كل الدلائل تعطي احساسا صادقا بأن من لا يريدون دستورا متوافقا عليه ويعكس آمال وتطلعات كل المصريين.. يعملون ضد استقرار مصر سواء حاليا أو مستقبلا. علي هذا الاساس فإنه ليس هناك ما يدعو ابدا للقبول بأي حجج أو مبررات للانحراف بتوجهات هذا الدستور بما يتناقض والحضارية والتراثية التي عاصرت التاريخ المصري منذ الفتح الاسلامي. إن احدا لا يستطيع ان يجادل.. مستندا الي الادعاءات والاباطيل حول حقيقة تعاظم التزام الشعب المصري بوسطيته النابعة من قيمه الدينية الاصيلة. المؤكد انه ليس هناك بين شعوب الأمة الاسلامية من يتفوق علي هذا الشعب في هذا المجال. ان احتضان الشعب المصري للأزهر الشريف أعظم واقدم مؤسسة دينية في العالم الاسلامي خير شاهد علي عمق نزعته الدينية القائمة علي هذه الوسطية.. انها تتوافق بكل البراهين مع تعاليم الدين الاسلامي الحنيف والتي في مقدمتها أن لا وساطة بين العبد والرب. كل ما تتطلبه عمليات ترسيخ السلوك الاسلامي القويم هو تعظيم الدعوة الخالصة لوجه الله الداعية الي الموعظة الحسنة بعيدا عن التسلط والتجارة بالدين سعيا الي السلطة ومتاع الدنيا. ان الدين الاسلامي الذي يدعو في كتاب الله الي احترام كل الاديان السماوية لا يحتاج الي وصاية أحد من البشر تحت اي مسمي اخذا بمبدأ ان الكهنوتية مرفوضة في الاسلام. حتي تزول حالة الاحتقان السائدة في الشارع المصري فانه يجب ان يستهدف دستور مصر آفاق المستقبل من أجل بناء الدولة المصرية المزدهرة . إن أهم ما يجب أن تركز علي مواده هو الإنتماء والبذل والعطاء والتجرد وارساء الوفاق المجتمعي وتفعيل مسئولية احترام القانون مع ضمان الحريات التي هي أساس الديمقراطية. كل هذا لا يمكن ان يتحقق إلا باجتراء القيم الحقيقية التي نبعت عن الدين الاسلامي العظيم وعن ثوراتنا الشعبية التي قادها أحمد عرابي عام 1881 وسعد زغلول عام 9191 وجمال عبدالناصر عام 2591 وشباب مصر عام 1102. علينا ادراك ان ما افرزته هذه الثورات من مبادئ تبناها الشعب يجب التمسك بها. إنها تقوم كلها علي الدعوة للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية.