نقلا عن : الجمهورية 24/9/07 أصبح البرنامج النووي الإيراني الآن شوكة في ظهر الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الغربية بالرغم من ان هذا البرنامج قد أسسه في البداية شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي وبمباركة وموافقة ودعم فني أمريكي وكالعادة أصبح الآن يشكل خطرا وهميا في الأمن والسلم العالمي كما تروج لذلك واشنطن والإدارة البائسة هناك والتي ركزت كل جهدها نحو تدمير مزيد من الدول وتشريد شعوب الأرض خاصة في المنطقة العربية وضد الدول الإسلامية القوية بالذات مثل باكستانوإيران. سيناريو ضرب العراق بمبررات وحجج ليس لها أساس من الصحة يعود ويتكرر هذه الأيام ولكن مع إيران ويبدو أن صناع هذا السيناريو لا يخجلون ولا يملون التكرار وبنفس السذاجة التي يجب أو مفروض علي العالم أن يصدقها. ولأن واشنطن سجلت فشلا ذريعا في العراق علي كل الأصعدة وأصبحت في مأزق وموقف لا تحسد عليه فلا هي قادرة علي الاستمرار في العراق تحت وطأة القتل اليومي لجنودها ولا هي قادرة علي الانسحاب تاركة وراءها أذيال الخزي والعار لذا تسعي الإدارة الأمريكية إلي اشغال الرأي العام الأمريكي والعالمي بقضية جديدة وكارثة أخري مع إيران تلفت الأنظار بعيدا عما يحدث في العراق وفي نفس الوقت تدمر قوة إسلامية علي الوقوف في وجه إسرائيل.. ممثلة في القدرات العسكرية الإيرانية المتطورة. تلجأ الولاياتالمتحدة إلي حيلة مكشوفة تثير بها مخاوف العرب والمسلمين السنة من تنامي الزحف الشيعي الفارسي ومخاطر الهيمنة الإيرانية علي المنطقة العربية بعد أن زادت هذه الهيمنة بالفعل في العراق وجنوب لبنان لدي حزب الله كما أن الدعم الإيراني لسوريا أصبح يشكل قلقا بالغا للأمريكيين حيث يريدون مواصلة الضغط علي سوريا لاجبارها علي الابتعاد تماما عن لبنان وعدم تشكيل أي خطر ضد إسرائيل. تصريحات برناركو شنير وزير الخارجية الفرنسي مؤخرا وتحذيره من شن حرب ضد إيران إذا طورت سلاحا نوويا وان كان قد تراجع عنها وقال انني أريد السلام بعد رد الفعل العالمي العنيف ضد فكرة ضرب إيران.. هذه التصريحات خلقت جوا غير مريح صعدت أمريكا من خلاله فكرة احتمالات ضرب إيران بسبب اصرارها علي تطوير برنامجها النووي وهي في سبيل تحقيق ذلك ستبدأ كما فعلت مع العراق تماما بفرض عقوبات يجري الاعداد لها حاليا كمحاولة أمام العالم لحث إيران علي التخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم ثم التحضير للعدوان عليها واحتلالها وتدميرها بحيث يتم تمهيد المنطقة لإسرائيل حتي تنفذ مشاريعها التوسعية. وإذا حاول محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية مثلا التحذير من خطر ضرب إيران وضرورة توفير الفرصة اللازمة للحوار أولا فإنه يلقي هجوما حادا من جانب كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية التي طالبته بعدم التدخل في القضايا الدبلوماسية وان الوكالة هي وكالة فنية فقط ودورها يقتصر علي إجراء عمليات تفتيش وتقديم تقارير عن النشاطات النووية والتأكد من احترام الاتفاقيات التي وقعتها الدول وهكذا الجمت رايس البرادعي حتي لا ينسي نفسه ويتصور انه صاحب رأي في هذه القضية أو أي قضية أخري وهي رسالة للجميع بلا استثناء.. ان الولاياتالمتحدة هي صاحبة الأمر والنهي وهي التي تقرر أو لا تقرر وهي طريقة جديدة تحكم بها واشنطن العالم بلا حياء أو خجل فإذا أرادت الإدارة الأمريكية أن تحول منطقة الشرق الأوسط الآن إلي صراع بين أمريكا وإيران فإنه يمكنها فعل ذلك وعلي المعترض أن يلجأ إلي من يريد فلن يصل لشيء لكن الملاحظ ان النظام في إيران قد اعطي الفرصة بشكل أو بآخر لواشنطن للهجوم عليه مثلما وقع صدام حسين في نفس الخطأ من قبل عندما احتل الكويت.. فالنظام الديني في إيران يتصرف من منطق ديني بحت حيث يدعم القوي الشيعية العراقية ويسعي لضمان استئثارهم بالحكم في صراعهم المرير مع السنة. ايضا تدعم إيران حزب الله الشيعي في لبنان وجعلته يشكل قوة عسكرية وسياسية لا يستهان بها في مواجهة السنة والمسيحيين كما تدعم إيران حركة حماس في مواجهتها مع إسرائيل والعالم كله بالاضافة إلي دعم الشيعة في أفغانستانوباكستان وذلك لخلق نفوذ قوي وتعزيز الموقع الاقليمي والدور الحيوي الذي تقوم به إيران في المنطقة واستخدام هذا النفوذ في الصراع مع القوي العالمية. وهذا الدور الإيراني لا يخفي علي ساسة وحكام المنطقة العربية خاصة بعد تناميه وتزايده في الفترة الأخيرة بعد سقوط صدام حسين الذي كان يقف حجر عثرة أمام المد الإيراني الشيعي في المنطقة لكن في كل الأحوال لسنا مع تدمير قوة إسلامية أخري علي يد جنود الاحتلال الأمريكي.. يكفينا ما حدث في العراق ولقد أحسنت مصر صنعا باعلان ورفض أي حل عسكري لأزمة الملف النووي الإيراني والمطالبة بالتوصل إلي تسوية سلمية للأزمة من خلال مفاوضات تقر بحق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وذلك رغم انقطاع العلاقات بين البلدين منذ عام 1979 من القرن الماضي وعدم الوصول حتي الآن إلي صيغة تفاهم مشترك بين مصر وإيران تعيد بها المياه إلي مجاريها لكن ضرب إيران سيشكل بالتأكيد خطرا علي المنطقة ويزيد من تفاقم المشاكل التي يعاني منها الجميع الآن لذا فإن رفض ضرب إيران مسألة حيوية تستحق مزيدا من التأكيد عليها من جانب كافة حكام المنطقة.