مع نسمات الفجر الأول سارعت هدير وصديقاتها بارتداء فساتين العيد. وحصلن علي العيدية من أفراد أسرهن ليستمتعن بالفسحة بالحدائق ويركبن فلوكة في المصرف الذي يمر بطريقهن.. لم تكن تدري الفتيات الصغيرات أنهن يرتدين أفخر ثيابهن الجديدة لملاقاة الموت في الفلوكة التي اخذنها لفسحة العيد.. ولتتحول فرحة الأسر بالعيد إلي حزن وحداد عم كل البيوت في القرية الصغيرة »زيان« التابعة لمركز بلقاس بالدقهلية 4 زهرات لقين حتفهن غرقا بعد ان انقلب بهن المركب الذي حضر به صاحبه من الجمالية إلي المصرف للعمل به خلال العيد في تنظيم نزهات للأطفال طوال النهار.. ولكن الطمع جعله يحمل في الفلوكة الصغيرة أكثر من 21 طفلة تم انقاذ 8 منهم بمعرفة الأهالي. »الأخبار«.. تابعت الحادث والتقت بأسر الزهرات الأربع اللاتي تم تشييع جثامينهن في موكب مهيب بالقرية. في موكب مهيب.. شيع أبناء قرية زيان مركز بلقاس بالدقهلية الفتيات الأربع ضحايا غرق المركب بالمصرف أول أيام العيد إلي مثواهن الأخير.. شارك الآلاف من أبناء القرية والقري المجاورة في تشييع الضحايا.. بعد أن حول الحادث فرح أبناء القرية بالعيد إلي حالة حزن وحداد في كل منازل القرية. ويواصل فريق من وكلاء نيابة بلقاس باشراف المستشار أحمد نصر المحامي العام لنيابات شمال الدقهلية التحقيق في الحادث حيث قررت النيابة حبس قائد المركب طارق محمد عكاشة 23 سنة علي ذمة التحقيق.. وكان قد حضر به يوم الحادث من الجمالية لمصرف زيان من خلال أحد أصدقائه الصيادين بزيان للعمل به أيام العيد بالمصرف. هذا وقد قرر المحافظ اللواء سمير سلام مضاعفة قيمة التعويضات الفورية لأسر الضحايا الأربع وكلف الدكتورة علية عبدالعظيم وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بدراسة احتياجات كل أسرة من أسر الفتيات الأربع. وكان الحادث الذي وقع ظهر أول أيام العيد وتسبب في مصرع 4 فتيات غرقا وهن: هدير السيد عبدالفتاح 31 سنة وآية عليوة فؤاد 01 سنوات وهبة أحمد رأفت 01 سنوات وهدير أسامة ثروت 21 سنة. وإصابة 8 آخرين وعدد من الأهالي الذين نزلوا للمصرف لانقاذ بناتهن حيث تم اسعافهم جميعا. المحافظ اللواء سمير سلام اثناء مروره في طريقه من المنصورة لتفقد عدد من مراكز المحافظة أول أيام العيد شاهد تكدسا بالمواطنين بالقرب من موقع الحادث فاتجه إلي هناك حيث أشرف بنفسه علي انقاذ الفتيات. كما وجه اللواء محمد طلبه مدير الأمن واللواء مصطفي باشا مدير المباحث قوات الحماية المدنية برئاسة العميد أسامة شعبان لموقع الحادث. وتمكن العقيد خالد إبراهيم رئيس فرع البحث والرائد أحمد رمضان رئيس مباحث بلقاس من ضبط قائد المركب. مآس إنسانية »الأخبار« رصدت المأساة من منازل الضحايا اللاتي خلفن وراء هن اللوعة والأسي لأسرهن هدير السيد عبدالفتاح 31 سنة الابنة الوحيدة لأمها سما نبيه عبدالغفار 73 سنة والتي انفصلت عن والدها منذ ولادتها ونذرت نفسها لتربيتها ورفضت الزواج حتي توفر لديهم الحياة الآمنة أمها كانت تخرج يوميا للعمل بالحقول لتوفير