محمود عارف هذا الفصيل السياسي المخرب.. لا يفكرون بعقولهم، ولا يتكلمون من قلوبهم، فهم كالسائمة أو أضل سبيلاً.. وربنا يستر علي مصر المحروسة من يتصفح معظم الصحف القومية، والحزبية والمستقلة، وصحف بير السلم، سيجد العجب.. حيث زادت حالات التردي في الحوار، وفي الخطاب السياسي، وسيل من الشتائم، تجعل الإنسان يتواري خجلا. مما وصل إليه حال هذه الصحف من انفلات أخلاقي، متناسية ميثاق الشرف الصحفي وآداب المهنة. إن الصحافة رسالة ومسئولية وأخلاق، فإذا ضاعت الرسالة، وتلاشت المسئولية، واندثرت الأخلاق تكون الصحافة قد حكمت علي نفسها بالاعدام الأدبي والمعنوي.. وأخطر من كل ذلك، تكون الصحافة قد فقدت مبرر وجودها. ان البيت الصحفي في ظل هذه الفوضي العارمة والفاسدة في خطر داهم، بعد ان وصلت الممارسات المهنية إلي أدني مستوي، وصدرت بعض الصحف بعناوين بعرض الصفحة تنتهك آداب وتقاليد المهنة، واتسعت دائرة السباب، وطالت كل الثوابت التي يجب أن تكون موضع الرعاية والحماية من أبناء المهنة. لقد كان من مطالب ثورة 52 يناير 1102 أن تكون الصحافة المصرية مرآة صادقة لحياة الشعب، في النجوع، والكفور، وفي المدن، في القرية والمدينة، تعكس تطلعات الشعب ومعاناته اليومية، وأمله في حياة كريمة حرة، تليق بالإنسان الذي خلقه الله سبحانه وتعالي وكرمه.. وبذلك تعود للكلمة المقروءة والمسموعة، وعبر الفضائيات قوتها وهيبتها. وكان المأمول أن تصبح صحافة مصر معبرة عن واقع جديد، وأمل جديد، ومستقبل أفضل، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يراه أو يدركه. فقد رأينا شياطين الإنس بعد ثورة 52 يناير، بقدرة خارقة تحولوا إلي ثوار، ومناضلين، وارتفعت أصوات المتحولين، والمنافقين يعلنون أنهم أكثر ثورية، وحماسة لحماية الثورة.. وأصبح هذا الفصيل المرتزق الأعلي صوتا في الصحف والفضائيات ونسوا أو تناسوا انهم حتي الأمس القريب، كانوا أشر خلق الله، أوقفوا أقلامهم، وصحفهم المريضة، العابثة، للسخرية من الشهداء، وتحقير كل رأي جاد يريد أن تتطهر مصر من الفساد. والتخلف. لقد أصبح الشغل الشاغل لبعض الصحف، اثارة الفتن وتقليب فئات المجتمع علي رئيس الدولة، أول رئيس مدني منتخب بعد حكم عسكري دام لأكثر من 26 عاما، جاء بإرادة شعبية، علي الرغم من أنه لم يمض في منصبه سوي شهر واحد. وأقول لهذا الفصيل: اتقوا الله في وطنكم مصر، فلا تعبثوا بمقدراتها.. ومستقبلها.. لقد أنعم الله علي الشعب بثورة 52 يناير.. وكسرت الثورة، الخوف، وكسرت القيود التي كبلت حرية التعبير، وأصبح للناس الحق في التعبير عن آرائهم وأفكارهم.. تلك الحريات التي حرموا منها لعقود طويلة تحت حكم استبدادي، شمولي كان من الطبيعي أن نقابل هذه الحريات بمزيد من الشكر والالتزام الأخلاقي.. وان نكرس كافة الجهود للبناء والتعمير، وتعويض سنوات التخلف الذي أصاب البلاد. حتي نعبر مشاكلنا السياسية والاقتصادية والأمنية في أمان وسلام.. ولكن للأسف انغمسنا في الشتائم، وحتي يكون لكلامنا معني ومن ارض الواقع المعاش... تعالوا نستعرض في ايجاز بعض هذه السوءات، دون ذكر أسماء هذه الصحف، وناقل الكفر ليس بكافر، لقد خصصت إحدي الصحف الحزبية اليومية معظم صفحاتها لسب رئيس الجمهورية بألفاظ لا تليق، علي المستوي الشخصي، وعلي مستوي المنصب.. وعلي سبيل المثال لا الحصر.. شهر العسل بين الرئاسة والعسكري انتهي.. الدستورية العليا ترد الصفعة للرئيس، وفي عنوان مبتذل تقول الصحيفة: هل يجرؤ مرسي علي إقالة طنطاوي وعنان.. الجنزوري يكسب، والرئاسة تفشل في العثور علي بديل.. ويتوالي النشر اللئيم: مخطط تصفية مصر، باغتيال رجال مبارك، هروب جماعي للأقباط، والمسلسل بدأ بعمر