من يستفيد من فاتورة دعم الكهرباء؟ »7«مليارات جنيه سنويا قيمة هذه الفاتورة، تضيء حياة أي الفئات في بلدنا.. الفقراء أم الاغنياء؟! الواقع يؤكد ان هذا الدعم ضل الطريق.. يذهب معظمه الي الاثرياء ولايستفيد الفقراء منه الا قليلا »!« ومع حرارة الصيف القاسية وزيادة الاعطال بسبب ضغوط التحميل علي الشبكات تعالوا نسأل مرة أخري: هل اصحاب القصور والمنتجات في حاجة لهذا الدعم؟ أليس استمرار حصولهم عليه يزيد من اسرافهم في الاستهلاك وبالتالي زيادة قيمة الفاتورة؟.. وماذا يمنع تحمل الغني كل تكلفة استهلاكه ويعود للفقير حقه في هذا الدعم؟ .. الخبراء يجيبون علي كل هذه التساؤلات. تعليقا علي تصريحات د.حسن يونس وزير الكهرباء حول ضرورة اعادة النظر في حساب شرائح استهلاك الكهرباء كاجراء ضروري لترشيد الطاقة ، تؤكد د.يمن الحماقي عضو مجلس الشوري وأستاذ الاقتصاد انها تتفق تماما مع توجه الوزير لأن هناك حقائق اقتصادية خطيرة جدا تخص استهلاك مصر من الكهرباء اهمها: ان استهلاكنا المنزلي من الكهرباء يفوق استهلاك المصانع علي عكس البلاد الأخري بما يؤكد ان مجتمعنا يميل الي الاستهلاك علي حساب الانتاج ، وهذا واضح في جميع المجالات. اما مشكلة زيادة الاحمال الكهربائية التي نعاني منها هذا الصيف مع ارتفاع درجة حرارة الجو بشكل غير مسبوق فيمثل نموذجا لمشكلاتنا المعقدة ، فاستهلاكنا من الكهرباء يعاني غياب الترشيد لعدة أسباب ،ولعل اهمها ان سعر الكهرباء رخيص ومدعم ولو ارتفعت الاسعار سيضطر الناس للترشيد ، وشراء الاجهزة الموفرة للطاقة حتي لو كانت الاعلي سعرا لانها علي المدي الطويل ستحقق وفرا للمستهلك،ولا ننسي هنا دور التكنولوجياالحديثة التي ابتكرت الاجهزة الموفرة لاستهلاك الطاقة. وتؤكد د.يمن الحماقي ان خطط الحزب الوطني تتبني فكرة ترشيد الطاقة منذ عدة سنوات لكن المشكلة تفاقمت للارتفاع الشديد للحرارة مع زيادة الاستهلاك لافتتاح العديد من المولات والمحلات العالمية والمنتجعات والفيلات التي تحتاج لاجهزة تكييف مركزي مما زاد من الاحمال الكهربائية، والمفروض ان الحكومة تتنبأ وتخطط لاستهلاك الطاقة حسب نمو السكان وما يتبعه من زيادة الاستهلاك، وبدون محاباة للحكومة فقد لاحظت جهود وزارة الكهرباء لزيادة الطاقة الكهربائية وعلي مدار كل دورة بمجلس الشوري شهدنا توقيع عدة اتفاقيات او منح دولية لزيادة انتاج الطاقة، لكن جهود الحكومة لا تواكب زيادة الاستهلاك بدليل المأزق الغريب الذي تعرضت له محافظات الوجه القبلي حيث انقطعت الكهرباء في الفترة الماضية مما اصاب الحياة بالشلل حيث انقطعت الهواتف وتعطل العمل بالمستشفيات والهيئات الحيوية، أما محاولات ترشيد الاستهلاك التي أعلنت عنها وزارة الكهرباء من تخفيض انارة الشوارع والاغلاق المبكر للمحلات فليس هو الحل الامثل حتي لا تزداد الجريمة في الشوارع، خاصة واننا بلد سياحي لايليق أن تكون شوارعه مظلمة في الليل. الأسرة هي البداية وتقترح د.