إىمان أنور من رحم البسطاء الصامتين تولد الثورات.. وما يلبث أن يمتطيها المنظرون والمحللون.. ويظهر شعراء وكتاب وفنانو الثورة.. ويقطفها في النهاية السياسيون.. فالسياسة لا مبدأ لها ولا دين.. ولكن تبقي الحقيقة أن شرارة أي ثورة يطلقها مواطن غلبان مهمش دون أن يعرف في معظم الأحيان.. في تونس شرطية صفعت محمد البوعزيزي.. بعد أن صادرت عربة خضاره.. فردّ بإشعال النار في بدنه .. وامتدت النيران لتشعل ثورة عارمة غيرت من وجه العالم العربي بلا عودة.. وفي الولاياتالمتحدة.. عام 1951 استقلت امرأة من أصل أفريقي اسمها "روسا بارك" حافلة.. وعندما رفضت أن تخلي مقعدها لسيدة بيضاء البشرة.. كانت النتيجة واحدة من أهم المظاهرات التي قضت في النهاية علي التمييز العنصري.. للأسف.. إننا نقيم البشر عادة بالمظاهر.. فالشخص المتحدث الاجتماعي يوصف في العادة بأنه ذكي.. جرأته تدعم طموحه وتضفي عليه جاذبية.. وهذه الشخصية في العادة تتبوأ المناصب.. وتحصل علي علاوات.. وتمتطي الثورات .. أما الشخصية الأخري فهي الشخصية " الانطوائية".. ومع أن الانطوائيين يغلبون علي أي مجتمع فنحن ننظر إليهم نظرة دونية.. فقط لأنهم لا يأخذوننا بالصوت.. وفي العادة فلا مكان لهم في أي من المراكز المتقدمة.. الأمر المهم هو أن علماء النفس يجمعون بأنه لا يوجد أي رابط بين حدة الأفكار وفصاحة اللسان.. ألا تتفقون معي أن معظم إبداعات البشرية خرجت من الصمت.. وأن شخصيات غيرت التاريخ ك"فان جوخ" و"نيوتن" و"بيل جيتس" توصف بأنها شخصيات تغلب عليها الانطوائية.. بل إن أعظم شخصية وجدت علي الأرض.. سيدنا محمد (صلي الله عليه وسّلم) نزل عليه الوحي وهو معتزل ويتعبد في غار حراء.. وأجمع علماء السيرة بأن الصمت كان يغلب علي شخصيته.. أخيرا .. قال تولستوي .. ليست الثرثرة عيبا إنها مرض ..!