الكل يرفعون شعار الديمقراطية.. الجميع يرتدي ثوب الوطنية.. ولكن هل يفهم احد شيئا مما يحدث في العراق الآن؟.. لا احد يفهم ولا حتي العراقيون انفسهم.. خمسة شهور مضت علي الانتخابات البرلمانية وفشل الجميع في حل يرضي الأطراف بشأن تشكيل الحكومة.. لم يتفقوا علي اسم رئيس الوزراء ولا رئيس الجمهورية ولا توزيع المناصب الوزارية. وظل الاخوة العراقيون طوال الشهور الماضية يدورون في حلقة مفرغة. وجميعهم يسمون ما يحدث ممارسة ديمقراطية. وكل منهم يبطن في نفسه ان العملية لا ديمقراطية ولا يحزنون، ولكنه صراع العصابة علي تقسيم الغنائم والفوز بمقاعد السلطة. لا يهم ان نتناول بالتفصيل الكتل العراقية القائمة ولا الاحزاب السياسية.. ولا شكل التحالفات القائمة.. ولا عناصر الطائفية الدينية اوالعرقية.. اذا اسهبنا في ذلك ستدور رأسك وتختلط عليك الاسماء والتحالفات.. كل هذا المفروض انه لا يهم العراقيين اذا قدموا الولاء للوطن ومصلحة الشعب والدولة فوق كل اعتبار. ولكن الواقع غير ذلك تماما.. فالولاء الان للايدي الخارجية التي تدعم.. ثم الولاء للشخص المدعوم، الواجهة او المبررات لمن يختفون خلفه، ثم الولاء بعد ذلك للطائفة او المذهب والعرف واخيرا الولاء للوطن.. ولذلك لا يلوح في الافق العراقي حل لهذه الازمة التي تنذر بكارثة اسوأ من الاحتلال القائم لان نهايتها حرب اهلية.. سوف يشهدها العراق، تحول القوات الامريكية دون حدوثها الان.. ولكن هذا ما سيحدث بعد الانسحاب الامريكي الكامل نهاية العام القادم.. لان جميع القائمين علي الامر من السياسيين وزعماء التيارات الدينية والعرقية، ضعفاء لا حول لهم ولا قوة، وفي لمح البصر يتفهم سيدهم الخارجي اذا غضب عليهم، الغريب انهم يفعلون ذلك ببلدهم باسم الديمقراطية والحقيقة انها عمالة ومصالح شخصية وتصفية حسابات سياسية او دينية. الان عشرات الاحزاب والتيارات والكتل والائتلافات.. وكل حزب او ائتلاف مختلف مع الاخر في السياسات والتوجهات. بل ومختلفون فيما بين انفسهم.. حولوا العراق الي ساحة للصراع الدولي فأمريكا تدعم تيارات واشخاصا لانها تريد المطيع الذي يدين لها بالولاء وبديلا عنها بعد الانسحاب.. فهي لم تنفق مليارات الدولارات ولم تضح بالالاف من ابنائها من اجل سواد عيون العراقيين او حقهم في الديمقراطية والازدهار. ولكن من اجل تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية فماذا كسبت حتي ينقلب عليها الحال بعد الانسحاب، ونفس السيناريو يتكرر بالنسبة لايران فهي تريد نظاما عراقيا تحكمه وليس نظاما مناوئا لها ورجل امريكا جارها. كل هذا يحدث ولا احد يعرف الاصابع الخفية والتنظيمات السفلية تحت الارض التي تعيث قتلا في العراقيين وتخريبا في البلاد. هؤلاء هم الاقوي حتي الان.. وعندما يظهر علي سطح الارض هؤلاء المختفون والمختلفون ايضا سيهرب كل ما يسمعه من اسماء مع اول طلقة رصاص توجه لاحدهم.. وستختفي كل ما صدعوك به من تحالفات او ممارسات ديمقراطية ليدخل العراق بعدها في دوامة الحرب الاهلية!