يمن الحماقي رفع وعي الاسرة لترشيد استهلاك الكهرباء وتنشيط دورجمعيات المجتمع المدني ولا ننسي دور المدرسة والاسرة ودور العبادة ، وعلي الجهاز الحكومي ان يرشد استهلاكه من الكهرباء والمياه وأن يكون نموذجا يحتذي للمواطنين، كما اطالب بتشجيع البحث العلمي في مجال التكنولوجيا الموفرة للطاقة ولدينا علماء مصريون مبدعون في جميع المجالات مع تشجيع الطاقة البديلة خاصة في الشوارع .. كما أنه يجب اضاءة كل اعمدة الشوارع بالطاقة الشمسية لتقليل التكلفة . اما باقي الحلول من اغلاق للمحلات وتخفيض اضاءة الشوارع فان مردوده الامني والاقتصادي مضر بالصالح العام ، ولابد من دعم الطاقة للشرائح الدنيا فقط. وكلما ارتفع الاستهلاك يقل الدعم لذلك لابد أن يبدأ رفع الدعم من الاعلي وليس الاسفل.. ثم التعديل لشرائح الاستهلاك بشكل دوري بالربط بين الأجور والاستهلاك حتي لا تضار ميزانية المواطن المتوسط الذي يشتري جهاز تكييف واحد أو اثنين بالتقسيط ليقاوم حر الصيف فيجد فاتورة الكهرباء تمتص جانبا كبيرا من دخله ، مع مراعاة ان فرض الرسوم علي اجهزة التكييف سوف يرفع اسعارها علي حساب المستهلك وهي سلعة رفاهية مما سيؤدي لكسادها . وتلك نظرة اقتصادية لترشيد استهلاك الكهرباء بعيدا عن العشوائية ويري د. شريف قاسم استاذ الاقتصاد باكاديمية السادات للعلوم الادارية ان رفع تكلفة الطاقة له اعباء اقتصادية ضارة بالاقتصاد القومي ، فمع كل مضاعفة لتكلفة الطاقة ستنخفض معدلات النمو الاقتصادي بالدولة بمقدار 5٪ وللاسف فان وزارة الكهرباء تنظر الي تكلفة الميزانية بدون مراعاة لتكلفة حياة المواطن البسيط وحقه في توافر الخدمات الاساسية مثل الكهرباء ، وعندما تلجأ الي طرق تخلو من الذكاء لترشيد الطاقة مثل اطفاء انارة الشوارع واغلاق المحلات فهذا دليل علي القرارات العشوائية غير المدروسة التي لا تعمل حسابا للاثر الاقتصادي أو الاجتماعي أو الامني.. وعلي الوزارة البحث عن بدائل أخري لتوفير استهلاك الطاقة باستخدام اللمبات الموفرة واغلاق الانوار ونهارا وهي الظاهرة اللافتة للانتباه والتي طالما اشرنا اليها دون اهتمام من المحليات ..واذا كانت وزارة الكهرباء تدرس رفع تسعيرة الاستهلاك حسب الشرائح ، فالمشكلة ان الشريحة العليا تستطيع ان تتحرك بمرونة ولن يضيرها رفع اسعار الكهرباء ومن العدل ان يتحملوا النصيب الاكبر من تكلفة الاستهلاك ، اما رفع الاسعار للشرائح الدنيا فسوف يرفع تكلفة الانتاج في السلع والخدمات لان العمال غير المهرة ينتهزون الفرص لرفع اجورهم بشكل مبالغ فيه لتغطية الخسارة مما يضر المجتمع كله . سوء الإدارة ويري الدكتور حمدي عبد العظيم العميد الاسبق لاكاديمية السادات للعلوم الادارية ان منظومة الدعم في مصر حاليا تعاني من سوء الادارة لان الدعم لا يصل في كثير من المجالات الي مستحقيه وتعتبر الكهرباء أحد النماذج الصارخة لذلك ، موضحا انه اذا اخذنا في الحسابات تصريحات الدكتور "محمد