كانت ضحكاتهم الصافية تعلو وتغمر اتوبيس المدرسة بجو من المرح الطفولي البريء وهم في رحلتهم اليومية الي مدرستهم عندما ارتجت الأرض بهم وأظلمت والأتوبيس يترنح والقطار يدهسه وبداخله الاجساد الصغيرة ويدفعه للأمام عدة كيلو مترات ويحوله الي كتلة مطبقة من المعدن. وتطايرت أشلاؤهم علي القضبان ولطخت دماؤهم البريئة مقدمة القطار.. كانت رحلة اتوبيس المدرسة هي رحلتهم الأخيرة إلي السماء لأن أكثر من خمسين روحا غضة استشهدت بطريقة مروعة في حادث قطار منفلوط بأسيوط ..وهو ليس حادث المزلقان الأول في التاريخ الأسود للسكة الحديد المصرية وغالبا لن يكون الحادث الأخير ما دام مسئولو الهيئة يستهينون بأرواح المصريين بهذ الإهمال الذي يرقي الي تهمة القتل العمد بتعريض أرواح المواطنين للخطر، الطريقة البدائية التي يدار بها هذا المرفق الهام حولته من وسيلة للنقل لوسيلة لتعذيب المواطن وإذلاله وإضاعة وقته وربما قتله أيضا كما حدث في كل الحوادث السابقة ولعل أشهرها حريق قطار الصعيد، وفي كل حادث يتحمل الموظف الأصغر مسئولية التقصير حتي لو أقيل وزير النقل أو رئيس هيئة السكك الحديدية وحقق النائب العام معها فهذا لن يطفئ نار الغضب المشتعلة في قلوب أسر الأطفال ضحايا قطار مسرع حتي وهو يعبر منطقة مزلقان ،وخفير وجندي يحرسان مزلقانا متهالكا لم يصله التحديث الذي لم يصل إلا إلي 27 مزلقانا فقط تحولت للنظام الآلي من بين 700 مزلقان علي طول خطوط السكك الحديدية ، وسائق اتوبيس ربما تصور أن بإمكانه عبور المزلقان بسرعة معرضا حياة الأطفال للخطر،المسئولية الأولي جنائيا وأدبيا في رأيي تقع علي وزير النقل الذي نقدر أنه تسلم مرفقا حيويا متهالكا يحتاج تطويره لميزانية ضخمة لا يتوافر منها إلا القليل ويواجه اعتصامات واضرابات من السائقين كل فترة مما سبب تراجعا في مستوي النظافة وعدم الانتظام في المواعيد ولم يحترم آدمية المواطن ولا صورة مصر أمام السائحين من ركاب قطارات الاقصر وأسوان ..للأسف مصر كانت الدولة الثانية التي أدخلت السكك الحديدية بعد انجلترا لكننا لا نهتم بصيانة مرافقنا لتنهار وتضيع معها أرواح بريئة !