شهدت الساحة السياسية المصرية منذ مطلع هذا الصيف الساخن تصعيدا سياسيا افريقيا غير منتظر تمثل في اعلان التوقيع بين دول حوض النيل علي اتفاقية اطارية من شأنها اعادة النظر في توزيع حصص بلدان الحوض في مياه النهر حسب النسب المعمول بها حاليا والتي اقرتها اغلب دول الحوض بينما رفضتها فقط كل من مصر والسودان وهو الامر الذي استعرضته حينئذ اقلام كثيرة ومنهم انا مبررة اياه بأسباب عدة وخصوصا ان تلك الدول ليست بحاجة لزيادة حصصها لكونها من دول الوفرة المالية علي العكس من مصر باعتبارها دولة المصب والتي تكاد حصتها الحالية من المياه تكفي حاجتها الضرورية. وكان رأيي والذي اتفق معي فيه الكثير من الاقلام الخبيرة ان الامر في اغلبه عتاب في شكل تمرد من تلك البلدان لتراجع حرص مصر علي التواصل مع شقيقاتها الافريقيات في خضم انشغالها بالقضايا العربية والاقليمية الاخري وخصوصا قضية العرب الازلية فلسطين فضلا عن تركيزها علي تفادي اثار الازمة الاقتصادية وانصرافها للشأن الداخلي مما جعلها تغفل عن البعد الافريقي في علاقاتها الخارجية وهو امر لم تعتده افريقيا من مصر التي كانت دائما الملجأ والمقصد في العبر والمحن.. هذا وان كنت الا اغفل ابدا ان هناك من الايدي الخفية التي استغلت هذا الوضع وحاولت شغل مصر عن دورها الاقليمي عربيا وشرق اوسطيا بفتح جبهة صراع جنوبية اعتقدت تلك الايدي انها كفيلة بارباك سياسات مصر الخارجية. هذا الاسبوع طالعت عبر وسائل الاعلام انباء القافلة الطبية المصرية المرسلة لاثيوبيا التي تعمل في 4 مستشفيات بالعاصمة اديس ابابا من خلال 4 فرق طبية حيث تقوم باجراء مئات العمليات الجراحية للاشقاء الاثيوبيين تشمل ازالة حصوات مرارية واورام وتضخم بالزائدة الدودية الي جانب استئصال تضخم في الغدة الدرقية وغيرها كما ذكر الخبر ان الجانب المصري يقوم حاليا بالتنسيق مع الجانب الاثيوبي لعمل الاستعدادات والترتيبات اللازمة لارسال القوافل الاربع الجديدة التي تم الاتفاق عليها خلال زيارة الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة الي العاصمة الاثيوبية التي جرت مؤخرا وانه من المقرر ان يبدأ عمل القوافل الجديدة في شهر سبتمبر القادم وحتي نهاية عام 1102 كما انه يتم حاليا دراسة تزويد القوافل الجديدة بتخصصات جراحية دقيقة خاصة جراحات القلب والصدر وايضا ارسال فرق تمريضية مدربة للعمل مع الفرق الطبية في اجراء هذه النوعية من الجراحات الكبري والدقيقة التي تحتاج الي مهارات خاصة.. لقد اوضح اختيار اثيوبيا لهذا التحرك الطبي ذي الطابع السياسي وعيا وحسا من الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الصحة والتي بدأت بالرأس الذي تتزعمه اثيوبيا والتي تعتبر حجر الزاوية والمحرك في هذا الصراع لوجود بحيرات الهضبة الاثيوبية بها وهي المنبع الرئيسي لمجري النهر الذي يصب بمصرنا الحبيبة.. غير ان هذا التحرك لابد وان تتبعه مساع وجهود مكثفة تشمل جميع الشقيقات الافريقيات تتسم بلغة المحبة والاهتمام التي تتفهمها الشعوب الافريقية الاصيلة والتي مازالت تتعامل بها بفطرية.. نحن في انتظار اخبار عن مزيد من القوافل التعليمية والعلمية والفنية والانشائية لاثيوبيا واوغندا وبوروندي وغيرها لنقول للجميع ان لمصر لدي الافارقة اكثر بكثير مما يمكن ان تتصوروا وهنا اود التذكير بأننا سبق وان غزونا قلب افريقيا برعايتنا وأظننا الآن بحاجة لان نكرر هذا الغزو. كاتب المقال : عضو أمانة العلاقات الخارجية بالحزب الوطني الديمقراطي أمين عام جمعية محبي مصر السلام