سليمان.. رئيس الجمهورية يعرض حركة الشرطة علي قيادات الإخوان. ويبلغ الهجوم مداه.. عندما وجه رئيس نادي قضاة مصر انذارا ليعدل رئيس الجمهورية عن قراراته خلال 36 ساعة وإلا أغلقت المحاكم أبوابها بالضبة والمفتاح أمام طلاب الحق والعدل وهي سابقة لم تحدث في تاريخ القضاء المصري وهي جريمة يعاقب عليها القانون. وتساءلت لماذا لا يوجه رئيس نادي قضاة مصر تحذيرا إلي المفسدين الذين سمحوا للأمريكان المتهمين في قضية التمويل الأجنبي لافساد الحياة السياسية في مصر بالسفر رغم وجود قرار من النائب العام يمنعهم من مغادرة البلاد لحين الفصل في القضية.. ولعل أعجب التحذيرات التي أطلقها رئيس النادي ضد رئيس الجمهورية، فقد حذره من محاولة تغيير وزير العدل في حكومة الجنزوري.. فإذا تم التغيير سيلقي الرئيس من القضاة ما لا يسره.. أما رئيس نادي قضاة طنطا.. فقد أعلن ان د. محمد مرسي لم يعد رئيسا للجمهورية! ويزداد الهجوم شراسة عندما كلف رئيس الجمهورية الدكتور هشام قنديل بتشكيل الوزارة.. فيقول أحد الكتاب ان مصر تدار بنفس أسلوب نظام مبارك، وان الحكومة الجديدة، وقبل أن تشكل، مجرد حكومة موظفين لأن رئيسها ليس بالشخصية الوطنية والسياسية المستقلة، والقوية.. الخ مع انه يعلم ان اختيار رئيس الوزراء، حق أصيل لرئيس الجمهورية. وأقف لأتساءل: أين نقابة الصحفيين، المدافعة عن الحقوق والحريات من هذا السيرك الصحفي.. الذي أصبح فيه المرتزقة، أبطالا يشار إليهم بالبنان.. وانتشر تجار الجملة والتجزئة والبيع بالقطاعي في الصحافة المصرية.. والكل يهتف: »مين يشتري القلم مني«..! ولا أدري سببا لتقاعس نقابة الصحفيين عن أداء دورها المهني، ولماذا تخلت عن مسئولياتها في تطبيق ميثاق الشرف الصحفي بكل حسم وحزم. ومن الغريب ان يطالب أحد الكتاب نقابة الصحفيين بالزام الصحف بعدم نشر أخبار من يهاجمون أبناء المهنة.. يريد أن يقول: ان الصحفي علي رأسه ريشة.. وفوق النقد والمساءلة.. ومن الغريب ان تزدهر صحافة السب والقذف والاثارة والتشهير بكل رموز الوطن، واختلاق الأكاذيب ونشر الشائعات للترويع والتخويف، أو ما تسمي بالصحافة الصفراء في هذه الأيام دون أن تحرك النقابة ساكنا للتصدي للانحرافات الصحفية والسلوك المعيب.. وللصحافة الصفراء حديث قادم إن شاء الله. وعادت القطط السمان رحم الله د. رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الاسبق الذي اغتالته أيد آثمة، ونفوس مريضة في وضح النهار بجوار فندق سميراميس بالقاهرة. علي ضفاف النيل الخالد.. فهذا الرجل الفاضل هو أول من اطلق لفظ القطط السمان، علي ناهبي ثروات الشعب، قالها في عز جبروت النظام الفاسد، حاكما وحاشية الذين اسقطتهم ثورة 52 يناير، لم يخش في الحق لومة لائم، قال كلمته المدوية الفاضحة لاساليب النهب والسرقة. وكانت تربطني بالعالم الجليل، استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، مودة، بحكم عملي الصحفي، مهموماً بقضايا الرأي العام، وبشئون التعليم والبحث العلمي والشباب، والاتحادات الطلابية، والممارسة الديموقراطية داخل الجامعات وخارجها، في الشارع السياسي. تذكرت د. رفعت المحجوب، عندما قرأت الحوار الصحفي، الذي اجراه الزميل الاستاذ الكبير علي المغربي، ونشرته »الاخبار« مع د. جودة عبدالخالق وزير التموين والتجارة الداخلية، أحد قادة حزب التجمع الديموقراطي، وهو قامة فكرية عالية.. في مجال الاقتصاد والسياسة، وانحيازه الكامل للفقراء ومحدودي الدخل أو معدومي الدخل، وهم غالبية الشعب المصري، الذي سرق الحكام المستبدون رزقه وأمواله. وانفقوها علي ملذاتهم. الي الدرجة أن أحد هؤلاء المفسدين أهدي إحدي المطلقات 05 مليون جنيه ليتزوجها.. لقد أعاد د.