بدأت قواتنا المسلحة التي لا قوة ولا سند لمصر سواها ما ننتظره منها رداً علي الجريمة الإرهابية التي قام بها "مجهولون" لم تحدد هوياتهم حتي الآن. فقد شهدت سيناء أمس انتشارا مكثفا لقوات الجيش بحثا عن الإرهابيين الذين نفذوا هذه الجريمة البشعة، ودك كهوفهم وأوكارهم، جواً وأرضاً. وكان البيان القوي الذي صدر عن القوات المسلحة قد أكد علي أن [الحادث يعطي ويعكس مؤشرات ودلائل تحمل في طياتها مخاطر وتهديدات تتعرض لها سيناء، تتطلب منا جميعا اليقظة والحذر تجاه المخططات والمطامع التي تتعرض لها مصر، وان القوات المسلحة وأيا كانت الايادي التي استهدفت ابناء مصر الأوفياء وسعت للاضرار بمصالح الوطن ستقوم وبالتعاون مع قوات وعناصر وزارة الداخلية والأوفياء والمخلصين من سيناء بضبط فاعلي الحادث الإرهابي الغاشم ومعرفة من يقف خلفه]. المذهل أن هناك من ترك الجريمة الإرهابية وتفرٌغ للهجوم علي القوات المسلحة. فقد فاجأنا الشيخ وجدي غنيم الذي قيل إنه نال العفو الرئاسي عن كل الأحكام القضائية التي صدرت ضده خلال السنوات البعيدة الماضية، وتم رفع اسمه من قوائم المترقب وصولهم بتعليقه علي الحادث الجلل بكلمات لا تقل بشاعة عنه! قال الشيخ وجدي غنيم في تعليق له علي "تويتر" وأعادت بعض الصحف نشره متهماً القيادة العسكرية العليا وجهازها الأمني بأوصاف دنيئة لا يمكن أن تصدر عن إنسان سوي ضد بلده الذي ولد وتعلم فيه حتي ولو أصبح فيما بعد ضده والعمل علي تدميره. لست مبالغاً في إبداء صدمتي وذهولي فيما قاله وجدي غنيم، و هذا نصه نقلاً عن الزميلة "الفجر": [تساءل الداعية "الإسلامي" وجدي غنيم تعليقاً علي أحداث كمين رفح بسيناء مساء أمس الأحد:"أين المخابرات المصرية والمخابرات العسكرية العميلة لإسرائيل؟!]. ليس هذا فقط بل أضاف الداعية الإسلامي علي طريقته موجهاً سموم حقده علي قيادات الجيش العليا قائلاً بصفاقة لا يُحسد عليها: [ إن المجلس العسكري "الصهيوني" بالنص لم يفعل أي شيء تجاه الأحداث!]. قد يتوهم البعض أن الشيخ وجدي غنيم اضطر إلي التدني بأوصافه في حق المجلس العسكري الأعلي للقوات المسلحة وجهاز مخابراتها لأنهما لم يتحركا بعد أن دعت إسرائيل رعاياها إلي مغادرة سيناء فوراً خشية عليهم من عملية إرهابية ينتظر تنفيذها في الساعات القليلة القادمة؟! والرد علي هذا الوهم وجدته في ما قاله أمس اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع المصري السابق، في حديثه المهم مع الموقع الإعلامي الإلكتروني "إيلاف": [إن تلك المعلومات أذيعت عبر وسائل الإعلام، وقيل إن هناك مخططات لشن هجمات إرهابية في سيناء.. لكن: كيف؟ ومتي؟ وأين؟ فهذه هي الأسئلة الملحة. هناك تعاون بين الأجهزة الإستخباراتية المصرية والإسرائيلية في هذا الشأن، حيث إن هناك لجنة مشتركة من الجانبين تعقد إجتماعات دورية كل فترة وجيزة. لكن الفيصل في مثل تلك الحوادث ليس المعلومة فقط، ولكن طريقة مواجهة التهديدات التي وردت فيها. فالقوات المصرية الموجودة في سيناء ليس لديها تسليح كاف لمواجهة التهديدات الأمنية في سيناء. فهي قوات بوليسية عادية في تسليحها الذي لا يزيد عن البنادق. وأعدادها قليلة جداً. إلي جانب قوات حرس الحدود التي تعاني بدورها من ضآلة العدد، ونقص التسليح. وهذا يتطلب إعادة النظر في اتفاقية السلام، لزيادة عدد الجنود وتسليحهم حتي تتمكن مصر من بسط سيادتها وسلطتها عليها بشكل يقضي علي الجماعات المسلحة]. فارق شاسع بين ما قاله الداعية المعفي عن جرائمه في حق مصر وشعبها وبين ما قاله مساعد وزير الدفاع السابق الحريص علي أمن مصر كأهم هدف و واجب لجيش مصر. ولأن الفارق بينهما هائل فلا أقل من تجاهل الأول، و الاقتناع بالثاني. وأعود إلي البيان القوي الذي نعت فيه القوات المسلحة شهداء مصر الأبطال، فأتوقف عند الفقرة بالغة الخطورة التي جاء فيها: [إن الهجوم الذي تعرضت له قواتنا، تزامن معه: قيام عناصر من قطاع غزة بالمعاونة من خلال أعمال قصف بنيران مدافع الهاون علي منطقة معبر كرم أبوسالم]. كلام كثير يمكنني أن أكتبه تفسيراً لهذه الكلمات، لكنني تحاشياً لهجمات طويلي الألسنة الذين دأبوا علي مهاجمتي واتهامي بمعاداة حركة "حماس" مفقودة الشرعية التي استولت علي الحكم في قطاع غزة رغم أنف السلطة الفلسطينية الشرعية، والوحيدة، في رام الله بالضفة الغربية رأيت أن أفضل تعليق علي ما قيل وقال هو إعادة نشر ما قاله الكاتب العربي المتميز الأستاذ خيرالله خيرالله، في مقاله أمس علي صفحات الزميلة "الشرق الأوسط". .. وللحديث بقية.