السؤال الثاني استراتيجيتنا متعلقة بالبحث في بناء الفرص التاريخية لاصلاح العلاقة بين الدين والسياسة بحيث لا يتم استعمال احدهما كشرط للاخر او مبرر له. في هذا السياق نقول: تأتي العلاقة بين متغير الفهم الديني ومتغير الفهم السياسي، نظريا وتحليلياً، في اربع مجموعات من العلاقات، وهي: اولا هيمنة التصور الفقهي للدين علي التصور الوظيفي للسياسة، ثانيها، هيمنة التصور الوظيفي للسياسة علي التصور الفقهي للدين، ثالثها، الانفصال المؤسسي النسبي للتصور الفقهي للدين عن التصور الوظيفي للسياسة، رابعها، محدودية وتغير كل من التصور الفقهي للدين والتصور الوظيفي للسياسة في اطار مدنية الحكم والدولة. في الحالة التونسية نجد رصد الملامح الاولية التالية لتفاعل انماط الدين بالسياسة: اولا، كان قرار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، إعفاء مفتي الجمهورية الشيخ كمال الدين جعيط من مهامه في اوائل نوفمبر 2008 وتعيين الشيخ عثمان بطيخ مكانه. وفيما ذكرت مصادر رسمية أنه تم إعفاء الشيخ جعيط من مهامه لأسباب صحية، فان محللين اعتبروا أن فتوي كان أصدرها ربما كانت من الأسباب غير المباشرة لإبعاده من منصبه. وكان الشيخ جعيط قد أثار جدلا طويلا في تونس خلال يونيو 2008 حين رد علي سؤال عرضته عليه سيدة وجزم بأنها أصبحت محرمة علي زوجها بعد أن قال لها: أنت طالق ثلاث مرات. ودعاها المفتي تبعا لذلك إلي الشروع في إجراءات الطلاق وسلمها وثيقة موقعة في ذلك، الأمر الذي أثار حفيظة مكونات المجتمع المدني التونسي وخاصة الأطراف اليسارية التي رأت في ذلك تراجعاً عن المكاسب المدنية التي حققتها المرأة التونسية وتجاوزا للقوانين المنظمة لعمليات الطلاق وخاصة قانون الأحوال الشخصية. من ناحية أخري، أعلن الرئيس بن علي، عن عفو رئاسي عن مجموعة من شباب الحوض المنجمي كانت قد صدرت بحقهم أحكام قضائية نهائية.. في غياب معطيات رسمية حول عدد من عفي عنهم والأحكام الصادرة ضدهم. وقالت مصادر من ولاية قفصة التي شهدت الاضطرابات الاجتماعية إن عدد المفرج عنهم قدر ب 23 شابا ممن تراوحت الأحكام الصادرة ضدهم بين الشهرين والأربعة أشهر وقد قضي معظمهم العقوبة التي صدرت بحقهم. ويتوزع الشباب الذي عفي عنهم علي أربع مناطق هي المظيلة والمتلوي وأم العرائس والرديف. قد صدرت لفائدتهم أحكام الإفراج منذ يوم 30 أكتوبر 2008. وكان قد تم ايقاف قرابة 38 موقوفا فيما أصبح ما يسمي قضية الوفاق من بين 60 أوقفوا طوال فترات الاضطرابات الاجتماعية مازالوا محل متابعة سواء كانوا في حالة إيقاف أو سراح أو فرار.