رأيت فيما يري النائم انني عدت الي القاهرة بعد غيبة طويلة، ومن المطار ركبت سيارة أجرة تمادي سائقها في الترحاب بي وحمل عني الحقائب وأودعها صندوق السيارة ثم فتح الباب لي بكل احترام واخذت مقعدي في الخلف واسرع ليتخذ مكانه ويقود السيارة.. مرت السيارة في طريق المطار الذي كان شبه فارغ ووقف بسيارته عند اشارة مرور كان من الممكن كالمعتاد تجاوزها لكنه لم يتحرك حتي ظهر اللون الاخضر.. وعند احد التقاطعات وقف ليعطي الفرصة لسيارة اخري بالمرور لكن سائق هذه السيارة اصر علي ان يتفضل سائق التاكسي أولا.. واخذ كل منهما »يعزم« علي الآخر بالتحرك قبله حتي وافق اخيرا السائق الآخر بالمرور وهو يشير بيديه بالشكر والامتنان. وصلنا الي عمق القاهرة ومازالت الشوارع هادئة رغم الازدحام لا صراخ ولا سباب ولا آلات تنبيه. المنظر مختلف.. فيه حاجة! سألت السائق عن سبب هذا التغيير العجيب في السلوك البشري المصري فأجاب الرجل باندهاش.. يا افندم ولا حاجة احنا في الشهر الكريم شهر رمضان.. وصلت الي وجهتي وغادرت السيارة وكان المغرب علي الابواب.. اخذت ابحث عن مطعم اتناول فيه طعام الافطار.. لكن كانت جميع المحال لا مكان فيها فجميع الاماكن بالحجز المسبق لكن وجدت العديد من موائد الرحمن امام العمارات والفيلات.. ووجدت لنفسي مكانا في إحداها.. نظرت امامي وحولي لاحظت ان الجميع بسطاء فقراء يرددون آيات الذكر قبل ان تلمس اياديهم الطعام وجدت امامي زجاجة مياه وزجاجة عصير وعلبة كرتونية كبيرة بها قطع من الدجاج والارز والخضار وعلبة اصغر بها بعض الحلوي الشرقية. اكلت طعامي بشهية،.. ثم اخرجت مبلغا من المال ووضعته في جيب قميص الرجل الذي يجلس بجانبي. عدت للمنزل وفي العاشرة مساء نزلت الي الشارع وجدت اغلب المحال مغلقة إلا بعض المقاهي التي تعرض بعضا من المسلسلات الجادة والبرامج الحوارية التي تستضيف شخصيات محترمة ومثقفة، ثم توجهت لاحد الفنادق الكبري علي نيل القاهرة التي تعلن عن سهرة رمضانية.. وكانت ليلة لا تنسي.. استمعت الي الفن الراقي من فرقة الموسيقي العربية وشدوا من فنانة رقيقة غنت احلي اغاني أم كلثوم .. القلب يعشق كل جميل..، سلوا قلبي، ولدي الهدي وحديث الروح.. الخ.. في صباح اليوم التالي قمت من النوم واكتشفت ان كل هذه الاحداث كانت حلما لم احاول ان احكي شيئا.. لان رد الفعل تجاهي سيكون عنيفا.. ابسط شيء سيقال لي انت عايز تضلمها يا عم ده شهر مفترج خللي الناس تنبسط وفي بحر زاخر بالمسلسلات.