محمد بركات لم أكن أتمني في يوم من الأيام، أن أتناول بالحديث أو الكتابة ظاهرة " الزبالة " أو النفايات، بوصفها من أكثر القضايا أو الظواهر استحقاقا للتناول، وأكثرها إلحاحا لوضعها في صدور الموضوعات المستحقة للتناول والمواجهة، لما لها من دلالة بالغة السوء والخطر علي ما أصبحا عليه من واقع سييء ومؤلم في ذات الوقت. ولكن للضرورة أحكام، خاصة وقد استفحلت تلك الظاهرة، وامتدت بحيث أصبح من الصعب تجاهلها، ومن الخطأ غض الطرف عنها، في ظل انتشارها المنفر والفج بصورة تتحدي المشاعر في كل الأماكن والطرق والشوارع الرئيسية والفرعية، وهو ما يدفع الجميع للأسي علي ما وصلنا إليه من الاضطرار للتعايش مع بيئة بالغة القذارة والتلوث. ولعلي لا احتاج الي شرح كثير للتدليل علي مدي السوء الذي وصلت إليه هذه الظاهرة، فالأمر واضح وبين لكل من يسير في شوارع وأحياء القاهرة والمحافظات، كما أنه للأسف الشديد أكثر وضوحاً لكل من يحاول الخروج أو الدخول الي القاهرة التي هي عاصمة البلاد، وكبري مدنها علي الإطلاق، من مدخلها الشمالي المؤدي للطريق الرئيسي مصر إسكندرية الزراعي. وإذا ما أردنا توصيف للوضع المزري الذي نشاهده ويتعامل معه ملايين المارين والمسافرين علي هذا الطريق بطول ساعات الليل والنهار، فيكفي الإشارة الي الكميات الهائلة من النفايات وأكوام، بل تلال " الزبالة " ومخلفات المباني والردم، والهدم وغيرها، التي امتلأت بها كافة الطرق والشوارع الرئيسية والفرعية ابتداء من ميدان أحمد حلمي وحتي القليوبية وما بعدها من محافظات. أما إذا تطرقنا الي وسط العاصمة، وخاصة المناطق والميادين والشوارع الرئيسية التي كانت بطول مئات الأعوام نموذجا رائعا للنظافة والجمال والرقي، ومزارا وملتقي لكل من يسعي للترويح عن النفس، أو التنزه، أو الاستمتاع الثقافي والفني بزيارة المتاحف أو دور العرض المسرحي والسينمائي أو البحث عن الكتب، لوجدنا أنها أصبحت الآن، أماكن طاردة للزيارة أو التواجد دون استثناء، نظرا لما أصبحت عليه من مرتع لكل ألوان الطيف المنفرة والمستفزة من نفايات السلوك وزبالة التصرفات والأخلاقيات. ولا أريد الاستطراد في ذلك كثيرا حتي لا أزيد المواطنين احباطاً علي احباطهم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه علي كل المسئولين عن هذه الحالة من القذارة والانفلات، الطافحة علي السطح في كل مكان وكافة الطرق والميادين، هو: هل ترون هذا الذي نراه؟! وإذا كنتم ترونه.. فمتي تتحركون لوقفه ومعالجته؟! سؤال نوجهه لمحافظ القاهرة.. وبقية المحافظين، ورؤساء المدن والأحياء بطول مصر وعرضها. ونواصل غداً إن شاء الله..