الذي يحدث الآن في مصر يشير الي أن القيادة الحاكمة لا تعترف بمصر كدولة قانون بعد أن أصبح الميدان هو الذي يدير شئون البلاد ولم يعد للقانون مكانته بعد قسم رئيس الجمهورية المنتخب قسم الولاء في الميدان وقد سبقته أول حكومة للثورة عندما جاءت بعصام شرف وهو يعلن أنه يستمد شرعيته من الميدان.. - معني الكلام أن هيبة الدولة في انهيار بسبب اللغط السياسي وانفراد فصيل عن بقية الفصائل بانتهاك أحكام القضاء معلنا سقوط دولة القانون وإعلان دولة الميدان، مع أن البلاد التي سبقتنا وقامت فيها ثورات وأسقطت حكامها لم نسمع أنها لم تحترم القانون أو تجاهلت أحكام القضاء لأنها تري أن القضاء العادل هو صمام الأمان لدولة القانون، وكون أننا في مصر نعطي ظهورنا لأحكام القضاء فهذه سقطة لا يغفرها لنا التاريخ.. - لقد تصورنا أن الخطاب العاطفي الذي ألقاه رئيس الجمهورية المنتخب في ميدان التحرير قبل تنصيبه وأعلن فيه عن عودة البرلمان المنحل، تصورنا أنه للتهدئة وما وعد به لن يتحقق إلا باحترام القانون.. ولم نتوقع القنبلة السياسية التي أطلقها من قلب رئاسة الجمهورية بعد أن تم تنصيبه ويطلق قذيفة أرض أرض في أحكام المحكمة الدستورية العليا التي وقف أمامها ليستمد شرعيته بالقسم أمامها ليصبح رئيسا للبلاد.. - نحن لا نلوم الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية علي قراره بعودة مجلس الشعب المنحل بحكم المحكمة الدستورية العليا، لكن نلوم البطانة التي التفت حوله وخرجت عليه بعدة فتاوي قانونية استند إلي بعضها لأنه كان ميالا الي تحقيق ما وعد به في خطابه العاطفي الذي ألقاه في ميدان التحرير ومن كان يتابع الخطاب وإصرار حزب الحرية والعدالة علي عودة البرلمان ومطالبة الرئيس المنتخب بحلف اليمين الدستورية أمام البرلمان.. ولأن مثل هذا المطلب لا يجوز تنفيذه فقد ظل وعدا من الرئيس المنتخب علي أن يصدر قرارا جمهوريا به بعد تنصيبه رئيسا للبلاد وقد حدث.. القضية هنا ليست في القرار ولكن في شكل القضاء بعد أن طالته إهانة من رئيس البلاد، كيف نحمي أحكام القضاء إذا كان مجلس الشعب وهو جهة التشريع لا يحمي هذه الأحكام.. إذن لا نلوم المواطن الضعيف عندما لا يعترف بحكم صادر ضده، وغدا سوف تشهد البلاد ثورة علي أحكام القضاء ويصبح لكل مواطن حق الاعتراض علي الأحكام مثل حقه في التظاهر مع أن التظاهر ظاهرة صحية وأحكام القضاء ليست ظاهرة لكنها هدم لكيان وهيبة الدولة فكيف يسمح رئيس الدولة بأن تنتهك هذه الأحكام مع أنه هو سند القانون.. - من المؤكد أن هذه القنبلة السياسية التي أحدثت دوياً علي الساحة الدولية بعدم احترامنا لأحكام القضاء سوف يكون أثرها سيئا في توفير مناخ أمن للاستثمارات الأجنبية وستكون سببا في تطفيش المستثمرين لعدم اطمئنانهم علي استثماراتهم عندما تكون هناك أحكام لصالحهم يسهل سحبها او عدم الاعتراف بها، طالما أننا لم نعترف بحكم المحكمة الدستورية العليا، عدم الاعتراف يترك مخاوف كثيرة علي الساحة ويعطي انطباعا سيئاً عن مجلس تشريعي يسعي أعضاؤه لتحقيق مصالح شخصية وليست مطالب جماهيرية والدليل هو تمسكهم بالعودة غير القانونية علي حساب هيبة الدولة.. السؤال هنا ماذا سيكون شكل هؤلاء النواب أمام ناخبيهم؟، فالشارع المصري يعرف حقيقة هذه الأحكام، وعدد من النواب الشرفاء رفضوا الانضمام "للزفة" لأنهم يحترمون أحكام القضاء ومع ذلك رأينا الشلة التي تمثل حزب الأغلبية هي التي تدق الطبول فرحا بعودتهم تحت القبة.. مع أن عهدهم الزمني قصير جدا، وما يكسبونة اليوم من فرحة سوف يخسرونه غدا عندما يفتح باب الترشيح لمرشحين جدد، فالشعب يعي مثل هذه المواقف ولا يمكن التساهل مع الذين خذلوه.. سؤالي ما موقف قاضية محترمة مثل المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا بعد أن خذلها رئيس الجمهورية وفاجاها بعودة مجلس الشعب المنحل؟.. المستشارة تهاني الجبالي كانت قد أعلنت قبل صدور القرار الجمهوري بساعات بأن الكلام في مثل هذا الموضوع لا يستحق الرد عليه.. وقالت إنه لا يمكن عودة المجلس بأي حال من الأحوال فهو باطل من لحظة انعقاده، والحديث الذي يردده البعض عن إمكانية عودته كلام فارغ واللي يقدر يرجعه يورينا هيرجعه ازاي؟ - المفاجأة للمستشارة تهاني "أن المجلس عاد وأصبح الكلام الفارغ حقيقة" وبقي عليها التعليق.. ومن المؤكد أن تهاني الجبالي ليست وحدها التي تعترض، فأساتذة القانون الدستوري يؤيدونها.. هذا رأي الاستاذ الدكتور أنور رسلان أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة إذ يري إغلاق ملف البرلمان والبدء في التفكير في كيفية إعادة انتخابات مجلس الشعب القادمة.. قالها الرجل وهو لايعلم بالقنبلة السياسية التي فجرها رئيس الجمهورية.. .. وهناك تعليق للمستشار عزت عجوة رئيس نادي القضاة بالاسكندرية حيث يري أن قرار مرسي هو انهيار كامل للدولة وانهيار لشرعية الرئيس ويعد هذا القرار هو أول بشائر لبطانة السوء.. - أما الثائر حمدين صباحي فهو يؤكد أن القرار هو تعد علي أحكام القضاء وإهدار لدولة سيادة القانون .. من المؤكد أن هذه القنبلة السياسية سوف تحدث دوياً وإن كانت قد وجدت تأييدا من بعض الاحزاب التي تمثل معظم التيارات الاسلامية وبعض الناشطين السياسيين الذين تجمعوا في ميدان التحرير وهم يعلنون عن فرحتهم بعودة مجلس الشعب المنحل تضامنا منهم مع أعضاء البرلمان الذين كانوا يساندونهم في اعتصاماتهم في التحرير وكأنهم يؤكدون المثل الذي يقول "يا سيدي شيلني وانا اشيلك" فقد جاء وقت المساندة من ناشطين غير معروف هويتهم وهم يصفقون ويهللون علي سقوط هيبة الدولة.. والذي يؤسف له أن النواب المستفيدين من العودة ظهروا في وسائل الاعلام بعد أن اختفوا واختفت أصواتهم.. السؤال الآن.. ماذا سيكون موقف المحكمة الدستورية العليا من الاعتداء علي أحكامها؟ هذا هو ما ينتظره الشارع المصري..المهم أن تثلج الاجابة صدورنا حتي ولو بعد حين.