إىمان أنو هي أهم من النظرية النسبية ونظرية داروين حول النشوء والارتقاء.. يؤمن بها الجاهل والمثقف معا.. ويروج لها السياسي والحاكم والمؤرخ والمحلل والمعلق والصحفي.. ولسنا وحدنا من نحتفي بنظرية المؤامرة.. فحسب دراسة حديثة فإن الأمريكان من أكثر الشعوب إيمانا بوجود مؤامرة وراء كل شيء.. ومنها أن الهبوط علي سطح القمر كان مفبركا.. وأن المافيا وخصوم سياسيين كانوا وراء اغتيال الرئيس كينيدي وأن أوباما ولد في كينيا وليس في جزر هاواي.. وان الحكومة الامريكية تخفي أمر وجود قاعدة سرية في صحراء نيفادا تحوي رفات غزاة من الفضاء الخارجي! ليست كل النظريات محض هراء.. فالقوي العظمي تآمرت فعلا علي الامبراطورية العثمانية وتقاسمت أراضيها في بلاد الشام بينما نقضت بريطانيا عهودها للشريف حسين وسلمت فلسطين لليهود.. لكن هناك من يؤمن بوجود حكومة سرية عالمية (ماسونية-صهيونية) تخطط وتنفذ لتفرض سيطرتها علي شئون هذا العالم.. وهناك من يروج لوجود مؤامرة امريكية كانت وراء اندلاع الثورات في مصر وتونس وغيرهما بهدف تقسيم العالم العربي وتحويله الي بؤر قبلية واقطار اثنية وتجمعات طائفية.. وقد سمعت عن نظريات تقول بأن الامام الخميني كان عميلا لفرنسا وان الثورة الايرانية كانت لعبة غربية تم التخطيط لها بهدف اقصاء الشاه! وهناك من يري في القاعدة مؤامرة أمريكية وهناك من يعتقد بأن من اعدم في بغداد لم يكن صدام حسين وإنما شبيهه ميخائيل! وهناك اليوم من يروج أن التغييرات الصحفية الأخيرة لرؤساء الصحف القومية مؤامرة من قبل الإخوان المسلمين للسيطرة علي الصحافة ولا يريد أن يقتنع أن التغيير كان ضرورة وقد آن أوانه.. وأن دوام الحال من المحال.. إذن.. نعيش ونحلم ويبتكر بعضنا نظريات متطرفة في المؤامرة لان ذلك يعفينا من المسئولية التاريخية.. الكل متآمر اذن في نظر البعض وغياب الشفافية والجهل والاتكالية من أسباب الإتكاء علي نظرية المؤامرة ولا يعني ذلك تبرئة الغير من تهمة التآمر واستغلال الظروف التاريخية والسياسية والاقتصادية لفرض واقع مرير ولكن العيش في فوبيا المؤامرة يبطل دوافع النهضة ودعوات التغيير والاصلاح.. !