عوض" -رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر فيتأكد للجميع ان الدعم في الكهرباء لا يصل الي مستحقيه خاصة محدودي الدخل والبسطاء، فوفقا لتصريحات رئيس الشركة فإن حجم الانفاق السنوي علي الكهرباء في مصر يصل الي 15 مليارجنيه وهناك من المواطنين من يبالغ في استهلاكه فيستخدم 4 أجهزة تكييف في المنزل الواحد، ويتضح من كلام رئيس الشركة ان الفئات الاعلي دخلا في المجتمع هي الاكثر استحواذا علي استهلاك الكهرباء في مصر ، وعند دفع الفاتورة يتساوي محدودي الدخل مع ميسور الحال في قيمة الشريحة ، وهذا بالطبع يخل بقانون الدعم لانه عند حدوث اتقطاع في الكهرباء خلال الايام الاخيرة في بعض المحافظات كان المتضرر الاكبر هم البسطاء والمواطنين العاديين رغم استهلاكهم المتواضع للكهرباء. وينادي د.حمدي بضرورة رفع الدعم عن الكهرباء بالنسبة للطبقات الاجتماعية الاكثر ثراء في المجتمع لان من يستخدم 4 أجهزة تكييف في منزل واحد فان ذلك يدخل في نطاق الرفاهية ، ومن يريد الرفاهية عليه ان يد فع من امواله الخاصة لانه هو المستفيد وليس علي حساب المواطن البسيط الذي يستخدم "مروحة" واحدة في شقته ،مشيرا انه عند التمييز في شرائح الكهرباء بين الاغنياء والفقراء سنجد ثقافة ترشيد الاستهلاك بدأت تفرض نفسها علي المواطنين لان كل كيلو وات من الكهرباء سيكون بثمن وسيعمل المواطن له الف حساب . معاملة خاصة ويقول د.رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة - أن مركز التحكم القومي في الشبكة الكهربائية سجل أعلي معدل استهلاك في الطاقة الكهربائية لأول مرة في تاريخ مصريوم الاثنين الاخير في شهر يوليو الماضي ،وأكد المركز أن الحمل الأقصي للكهرباء وصل إلي23 ألفا و600 ميجاوات، بزيادة 2600 ميجاوات عن نفس الفترة من العام الماضي وهي قدرات تعادل مرة ونصف المرة الطاقة المنتجة من محطة توليد كهرباء »السد العالي« ويوضح د. رشاد ان هذا الاستهلاك الزائد في الكهرباء يرجع الي طبقة الاغنياء الذين يستخدمون اجهزة التكييف والسخانات واجهزة الميكرويف وغيرها من الاجهزة الكهربائية الحديثة التي تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، لذا ينبغي علي هؤلاء ان يعاملوا معاملة خاصة عند دفع فواتير الكهرباء ولا يتساوون مع غيرهم من الفئات الاقل دخلا في المجتمع الذين يستهلكون كميات متوسطة من الكهرباء ولابد من تقسيم الفواتير الي شرائح دنيا وعليا ، فاصحاب الشرائح العليا من قاطني الفيلات والقصور الذين يستهلكون معدلات عالية من الكهرباء بسبب استخدام اجهزة التكييف والميكروويف يجب ان يتم رفع الدعم عنهم ليذهب فقط الي من يستحقوه الذين يدخلون في فئات الشرائح الدنيا ، ويجب تحديد حد ادني للشرائح العليا، فعلي سبيل المثال من تزيد فاتورته علي 300 جنيه و 400 جنيه يعتبر من الشرائح العليا التي لا تخضع للدعم ، بينما من تقل فاتورته عن المبلغ السابق يدخل في الشرائح الدنيا التي تستفيد من الدعم.