أثناء وجودي في العاصمة الألمانية برلين سألني بعض من قابلتهم بعد اعلان رحيل الإمام الأكبر المرحوم الدكتور محمد سيد طنطاوي رحمه الله عمن يمكن ترشيحه لشغل هذا المنصب الجليل. دون ان أفكر قلت لهم ان الاختيار لإمامة الأزهر الشريف ستكون بين العالمين البارزين اما الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر واما الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية. بنيت توقعاتي علي تمكنهما من علوم الدين الإسلامي ولياقتهما الشخصية إلي جانب التفتح القائم علي تعاليم وأصول العقيدة. بالفعل أصدر الرئيس حسني مبارك قرارا جمهوريا بتعيين الدكتور الطيب ليكون الشيخ والإمام رقم 84 للأزهر الشريف أعرق وأقدم مؤسسة إسلامية شع نور علمها علي كل ربوع الدنيا علي مدي أكثر من ألف عام. وقد لقي هذا الاختيار ترحيبا كبيرا لما تحظي به هذه الشخصية الإسلامية من احترام وتقدير يتفق ويليق بهذا المنصب الإسلامي المرموق. وبعد تسلم الدكتور الطيب لمهام منصبه أسعدني استضافة الإعلامية المتميزة مني الشاذلي ليلة أمس الأول له في برنامجها بقناة دريم »العاشرة مساء«. جذبتني هذه المبادرة لأتابع باهتمام الحوار الحرفي الذي دار واتسم بالصراحة والشفافية وهو ما كان متوقعا من الضيف الكبير. بداية فانني لابد ان اشيد وأثني علي ما قاله الدكتور الطيب بان هناك ارتباطا كبيرا بين نهضة الأزهر وتقدمه وبين تعالي مكانة مصر ودورها وتأثيرها الإسلامي علي مستوي العالم. حقا.. لقد أثارني في هذا الحوار حالة الكر والفر وجرأة الخوض في بعض الأمور التي قد يراها البعض تخضع لبند الحساسيات التي لا يمكن تناولها في العمل الإعلامي سواء كان من خلال الاسئلة أو الاجوبة. لقد سألت الإعلامية القديرة الإمام الأكبر عن مدي تأثير عضويته في الحزب الوطني ولجنة السياسات علي وضعه كإمام للمسلمين جميعا وهو الامر الذي يتطلب ان يكون بعيدا عن أي انتماء حزبي. أشارت إلي ان منصب الإمامة الإسلامية بما له من جلال وهيبة هو أكبر من أي انتماء حزبي ولا يجب ان يخضع للاتجاهات السياسية أو أي نشاط في هذا المجال يُشغل صاحبه عن القيام بواجباته في خدمة المسلمين في بقاع الأرض. جاءت تأكيدات الإمام الأكبر بتلقائية وفي محاولة لاقناع المحاورة بان الحزب الوطني الحاكم لن يستفيد من عضويته به وهو يشغل هذا المنصب وانما من الممكن ان تستفيد مؤسسة الأزهر من ذلك في بعض الأمور لدعم دورها ورسالتها ومسئولياتها. الحقيقة انني ورغم احترامي وانحيازي للدكتور الطيب الا انني لم أقتنع بما قاله وكنت انتظر منه ان يعلن تخليه عن هذه العضوية السياسية أو تجميدها ما دام قد تولي امامة المسلمين. ليس ما أقول يعني النيل من قيمة عضوية الحزب الوطني التي تضم كثيرا من الشخصيات البارزة والقديرة في كل مجال. ولكن أري ان هذا المطلب ضروري لمنع اللبس والشكوك حول التداخل في المهام خاصة بالنسبة لما هو منوط بمسئوليات الإمام الأكبر في هذه المرحلة. كم أتمني ان يعيد الدكتور الطيب التفكير في ايجاد حل مقبول لهذه القضية حتي لا يكون عُرضة للقيل والقال من جانب المتربصين. جلال دويدار [email protected]