الحياة الكريمة لابنتها حيث كانت تحلم بتعليمها أفضل تعليم فكانت أمنيتها أن توفر لابنتها ما حرمت منه وظلت تعيش معها تحت سقف غرفة واحدة تحمل أبناء الخير نفقة إقامتها لهم. تقول الام الملتاعة والدموع تنهمر من عينيها: جهزت عيدية هدير قبل ان تصحو من نومها وبعد أن ارتدت فستان العيد وقبلت يدي أعطيتها العيدية 3 جنيهات وخرجت مع أبناء خالها الذين أخبروها بوجود مركب. لكن بعد خروجها بنصف ساعة فقط سمعت بغرق المركب.. ويعلو نحيب الأم وهي تتذكر تلك اللحظات القاسية التي رأت فيها ابنتها لآخر مرة جثة هامدة محمولة عن الأعناق. أما خالها جمال نبيه عبدالغفار مزارع فيشير إلي أن مثل تلك المراكب الصغيرة تكون غالبا المتنفس الوحيد لأطفال القرية الفقراء فهم لا يملكون ترف التوجه لأي مدينة واللعب في الملاهي وكان يجب التشديد علي عمل مثل هذه المراكب العشوائية وأن تكون تحت رقابة وعدم السماح بنزولها المياه إلا إذا كانت آمنة. وفي منزل الضحية هدير أسامة ثروت بالصف الأول الإعدادي.. فقد أنقذ القدر شقيقها الأصغر من الغرق حيث لم يتمكن من الركوب مع شقيقته والدها يعمل بالسعودية.. ولا يعلم حتي هذه اللحظة بالحادث.. فلم تشأ أمها أن تكدر عليه في أيام العيد وفضلت ألا تصدمه بفقد ابنته وأن تمهد له خوفا علي حياته نظرا لظروفه الصحية تشير الأم إلي أنها كعادتها وزعت العيدية علي ابنتها هدير وشقيقها وائل 11 سنة ثم اتجهت لابنتها المتزوجة نادية حيث علمت بالحادث فهرع الجميع إلي مكانه.. لكن قضاء الله قد نفذ. أما آية عليوة فؤاد 01 سنوات ولها 3 أشقاء نسمة ووردة وداليا.. وآية التي كانت تتمتع بحب الجميع لانها الأصغر.. أمها عزيزة معوض عطا راحت في غيبوبة عقب سماعها خبر مصرع أحب البنات لقلبها فلم تصدق انها لم تعد تري آية التي كانت تخفف عنها متاعب الحياة ببراءتها وخفة ظلها.. ووالدها المزارع اكتفي بترديد الآية الكريمة »إنا لله وإنا إليه راجعون«. هبة أحمد رأفت 01 سنوات الضحية الرابعة سافر والدها المزارع للعمل بلبنان عله يجد سعة في الرزق حيث كان يحلم لها ولشقيقها عوض 31 سنة بمستقبل أفضل وأراد أن يوفر لهما حياة كريمة. القدر كان رحيما به وبزوجته حيث لم يلحق ابنهما عوض بشقيقته في المركب.. والصدمة كانت قاسية علي الأب الذي حاول الاتصال بهم عدة مرات لكن أحدا لم يرد عليه وعرف بفقد فلذة كبده من أحد الجيران فقرر أن يشد الرحال إلي بلدته للاطمئنان علي زوجته وابنه الوحيد ولتكون زيارته لهبة هذه المرة في قبرها فلن تنتظره بعد اليوم علي باب منزلهم لتعبث بحقيبة السفر للبحث عما يحمله لها من هدايا. أبناء القرية طالبوا بإعادة مركز طب الأسرة بالقرية إلي مستشفي وتجهيزه بالمعدات الطبية اللازمة لسرعة التعامل مع مثل هذه الكوارث وغيرها.. مؤكدين بأنه منذ لحظة تحويل الوحدة الصحية لمركز طب أسرة والاستفادة منه تكاد تكون منعدمة ولو توافرت أجهزة الافاقة والتنفس الصناعي فور اخراج الفتيات الاربع ربما كان تم اسعاف بعضهن.. خاصة أن الوصول إليهن يستغرق وقتا طويلا.