في كل مرة تُصعد فيها إسرائيل ضد غزة، تحاول أن تعلق جزءا من التهمة على مصر، في محاولة لإظهار أن مصر تعرف بشكل مسبق ما تقوم به إسرائيل، وأنها تقف مكتوفة الأيدي حيال ذلك، فإسرائيل تقوم بتوريط مصر لزيادة السخط من الشعب على متخذي القرار. فقبل أن تضرب إسرائيل غزة طرحت الصحف الإسرائيلية زيارة مدير المخابرات العامة المصرية الروتينية لإسرائيل، والتي كشفت الإذاعة العبرية عن بعض تفاصيلها، وكانت المخابرات المصرية قد لعبت دورًا في إرساء المصالحة بين فتح وحماس قبلها بأسابيع، وكانت الزيارة استكمالًا للدور الذي تلعبه مصر في الوساطة الفلسطينة الإسرائيلية للجلوس على طاولة المفاوضات.
الإذاعة العبرية استغلت تلك الزيارة وروجت مزاعم تقول "إن مدير المخابرات التقى عددًا من القيادات العسكرية والأمنية الإسرائيلية، وإن الزيارة تركزت حول التصعيد الأخير بين إسرائيل وحركة حماس في أعقاب اختطاف ومقتل ثلاثة مستوطنين". حتى لا يحدث مزيد من التصعيد.
الصحف الإسرائيلية التي روجت أن مصر كانت تعلم بالتصعيد الذي تقوم إسرائيل في غزة، عادت لتكشف أن الوساطة التي تقودها المخابرات المصرية بين حماس وإسرائيل- بشأن عدم التصعيد- قد توقفت قبل أيام، بعد أن رفض اللواء التهامي مدير المخابرات، "قائمة مطالب جديدة" قُدمت نظير وقف إطلاق الصواريخ.
موقع الاستخبارات الإسرائيلي "ديبكا" أكد في تقريره المنشور في يوم الثلاثاء 8 يوليو، أن إسرائيل كانت تطمح في موافقة القاهرة، بل واشتراكها في العملية ضد قطاع غزة، وأملت أن يتعاون السيسي معها ضد حماس، لكن كانت المفاجأة أنها اكتشفت أن السيسي يرى أن ضرب غزة، أمر غير مقبول وعملية غير مهمة في الساحة الإقليمية، وأنه يركز جهده لما يحدث في سوريا والعراق.
الغريب أن إسرائيل تحاول الحديث عن مواقف مصر المشتركة مع إسرائيل حول حركة "حماس"، وتستفيد من رغبة مصر في تطهير سيناء من العناصر المسلحة والتكفيرية، بالقول إن النظام المصري يشاركهم في تلك الأهداف، وتبرير الحرب على غزة.
هذا الأمر عبر عنه "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي في تقريره لشهر فبراير 2014 بالقول: "إن لإسرائيل الكثير من المصالح المشتركة مع النظام الحالي في مصر؛ حيث زاد بالفعل التعاون الأمني معه، لاسيما حيال الوضع في سيناء ومنع التفجيرات من داخلها، كذلك فإن النظام يعتبر حماس تهديدًا، وقد ضاعف من جهوده لإغلاق الحدود بين سيناء وقطاع غزة، بما في ذلك هدم الأنفاق".
وزعمت صحف إسرائيلية أن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي يستمتع برؤية معاناة حماس جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وأن السيسي لم يفِ بوعده الخاص بفتح معبر رفح لنقل الجرحى للمستشفيات المصرية، الأمر الذي تبين خطأه عندما فتحت مصر المعبر للمصابين والجرحي من أهل غزة، واستقبلتهم في مستشفى ناصر للعلاج.
يبدوا أن إسرائيل تحاول إقحام مصر لإحراجها، ففي مقاله ل"أفي يسسخروف" على موقع" walla" بعنوان: "مصر قادرة على إنهاء الأزمة لكنها لن تسارع"، طالب الكاتب القاهرة بالإسراع في لملمة الجراح الفلسطينية والضغط على إسرائيل لوقف قصفها الجوي لقطاع غزة وقال "تنظر القاهرة إلى حماس على أنها حليف واضح للإخوان المسلمين، وتستمتع برؤية معاناة التنظيم، لذلك فإن احتمالات موافقة مصر على فتح دائم لمعبر رفح، تصل إلى الصفر"، الأمر الذي أثبت كذبته مصر عندما تم فتح المعابر لإغاثة الجرحى من أبناء غزة.
في حين أبرز معهد واشنطن أن مكتب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد دعا إلى "وقف فوري لإطلاق النار" حرصًا على "سلامة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".
في حين كذبت صحيفة "ديلي ستار" اللبنانية المزاعم الإسرائيلية وذكرت "أن مصر تلعب دور الوسيط بين حماس وإسرائيل ولكنه دور ضعيف، على الرغم من حث مصر إسرائيل وحماس لوقف الصراع المتصاعد إلا أن آمال هدنة بوساطة القاهرة باتت ضعيفة".
ونقلت الصحيفة عن المتحث باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبد العاطي، "أنه ليس هناك وساطة بالمعنى الحرفي للكلمة، وتهدف الجهود الدبلوماسية المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي فورا وإنهاء جميع أعمال العنف المتبادل".
وكان هناك اتفاق بين المسئولين الإسرائيليين ومسئولي حماس بالزعم "أنهم لم يشهدوا أي علامة على جهود مصرية لنزع فتيل الصراع، على عكس ما كانت تتبعه مصر سابقا".
الأمر الذي كذبه صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينين حين صرح في إحدى الفضائيات بأن "مصر شريك أساسى معنا ونتواصل باستمرار مع الرئيس السيسي ووزير الخارجية سامح شكرى، وأن كل ما نريده الآن هو وقف شلال الدم الفلسطينى ووقف إبادة الأطفال الفلسطينيين، إسرائيل تدافع عن استيطانها وجرائمها والجانب الإسرائيلي لا يريد حل الدولتين، وأن الجميع مطالب الآن بالتهدئة والعودة إلى مائدة المفاوضات وإلزام الجانب الإسرائيلي بوقف العدوان" .
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط شكر رئيس وزراء فلسطين لمصر لدعمها لأهل غزة وفتح معبر رفح.