جودة عبد الخالق، انتاج لفظ القطط السمان، بعد ثورة 52 يناير، علي ناهبي ثروات الشعب ومخططي أزماته التموينية المتلاحقة، لقد أكد الوزير أن القلق يسود الكثيرين علي مستقبل الثورة، وناشد السياسيين أن يكفوا عن صغائر الازمات والخلافات في مواجهة الهجمة الشرسة من القوي المعادية للثورة.. مؤكداً أن غياب الحنكة السياسية في إدارة المرحلة يثير المشاكل، وقد أشار د. جودة الي جمعية المنتفعين من افتعال الازمات التموينية المتكررة.. أزمة رغيف الخبز وسوء انتاجه وأزمة البنزين والسولار.. وأنابيب البوتاجاز.. وارتفاع الاسعار بصورة مفزعة لا تتناسب مع دخل المواطن البسيط.. فما بالك بالفقراء والغلابة الذين يجاهدون من أجل قوت يومهم.. ويتحصلون عليه بشق النفس.. إن القطط السمان يبذلون غاية جهدهم في ارباك الحياة، من كثرة الازمات، التي تظهر عند اللزوم، كلما دعت الحاجة إليها، حيث يتم استدعاؤها من مرقدها القابعة في كواليس السلطة ورجال الاعمال، بهدف شغل الناس عن حقوقهم المشروعة في الحياة الحرة الكريمة، وأكد الوزير أن القطط السمان ظهرت من جديد تعبث وتعربد في حياتنا، وعادت القطط السمان، وعادت اساليب النهب والسلب، ووصل متوسط السرقة والاستغلال.. إلي 9 ملايين جنيه يومياً للقط الواحد. وقال الوزير: انه يتمني ان يسمع عن تنفيذ حكم الإعدام في أحد المجرمين، سارقي الدعم من الفقراء، في ميدان عام، وتمني ان يسمع عن تنفيذ حكم الإعدام يوماً في ميدان، ويوماً في ميدان آخر.. إن هذا هو رأي الناس، ومطلب كثير من المواطنين، وأنا أول المطالبين به.. تلك أماني الوزير د. جودة عبد الخالق أرجو أن تتحقق. والشيء بالشيء يذكر.. أذكر أنني كلما رأيته، وقابلته في جامعة القاهرة، أو في رحاب بيته العلمي: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، باعتباره أحد اساتذتها الكبار، الموثوق في علمه، وفي أخلاقه الطيبة..كنت أراه مبتسماً، ابتسامة هادئة، تنم عن الرضا الداخلي، رغم المعاناة التي كنت أعلمها، وكنت اشاهدها، وهو يعيشها داخل الصرح العلمي أو في نضاله الوطني في الحياة السياسية والعمل العام، ويكتفي كل منا بالتحية والسلام، ويسير كل منا الي حال سبيله.. وأدعو الله له بالشفاء والعافية.. فالرجل، رجل مبدأ وأخلاق. أوهام الصفوة ابتلي الشعب المصري بظاهرة غريبة.. ظاهرة من يطلقون علي أنفسهم: »بالصفوة« أو المثقفين.. والمؤسف حقا ان البعض منهم يتبجح، ويدعي انه يتكلم باسم الشعب، وان الشعب يري.. والشعب يريد.. إلخ ولم يسأل هذا البعض نفسه عن أي شعب يتحدث، وهو المقطوع الصلة بأهله ومواطنيه في الريف والمدينة.. والقرية التي شهدت مولده وصباه.. ألا يتواري هذا البعض خجلا من سوء ما يفعلونه.. في حق هذا الشعب، ولكن لا حياة لمن تنادي.. وتمادي البعض أكثر، ويعلن من طرف خفي انه قريب من دوائر السلطة والحكم، وانه عليم ببواطن الأمور إلي الدرجة التي جعلت البعض يتكلم بلا مواربة عن الهاربين، الذين كنسوا ثروات الشعب بكل اعجاب.. ونسي المتحولون عدالة السماء. مع القراء تلقيت رسالة من أهالي نجع: أحمد سعيد، والعرب وباويل وأبوزعفة، وعزبة الحصاوي، مركز اسنا محافظة الأقصر، يقول المواطن مصطفي عبداللطيف محمد في رسالته: ان أهالي تلك القري، تقوم حياتهم علي الزراعة، فهي مصدر رزقهم الوحيد، ولكن حياتهم مهددة بالفناء بعد ان انقطعت المياه عن أراضيهم، طرقوا كل أبواب المسئولين، ولكن لم يلتفت إليهم أحد، انهم يناشدون وزير الري، ومحافظ الأقصر انقاذ حياتهم وأراضيهم من الدمار.. لقد تصحرت الأرض، وتحولت الأراضي الزراعية إلي أراضي بور.. فهل تجد هذه الصرخة طريقها إلي قلوب المسئولين، لعل وعسي.