخل والمهمشين، إلي جانب ذلك انخفض الاحتياطي من 63 ملياراً إلي 51 ملياراً فقط، والاحتياطي كما نعلم يؤمن حصة مصر من المواد الغذائية المستوردة ومستلزمات الإنتاج التي تحتاجها المصانع.. وكل هذه الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد المصري لا تجعل امامه متسعاً من الوقت أن يستمر بهذا الوضع في ضوء المشهد السياسي الحالي، أو أن يصمد لمدة شهرين أو ثلاثة علي الأكثر، وبعدها قد تحدث انهيارات مفاجئة للاقتصاد المصري. الإعلان عن زيادة الضرائب أثر علي استقرار الأسعار؟ كان ذلك في جدول زمني موضوع في إطار برنامج يسمي بالبرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، أو ما نسميه نحن الاقتصاديين بالإصلاح المالي والتصحيح الهيكلي، والبرنامج قبل ان تتم الموافقة عليه من صندوق النقد الدولي كان لابد من اتخاذ مثل هذه القرارات، لأنها بداية لطمأنة المجتمع الدولي أن الحكومة الحالية قادرة علي أن تفي بالتزاماتها، ولكن نتيجة لتأزم الموقف السياسي والصراع بين الفرقاء أدي إلي انطباع سلبي لدي المجتمع الدولي، وبدأت الدول التي كانت مستعدة لسد الفجوة التمويلية، تفكر كثيراً قبل إن تقدم علي إقراض مصر بقروض ميسرة نحن في حاجة إليها لسد الفجوة التمويلية حتي يتعافي الاقتصاد المصري ونخلق فرص عمل جديدة، ولذلك جاءت هذه القرارات في إطار البرنامج المتفق عليه مع الحكومة المصرية، ولكن البعض تحدث عن أن هذه القرارات كانت »فخاً« للرئيس للتأثير علي شعبيته خلال هذه المرحلة، وبالتالي طلبت الحكومة من صندوق النقد الدولي إرجاء النظر في الاتفاق النهائي الذي كان متوقعاً له 91 ديسمبر الي شهر يناير أي لمدة شهر واحد. هل تعافي الاقتصاد المصري معلّق علي قرض صندوق النقد الدولي فقط؟ ليس بالضبط، ولكن هذا ما نسميه بالوصفة السحرية التي تعجل بنمو الاقتصاد وتعافيه، من خلال روشتة الإصلاح المالي والإداري التي وضعتها الحكومة المصرية عن طريق المجموعة الاقتصادية والتي بذلت جهوداً كبيرة منذ يوليو 1102، كل ذلك حتي يتأكد صندوق النقد الدولي أن هذا البرنامج وضعه خبراء مصريون وأنه تم تصميمه بأسلوب حرفي حتي يضمن الاستقرار المالي والاقتصادي لمصر عندما يوافق عليه من المجتمع الدولي ممثلاً في صندوق النقد.. ورغم ذلك فالعربة الاقتصادية المصرية بخير ودعائمها قوية والقطاعات متكاملة من زراعة وصناعة، والعملة الأجنبية مصادرها متنوعة كقناة السويس والغاز والبترول وتحويلات المصريين والسياحة وغيرها، وهذا ما يجعل الاقتصاد المصري مختلفاً عن اقتصاديات عربية كثيرة من حيث تنوعه، ولكن ما ينقصه الآن هو السيولة وسد الفجوة التمويلية، لأن مدخراتنا لن تكفي الاقتصاد حتي ينمو بمعدل 4٪ أو 5٪ أو 7٪ في هذه الحالة، إلاّ إذا تم إيجاد السيولة اللازمة لهذه العربة الاقتصادية حتي تؤدي إلي تحسن في معيشة المواطن وتحقيق العدالة الاجتماعية. ما أهم وسائل توفير السيولة النقدية للخزانة المصرية الآن؟ العربة الاقتصادية المصرية قد نفد منها الوقود، وما لدينا لا يساعدها علي السير، أي أن مدخراتنا لا تستطيع مساعدة الاقتصاد علي التعافي بصورة كاملة ومعاودة النمو، خاصة أن الفجوة بين مدخراتنا الضعيفة والاستثمارات المطلوبة 05.41 مليار دولار فجوة تمويلية لابد أن تُملأ خلال 22 شهراً القادمة، وسنحصل علي هذه الأموال من: صندوق النقد الدولي 8.4 مليار وهذا بالاستفادة من تواجدنا في هذه المؤسسة الدولية وحصتنا البالغة 6.1 مليار غير مستخدمة ونحن غير مدينين له، والباقي مليار من البنك الدولي الذي التزم بدفعه لنا، وأيضاً حصتنا في البنك الإفريقي للتنمية وأعلن التزامه بهذا، وبنك الاستثمار الاوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية الذي التزم بمليار وربع المليار لمصر، أيضاً شراكة »دوفال« لمجموعة الدول الثماني الكبار عندما أجتمعوا في أواخر 1102 ورصدوا مبلغاً ضخماً لدول ثورات الربيع العربي يخص مصر منها مليار منحة من هذه الشراكة التي خصصت لمصر 8 مليارات حتي تملأ هذه الفجوة، أيضاً السعودية رصدت مليارين إضافة إلي ما دفعته قبل ذلك حوالي مليارين إلا الربع، وكذلك الإمارات رصدت حزمة مالية تقارب 3 مليارات، وقطر وعدت بضخ استثمارات وليس ملء فجوة تمويلية.. كل هذه الأموال التي ذكرتها معلقة علي شرط الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. هل تري أن تمويل صندوق النقد سيساعد الحكومة في الاستجابة للمطالب الفئوية العاجلة؟ من شروط الصندوق أن يكون البرنامج مصمماً بحرفية، حتي يضمن أن الدولة ستدفع ما عليها، وهذا موجود بالفعل، كما أن الصندوق من شروطه أيضاً ألا تضر مكونات البرنامج بمحدودي الدخل والفقراء، لأنه إن لم يراع البرنامج محدودي الدخل والمهمشين فقد يقوم المتضررون بمظاهرات مما يؤدي الي فشل البرنامج، لأن استدامة البرنامج أمر حيوي ومطلوب وهذا موجود مثلاً في زيادة الكهرباء حيث سيدفع ثلثا المشتركين ثلث الزيادة، بينما سيدفع ثلث المشتركين ثلثي الزيادة. لذلك أويد زيادة الضرائب.